- آداب الزيارة : .
فإذا توجه الزائر إلى المدينة فليكثر من الصلاة والتسليم عليه A في طريقه ويستحب أن يغتسل قبل دخوله ويلبس أنظف ثيابه ويستحضر في قلبه شرف المدينة وأنها أفضل الأرض بعد مكة . فإذا وصل باب مسجده فليقل الذكر المستحب في دخول كل مسجد لما روي عن فاطمة بنت رسول الله A قالت : " كان رسول الله A إذا دخل المسجد يقول : ( بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ) وإذا خرج قال ( بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك ) ( 1 ) وليقدم رجله اليمنى في الدخول واليسرى في الخروج فإذا دخل فليقصد الروضة وهي ما بين القبر والمنبر فيصلي تحية المسجد بجنب المنبر لما روي عن أبي هريرة Bه أن رسول الله A قال : ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي ) ( 2 ) ثم يأتي القبر الكريم فيستدبر القبلة ويستقبل جدار القبر الشريف ويقف قبالة الشباك المتوسط للمقام وبعيدا عنه قدر أربعة أذرع غاض الطرف في مقام الهيبة والإجلال فارغ القلب من علائق الدنيا مستحضرا في قلبه منزلة من هو بحضرته ثم يسلم ولا يرفع صوته ويقول : " السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا حبيب الله أشهد أنك رسول الله حقا بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وكشفت الغمة وجلوت الظلمة ونطقت بالحكمة وجاهدت في سبيل الله حق جهاده جزاك الله عنا أفضل الجزاء " . ثم يتأخر جهة يمينه قدر ذراع فيسلم على أبي بكر الصديق Bه قائلا : " السلام عليك يا أبا بكر يا خليفة رسول الله A جزاك الله عن أمة محمد خيرا " . ثم يتأخر قدر ذراع جهة يمينه فيسلم على عمر بن الخطاب Bه قائلا مثل ما سبق لأبي بكر Bه ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله A فيقرأ سورة يس ويقرأ عند قدميه : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } ( 3 ) ثم يعود إلى موقفه قبالة الوجه ويتوسل به A إلى ربه .
ويستحب له مدة إقامته بالمدينة أن يصلي الصلوات كلها في مسجد رسول الله A ويستحب أن يخرج كل يوم إلى البقيع وخاصة الجمعة ويقول : " السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لنا ولهم " . فعن عائشة Bها قالت : " كان رسول الله A - كلما كانت ليلتها منه - يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول : ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ) " ( 4 ) .
ويستحب أن يزور قبور الشهداء بأحد وأفضله يوم الخميس ويبدأ بحمزة Bه .
ويستحب استحبابا مؤكدا أن يأتي مسجد قباء وفي يوم السبت آكد لما روى عبد الله ابن دينار " أن ابن عمر Bهما كان يأتي قباء كل يوم سبت وكان يقول : رأيت النبي A يأتيه كل سبت " ( 5 ) ناويا التقرب بزيارته والصلاة فيه لحديث ابن عمر Bهما قال : " كان رسول الله A يأتي مسجد قباء راكبا وماشيا فيصلي فيه ركعتين " ( 6 ) .
ويستحب أن يزور المشاهد التي بالمدينة وهي نحو ثلاثين موضعا يعرفها أهل المدينة فيقصد ما قدر عليه منها . وكذلك يأتي الآبار التي كان رسول الله A يتوضأ منها أو يغتسل وهي سبعة آبار فيشرب منها ويتوضأ وينبغي له مدة إقامته في المدينة أن يلاحظ بقلبه جلالتها وأنها البلدة التي اختارها الله تعالى لتنزيل وحيه ولهجرة نبيه A ومدفنه ويستحضر تردده فيها ومشيه في بقاعها وتردد جبريل عليه السلام عليه . ويستحب أن يصوم بالمدينة ما أمكن ويتصدق على جيران رسول الله A لحديث زيد بن أرقم Bه أن رسول الله A قال : ( أذكركم الله في أهل بيتي ) ( 7 ) .
فإذا أراد الزائر السفر ودع المسجد بركعتين وأتى القبر الشريف وألقى السلام كما تقدم .
_________ .
( 1 ) ابن ماجة ج 1 / كتاب المساجد والجماعات باب 13 / 771 .
( 2 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 92 / 502 .
( 3 ) التوبة : 128 .
( 4 ) مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 35 / 102 . والبقيع : مدفن أهل المدينة وسمي بقيع الغرقد لغرقد كان فيه وهو نوع من الشجر .
( 5 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 97 / 520 .
( 6 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 97 / 516 .
( 7 ) مسند الإمام أحمد ج 4 / ص 267