فصول : فطرة العبد والقريب الغائب والعبيد وأزواجهم .
فصل : وتجب فطرة العبد الحاضر والغائب الذي تعلم حياته والآبق والصغير والكبير والمرهون والمغصوب قال ابن المنذر : أجمع عوام أهل العلم على أن على المرء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر غير المكاتب والمغصوب والآبق وعبيد التجارة فأما الغائب فعليه فطرته اذا علم أنه حي سواء رجي رجعته أو أيس منها وسواء كان مطلقا أو محبوسا كالأسير وغيره قال ابن المنذر : أكثر أهل العلم يرون أن تؤدى زكاة الفطر عن الرقيق غائبهم وحاضرهم لأنه مالك لهم فوجبت فطرتهم عليه كالحاضرين وممن أوجب فطرة الآبق الشافعي و أبو ثور و ابن المنذر وأوجبها الزهري اذا علم مكانه و الأوزاعي إن كان في دار الاسلام و مالك إن كانت غيبته قريبة ولم يوجبها عطاء و الثوري وأصحاب الرأي لأنه لا يلزمه الانفاق عليه فلا تجب فطرته كالمرأة الناشز .
ولنا أنه مال له فوجبت زكاته في حال غيبته كمال التجارة ويحتمل أن لا يلزمه اخراج زكاته حتى يرجع إلى يده كزكاة الدين والمغصوب ذكره ابن عقيل ووجه القول الأول أن زكاة الفطر تجب تابعة للنفقة والنفقة تجب مع الغيبة بدليل أن من رد الآبق رجع بنفقته وأما من شك في حياته منهم وانقطعت أخباره لم تجب فطرته نص عليه في رواية صالح لأنه لا يعلم بقاء ملكه عليه ولو أعتقه في كفارته لم يجزئه فلم تجب فطرته كالميت فان مضت عليه سنون ثم علم حياته لزمه الاخراج لما مضى لأنه بان له وجود سبب الوجوب في الزمن الماضي فوجب عليه الاخراج لما مضى كما لو سمع بهلاك ماله الغائب ثم بان أنه كان سالما والحكم في القريب الغائب كالحكم في البعيد لأنهم ممن تجب فطرتهم مع الحضور فكذلك مع الغيبة كالعبيد ويحتمل أن لا تجب فطرتهم مع الغيبة لأنه لا يلزمه بعث نفقتهم اليهم ولا يرجعون بالنفقة الماضية .
فصل : فأما عبيد عبيده فان قلنا ان العبد لا يملكهم بالتمليك فالفطرة على السيد لأنهم ملكه وهذا ظاهر كلام الخرقي وقول أبي الزناد و مالك و الشافعي وأصحاب الرأي وان قلنا يملك بالتمليك فقد قيل لا تجب فطرتهم على أحد لأن السيد لا يملكهم وملك العبد ناقص والصحيح وجوب فطرتهم لأن فطرتهم تتبع النفقة ونفقتهم واجبة فكذلك فطرتهم ولا يعتبر في وجوبها كمال الملك بدليل وجوبها على المكاتب عن نفسه وعبيده مع نقص ملكه .
فصل : وأما زوجة العبد فذكر أصحابنا المتأخرون أن فطرتها على نفسها ان كانت حرة وعلى سيدها ان كانت أمة وقياس المذهب عندي وجوب فطرتها على سيد العبد لوجوب نفقتها عليه ألا ترى أنه تجب عليه فطرة خادم امرأته مع أنه لا يملكها لوجوب نفقتها وقد قال النبي A : [ أدوا صدقة الفطر عمن تمونون ] وهذه ممن يمونون وقد ذكر أصحابنا أنه لو تبرع بمؤنة شخص لزمته فطرته فمن تجب عليه أولى وهكذا لو زوج الابن أباه وكان ممن تجب عليه نفقته ونفقة امرأته فعليه فطرتهما والله أعلم