مسألة وفصول : ضم الأجناس وأنواعها الى بعضها البعض .
مسألة : قال : وتضم الحنطة الى الشعير وتزكى اذا كانت خمسة أوسق وكذلك القطنيات وكذلك الذهب والفضة .
وعن أبي عبد الله رواية أخرى أنها لا تضم وتخرج من كل صنف أن كان منصبا للزكاة القطنيات بكسر القاف جمع قطنية ويجمع أيضا قطاني قال ابو عبيد : هي صنوف الحبوب من العدس والحمص والأرز والجلبان والجلجلان يعني السمسم وزاد غيره الدخن واللوبيا والفول والماش وسميت قطنية فعلية من قطن يقطن في البيت أي يمكث فيه ولا خلاف بين أهل العلم في غير الحبوب والثمار أنه لا يضم جنس الى جنس آخر في تكميل النصاب فالماشية ثلاثة أجناس الابل والبقر والغنم لا يضم جنس منها الى آخر والثمار لا يضم جنس الى غيره فلا يضم التمر الى الزبيب ولا الى اللوز والفستق والبندق ولا يضم شيء من هذه الى غيره ولا تضم الاثمار الى شيء من السائمة ولا من الحبوب والثمار ولا خلاف بينهم في أن أنواع الاجناس يضم بعضها الى بعض في اكمال النصاب ولا خلاف بينهم أيضا في أن العروض تضم الى الاثمان وتضم الأثمان اليها إلا أن الشافعي لا يضمها إلا الى جنس ما اشتريت به لأن نصابها معتبر به واختلفوا في ضم الحبوب بعضها الى بعض وفي ضم أحد النقدين الى الآخر فروي عن أحمد في الحبوب ثلاث روايات إحداهن لا يضم جنس منها الى غيره ويعتبر النصاب في كل جنس منها منفردا هذا قول عطاء و مكحول و ابن أبي ليلى و الأوزاعي و الثوري و الحسن بن صالح و شريك و الشافعي و أبي عبيد و أبي ثور وأصحاب الرأي لأنها أجناس فاعتبر النصاب في كل جنس منها منفردا كالثمار أيضا والمواشي .
والرواية الثانية : أن الحبوب كلها تضم بعضها الى بعض في تكميل النصاب اختارها أبو بكر وهذا قول عكرمة وحكاه ابن المنذر عن طاوس وقال أبو عبيد : لا نعلم أحدا من الماضين جمع بينهما الا عكرمة وذلك لأن النبي A قال : [ لا زكاة في حب ولا ثمر حتى يبلغ خمسة أوسق ] ومفهومه وجوب الزكاة فيه اذا بلغ خمسة أوسق ولأنها تتفق في النصاب وقدر المخرج والمنبت والحصاد فوجب ضم بعضها الى بعض كأنواع الجنس وهذا الدليل منتقض بالثمار .
والثالثة : أن الحنطة تضم الى الشعير وتضم القطنيات بعضها الى بعض نقلها أبو الحارث عن أحمد وحكاها الخرقي قال القاضي : وهذا هو الصحيح وهو مذهب مالك و الليث إلا أنه زاد فقال : السلت والذرة والدخن والأرز والقمح والشعير صنف واحد ولعله يحتج بأن هذا كله مقتات فيضم بعضه الى بعض كأنواع الحنطة وقال الحسن و الزهري : تضم الحنطة الى الشعير لأنها تتفق في الاقتيات والمنبت والحصاد والمنافع فوجب ضمها كما يضم العلس الى الحنطة وأنواع الجنس بعضها الى بعض والرواية الاولى أولى إن شاء الله تعالى لأنها أجناس يجوز التفاضل فيها فلم يضم بعضها الى بعض كالثمار ولا يصح القياس على العلس مع الحنطة لأنه نوع منها ولا على أنواع الجنس لأن الأنواع كلها جنس واحد يحرم التفاضل فيها وثبت حكم الجنس في جميعها بخلاف الاجناس واذا انقطع القياس لم يجز إيجاب الزكاة بالتحكم ولا بوصف غير معتبر ثم هو باطل بالثمار فانها تتفق فيما ذكروه ولا يضم بعضها الى بعض ولأن الأصل عدم الوجوب فما لم يرد بالايجاب نص أو إجماع أو معناهما لا يثبت إيجابه والله أعلم ولا خلاف فيما نعلمه في ضم الحنطة الى العلس لأنه نوع منها وعلى قياسه السلت يضم الى الشعير لأنه منه .
فصل : ولا تفريع على الروايتين الأوليين لوضوحهما .
فأما الثالثة وهي ضم الحنطة الى الشعير والقطنيات بعضها الى بعض فان الذرة تضم الى الدخن لتقاربهما في المقصد فانهما يتخذان خبزا وادما وقد ذكرا من جملة القطنيات أيضا فيضمان اليها وأما البزور فلا تضم الى القطنيات ولكن الابازير يضم بعضها الى بعض لتقاربها في المقصد فأشبهت القطنيات وحبوب البقول لا تضم الى القطنيات ولا الى البزور فما تقارب منها ضم بعضه الى بعص وما لا فلا وما شككنا فيه لا يضم لأن الأصل عدم الوجوب فلا يجب بالشك والله أعلم .
فصل : وذكر الخرقي في ضم الذهب الى الفضة روايتين وقد ذكرناهما فيما مضى واختار أبو بكر أنه لا يضم أحدهما إلى الآخر مع اختياره الضم في الحبوب لاختلاف نصابهما واتفاق نصاب الحبوب .
فصل : ومتى قلنا بالضم فان الزكاة تؤخذ من كل جنس على قدر ما يخصه ولا يؤخذ من جنس عن غيره فاننا اذا قلنا في أنواع الجنس يؤخذ من كل نوع ما يخصه فأولى أن يعتد ذلك في الأجناس المختلفة مع تفاوت مقاصدها إلا الذهب والفضة فان في اخراج أحدهما عن الآخر روايتين