القول في أحكام المحارم .
القول في أحكام المحارم .
قال الأصحاب : .
المحرم من حرم نكاحها على التأبيد بنسب أو بسبب مباح لحرمتها .
فخرج بالأول : و لد العمومة و الخؤولة .
و بقولنا على التأبيد أخت الزوجة و عمتها و خالتها .
و بقولنا بسبب مباح أم الموطؤة بشبهة و بنتها فإنها محرمة النكاح و ليست محرما إذ وطء الشبهة لا يوصف بالإباحة .
و بقولنا لحرمتها الملاعنة فإنها حرمت تغليظا عليه .
و الاحكام التي للمحرم مطلقا سواء كان من نسب أو رضاع أو مصاهرة : .
تحريم النكاح و جواز النظر و الخلوة و المسافرة و عدم نقض الرضوء .
أما تحريم النكاح فلا يشاركه فيه عىل التأييد إلا الملائكة و سائر المحرمات فليست عل التأبيد .
فأخت الزوجة و عمتها و خالتها : تحل بمفارقتها .
و الأمة : تحل إذا عتقت أو أعسر .
و المجوسية : تحل إذا أسلمت .
و المطلقة ثلاثا : تحل إذا نكحت زوجا غيره .
و أما جواز النظر فهل يشاركه فيه العبد ؟ وجهان صحح الرافعي منهما : الجواز و وافقه النووي في المنهاج .
و قال في الروضة من زوائده : فيه نظر .
و صحح في مجموع له على المهذب : التحريم و بالغ فيه و عبارته : هذه المسألة مما تعم بها البلوى و يكثر الاحتياج إليها و الخلاف فيها مشهور .
و الصحيح عند أكثر أصحابنا : أنه محرم لها كما نص عليه الشافعي .
و نقل عن جماعة تصحيحه .
و قال الشيخ أبو حامد : الصحيح عند أصحابنا أن لا يكون محرما لها لأن الحرمة إنما تثبت بين الشخصين لم تخلق بينهما شهوة كالأخ و الأخت و غيرهما .
و أما العبد و سيدته : فشخصان خلقت بينهما الشهوة .
قال : .
و أما الأية و هي قوله تعالى : { أو ما ملكت أيمانهن } فقال أهل التفسير فيها : المراد بها الإماه دون العبيد .
و أما الخبر : و هو ما رواه أبو داود و البيهقي [ عن انس : أن النبي A أتى فاطمة بعبد و قد و هبه لها و على فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأى النبي A ما تلقي قال : انه ليس عليك بأس إنما هو أبوك و غلامك فيحتمل أن يكون الغلام صغيرا ] .
قال : و هذا الرأي صححه الشيخ أبو حامد : هو الصواب بل لا ينبغي أن يجري فيه خلاف بل يقطع بتحريمه و كيف يفتح هذا الباب للنسوة الفاسقات ؟ مع حسان المماليك الذين الغالب من أحوالهم الفسق بل العدالة فيهم في غاية الملة ؟ .
ويف يستجيز الإنسان الإفتاء بأن هذا المملوك يبيت و يقيل مع سيدته مكررا ذلك مع ما هما عليه من التقصير في الدين ؟ و كل منصف يقطع بأن أصول الشريعة تستقبح هذا و تحرمه أشد تحريم .
ثم القول بأنه محرم : ليس له دليل ظاهر فإن الصواب في الآية أنها في الإماء و الخبر محمول على أنه كان صغيرا انتهى كلام النووى .
و قد اختار التحريم أيضا : السبكي في تكملة شرح المهذب و في الحلبيات .
و قال : إن تأويل الحديث على أنه كان صغير جدا لا سيما و الغلام في اللغة إنما يطلق على الصبي و هي واقعة حال و لم يعلم بلوغه فلا حجة فيها للجواز و لم يحصل مع ذلك خلوة و لا معرفة ما حصل النظر إليه وإنما فيه نفي البأس عن تلك .
الحالة التي علمت حقيقتها و لم تجد فاطمة ما يحصل به كمال الستر الذي قصدته .
و غايته : التعليل باسم الغلام و هو اسم للصبي أو محتمل له و الاحتمال في وقائع الأحوال يسقط الاستدلال انتهى .
و اختاره أيضا الأذرعي و غيره من المتأخرين و أفتيت به مرات و لا اعتقد سواه .
و أما الخلوة و المسافرة : فالعبد فيهما مبني على النظر إن شاركه المحرم فيه شاركه فيهما و إلا فلا و يشاركه الزوج فيهما لا محالة بل يزيد في النظر و يكتفي في سفر حج الفرض بنسوة ثقات على ما سيأتي تحريره في أحكام السفر .
و أما عدم نقض الوضوء فلا يشاركه فيه غيره .
و من أحكام المحرم .
جواز إعارة الأمة و إجارتها و رهنها عنده وإقراضها .
و من اطلع إلى دار غيره و بها محرم له لم يجز رميه .
و يجوز أن يساكن الرجل مطلقته مع محرم له أو لها و لو عاشرها في عدة الرجعية كزوج مع و جود محرم : لم يمنع انقضاء العدة .
و يختص المحرم بالنسب بأحكام : .
منها : تغليظ الدية في قتله خطأ فلا تغلظ في المحرم بالرضاع و المصاهرة قطعا و لا في القريب غير المحرم على الصحيح .
و منها : يكره قتله في جهاد الكفار و قتال البغاة و للجلاد .
قال ابن النقيب : و أما غير القريب من المحارم فلم أر من ذكر المنع من قتله .
و منها : غسل الميت فيقدم في المرأة نساء المحارم على نساء الأجانب .
و يجوز لرجال المحارم التغسيل .
و يختص الأصول و الفروع من بين سائر المحارم بإحكام : .
الأول : عدم الاجتماع في الملك : .
فمن ملك أباه أو أمه أو أحد أصوله من الأجداد و الجدات من جهة الأب أو الأم أو أحد أولاده و أولادهم و إن سفلوا : عتق عليه سواء ملكه قهرا بالإرث أم اختيارا بالشراء أو غيره .
الثاني : جواز بيع المسلم منهم للكافر لأنه يستعقب العتق فلا يبقى في الملك .
و في وجه : لايصح لمافيه من ثبوت الملك .
الثالث : وجوب النفقة عند العجز و الفطرة .
الرابع : لا يقطع أحدهما بسرقة مال الآخر لشبهة استحقاق النفقة .
الخامس : لا يعقل أحدهما عن الآخر لأن الأصل و الفرع بعض الجاني فكما لا يحتمل الجاني لا يحتمل أبعاضه .
السادس : لا يحكهم و لا يشهد أحدهما للآخر .
السابع : يدخلون في الوصية للأقارب .
الثامن : تحريم موطوءة كل منهما و منكوحته على الآخر .
و يختص الأصول فقط بأحكام : .
الأول : لا يقتلون بالفرع و لا له سواء الأب و الأم و الأجداد و الجدات و إن علوا من قبل الأب و الأم .
و حكى في الأجداد و الجدات قول شاذ و لو حكم بالقتل حاكم : نقض حكمه بخلاف ما لوحكم بقتل الحر بالعبد .
الثاني : لا يحدون بقذف الفرع و لا له كالقتل .
الثالث : لا تقبل شهادة الفرع عليهم بما يوجب قتلا في وجه .
الرابع : تجوز المسافرة إلا بإذنهم إلا ما يستثني و سواء الكافر و المسلم و الحر و الرقيق .
الخامس : لا يجوز الجهاد إلا باذنهم بشرط الإسلام و قيل لا يشترط إذن الجد مع و جود الأب و لا الجدة مع و جود الأم و الأصح خلافه .
السادس : لا يجوز التفريق بينهم بالبيع حتى يميز الفرع و في قول حتى يبلغ فإن فعل لم يصح البيع و مثله الهبة و القسمة و كذا الإقالة و الرد بالعيب كما صححه ابن الرفعة و السبكي و الأسنوي .
وليس في الروضة ترجيح في السفر كما نقله ابن الرفعة و الأسنوي عن فتاوى الغزالي و أقراه بخلاف العتق و الوصية .
و إنما يعتبر الأب و الجد للأم عند فقد الأم فلو فرق بينهما و هو مع الأم جاز و في الأجداد و الجدات للأب : أوجه .
يجوز بين الأجداد لا الجدات .
و المجنون كالطفل في ذلك قاله في الكفاية .
السابع : إذا دعاه أحد الأبوين و هو في الصلاة ففيه أوجه حكاها في البحر : .
أحدها : تجب الإجابة و لا تبطل الصلاة .
و ثانيها : تجب و لكن تبطل و صححه الروياني .
و ثالثها : لا تجب و تبطل .
قال السبكي في بر الوالدين : المختار : القطع بأنه لا يجب إن كانت الصلاة فرضا سواء ضاق الوقت أم لا لأنها تلزم بالشروع و إن كانت نفلا وجبت الإجابة إن علم تأذيهما بتركها و لكن تبطل .
قال القاضي جلال الدين البلقيني : و الظاهر : أن الأصول كلهم في هذا المعنى كالأبوين .
الثامن : للأبوين منع الولد من الإحرام بحج التطوع قال الجلال البلقيني : .
و الظاهر : أنه يتعدى للأجداد و الجدات أيضا .
التاسع : لهم تأديب الفرع و تعزيره و هذا و إن فرضه الشيخان في الأب فقد قال الجلال البلقيني : يشبه أن تكون الأم إذا كان الصبي في حضانتها كذلك فقد صرحوا في الأمر بالصلاة و الضرب عليها : بأن الأمهات كالآباء في .
ذلك