مسألة وفصلان : زكاة أنية الذهب والفضة .
مسألة : قال : والمتخذ آنية الذهب والفضة عاص وفيها الزكاة .
وجملته أن اتخاذ آنية الذهب والفضة حرام على النساء والرجال جميعا وكذلك استعماله وقال الشافعي في أحد قوليه : لا يحرم اتخاذها لأن النص انما ورد في تحريم الاستعمال فيبقى اباحة الاتخاذ على مقتضى الأصل في الاباحة .
ولنا أن ما حرم استعماله حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال كالملاهي ويستوي في ذلك الرجال والنساء لأن المعنى المقتضي للتحريم يعمهما وهو الافضاء إلى السرف والخيلاء وكسر قلوب الفقراء فيستويان في التحريم وانما أحل للنساء التحلي لحاجتهن اليه للتزين للأزواج وليس هذا بموجود في الآنية فيبقى على التحريم اذا ثبت هذا فان فيها الزكاة بغير خلاف بين أهل العلم ولا زكاة فيها حتى تبلغ نصابا بالوزن أو يكون عنده ما يبلغ نصابا بضمها اليه وإن زادت قيمته لصناعته فلا عبرة بها لأنها محرمة فلا قيمة لها في الشرع وله أن يخرج عنها قدر ربع عشرها بقيمته غير مصوغ وإن أحب كسرها أخرج ربع عشرها مكسورا وإن أخرج ربع عشرها مصوغا جاز لأن الصناعة لم تنقصها عن قيمة المكسور وذكر أبو الخطاب وجها في اعتبار قيمتها والأول أصح ان شاء الله تعالى .
فصل : وكل ما كان اتخاذه محرما من الاثمان لم تسقط زكاته باتخاذه لأن الأصل وجوب الزكاة فيها لكونها مخلوقة للتجارة والتوسل بها إلى غيرها ولم يوجد ما يمنع ذلك فبقيت على أصلها قال أحمد : ما كان على سرج أو لجام ففيه الزكاة ونص على حلية الثفر والركاب واللجام أنه محرم وقال في رواية الأثرم : أكره رأس المكحلة فضة ثم قال وهذا شيء تأولته وعلى قياس ما ذكره حلية الدواة والمقلمة والسرج ونحوه مما على الدابة ولوموه سقفه بذهب أو فضة فهو محرم وفيه الزكاة وقال أصحاب الرأي : يباح لأنه تابع للمباح فيتبعه في الاباحة .
ولنا أن هذا اسراف ويفضي فعله إلى الخيلاء وكسر قلوب الفقراء فحرم كاتخاذ الآنية وقد نهى النبي A عن التختم بخاتم الذهب للرجل فتمويه السقف أولى وإن صار التمويه الذي في السقف مستهلكا لا يجتمع منه شيء لم تحرم استدامته لأنه لا فائدة في أتلافه وإزالته ولا زكاة فيه لأن ماليته ذهبت وإن لم تذهب ماليته ولم يكن مستهلكا حرمت استدامته وقد بلغنا أن عمر بن عبد العزيز لما ولي أراد جمع ما في مسجد دمشق مما موه به من الذهب فقيل له إنه لا يجتمع منه شيء فتركه ولا يجوز تحلية المصاحق ولا المحاريب ولا اتخاذ قناديل من الذهب والفضة لأنها بمنزلة الآنية وإن وقفها على مسجد أو نحوه لم يصح لأنه ليس بر ولا معروف ويكون ذلك بمنزلة الصدقة فيكسر ويصرف في مصلحة المسجد وعمارته وكذلك إن حبس الرجل فرسا له لجام مفضض وقد قال أحمد في الرجل يقف فرسا في سبيل الله ومعه لجام مفضض فهو على ما وقفه وإن بيعت الفضة من السرج واللجام جعلت في وقف مثله فهو أحب إلي لأن الفضة لا ينتفع بها ولعله يشتري بذلك سرجا ولجاما فيكون أنفع للمسلمين قيل فتباع الفضة وينفق على الفرس ؟ قال نعم وهذا يدل على إباحة حلية السرج واللجام بالفضة لولا ذلك لما قال هو على ما وقف وهذا لأن العادة جارية به فأشبه حلية المنطقة واذا قلنا بتحريمها فصار بحيث لا يجتمع منه شيء لم يحرم استدامته كقولنا في تمويه السقف وأباح القاضي علاقة المصحف ذهبا أو فضة للنساء خاصة وليس بجيد لأن حلية المرأة ما لبسته وتحلت به في بدنها أو ثيابها وما عداه فحكمه حكم الأواني لا يباح للنساء منه إلا ما أبيح للرجال ولو أبيح لها ذلك لأبيح علاقة الأواني والادراج ونحوهما ذكره ابن عقيل ! .
فصل : وكل ما يحرم اتخاذه ففيه الزكاة اذا كان نصابا أو بلغ بضمه إلى ما عنده نصابا على ما ذكرناه