مسألة وفصول : زكاة الحلى .
مسألة : قال : وليس في حلي المرأة زكاة إذا كان مما تلبسه أو تعيره .
هذا ظاهر المذهب وروي ذلك عن ابن عمر و جابر وأنس وعائشة وأسماء Bهم وبه قال القاسم و الشعبي و قتادة و محمد بن علي و عمرة و مالك و الشافعي و أبو عبيد و اسحاق و أبو ثور وذكر بن أبي موسى رواية أخرى أنه فيه الزكاة وروي ذلك عن عمر وابن مسعود و ابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير و عطاء و مجاهد وعبد الله بن شداد وجابر بن زيد و ابن سيرين وميمون بن مهران و الزهري و الثوري وأصحاب الرأي لعموم قوله عليه السلام : [ في الرقة ربع العشر وليس فيما دون خمس أواق صدقة ] مفهومه أن فيها صدقة اذا بلغت خمس أواق .
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : [ أتت امرأة من أهل اليمن رسول الله A ومعها ابنة لها في يديها مسكتان من ذهب فقال : هل تعطين زكاة هذا ؟ قالت : لا قال : أيسرك أن يسورك الله بسوارين من نار ] رواه أبو داود ولأنه من جنس الأثمان أشبه التبر وقال مالك يزكي عاما واحدا وقال الحسن وعبد الله بن عتبة و قتادة : زكاته عاريته قال أحمد : خمسة من أصحاب رسول الله يقولون : ليس في الحلي زكاة ويقولون زكاته عاريته ووجه الاول ما روى عافية بن أيوب عن الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر عن النبي A أنه قال : [ ليس في الحلي زكاة ] ولأنه مرصد لاستعمال مباح فلم تجب فيه الزكاة كالعوامل وثياب القنية .
وأما الاحاديث الصحيحة التي احتجوا بها فلا تتناول محل النزاع لأن الرقة هي الدراهم المضروبة قال أبو عبيد : لا نعلم هذا الاسم في الكلام المعقول عند العرب إلا على الدراهم المنقوشة ذات السكة السائرة في الناس وكذلك الأواقي ليس معناها إلا الدراهم كل أوقية أربعون درهما وأما حديث المسكتين فقال أبو عبيد : لا نعلمه إلا من وجه قد تكلم الناس فيه قديما وحديثا وقال الترمذي : ليس يصح في هذا الباب شيء ويحتمل أنه أراد بالزكاة اعارته كما فسره به بعض العلماء وذهب اليه جماعة من الصحابة وغيرهم والتبر غير معد للاستعمال بخلاف الحلي وقول الخرقي اذا كان مما تلبسه أو تعيره يعني أنه انما تسقط عنه الزكاة اذا كان كذلك أو معدا له فأما المعد للكرى والنفقة اذا احتيج اليه ففيه الزكاة لأنها انما تسقط عما أعد للاستعمال لصرفه عن جهة النماء ففيما عداه يبقى على الأصل وكذلك ما اتخذ حلية فرارا من الزكاة لا يسقط عنه ولا فرق بين كون الحلي المباح مملوكا لامرأة تلبسه أو تعيره أو لرجل يحلي به أهله ويعيره أو يعده لذلك لأنه مصروف عن جهة النماء إلى استعمال مباح أشبه حلي المرأة .
فصل : وقليل الحلي وكثيره سواء في الاباحة والزكاة وقال ابن حامد ما لم يبلغ ألف مثقال فان بلغها حرم وفيه الزكاة لما روى أبو عبيد و الأثرم عن عمرو بن دينار قال : سئل جابر عن الحلي هل فيه زكاة ؟ قال لا فقيل له ألف دينار ؟ فقال : إن ذلك لكثير ولأنه يخرج إلى السرف والخيلاء ولا يحتاج اليه في الاستعمال والأول أصح لأن الشرع أباح التحلي مطلقا من غير تقييد فلا يجوز تقييده بالرأي والتحكم وحديث جابر ليس بصريح في نفي الوجوب وانما يدل على التوقف ثم قد روي عنه خلافه فروى الجوزجاني باسناده عن أبي الزبير قال : سألت جابر بن عبد الله عن الحلي فيه زكاة ؟ قال : لا قلت إن الحلي يكون فيه ألف دينار قال : وإن كان فيه يعار ويلبس ثم إن قول جابر قول صحابي خالفه غيره ممن أباحه مطلقا بغير تقييد فلا يبقى قوله حجة والتقييد بالرأي المطلق والتحكم غير جائز .
فصل : واذا انكسر الحلي كسرا لا يمنع الاستعمال واللبس فهو كالصحيح لا زكاة فيه إلا أن ينوي كسره وسبكة ففيه الزكاة حينئذ لأنه نوى صرفه عن الاستعمال وإن كان الكسر يمنع الاستعمال فقال القاضي : عندي أن فيه الزكاة لأنه كان بمنزلة النقرة والتبر