" هي كل مسكر مائع " لكن ظاهره حصرها فيما عده وليس مرادا لأن منها أشياء لم يذكرها وسأنبه على بعضها فلو ذكر لها ضابطا إجماليا كما تقدم لكان أولى بل قال ابن النقيب فيما ذكره : تجوز لأن النجاسة حكم شرعي فكيف تفسر بالأعيان بل ما ذكر حد للنجس لا للنجاسة ا . ه .
وشملت عبارة المصنف الخمر : وهي المتخذة من ماء العنب ولو محترمة وبباطن عنقود ومثلثة : وهي المغلي من ماء العنب حتى صار على الثلث والنبيذ : وهو المتخذ من ماء الزبيب أو نحوه .
أما الخمر : فلقوله تعالى : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس ) والرجس في عرف الشرع : هو النجس صد عما عداها الإجماع فبقيت هي .
واستدل على نجاستها الشيخ أبو حامد بالإجماع وحمل على إجماع الصحابة ففي " المجموع " : عن ربيعة شيخ مالك أنه ذهب إلى طهارتها ونقله بعضهم عن الحسن والليث .
واستدل بعضهم على نجاستها : بأنها لو كانت طاهرة لفات الامتنان بكون شراب الآخرة طهورا وقد قال تعالى : ( وسقاهم ربهم شرابا طهورا ) أي طاهرا وعبر بطهورا للمبالغة في طهارته بخلاف خمر الدنيا .
وأما النبيذ : فبالقياس على الخمر مع التنفير عن المسكر وخالف في ذلك أبو حنيفة ودليلنا ما ذكر .
والخمر المحترمة قالا في الغصب : هي ما عصرت لا بقصد الخمرية وفي الرهن : ما عصرت بقصد الخلية والأول أوجه وأعم .
والخمر مؤنثة وتذكيرها لغة ضعيفة وتلحقها التاء على قلة .
والتقييد بالمائع من زيادته ذكر بغير تمييز وخرج به البنج ونحوه من الحشيش المسكر فإنه ليس بنجس وإن كان حراما . قاله في " الدقائق " .
فإن قيل : كان ينبغي للمصنف أن يقيدها بالأصالة لئلا يرد عليه الخمر إذا جمدت والحشيشة إذا أذيبت . أجيب : بأن الخمر مائعة في الأصل وقد حكم بنجاستها وهي مائعة ولم يحدث ما يطهرها بخلاف الحشيش المذاب .
فائدة : .
قال بعض المتعنتين : إن الكشك نجس لأنه يتخمر كالبوظة ثم قال : وهل يكون جفافه كالتخلل في الخمر فيطهر أو يكون كالخمر المعقودة فلا يطهر ؟ قال شيخي : لا اعتبار بقول هذا القائل فإنه لو فرض أنه صار مسكرا لكان طاهرا لأنه ليس بمائع ا . ه . ويؤخذ منه أن البوظة طاهرة وهو كذلك .
فإن قيل : كان ينبغي للمصنف أن يقول مسكر الجنس لئلا ترد عليه القطرة من الخمر مثلا . أجيب : بأنه سيذكر في باب الأشربة أن ما أسكر كثيره حرم عليه وحد شاربه فعلم من ذلك نجاسة القليل كالكثير للتسوية بينهما فيما ذكر .
ثم اعلم أن الأعيان جماد وحيوان فالجماد كله طاهر لأنه خلق لمنافع العباد ولو من بعض الوجوه قال تعالى : ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض ) . وإنما يحصل الانتفاع أو يكمل بالطهارة إلا ما نص الشارع على نجاسته وهو ما ذكره المصنف فيما مر بقوله : كل مسكر مائع . وكذا الحيوان كله طاهر لما مر إلا ما استثناه الشارع أيضا وقد نبه المصنف على ذلك بقوله :