مسألتان وفصل : مقدار زكاة الفطر .
مسألة : قال : صاعا بصاع النبي A وهو خمسة أرطال وثلث .
وجملته أن الواجب في صدقة الفطر صاع عن كل انسان لا يجزي أقل من ذلك من جميع أجناس المخرج وبه قال مالك و الشافعي و اسحاق وروي ذلك عن أبي سعيد الخدري و الحسن و أبي العالية وروي عن عثمان بن عفان وابن الزبير ومعاوية أنه يجزي نصف صاع من البر خاصة وهو مذهب سعيد بن المسيب و عطاء و طاوس و مجاهذ وعمر بن عبد العزيز وعروة بن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن جبير وأصحاب الرأي واختلفت الرواية عن علي و ابن عباس و الشعبي فروي صاع وروي نصف صاع وعن أبي حنيفة في الزبيب روايتان إحداهما صاع والأخرى نصف صاع واحتجوا بما روى ثعلبة بن صعير عن أبيه عن النبي A أنه قال : [ صاع من قمح بين كل اثنين ] رواه أبو داود .
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي A بعث مناديا في فجاج مكة ألا إن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم ذكر أو أنثى حر أو عبد صغير أو كبير مدان من قمح أو سواها صاعا من طعام قال الترمذي : هذا حديث صحيح حسن غريب وقال سعيد حدثنا هشم عن عبد الخالق الشيباني قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول كانت الصدقة تدفع على عهد رسول الله A وأبي بكر نصف صاع بر وقال هشيم : أخبرني سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال : [ خطب رسول الله A ثم ذكر صدقة الفطر وحض عليها وقال : نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير عن كل حر وعبد ذكر وأنثى ] .
ولنا ما روى أبو سعيد الخدري قال : [ كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله A صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط ] فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوبة المدينة فتكلم فكان مما كلم الناس أني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فأخذ الناس بذلك قال أبو سعيد : فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه وروى ابن عمر أن النبي A فرض صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير فعدل الناس إلى نصف صاع من بر متفق عليهما ولأنه جنس يخرج في صدقة الفطر فكان قدره صاعا كسائر الأجناس وأحاديثهم لا تثبت عن النبي A قاله ابن المنذر وحديث ثعلبة تفرد به النعمان بن راشد قال البخاري : هويهم كثيرا وهو صدوق في الأصل وقال مهنا : ذكرت لأحمد حديث ثعلبة بن أبي صعير في صدقة الفطر نصف صاع من بر فقال : ليس بصحيح انما هو مرسل يرويه معمر بن جريج عن الزهري مرسلا قلت من قبل من هذا ؟ قال : من قبل النعمان بن راشد ليس هو بقوي في الحديث وضعف حديث ابن أبي صعير وسألته عن ابن أبي صعير أمعروف هو قال من يعرف ابن أبي صعير ليس هو معروف وذكر أحمد وعلي بن المديني ابن أبي صعير فضعفاه جميعا وقال ابن عبد البر : ليس دون الزهري من يقوم به حجة ورواه أبو اسحاق الجوزجاني حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن النعمان عن الزهري عن ثعلبة عن أبيه قال : قال رسول الله A : [ أدوا صدقة الفطر صاعا من قمح - أو قال - بر عن كل انسان صغير أو كبير ] وهذا حجة لنا واسناده حسن قال الجوزجاني : والنصف صاع ذكره عن النبي A وروايته ليس تثبت ولأن فيما ذكرناه احتياطا للفرض ومعاضدة للقياس .
فصل : وقد دللنا على أن الصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي فيما مضى والأصل فيه الكيل وإنما قدره العلماء بالوزن ليحفظ وينقل وقد روى جماعة عن أحمد أنه قال : الصاع وزنته فوجدته خمسة أرطال وثلثا حنطة وقال حنبل قال أحمد : أخذت الصاع من أبي النضر وقال أبو النضر : أخذته عن ابن أبي ذؤيب وقال : هذا صاع النبي A الذي يعرف بالمدينة قال أبو عبد الله : فأخذنا العدس فعيرنا به وهو أصلح ما وقفنا عليه يكال به لأنه لا يتجافى عن موضعه فكلنا به ثم وزناه فاذا هو خمسة أرطال وثلث وقال هذا أصلح ما وقفنا عليه وما تبين لنا من صاع النبي A واذا كان الصاع خمسة أرطال وثلثا من البر والعدس وهما من أثقل الحبوب فما عداهما من أجناس الفطرة أخف منهما فاذا أخرج منهما خمسة أرطال وثلثا فهي أكثر من صاع وقال محمد بن الحسن : إن أخرج خمسة أرطال وثلثا برا لم يجزه لأن البر يختلف فيكون فيه الثقيل والخفيف وقال الطحاوي : يخرج خمسة أرطال مما سواء كيله ووزنه وهو الزبيب والماش ومقتضى كلامه أنه اذا أخرج ثمانية أرطال مما هو أثقل منها لم يجزئه حتى يزيد شيئا يعلم أنه قد بلغ صاعا والاولى لمن أخرج من الثقيل بالوزن أن يحتاط فيزيد شيئا يعلم به أنه لمن أخرج صاعا بالرطل بالدمشقي الذي هو ستمائة درهم مد وسبع والسبع أوقية وخمسة أسباع أوقية وقدر ذلك بالدراهم ستمائة درهم ويجزىء اخراج رطل بالدمشقي من جميع الاجناس لأنه أكبر من الصاع وقد رأيت مدا ذكر لنا أنه مد النبي A فقدر المد الدمشقي به فكان المد الدمشقي قريبا من خمسة أمداد .
مسألة : قال : من كل حبة وثمرة تقتات .
يعني عند عدم الأجناس المنصوص عليها يجزئه كل مقتات من الحبوب والثمار وظاهر هذا أنه لا يجزئه المقتات من غيرها كاللحم واللبن وقال أبو بكر : يعطي ما قام مقام الاجناس المنصوص عليها عند عدمها وقال ابن حامد : يجزئه عند عدمها الاخراج مما يقتاته كالذرة والدخن ولحوم الحيتان والانعام ولا يردون إلى أقرب قوت الأمصار