وجوب القضاء على من أفطر برخصة ومن ظن أن الفجر لم يطلع أو الشمس لم تغب .
فصل : ويلزم المسافر والحائض والمريض القضاء إذا أفطروا بغير خلاف لقول الله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } والتقدير فأفطر وقالت عائشة كما نحيض على عهد رسول الله A فنؤمر بقضاء الصوم وإن أفاق المجون أو بلغ الصبي أو أسلم الكافر في أثناء النهار والصبي مفطر ففي وجوب القضاء روايتان .
إحداهما : لا يلزمهم ذلك لأنهم لم يدركوا وقتا يمكنهم التلبيس بالعبادة فيه فأشبه ما لو زال عذرهم بعد خروج الوقت والثانية يلزمهم القضاء لأنهم أدركوا بعض وقت العبادة فلزمهم القضاء كما لو أدركوا بعض وقت الصلاة ز .
مسألة : قال : وإن أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب فعليه القضاء .
هذا قول أكثر أهل العلم من الفقهاء وغيرهم وحكي عن عروة ومجاهد والحسن وإسحاق لا قضاء عليهم لما روى ويد بن وهب قال : كنت جالسا في مسجد رسول الله A في رمضان في زمن عمر بن الخطاب فأتينا بعساس فيها شراب من بيت حفصة فشربنا ونحن نرى أنه من الليل ثم انكشف السحاب فإذا الشمس طالعة قال : فجعل الناس يقولون نقضي يوما مكانه فقال عمر والله لا نقضيه ما تجانفنا لإثم لم يقصد الأكل في الصوم فلم يلزمه القضاء كالناسي .
ولنا أنه أكل مختارا ذاكرا للصوم فأفطر كما لو أكل يوم الشك ولأنه جهل بوقت الصيام فلم يعذر به كالجهل بأول رمضان ولأنه يمكن التحرز منه فأشبه أكل العامد وفارق الناسي فإنه لا يمكن التحرز منه وأما الخبر فرواه الاثرم أن عمر قال من أكل فيقض يوما مكانه ورواه مالك في الموطأ أن عمر قال : الخطيب يسير يعني خفة القضاء وروى هشام بن عروة عن فاطمة امرأته [ عن اسماء قالت : أفطرنا على عهد رسول الله A في يوم غيم ثم طلعت الشمس ] قيل لهشام امروا بالقضاء قال : لا بد من قضاءأخرجه البخاري .
فصل : وإن أكل شاكا في طلوع الفجر ولم يتبين الأمر فليس عليه قضاء وله الأكل حتى يتيقن طلوع الفجر نص عليه أحمد وهذا قول ابن عباس و عطاء و الأوزاعي و الشافعي وأصحاب الرأي وروي معنى ذلك عن أبي بكر الصديق وابن عمر Bهم وقال مالك يجب القضاء لأن الوصل بقاء الصوم في ذمته فلا يسقط بالشك ولأنه أكل شاكا في النهار والليل فلزمه القضاء كما لو أكل شاكا في غروب الشمس .
ولنا قول الله تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } مد الأكل إلى غاية التبين وقد كان شاكا قبل التبين فلو لزمه القضاء لحرم عليه الأكل و [ قال النبي A : فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم كلثوم ] وكان رجلا أعمى لا يؤذن حتى يقال له أصبحت أصبحت .
ولأن الأصل بقاء الليل فيكون زمان الشك من ما لم يعلم يقين زواله بخلاف غروب الشمس فإن الأصل بقاء النهار فبني عليه .
فصل : وإن أكل شاكا في غروب الشمس ولم يتبين فعليه القضاء لأن الأصل بقاء النهار وأن كان حين الأكل ظانا أن الشمس قد غربت أو أن الفجر لم يطلع ثم شك بعد الأكل ولم يتبين فلا قضاء عليه لأنه لم يوجد يقين أزال ذلك الظن الذي بنى عليه فأشبه ما لو صلى بالاجتهاد ثم شك في الإصابة بعد صلاته