فروع في زواج المحرم وتزويجه لغيره ووكالته .
مسألة : قال : ولا يتزوج المحرم ولا يزوج فإن فعل فالنكاح باطل .
قوله : لا يتزوج أي لا يقبل النكاح لنفسه ولا يتزوج أي لا يكون وليا في النكاح ولا وكيلا فيه ولا يجوز تزويج المحرمة أيضا روي ذلك عن عمر وابنه وزيد بن ثابت Bه من وبه قال سعيد بن المسيب و سليمان بن يسار و الزهري و والأزواعي و مالك و الشافعي وأجاز ذلك ابن عباس وهو قول أبي حنيفة لما روى ابن عباس [ أن النبي A تزوج ميمونة وهو محرم ] متفق عليه ولأنه عقد بملك به الاستمتاع فلا يحرمه الإحرام كشراء الإماء .
ولنا ما روى أبان بن عثمان بن عفان Bه قال : [ قال رسول الله A : لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ] رواه مسلم ولأن الإحرام يحرم الطيب فيحرم النكاح كالعدة فأما حديث ابن عباس فقد روى يزيد بن الأصم [ عن ميمونة أن النبي A تزوجها حلالا وبنى بها حلالا وماتت بسرف في الظلة التي بنى بها فيها ] رواه أبو داود و الأثرم وعن أبي رافع قال : [ تزوج رسول الله A وهو حلال وبنى بها وهو حلال وكنت أنا الرسول بينهما ] قال الترمذي : هذا حديث حسن وميمونة أعلم بنفسها وأبو رافع صاحب القصة وهو السفير فيها فهما أعلم بذلك من ابن عباس وأولى بالتقديم لو كان ابن عباس كبيرا فكيف وقد كان صغيرا ولا يعرف حقائق الأمور ولا يقف عليها وقد أنكر عليه هذا القول وقال سعيد بن المسيب وهم ابن عباس ما تزوجها النبي A إلا حلالا فكيف يعمل بحديث هذا حاله ؟ ويمكن حمل قوله وهو محرم أي في الشهر الحرام أو في البلد الحرام كما قيل .
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما .
وقيل : تزوجها حلالا وأظهر أمر تزويجها وهو محرم ثم لو صح الحديثان كان تقديم حديثنا أولى لأنه قول النبي A وذلك فعله والقول لأنه يحتمل أن يكون مختصا بما فعله وعقد النكاح يخالف شراء الأمة فإنه يحرم بالعدة والردة واختلاف الدين وكون المنكوحة أختا له من الرضاع ويعتبر له شروط غير معتبرة في الشراء .
فصل : ومتى تزوج المحرم أو تزوج أو زوجت محرمة فالنكاح باطل سواء كان الكل محرمين أو بعضهم لأنه منهي عنه فلم يصح كنكاح المرأة على عمتها أو خالتها وعن أحمد إن زوج المحرم لم أفسخ النكاح قال بعض أصحابنا : هذا يدل على أنه إذا كان الولي بمفرده أو الوكيل محرما لم يفسد النكاح والمذهب الأول وكلام أحمد يحمل على أنه لا يفسخه لكونه مختلفا فيه قال أحمد في رواية أبي طالب : إذا تزوجت بغير ولي لم يكن للولي أن يزوجها من غيره حتى يطلق ولأن تزويجها من غير طلاق يقضي إلى أن يجتمع للمرأة زوجان كل زوجان كل واحد منهما يعتقد حلها .
فصل : وتكره الخطبة للمحرم وخطبة المحرمة ويكره للمحرم أن يخطب للمحلين لأنه قد جاء في بعض الفاظ حديث عثمان : لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب رواه مسلم ولأنه تسبب إلى الحرام فأشبه الإشارة إلى الصيد والإحرام الفاسد كالصحيح في منع النكاح وسائر المحظورات لأن حكمه باق في وجوب ما يجب في الإحرام فكذلك ما يحرم به .
فصل : ويكره أن يشهد في النكاح لأنه معاونة على النكاح فأشبه الخطبة وإن شهد أو خطب لم يفسد النكاح وقال بعض أصحاب الشافعي : لا ينعقد النكاح بشهادة المحرمين لأن في بعض الروايات ولا يشهد .
ولنا أنه لا مدخل للشاهد في العقد فأشبه الخطبة وهذه اللفظة غير معروفة فلم يثبت بها حكم ومتى تزوج المحرم أو زوج أو زوجت محرمة لم يجب بذلك فدية لأنه عقد فسد لأجل الإحرام فلم تجب به فدية كشراء الصيد