" ويسن مسح " ظاهر " أعلاه " أي الساتر لمشط الرجل " وأسفله " وعقبه وحرفه " خطوطا " بأن يضع يده اليسرى تحت العقب واليمنى على ظهر الأصابع ثم يمر إلى ساقه أي إلى آخره كما صرح به الدميري .
كما أنه يستحب غسله كذلك ولكن في " المجموع " أنه لا يسن مسحه واليسرى إلى أطراف الأصابع من تحت مفرجا بين أصابع يديه ولا يضمها لئلا يصير مستوعبا له .
ولا يسن استيعابه بالمسح ويكره تكراره وغسله لأن ذلك مفسد للخف ولو فعل ذلك أجزأه ومقتضى ذلك أنه لا كراهة وإذا كان الخف من نحو زجاج وأمكن المشي فيه . " .
ويكفي مسمى مسح " كمسح الرأس فيكفي بيد وعود ونحوهما لأن المسح ورد مطلقا ولم يصح في تقدير شيء فتعين الاكتفاء بما ينطلق عليه الاسم .
ولا بد أن يكون المسح " يحاذي " أي يقابل " الفرض " من الظاهر لا من باطنه الملاقي للبشرة فلا يكفي اتفاقا . فإن قيل : مقتضى التشبيه بالرأس : أن الخف لو كان عليه شعر أن المسح يكفي عليه مع أنه لا يكفي الاقتصار على مسح الشعر جزما كما قاله الدميري . أجيب : بأنه لا يلزم من التشبيه أن يعطى المشبه حكم المشبه به من كل وجه . " .
إلا أسفل الرجل وعقبها فلا " يكفي المسح عليهما " على المذهب " لأن الاقتصار عليهما لم يرد وثبت الاقتصار على الأعلى والرخصة يجب فيها الاتباع . وعن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال : ( لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله A يمسح على ظاهر خفيه ) . والعقب بفتح العين وكسر القاف ويجوز إسكانها مع فتح العين وكسرها : مؤخر الرجل وهي مؤنثة وجمعها أعقاب . وقد مر أنه A قال : ( ويل للأعقاب من النار ) . " قلت : حرفه كأسفله والله أعلم " لاشتراكهما في عدم الرؤية غالبا فلا يكفي الاقتصار عليه لقربه منه .
ولا مسح لشاك " سواء في ذلك المسافر والمقيم " في بقاء المدة " هل انقضت أو لا أوشك المسافر هل ابتدأ في السفر أو في الحضر لأن المسح رخصة بشروط : منها المدة فإذا شك فيها رجع إلى الأصل وهو الغسل . وظاهر كلامه أن الشك إنما يؤثر في منع المسح لا أنه يقتضي الحكم بانقضاء المدة وهو كذلك فلو زال الشك وتحقق بقاء المدة جاز المسح . ( 1 / 68 " ) .
فرع : .
لو شك من مسح بعد الحدث هل صلاته الرابعة أو الثالثة ؟ لم يبرأ من الرابعة وحسب عليه وقتها . فلو أحدث ومسح وصلى العصر والمغرب والعشاء وشك أتقدم حدثه ومسحه أول وقت الظهر وصلاها به أم تأخر إلى وقت العصر ولم يصل الظهر فيلزمه قضاؤه لأن الأصل بقاؤها عليه وتجعل المدة من أول الزوال لأن الأصل عدم غسل الرجلين .
ولو مسح شاكا فيما ذكر وصلى به لم تصح صلاته فإن بان بقاء المدة أعاد المسح والصلاة بخلاف ما لو مسح غير شاك كأن مسح في اليوم الأول واستمر على طهارته إلى اليوم الثالث فله أن يصلي به لأنه صحيح ولكن يعيد ما صلاه به على الشك . " .
فإن أجنب " لابس الخف أو حصل منه ما يوجب الغسل من نحو حيض في أثناء المدة " وجب تجديد لبس " بعد الغسل إن أراد المسح بأن ينزع ويتطهر ثم يلبس لحديث صفوان بن غسان قال : ( كان رسول الله A يأمرنا إذا كنا مسافرين أو سفرا - بفتح السين وسكون الفاء : أي مسافرين - أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام بلياليهن إلا من جنابة ) صححه الترمذي وغيره . دل الأمر بالنزع على عدم جواز المسح في الغسل والوضوء لأجل الجنابة فهي مانعة من المسح قاطعة لمدته حتى لو اغتسل لابسا لا يمسح بقيتها كما هو مقتضى كلام الرافعي وإن اقتضى ما في الكفاية أنه يمسح بقيتها لارتفاع المانع . وقيس بالجنابة غيرها مما هو في معناها كالحيض والنفاس والولادة كما في " المجموع " والأمر في الحديث للإباحة لمجيئه في خبر النسائي : ( أرخص لنا ) . فإن قيل : الجبيرة إذا وضعت على طهر لا يجب نزعها لما ذكر مع أن في كم كل منهما مسحا على سائر لحاجة موضوع على طهر . أجيب : بأن الحاجة ثم أشد والنزع أشق . " .
ومن نزع " في المدة خفيه أو أحدهما أو خرجا أو أحدهما عن صلاحية المسح أو انقضت المدة أو شك في بقائها أو ظهر بعض الرجل بتخرق أو غيره كانحلال شرج أو نحو ذلك " وهو بطهر المسح " في جميع ذلك " غسل قدميه " لبطلان طهرهما بما ذكر لأن الأصل غسلهما والمسح بدل فإذا زال حكم البدل رجع إلى الأصل كالتيمم بعد وجود الماء . " وفي قول يتوضأ " لأن الوضوء عبادة يبطلها الحدث فتبطل كلها ببطلان بعضها كالصلاة . واختار المصنف في " شرح المهذب " كابن المنذر : أنه لا يلزمه واحد منهما ويصلي بطهارته . وخرج بطهر المسح طهر الغسل بأن لم يحدث بعد اللبس أو أحدث لكن توضأ وغسل رجليه في الخف فلا حاجة فيه إلى غسل قدميه .
خاتمة : .
لو تنجست رجله في الخف بدم أو غيره بنجاسة غير معفو عنها وأمكن غسلها في الخف غسلها ولم يبطل مسحه . وإن لم يمكن وجب النزع وغسل النجاسة وبطل مسحه . ولو بقي من مدة المسح ما يسع ركعة واعتقد طريان حدث غالب فأحرم بركعتين فأكثر انعقدت صلاته لأنه على طهارة في الحال وصح الاقتداء به وعلم المقتدى بحاله ويفارقه عند عروض المبطل وإن كان أحرم بأكثر من ركعة في صلاة نافلة كان له الاقتصار على ركعة . قال في " الإحياء " : يستحب لمن أراد أن يلبس الخف أن ينفضه لئلا يكون فيه حية أو عقرب أو شوكة واستدل لذلك بما رواه الطبراني عن أبي أمامة أن النبي A قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس خفيه حتى ينفضهما )