مسألة وفصلان : زكاة المهر الصداق .
مسألة : قال : والمرأة اذا قبضت صداقها زكته لما مضى .
وجملة ذلك أن الصداق في الذمة دين للمرأة حكمه حكم الديون على ما مضى إن كان على مليء به فالزكاة واجبة فيه اذا قبضته أدت لما مضى وإن كان على معسر أو جاحد فعلى الروايتين واختار الخرقي وجوب الزكاة فيه ولا فرق بين ما قبل الدخول أو بعده لأنه دين في الذمة فهو كثمن مبيعها فان سقط نصفه بطلاقها قبل الدخول وأخذت النصف فعليها زكاة ما قبضته دون ما لم تقبضه لأنه دين لم تتعوض عنه ولم تقبضه فأشبه ما تعذر قبضه لفلس أو جحد وكذلك لو سقط كل الصداق قبل قبضه لانفساخ النكاح بأمر من جهتها فليس عليها زكاته لما ذكرنا وكذلك القول في كل دين يسقط قبل قبضه من غير اسقاط صاحبه أو يئس صاحبه من استيفائه والمال الضال اذا يئس منه فلا زكاة على صاحبه فان الزكاة مواساة فلا تلزم المواساة إلا مما حصل له وإن كان الصداق نصابا فحال عليه الحول ثم سقط نصفه وقبضت النصف فعليها زكاة النصف المقبوض لأن الزكاة وجبت فيه ثم سقطت من نصفه لمعنى اختص به فاختص السقوط به وإن مضى عليه حول قبل قبضه ثم قبضته كله زكته لذلك الحول وإن مضت عليه أحوال قبل قبضه ثم قبضته زكته لما مضى كله ما لم ينقص عن النصاب وقال أبو حنيفة : لا تجب عليها الزكاة ما لم تقبضه لأنه بدل عما ليس بمال فلا تجب الزكاة فيه قبل قبضه كدين الكتابة .
ولنا أنه دين يستحق قبضه ويجبر المدين على ادائه فوجبت فيه الزكاة كثمن المبيع ويفارق دين الكتابة فانه لا يستحق قبضه وللمكاتب الامتناع من ادائه ولا يصح قياسهم عليه فانه عوض عن مال .
فصل : فان قبضت صداقها قبل الدخول ومضى عليه حول فزكته ثم طلقها الزوج قبل الدخول رجع فيها بنصفه وكانت الزكاة من النصف الباقي لها وقال الشافعي في أحد أقواله : يرجع الزوج بنصف الموجود ونصف قيمة المخرج لأنه لو تلف الكل رجع عليها بنصف قيمته فكذلك اذا تلف البعض .
ولنا قول الله تعالى : { فنصف ما فرضتم } ولأنه يمكنه الرجوع في العين فلم يكن له الرجوع إلى القيمة كما لو لم يتلف منه شيء ويخرج على هذا ما لو تلف كله فأنه ما أمكنه الرجوع في العين وإن طلقها بعد الحول قبل الاخراج لم يكن له الاخراج من النصاب لأن حق الزوج تعلق به على وجه الشركة والزكاة لم تتعلق به على وجه الشركة لكن تخرج الزكاة من غيره أو يقسمانه ثم تخرج الزكاة من حصتها فان طلقها قبل الحول ملك النصف مشاعا وكان حكم ذلك كما لو باع نصفه قبل الحول مشاعا وقد بينا حكمه .
فصل : فان كان الصداق دينا فأبرأت الزوج منه بعد مضي الحول ففيه روايتان .
احداهما : عليها الزكاة لأنها تصرفت فيه أشبه ما لو قبضته .
والرواية الثانية : زكاته على الزوج لأنه ملك ما ملك عليه فكأنه لم يزل ملكه عنه والاول أصح وما ذكرنا لهذه الرواية لا يصح لأن الزوج لم يملك شيئا وانما سقط الدين عنه ثم لو ملك في الحال لم يقتض هذا وجوب زكاة ما مضى ويحتمل أن لا تجب الزكاة على واحد منهما لما ذكرنا في الزوج والمرأة لم تقبض الدين فلم تلزمها زكاته كما لو سقط بغير اسقاطها وهذا اذا كان الدين مما تجب فيه الزكاة اذا قبضه فأما أن كان مما لا زكاة فيه فلا زكاة عليها بحال وكل دين على انسان أبرأه صاحبه منه بعد مضي الحول عليه فحكمه حكم الصداق فيما ذكرنا قال أحمد : اذا وهبت المرأة مهرها لزوجها وقد مضى له عشر سنين فان زكاته على المرأة لأن المال كان لها واذا وهب رجل لرجل مالا فحال الحول ثم ارتجعه الواهب فليس له أن يرتجعه فان ارتجعه فالزكاة على الذي كان عنده وقال في رجل باع شريكه نصيبه من داره فلم يعطه شيئا فلما كان بعد سنة قال : ليس عندي دراهم فأقلني فأقاله قال : عليه أن يزكي لأنه قد ملكه حولا