مسألة وفصل : استظلال المحرم .
مسألة : قال : ولا يظلل على رأسه في المحمل فإن فعل فعليه دم .
كره أحمد الاستظلال في المحمل خاصة وما كان معناه كالهودج والعمارية والكبيسة ونحو ذلك على البعير وكره ذلك ابن عمر ومالك وعبد الرحمن بن مهدي وأهل المدينة وكان سفيان بن عيينة يقول : لا يستظل البتة ورخص فيه ربيه و الثوري و الشافعي وروي ذلك عن عثمان وعطاء لما [ روت أم الحصين قالت : حججت مع رسول الله A حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي A والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة ] رواه مسلم وغيره ولأنه يباح له التظلل في البتي والخباء فجاز في حال الركوب كالحلال ولأن ما حل للحلال حل للمحرم إلا ما قام على تحريمة دليل واحتج أحمد بقول ابن عمر روى عطاء قال : رأي ابن عمر على رحل عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة عودا يستره من الشمس فنهاه نوعن نافع بن عمر أنه رأى رجلا محرما على رحل قد رفع ثوبا على عود يستتر به من الشمس فقال : اضح لمن أحرمت له ( أي برز للشمس ) رواهما الأثرم ولأنه ستر بما يقصد به الترفه أشبه ما لو غطاه والحديث ذهب إليه أحمد فلم يكره أن يستتر بثوب ونحوه فإن ذلك لا يقصد للاستدامة والهودج بخلاف والخيمة والبيت يرادان لجمع الرحل وحفظه لا للترفه وظهر كلام أحمد أنه إنما كره ذلك كراهة تنزيه لوقوع الخلاف فيه وقول ابن عمر ولم ير ذلك حراما ولا موجبا لفدية قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن المحرم يستظل على المحمل ؟ قال : لا وذكر حديث ابن عمر : أضح لمن أحرمت له قيل له فإن فعل يهريق دما ؟ قال : أما الدم فلا قيل : فإن أهل المدينة يقولون عليه دم قال : نعم أهل المدينة يغلطون فيه وقد روي ذلك عن أحمد وهو اختيار الخرقي لأنه ستر رأسه بما يستدام ويلازمه غالبا فأشبه ما لو ستره لشيء يلاقيه ويروى عن الرياشي قال : رأيت أحمد بن المعذل في الموقف في يوم حر شديد وقد ضحى للشمس فقلت له : يا أبا الفضل هذا أمر قد اختلف فيه فلو أخذت بالتوسعة فأنشأ يقول : .
( ضحيت له كي أستظل بظله ... إذا الظل أضحى في القيامة قالصا ) .
( فوا أسفا إن كان سعيك باطلا ... ويا حسرتا إن كان حجك ناقصا ) .
فصل : ولا بأس أن يستظل بالسقف والحائط والشجرة والخباء وإن نزل تحت شجرة فلا بأس أن يطرح عليها ثوبا يستظل به عند جميع أهل العلم وقد صح به النقل فإن جابرا قال في حديث حجة النبي صلى عليه وسلم وأمر بقية من شعر فضربت له بنمرة فأتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس رواه مسلم و ابن ماجة وغيرهما ولا بأس أيضا أن ينصب حياله ثوبا يقيه الشمس والبرد إما أن يمسكه إنسان أو يرفعه على عود على نحو ما روي في حديث أم الحصين أن بلالا أو أسامة كان رافعا ثوبا يستر به النبي A من الحر ولأن ذلك لا يقصد به الاستدامة فلم يكن به بأس كالاستظلال بحائط