مسألة وفصل ضم الذهب ولافضة وعروض التجارة الى بعضها في تكميل النصاب - نصاب زكاة الفضة .
مسألة : قال أبو القاسم : ولا زكاة فيما دون المائتين الا أن يكون في ملكه ذهب أو عروض للتجارة فيتم به .
وجملة ذلك أن يصاب الفضة مائتا درهم لا خلاف في ذلك بين علماء الاسلام وقد بينته السنة التي رويناها بحمد الله والدراهم التي يعتبر بها النصاب هي الدراهم التي كل عشرة منها وزن سبعة مثاقيل بمثقال الذهب وكل درهم نصف مثقال وخمسه وهي الدراهم الاسلامية التي تقدر بها نصب الزكاة ومقدار الجزية والديات ونصاب القطع في السرقة وغير ذلك وكانت الدراهم في صدر الاسلام صنفين سودا وطبرية وكانت السود ثمانية دوانيق والطبرية أربعة دوانيق فجمعا في الاسلام وجعلا درهمين متساويين في كل درهم ستة دوانيق فعل ذلك بنو أمية فاجتمعت فيها ثلاثة أوجه أحدها أن كل عشرة وزن سبعة والثاني أنه عدل بين الصغير والكبير والثالث أنه موافق لسنة رسول الله A ودرهمه الذي قدر به المقادير الشرعية ولا فرق في ذلك بين التبر والمضروب ومتى نقص النصاب عن ذلك فلا زكاة فيه سواء كان كثيرا أو يسيرا هذا ظاهر كلام الخرقي ومذهب الشافعي و اسحاق و ابن المنذر لظاهر قوله عليه السلام : [ ليس فيما دون خمس أواق صدقة ] والأوقية أربعون درهما بغير خلاف فيكون ذلك مائتي درهم وقال غير الخرقي من أصحابنا ان كان النقص يسيرا كالحبة والحبتين وجبت الزكاة لأنه لا يضبط غالبا فهو كنقص الحول ساعة أو ساعتين وان كان نقصا بينا كالدانق والدانقين فلا زكاة فيه وعن أحمد أن نصاب الذهب اذا نقص ثلث مثقال زكاه وهو قول عمر بن عبد العزيز وسفيان وان نقص نصفا لا زكاة فيه وقال أحمد : في موضع آخر ان نقص ثمنا لا زكاة فيه اختاره أبو بكر وقال مالك : اذا نقصت نقصا يسيرا يجوز جواز الوازنة وجبت الزكاة لأنها تجوز جواز الوازنة أشبهت الوازنة والاول ظاهر الخبر فينبغي أن لا يعدل عنه فأما قوله : الا أن يكون في ملكه ذهب أو عروض للتجارة فيتم به فان عروض التجارة تضم الى كل واحد من الذهب والفضة ويكمل به نصابه لا نعلم فيه اختلافا قال الخطابي : ولا أعلم عامتهم اختلفوا فيه وذلك لأن الزكاة انما تجب في قيمتها فتقوم بكل واحد منهما فتضم الى كل واحد منهما ولو كان له ذهب وفضة وعروض وجب ضم الجميع بعضه الى بعض في تكميل النصاب لأن العرض مضموم الى كل واحد منهما فيجب ضمهما اليه وجمع الثلاثة فاما ان كان له من كل واحد من الذهب والفضة ما لا يبلغ نصابا بمفرده أو كان له نصاب من أحدهما وأقل من نصاب من الآخر فقد توقف أحمد عن ضم أحدهما الى الآخر في رواية الأثرم وجماعة وقطع في رواية حنبل أنه لا زكاة عليه حتى يبلغ كل واحد منهما نصابا وذكر الخرقي فيه روايتين في الباب قبله إحداهما لا يضم وهو قول ابن أبي ليلى و الحسن بن صالح و شريك و الشافعي و أبي عبيد و أبي ثور واختاره أبو بكر عبد العزيز لقوله عليه السلام : [ ليس فيما دون خمس أواق صدقة ] ولأنهما مالان يختلف نصابهما فلا يضم أحدهما الى الآخر كأجناس الماشية والثانية يضم أحدهما الى الآخر في تكميل النصاب وهو قول الحسن و قتادة و مالك و الأوزاعي و الثوري وأصحاب الرأي لأن أحدهما يضم الى ما يضم اليه الآخر فيضم الى الآخر كأنواع الجنس ولأن نفعهما واحد والأصول فيهما متحدة فانهما قيم المتلفات وأروش الجنايات وأثمان البياعات وحلي لمن يريدهما لذلك فأشبه النوعين والحديث مخصوص بعرض التجارة فنقيس عليه فاذا قلنا بالضم فان أحدهما يضم الى الآخر بالاجزاء يعني أن كل واحد منهما يحتسب من نصابه فاذا كملت اجزاؤهما نصابا وجبت الزكاة مثل أن يكون عنده نصف نصاب من أحدهما ونصف نصاب أو أكثر من الآخر أو ثلث من أحدهما وثلثان أو أكثر من الآخر فلو ملك مائة درهم وعشرة دنانير أو مائة وخمسين درهما وخمسة دنانير أو مائة وعشرين درهما وثمانية دنانير وجبت الزكاة فيهما وان نقصت أجزاؤهما عن نصاب فلا زكاة فيهما سئل أحمد عن رجل عنده ثمانية دنانير ومائة درهم فقال : انما قال من قال فيها الزكاة اذا كان عنده عشرة دنانير ومائة درهم وهذا قول مالك و أبي يوسف و محمد و الأوزاعي لأن كل واحد منهما لا تعتبر قيمته في وجوب الزكاة اذا كان منفردا فلا تعتبر اذا كان عنده عشرة دنانير مضمومة كالحبوب والثمار وأنواع الأجناس كلها وقال أبو الخطاب ظاهر كلام أحمد في رواية المروذي أنها تضم بالأحوط من الاجزاء والقيمة ومعناه أنه يقوم الغالي منهما بقيمة الرخيص فاذا بلغت قيمتهما بالرخيص منهما نصابا وجبت الزكاة فيهما فلو ملك مائة درهم وسبعة دنانير قيمتها مئة درهم أو عشرة دنانير وسبعين درهما قيمتها عشرة دنانير وجبت الزكاة فيهما وهذا قول أبي حنيفة في تقويم الدنانير بالفضة لأن كل نصاب وجب فيه ضم الذهب الى الفضة ضم بالقيمة كنصاب القطع في السرقة ولأن أصل الضم لتحصيل حظ الفقراء فكذلك صفة الضم والأول أصح لأن الاثمان تجب الزكاة في أعيانها فلا تعتبر قيمتها كما لو انفردت ويخالف نصاب القطع فان نصاب القطع فيه الورق خاصة في إحدى الروايتين وفي الأخرى أنه لا يجب في الذهب حتى يبلغ ربع دينار والله أعلم .
مسألة : قال : وكذلك دون العشرين مثقالا .
يعني أن ما دون العشرين لا زكاة فيه إلا أن يتم بورق أو عروض تجارة قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن الذهب اذا كان عشرين مثقالا قيمتها مئتا درهم أن الزكاة تجب فيها إلا ما حكي عن الحسن أنه قال : لا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين وأجمعوا على أنه اذا كان أقل من عشرين مثقالا ولا يبلغ مائتي درهم فلا زكاة فيه وقال عامة الفقهاء : نصاب الذهب عشرون مثقالا من غير اعتبار قيمتها الا ما حكي عن عطاء و طاوس و الزهري و سليمان بن حرب وأيوب السختياني أنهم قالوا : هو معتبر بالفضة فما كان قيمته مائتي درهم ففيه الزكاة وإلا فلا لأنه لم يثبت عن النبي A تقدير في نصابه فثبت أنه حمله على الفضة ولنا ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي A أنه قال : [ ليس في أقل من عشرين مثقالا من الذهب ولا في أقل من مائتي درهم صدقة ] رواه أبو عبيد .
وروى ابن ماجة عن عمر وعائشة أن النبي A كان يأخذ من كل عشرين دينارا فصاعدا نصف دينار ومن الاربعين دينارا وروى سعيد و الأثرم عن علي على كل أربعين دينارا دينار وفي كل عشرين دينارا نصف دينار ورواه غيرهما مرفوعا إلى النبي A ولأنه مال تجب الزكاة في عينه فلم يعتبر بغيره كسائر الأموال الزكوية