صيام الجنب والحائض التي ظهرت ليلا .
مسألة : قال : ومباح لمن جامع بالليل أن لا يغتسل حتى يطلع الفجر وهو على صومه .
وجملته أن الجنب له أن يؤخر الغسل حتى يصبح ثم يغتسل ويتم صومه في قول عامة أهل العلم منهم علي و ابن مسعود و زيد و أبو الدرداء و أبو ذر و ابن عمر و ابن عباس وعائشة وأم سلمة Bهم وبه قال مالك والشافعي في أهل الحجاز وأبو حنيفة والثوري في أهل العراق والأوزاعي في أهل الشام والليث في أهل مصر وإسحاق وأبو عبيد في أهل الحديث وداد في أهل الظاهر وكان أبو هريرة يقول لا صوم له ويروي ذلك عن النبي A ثم رجع عنه قال سعيد بن المسيب : رجع أبو هريرة عن فتياه وحكي عن الحسن وسالم بن عبد الله قالا : يتم صومه ويقضي وعن النخعي في رواية يقضي في الفرض دون التطوع وعن عروة و طاوس أن علم بجنابته في رمضان فلم يغتسل حتى أصبح فهو مفطر وإن لم يعلم فهو صائم وحجتهم حديث أبي هريرة الذي رجع عنه .
ولنا ما [ روى أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال ذهبت أنا وأبي حتى دخلنا على عائشة فقالت : اشهد على رسول الله A إن كان ليصبح جنبا من جماع من غير احتلام ثم يصومه ثم دخلنا على أم سلمة فقالت مثل ذلك ثم أتينا أبا هريرة فأخبرناه بذلك فقال هما أعلم بذلك إنما حدثنيه الفضل بن عباس ] متفق عليه قال الخطابي أحسن ما سمعت في خبر أبي هريرة أنه منسوخ لأن الجماع كان محرما على الصائم بعد النوم فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم وروت عائشة [ أن رجلا قال لرسول الله A إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فقال رسول الله A وأنا أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فقال له الرجل يا رسول الله إنك لست مثلنا قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فغضب رسول الله A وقال : إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي ] رواه مالك في موطأه و مسلم في صحيحه .
مسألة : قال : وكذلك المرأة إذا انقطع حيضها من الليل فهي صائمة إذا نوت الصوم قبل طلوع الفجر وتغتسل إذا أصبحت .
وجملة ذلك إن الحكم في المرأة إذا انقطع حيضها من الليل كالحكم في الجنب سواء ويشترط أن ينقطع حيضها قبل طلوع الفجر لأنه إن وجد جزء منه في النهار أفسد الصوم ويشترط أن تنوي الصوم أيضا من الليل بعد انقطاعه لأنه لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل وقال الأوزاعي و الحسن بن حي وعبد الملك ابن الماجشون والعنبري تقضي فرطت في الاغتسال أو لم تفرط لأن حدث الحيض يمنع الصوم بخلاف الجنابة .
ولنا أنه حدث يوجب الغسل فتأخير الغسل منه إلى أن يصبح لا يمنع صحة الصوم كالجنابة وما ذكروه لا يصح فإن من طهرت من الحيض ليست حائضا وإنما عليها حدث موجب للغسل فهي كالجنب فإن الجماع الموجب للغسل لو وجد في الصوم أفسده كالحيض وبقاء وجوب الغسل منه كبقاء وجوب الغسل من الحيض وقد استدل بعض أهل العلم بقول الله تعالى { فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } فلما أباح المباشرة إلى تبين الفجر علم أن الغسل إنما يكون بعده