والوجه الثاني أن تنسب إلى عضو الجناية لا إلى دية النفس فيجب عشر دية اليد وهو خمس من الإبل فإن كانت الجناية على أصبع وجب بعير أو على أنملة وجب ثلث بعير في غير الإبهام ويقاس على ذلك ما أشبهه وللحاجة في معرفة الحكومة إلى تقدير الرق قال الأئمة العبد أصل الحر في الجنايات التي لا يتقدر أرشها كما أن الحر أصل العبد في الجنايات التي يتقدر أرشها وتجب الحكومة إبلا كالدية لا نقدا .
وأما التقويم فمقتضى كلام المصنف كغيره أنه بالنقد لكن نص الشافعي على أنه بالإبل فقال في إذهاب العذرة فيقال لو كانت أمة تساوي خمسين من الإبل كم ينقصها ذهاب العذرة من القيمة فإن قيل العشر وجب خمس من الإبل وإن قيل أقل أو أكثر وجب حكاه البلقيني ثم قال وهو جار على أصله في الديات أن الإبل اه " .
والظاهر كما قال شيخنا أن كلا من الأمرين جائز لأنه يوصل إلى الغرض " .
تنبيه : .
وهو ثلاثة أقسام جرح وإبانة طرف وإزالة منفعة " .
محل الخلاف إذا كانت الجناية على عضو له أرش مقدر فإن كانت على الصدر أو الفخذ أو نحو ذلك مما لا مقدر فيه اعتبرت الحكومة من دية النفس قطعا وتقدر لحية امرأة أزيلت ففسد منبتها لحية عبد كبير يتزين بها ومثلها الخنثى ولو قلع سنا أو قطع أصبعا زائدة ولم ينقص بذلك شيء قدرت زائدة لا أصلية خلفها ويقوم له المجني عليه متصفا بذلك ثم يقوم مقطوع الزائد فيظهر التفاوت بذلك لأن الزائدة تشد الوجه ويحصل بها نوع جمال ويستثنى من اعتبار النسبة لو قطع أنملة لها طرف زائد فيجب فيها مع دية أنملة حكومة يقدرها القاضي باجتهاد ولا تعتبر النسبة لعدم إمكانها .
قال الرافعي وكان يجوز أن يقوم له الزائدة بلا أصلية ثم يقوم دونها كما فعل في السن الزائدة أو يعتبر بأصلية كما اعتبرت لحية المرأة بلحية الرجل ولحيتها كالأعضاء الزائدة ولحيته كالأعضاء الأصلية .
وأجاب شيخي عن ذلك بأنا لو فعلنا ما ذكر لزاد زيادة تضر بالجاني لأن أرشها يكثر بذلك .
فإن كانت .
أي الحكومة " بطرف " أي لأجله " له " أرش " مقدر " كاليد والرجل " اشترط أن لا تبلغ " تلك الحكومة " مقدره " أي الطرف لئلا تكون الجناية على العضو مع بقائه مضمونة بما يضمن به العضو نفسه فينقص حكومة الأنملة بجرحها أو ( 4 / 78 ) قطع ظفرها عن يدها وحكومة جراحة الأصبع بطوله عن ديته ولا يبلغ بحكومة ما دون الجائفة من الجراحات على البطن أو نحوه أرش الجائفة " فإن بلغته نقص القاضي " منه " شيئا بإجتهاده " لئلا يلزم المحذور السابق ولا يكفي أقل متمول كما قاله الإمام وجرى عليه ابن المقري وإن قال ابن الرفعة تبعا للماوردي أقله ما يصلح ثمنا أو صداقا أي فيكفي أقل متمول " أو " كانت لطرف " لا تقدير فيه " ولا يتبع مقدرا " كفخذ " وساعد وظهر وكف " فإن " أي فالشرط أن " لا تبلغ " حكومته " دية نفس " وهو معلوم أنها لا تصل إلى ذلك لأن الكل أكثر من الجزء بل المراد أن لا يصير بلوغها أرش عضو مقدر وإن زادت عليه كما صرح به الرافعي تبعا للبغوي وإن كان النص يقتضي أن يبلغ بها دية العضو فإن تبع مقدرا كالكف فإنه يتبع الأصابع فالشرط أن لا يبلغ ذلك دية المقدر وإن بلغ بحكومة الكف دية أصبع جاز لأن منفعتها دفعا واحتواشا تزيد على منفعة أصبع كما أن حكومة اليد الشلاء لا تبلغ دية اليد ويجوز أن تبلغ دية أصبع وأن تزيد عليها وإنما لم يجعل الساعد كالكف حتى لا يبلغ بحكومة جرحه دية الأصابع لأن الكف هي التي يتبع الأصابع دون الساعد ولهذا لو قطع من الكوع لزمه ما يلزمه في لقط الأصابع ولو قطع من المرفق لزمه مع الدية حكومة الساعد " ويقوم " لمعرفة الحكومة المجني عليه بفرض رقه لكن " بعد اندماله " لا قبله لأن الجراحة قد تسري إلى النفس أو إلى ما يكون واجبه مقدرا فيكون ذلك هو الواجب لا الحكومة " فإن لم يبق " بعد اندماله " نقص " في المنفعة ولا الجمال ولا تأثرت به القيمة " اعتبر " فيه " أقرب نقص " من حالات نقص فيه " إلى الاندمال " وهكذا لئلا تحيط الجناية على المعصوم فإن لم يظهر النقص إلا حال سيلان الدم اعتبرنا القيمة حينئذ واعتبرنا الجراحة دامية .
تنبيه : .
مقتضى اعتباره أقرب نقص إلى الاندمال أنه لو لم يكن هناك نقص كالسن الزائد ولحية المرأة لم يجب شيء وليس مرادا كما علم فأمر فإن كانت الجراحة خفيفة لا تؤثر في حال سيلان الدم عزر فقط إلحاقا لها كما في الوسيط باللطمة والضربة التي لم يبق لها أثر للضرورة لانسداد باب التقويم الذي هو عمدة الحكومة وفي التتمة الحاكم يوجب شيئا باجتهاده ورجحه البلقيني .
وقيل يقدره .
أي يقدر النقص المذكور " قاض باجتهاده " لئلا تخلو الجناية عن غرم " وقيل لا غرم " حينئذ بل الواجب التعزير كالضربة والصفعة التي لم يبق لها أثر واختاره ابن سريج وقال الإمام أنه القياس " والجرح المقدر " أرشه " كموضحة " ومأمومة " يتبعه الشين " الكائن " حواليه " ولا يفرد بحكومة لأنه لو استوعب بالإيضاح جميع موضع الشين لم يكن فيه إلا أرش موضحة .
تنبيه : .
هذا إذا كان الشين في محل الإيضاح فإن تعدى شين موضحة الرأس عن محله إلى القفا أو الوجه لم يتبعه في أحد وجهين يظهر ترجيحه وصححه البارزي لتعديه محل الإيضاح وكلام أصل الروضة يشير إليه .
ويستثنى من الاستتباع ما لو أوضح جيبنه فأزال حاجبه فعليه الأكثر من أرش موضحة وحكومة الشين وإزالة الحاجب حكياه عن المتولي وأقراه ولو جرحه على بدنه جراحة وبقربها جائفة قدرت بها ولزمه الأكثر من أرش القسط والحكومة كما لو كان بقربها موضحة " وما " أي والجرح الذي " لا يتقدر " أرشه كدامية " يفرد " الشين حواليه " بحكومة " عن حكومة الجرح " في الأصح " لضعف الحكومة عن الاستتباع بخلاف المقدر وما ألحق به .
والثاني تتبع الجرح كما في الأرش المقدر .
تنبيه : .
أورد على المصنف المتلاحمة فإنها ليست مقدرة وهي كالموضحة في استباع الشين إذا قدرنا أرشها بالنسبة إلى الموضحة على الأصح في أصل الروضة هنا فروع لو ضربه أو لطمه ولم يظهر بذلك شين فعليه التعزير فإن ظهر شين كأن اسود محل ذلك أو اخضر ( 4 / 79 ) وبقي الأثر بعد الاندمال وجبت الحكومة والعظم المكسور في غير الرأس والوجه إذا انجبر ولم يبق فيه أثر اعتبر أقرب نقص إلى الاندمال كما مر وإن بقي أثر وهو الغالب وجبت الحكومة ولو انجبر معوجا فكسره الجاني ليستقيم وليس له كسره لذلك حكومة أخرى لأنه جناية جديدة .
وفي إفساد منبت الشعور حكومة إذا كان فيه جمال كشعر اللحية وشعر الرأس .
أما ما الجمال في إزالته كشعر الإبط فلا حكومة فيه في الأصح وإن كان التعزير واجبا للتعدي كما قاله الماوردي وإن كان ظاهر كلام ابن المقري فيه وجوب الحكومة أيضا .
أما إذا لم يفسد منبتها فإنه لا حكومة فيها لأنها تعود غالبا .
وضابط ما يوجب الحكومة وما لا يوجبها إن بقي أثر الجناية من ضعف أو شين أوجب الحكومة وكذا إن لم يبق على الأصح بأن يعتبر أقرب نقص إلى الاندمال كما مر .
وإن كانت الجناية بغير جرح ولا كسر كإزالة الشعور واللطمة فلا حكومة فيه وفيه التعزير كما علم مما مر .
ثم عقب المصنف الحكومة ببيان حكم الجناية على الرقيق لاشتراكهما في أمر تقديري وإن كان استوفى الكلام على ضمان الرقيق وغيره من الحيوان في كتاب الغصب بأبسط مما هنا إلا أنه أعاد الكلام فيه هنا ليبين أن الجناية عليه تارة تكون بإثبات اليد عليه كما سبق في الغصب وتارة بغير ذلك كما هنا فقال " و " تجب " في " الجناية على " نفس الرقيق " المعصوم ذكرا كان أو أنثى ولو مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد " قيمته " بالغة ما بلغت سواء أكانت الجناية عمدا أم خطأ وإن زادت على دية الحر كسائر الأموال المتلفة ولا يدخل في قيمته التغليظ .
أما المرتد فلا ضمان في إتلافه .
قال في البيان وليس لناشىء يصح بيعه ولا يجب في إتلافه شيء سواه " و " يجب " في " إتلاف " غيرها " أي نفس الرقيق من أطرافه ولطائفة " ما نقص من قيمته " سليما " إن لم يتقدر " ذلك الغير " في الحر " ولم تبع مقدرا ولا يبلغ بالحكومة قيمة جملة الرقيق المجني عليه أو قيمة عضوه على ما سبق في الحر .
وإلا .
بأن قدرت في الحر كموضحة وقطع عضو " فنسبته " أي فيجب مثل نسبته من الدية " من قيمته " أي الرقيق لأنا نشبه الحر بالرقيق في الحكومة ليعرف قدر التفاوت ليرجع به ففي المشبه به أولى ولأنه أشبه الحر في أكثر الأحكام بدليل التكليف فألحقناه في التقادير ففي قطع يده نصف قيمته وفي يديه قيمته وفي أصبعه عشرها وفي موضحته نصف عشرها وعلى هذا القياس .
تنبيه : .
قوله وإلا فنسبته من قيمته محله في جناية واحدة أو جنايتين بعد اندمال الأولى فإن لم تندمل الأولى كما لو قطع يد عبد قيمته ألف درهم فصار يساوي ثمان مائة درهم فأنا نغرمه على الأظهر خمسمائة درهم لأنها نصف القيمة فإذا قطع آخر يده الأخرى قبل الاندمال ولم يمت منهما لا نغرمه أربعمائة بل نصف ما أوجبناه على الأول وهو مائتان وخمسون لأن الجناية الأولى لم تستقر حتى يضبط النقصان وقد أوجبنا بها نصف القيمة فكأنه أنقص نصفها لأنه قبل الاندمال لا يقوم فيؤخذ منه نصف ما بقي وتظهر فائدة ذلك فيما لو جنى عليه بحز رقبته " وفي قول " نسبة المصنف في الغصب القديم يجب " ما نقص " من قيمته لأنه مملوك كالبهيمة .
ثم فرع على القولين معا قوله " ولو قطع ذكره وأنثياه " ونحوهما مما يجب للحر فيه ديتان " ففي الأظهر " يجب بقطعهما " قيمتان " كما يجب فيهما من الحر ديتان " و " في " الثاني " يجب " ما نقص " من قيمته كالبهيمة " فإن لم ينقص " عنها أو زاد عليها لرغبة فيه بكونه خصيا " فلا شيء " يجب بقطعهما على هذا القول لعدم النقص وقد اختلف فيه أهو قديم أم مخرج وعلى هذا فالأولى التعبير بالمذهب أو النص أو الجديد .
خاتمة قال الماوردي من نصفه حر يجب في طرفه نصف دية طوف الحر ونصف ما في طرف العبد ففي يده ربع الدية وربع القيمة وفي أصبعه نصف عشر الدية ونصف عشر القيمة وعلى هذا القياس فيما زاد من الحرية أو نقص