مسألة : ومن أعطى القيمة لم تجزئه .
مسألة : قال : ومن أعطى القيمة لم تجزئه .
قال أبو داود : قيل لأحمد وأنا أسمع أعطى دراهم - يعني في صدقة الفطر - قال : أخاف أن لا يجزئه خلاف سنة رسول الله A وقال أبو طالب قال لي أحمد : لا يعطي قيمته قيل له قوم يقولون عمر بن عبد العزيز كان يأخذ بالقيمة قال يدعون قول رسول الله A ويقولون قال فلان ؟ قال ابن عمر : فرض رسول الله A وقال الله تعالى : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول } وقال قوم يردون السنن : قال فلان : قال فلان وظاهر مذهبه أنه لا يجزئه اخراج القيمة في شيء من الزكوات وبه قال مالك و الشافعي وقال الثوري و أبو حنيفة يجوز وقد روي ذلك عن عمر بن عبد العزيز و الحسن وقد روي عن أحمد مثل قولهم فيما عدا الفطرة وقال أبو داود : سئل أحمد عن رجل باع ثمرة نخله قال عشره على الذي باعه قيل له فيخرج ثمرا أو ثمنه قال إن شاء أخرج ثمرا وإن شاء أخرج من الثمن وهذا دليل على جواز اخراج القيم ووجهه قول معاذ لأهل اليمن ائتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم فانه أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة وقال سعيد : حدثنا سفيان عن عمر وعن طاوس قال : لما قدم معاذ اليمن قال : ائتوني بعرض ثياب آخذه منكم مكان الذرة والشعير فانه أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة قال : وحدثنا جرير عن ليث عن عطاء قال : كان عمر بن الخطاب يأخذ العروض في الصدقة من الدراهم ولأن المقصود دفع الحاجة ولا يختلف ذلك بعد اتحاد قدر المالية باختلاف صور الأموال .
ولنا قول ابن عمر : فرض رسول الله A صدقة الفطر صاعا من تمر وصاعا من شعير فاذا عدل عن ذلك فقد ترك المفروض وقال النبي A : [ في أربعين شاة شاة وفي مائتي درهم خمسة دراهم ] وهو وارد بيانا لمجمل قوله تعالى : { وآتوا الزكاة } فتكون الشاة المذكورة هي الزكاة المأمور بها والأمر يقتضي الوجوب ولأن النبي A فرض الصدقة على هذا الوجه وأمر بها أن تؤدى ففي كتاب أبي بكر الذي كتبه في الصدقات أنه قال : هذه الصدقة التي فرضها رسول الله A وأمر بها أن تؤدى وكان فيه : في خمس وعشرين من الابل بنت مخاض فان لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر وهذا يدل على أنه أراد عينها لتسميته إياها وقوله فان لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر ولو أراد المالية أو القيمة لم يجز لأن خمسا وعشرين لا تخلو عن مالية بنت مخاض وكذلك قوله فابن لبون ذكر فانه لو أراد المالية للزمه مالية بنت مخاض دون مالية ابن لبون وقد روى أبو داود و ابن ماجة باسنادهما عن [ معاذ أن النبي A بعثه الى اليمن فقال : خذ الحب من الحب والشاة من الغنم والبعير من الابل والبقرة من البقر ] ولأن الزكاة وجبت لدفع حاجة الفقير وشكرا لنعمة المال والحاجات متنوعة فينبغي أن يتنوع الواجب ليصل الى الفقير من كل نوع ما تندفع به حاجته ويحصل شكر النعمة بالمواساة من جنس ما أنعم الله عليه به ولأن مخرج القيمة قد عدل عن المنصوص فلم يجزئه كما لو أخرج الرديء مكان الجيد حديث معاذ الذي رووه في الجزية بدليل أن النبي A أمره بتفريق الصدقة في فقرائهم ولم يأمره بحملها الى المدينة - وفي حديثه هذا فانه أنفع للمهاجرين بالمدينة