تقسيم المضمونات .
الفصل الثاني في تقسيم المضمونات .
اعلم أن الأصل في المتلفات ضمان المثل بالمثل و المتقوم بالقيمة .
و خرج عن ذلك صور تعرف مما سنذكره .
و الحاصل : أن المضمونات أنواع : .
الأول .
الغصب : فالمثل في المثلى و القيمة في المتقوم لا أعلم فيه خلافا .
ا لثاني .
الإتلاف بلا غصب و هو كذلك .
و خرج عنهما صور : .
أحدها : المثلى الذي خرج مثله عن أن تكون له قيمة كمن غصب أو أتلف ماء في مفازة ثم اجتمعا على شط نهر أوفي بلد أو أتلف عليه الجمد في الصيف واجتمعا في الشتاء فليس للمتلف بدل المثل بل عليه قيمة المثل في مثل تلك المفازة أو في الصيف .
ثانيها : الحلي أصح الأوجه : أنه يضمن مع ضنعته بنقد البلد و إن كان من جنسه و لا يلزم من ذلك الربا لأنه يجري في العقود لا في الغرامات .
ثالثها : الماشية إذا أتلفها المالك كلها بعد الحول و قبل إخراج الزكاة فإن الفقراء شركاؤه و يلزمه حيوان آخر لا قيمته جزم به الرافعي و غيره بخلاف ما لو أتلفها أجنبي .
رابعها : طم الأرض كما جزم به الرافعي .
خامسها : إذا هدم الحائط لزمه إعادته لا قيمته كما هو مقتضى كلام الرافعي و أجاب به النووي في فتاويه و نقله عن النص .
سادسها : اللحم فإنه يضمن بالقيمة كما صححه الرافعي و غيره في باب الأضحية مع أنه مثلى .
سابعها : الفاكهة فإنها مثلية على ما اقتضاه تصحيحهم في الغصب و الأصح : أنها تضمن بالقيمة .
ثامنها : لو صار المتقوم مثليا بأن غصب رطبا و قلنا : إنه متقوم فصار تمرا و تلف .
قال العراقيون : يلزمه مثل التمر .
و قال الغزالي : يتخير بين مثل التمر و قيمة الرطب .
و قال البغوي : إن كان الرطب أكثر قيمة : لزمه قيمته و إلا لزمه المثل .
قال السبكي : و هو أشبه .
و بقي صور متردد فيها .
منها : لوسجر التنور ليخبز فصب عليه آخر ماء أطفأه ففيه أوجه حكاها الزبيري في المسكت و غيره .
أحدها : يلزمه قيمة الحطب و ليس ما غصب و لا قيمته لأنه غصب خبزا .
و ما أشبه هذا القول بما حكم به سليمان بن داود عليهما الصلاة و السلام في قصة صاحب الغنم التي أكلت زرع الرجل فحكم سيدنا داود عليه السلام لصاحب الزرع برقاب الغنم فقال سليمان : بل ينتفع بدرها و نسلها و صوفها إلى أن يعود الزرع كما كان بإصلاح صاحب الغنم فيردها إليه و ذلك معنى قوله تعالى : { ففهمناها سليمان } .
و الثاني : عليه أفي يسجر التنور و يحميه كما كان .
و الثالث : عليه قيمة الجمر .
و الرابع : عليه الخبز .
و استشكل الأول بأنه لم يستهلك الحطب و إنما أتلف الجمر بعد خروجه فهو كمن أحرق ثوبا ليتخذ رماده حراقا فأتلفه رجل لا تجب عليه قيمة الثوب قبل الإحراق .
و الثالث : بأنه الجمر لا قيمة له معروفة و لا يكال و لا يوزن .
قال الزبيري : و الأقرب وجوب قيمة الجمر لأن له قيمة .
و منها : لو برد ماء في يوم صائف فألقى فيه رجل حجارة محماة فأذهب يرده .
ففي وجه : لاشيء عليه لأنه ماء على هيئته و تبريده ممكن .
و في آخر : يأخذه المتعدي و يضمن مثله باردا .
و في ثالث : ينظر إلى ما بين القيمتين في هذه الحالة و يضمن التفاوت ذكره الزبيري أيضا .
قلت : أحسنها الثالث .
و منها : لو بل خيشا لينتفع به فأوقد آخر تحته نارا حتى نشف .
قيل : لاشيء عليه سوى الإثم .
و قيل : عليه قيمة الماء الذي بل به .
و قيل : بل قيمة الانتفاع به مدة بقائه باردا .
قال الزبيري : و هذا أعدلها .
النوع الثالث .
المبيع إذا تقايلا و هو تالف و فيه المثل في المثلى و القيمة في المتقوم جزم به الشيخان .
ا لرابع .
الثمن إذا تلف و رد المبيع بعيب أو غيره فيه المثل في المثلى و القيمة في المتقوم جزما به أيضا .
ا لخامس .
اللقطة : إذا جاء مالكها بعد التملك و هي تالفة : فيها المثل في المثلى و القيمة في المتقوم جزما به أيضا .
السادس .
المبيع : إذا تخالفا و فسخ و هو تالف أطلق الشيخان وجوب القيمة فيه فشمل المثلى و غيره و هو وجه صححه الماوردي .
و المشهور كما قال في المطلب : وجوب المثل في المثلى .
السابع .
المقبوض بالشراء الفاسد إذا تلف أطلق الشيخان وجوب القيمة فيه فشمل المثلى و غيره و هو وجه صححه الماودي .
و ادعى الروياني الاتفاق عليه .
و قال في المهمات : انه غريب مردود .
و الذي نص عليه الشافعي : وجوب المثل في المثلى .
قال : و هو القياس .
و قال في شرح المنهاج : إنه الصحيح و سبقه إلى ذلك السبكي .
ا لثامن .
القرض و فيه : المثل بالمثلى كذا في المتقوم على الأصح .
و استثنى الماوردي نحو الجوهر و الحنطة المختلطة بالشعير .
إن جوزنا فرضهما فإنهما يضمنان بالقيمة و صوبه السبكي .
ا لتاسع .
ما أداه الضامن عن المضمون عنه حيث ثبت الرجوع فإن حكمه حكم القرض حتى يرجع في مثل المتقوم صورة .
ا لعاشر .
العارية : أطلق الشيخان وجوب القيمة فيها فشمل المتقوم و المثلى و صرح بذلك الشيخ في المهذب و الماوردي .
و جزم ابن أبي عصرون في كتبه بوجوب المثل في المثلى .
و قال في بعضها إنه أصح الطريقين و صححه السبكي .
تنبيه .
المستعار للرهن يضمن في وجه حكاه الرافعي عن أكثر الأصحاب : بالقيمة .
و في وجه و صححه جماعة و صوبه النووي في الروضة : بما بيع به و لو كان أكثر من القيمة .
فيستثنى ذلك من ضمان العارية بالقيمة .
الحادي عشر .
المستام و فيه القيمة مطلقا .
الثاني عشر .
المعجل في الزكاة : إذا ثبت استرداده و هو تالف و فيه المثل أو القيمة جزم به الشيخان لكن صحح السبكي : أنه يضمن بالمثل و إن كان متقوما .
الثالث عشر .
الصداق : إذا تشطر و هو تالف : و فيه المثل أو القيمة جزم به الشيخان .
الرابع عشر .
إذا تشطر و هو معيب فأطلق الشيخان وجوب نصف القيمة سليما .
قال في المهمات : هذا في المتقوم .
أما المثلى : ففيه نصف المثل صرح به ابن الصباغ و جزم به في المطلب .
الخامس عشر .
الصيد : إذا تلف في الحرم أو الإحرام و فيه المثل صورة و القيمة فيما لا مثل له و سلب العامل في صيد حرم المدينة على القديم و اختاره النووي .
السادس عشر .
لبن المصراة و فيه التمر لا مثله و لا قيمته .
قال بعضهم : ليس لنا شيء يضمن بغير النقد إلا في مسئلتين .
إحداهما : لبن المصراة و الأخرى : إذا جني على عبد فعتق و مات ضمن للسيد الأقل من الدية و نصف القيمة من إبل الدية