هو بضم الواو : اسم للفعل وهو استعمال الماء في أعضاء مخصوصة وهو المراد هنا . وبفتحها : اسم للماء الذي يتوضأ به . وقيل : بفتحها فيهما وقيل : بضمها كذلك وهو أضعفها وهو اسم مصدر إذ قياس المصدر التوضؤ بوزن التكلم ( 1 / 47 ) والتعلم وقد استعمل استعمال المصادر وهو مأخوذ من الوضاءة وهي الحسن والنظافة والضياء من ظلمة الذنوب .
وأما في الشرع : فهو أفعال مخصوصة مفتتحة بالنية . قال الإمام : وهو تعبدي لا يعقل معناه لأن فيه مسحا ولا تنظيف فيه وكان وجوبه مع وجوب الخمس كما رواه ابن ماجه . واختلفوا في خصوصيته بهذه الأمة وفي موجبه أوجه : أحدها : الحدث وجوبا موسعا . ثانيها : القيام إلى الصلاة ونحوها . ثالثها : هما وهو الأصح في " التحقيق " و " شرح مسلم " وكلام الرافعي في باب الغسل يقتضي ترجيحه كما مرت الإشارة إليه .
وله شروط وفروض وسنن .
فشروطه وكذا الغسل : ماء مطلق ومعرفة أنه مطلق ولو ظنا وعدم الحائل وجري الماء على العضو وعدم المنافي من نحو حيض ونفاس في غير أغسال الحج ونحوها ومس ذكر وعدم الصارف ويعبر عنه بدوام النية وإسلام وتمييز ومعرفة كيفية الوضوء كنظيره الآتي في الصلاة وإزالة خبث على رأي يأتي وأن يغسل مع المغسول جزءا يتصل بالمغسول ويحيط به ليتحقق به استيعاب المغسول وتحقق المقتضي للوضوء فلو شك هل أحدث أو لا فتوضأ ثم بان أنه كان محدثا لم يصح وضوؤه على الأصح وأن يغسل مع المغسول ما هو مشتبه به فلو خلق له وجهان أو يدان أو رجلان واشتبه الأصلي بالزائد وجب غسل الجميع ويزيد وضوء الضرورة باشتراط دخول الوقت ولو ظنا وتقدم الاستنجاء والتحفظ حيث احتيج إليه والموالاة بينهما وبينهما وبين الوضوء وكذا في أفعال الوضوء كما صرح به ابن المقري .
وأما فروضه فذكرها بقوله : " .
فرضه " : هو مفرد مضاف فيعم كل فرض منه أي فروضه كما في المحرر " ستة " وزاد بعضهم سابعا : وهو الماء الطهور . قال في " شرح المهذب " : والصواب أنه شرط كما مر .
واستشكل بعد التراب ركنا في التيمم وأجيب بأن التيمم طهارة ضرورة بل قال بعضهم : إنه لا يحسن عد التراب ركنا لأن الآلة جسم والفعل عرض فكيف يكون الجسم جزءا من العرض ؟ والفرض والواجب بمعنى واحد والمراد هنا الركن لا المحدود في كتب أصول الفقه . " .
أحدها : نية رفع حدث " عليه أي رفع حكمه لأن الواقع لا يرتفع وذلك كحرمة الصلاة ولو لماسح الخف لأن القصد من الوضوء رفع المانع فإذا نواه فقد تعرض للمقصود .
وإنما نكر الحدث ولم يقل الحدث ليشمل ما لو نوى من عليه أحداث رفع بعضها فإن الأصح إنه يكفي وإن نفى بعضها لأن الحدث لا يتجزأ فإذا ارتفع بعضه ارتفع كله . وعورض بمثله ورجع الأول بأن الأسباب لا ترتفع وإنما يرتفع حكمها وهو واحد تعددت أسبابه ولا يجب التعرض لها فيلغو ذكرها .
وخرج بقولنا " عليه " ما لو نوى غيره كأن بال ولم ينم فنوى رفع حدث النوم فإن كان عامدا لم يصح أو غالطا صح وضابط ما يضر الغلط فيه وما لا يضر كما ذكره القاضي وغيره : .
أن ما يعتبر التعرض له جملة وتفصيلا أو جملة لا تفصيلا يضر الغلط فيه فالأول : كالغلط من الصوم إلى الصلاة وعكسه والثاني : كالغلط في تعيين الإمام .
وما لا يجب التعرض له لا جملة ولا تفصيلا لا يضر الخطأ فيه كالخطأ هنا وفي تعيين المأموم حيث لم يجب التعرض للإمامة أما إذا وجب التعرض لها كإمام الجمعة فإنه يضر .
والأصل في وجوب النية قوله A كما في الصحيحين : ( إنما الأعمال بالنيات ) أي الأعمال المعتد بها شرعا ولأن الوضوء عبادة محضة طريقها الأفعال فلم يصح من غير نية كالصلاة فاحترز ب " العبادة " عن الأكل والشرب والنوم ونحو ذلك وب " المحضة " عن العدة وب " طريقة الأفعال " قال صاحب البيان : عن الأذان والخطبة وقيل : عن إزالة النجاسة وستر العورة فإن طريقها التروك .
وحقيقتها لغة : القصد .
وشرعا : قصد الشيء مقترنا بفعله .
وحكمها : الوجوب كما علم مما مر .
ومحلها : القلب .
والمقصود بها : تمييز العبادة عن العادة كالجلوس للاعتكاف تارة وللاستراحة أخرى . أو تمييز رتبتها كالصلاة تكون للفرض تارة وللنفل أخرى .
وشرطها : إسلام الناوي وتمييزه وعلمه بالمنوي وعدم إتيانه بما ينافيها بأن يستصحبها حكما وأن لا تكون معلقة فلو قال إن شاء الله تعالى فإن قصد التعليق أو أطلق لم تصح وإن قصد التبرك صحت .
ووقتها : أول الفروض كأول غسل جزء من الوجه هنا كما سيأتي وإنما لم يوجبوا المقارنة في الصوم لعسر مراقبة الفجر وتطبيق النية عليه .
وكيفيتها : تختلف بحسب الأبواب فيكفي هنا نية رفع حدث كما مر " أو " نية " استباحة " شيء " مفتقر " صحته " إلى طهر " أي وضوء كالصلاة والطواف ومس المصحف لأن رفع الحدث إنما يطلب لهذه ( 1 / 48 ) الأشياء فإذا نواها فقد نوى غاية القصد .
وشمل إطلاقه ما لو نوى استباحة صلاة معينة كالظهر فإنه يصح لها ولغيرها وإن نفاه على الأصح كأن نوى استباحة الظهر ونفى غيرها لأن الحدث لا يتجزأ كما مر والتعرض لما عينه غير واجب فيلغو ذكره .
ونقل الزركشي عن فتاوى البغوي : أنه لو نوى رفع حدثه في حق صلاة واحدة لا في حق غيرها لم يصح وضوؤه قولا واحدا لأن ارتفاع حدثه لايتجزأ فإذا بقي بعضه بقي كله ا . ه . ورد هذا شيخنا بما تقدم .
وفرق ابن شهبة : بأن في مسألة البغوي نفي بعض حدثه الذي رفعه فيما رد به الباقي غير الحدث المرفوع وهو لا يضر فإنه لا أثر له إذا رفع غيره وهذا الفرق ظاهر . وقال شيخي : المعتمد كلام البغوي لأن النافي فيه كالمتلاعب لأن الحدث إذا ارتفع كان له أن يصلي به هذه وغيرها فصار كمن قال أصلي به ولا أصلي به ا . ه . وعلى الأول : دائم الحدث لا يستبيح المنفي بدل المعين وما لو يمكنه فعله كأن نوى صلاة العيد بوضوء في رجب وقيل : لا يصح لتلاعبه فإن قيل : لو عبر ب " وضوء " بدل طهر لكان أولى لأن القراءة والمكث في المسجد مفتقران إلى طهر وهو الغسل مع أنه لا يصح الوضوء بنيتهما . أجيب : بأن مراده ما قدرته تبعا للشارح وبأن ذلك خرج بقوله " استباحة " لأن نية استباحتهما تحصيل للحاصل وبأن ذلك علم من قوله بعد : " أو ما يندب له وضوء " .
وشرط نية استباحة الصلاة : قصد فعلها بتلك الطهارة فلو لم يقصد فعل الصلاة أي أو نحوها بوضوئه قال في " المجموع " : فهو متلاعب لا يصار إليه . " .
أو أداء فرض الوضوء " أو فرض الوضوء وإن كان المتوضئ صبيا أو أداء الوضوء أو الوضوء فقط لتعرضه للمقصود فلا يشترط التعرض للفرضية كما لا يشترط في الحج والعمرة وصوم رمضان . قال الرافعي : والأولى اعتبار كون النية في الوضوء للتمييز لا للقربة وإلا لما اكتفى بنية أداء الوضوء لأن الصحيح اعتبار نية الفرضية في العبادات . قال : وإنما صح الوضوء بنية فرضه قبل الوقت مع أنه لا وضوء عليه بناء على قول الشيخ أبي حامد : أن موجبه الحدث أو يقال : ليس المراد هنا لزوم الإتيان به وإلا لامتنع وضوء الصبي بهذه النية بل المراد فعل طهارة الحدث المشروط للصلاة وشرط الشيء يسمى فرضا ا . ه .
وما تقرر من الاكتفاء بالأمور السابقة محله في الوضوء غير المجدد أما المجدد : فالقياس عدم الاكتفاء فيه بنية الرفع أو الاستباحة . قال الإسنوي : وقد يقال يكتفى بها كالصلاة المعادة غير أن ذلك مشكل خارج عن القواعد فلا يقاس عليه . قال ابن العماد : وتخريجه على الصلاة المعادة ليس ببعيد لأن قضية التجديد أن يعيد الشيء بصفته الأولى ا . ه . والأول : أولى كما اعتمده شيخي لأن الصلاة اختلف فيها هل فرضه الأولى أو الثانية ؟ ولم يقل أحد في الوضوء بذلك . وعلم مما مر : أنه لا يشترط التعرض للأداء والفرضية وإن كان ظاهر كلامه خلافه وإنما اكتفى بنية الوضوء فقط دون نية الغسل لأن الوضوء لا يكون إلا عبادة فلا يطلق على غيرها بخلاف الغسل فإنه يطلق على غسل الجنابة وغسل النجاسة وغيرهما . ولا تنحصر كيفية النية فيما تقدم فإنه لو نوى الطهارة عن الحدث صح جزما فإن لم يقل عن الحدث لم يصح على الصحيح كما في زوائد الروضة وعلله في " المجموع " بأن الطهارة قد تكون عن حدث وقد تكون عن خبث فاعتبر التمييز . وقيل : تصح وهو ظاهر كلام الرافعي وقواه في " المجموع " : بأن نية الطهارة لأعضاء الوضوء على الوجه الخاص لا تكون عن خبث قال : وهذا ظاهر نص البويطي لكن حمله الأصحاب على إرادة نية الحدث وكذا لو نوى فرض الطهارة لم يكف لما ذكر .
ولو نوى أداء فرض الطهارة صح كما صرح به جمع : منهم سليم في التقريب وكذا لو نوى الطهارة للصلاة أو غيرها مما يتوقف على الوضوء كما ذكره في " التنبيه " و " المهذب " ووافقه عليه المصنف في شرحه وفيه بحث إذ يقال : إن هذا كإطلاق الطهارة لترددها بين الأكبر والأصغر وإزالة النجاسة فلا يصح ذلك إلا على القول الثاني . ويجاب : بأن الطهارة لما أضيفت إلى الصلاة شملت رفع الحدث والخبث فهي متضمنة لرفع الحدث فصحت بخلاف فرض الطهارة أو الطهارة : فإنها تصدق بإزالة النجاسة فقط فلم تكف دون الأول . " .
ومن دام حدثه كمستحاضة " ومن به سلس بول أو ريح " كفاه نية الاستباحة " المتقدمة " دون " نية " الرفع " المار لبقاء حدثه " على الصحيح فيهما " وجه الاكتفاء فيه بنية الاستباحة القياس على التيمم بجامع بقاء الحدث . وأما عدم الاكتفاء بنية الرفع فلبقاء حدثه كما تقدم فإنه لا يرتفع على الصحيح . والثاني : يصح فيهما . ( 1 / 49 ) والثالث : لا يصح فيهما بل لا بد أن يجمع بينهما . وعلى الأول : يندب له الجمع بينهما خروجا من خلاف من أوجبه لتكون نية الرفع للحدث السابق ونية الاستباحة أو نحوها للاحق وبهذا يندفع ما قيل : إنه قد جمع في نيته بين مبطل وغيره .
فإن قيل : نية الاستباحة وحدها تفيد الرفع كنية رفع الحدث فالغرض يحصل بها وحدها . : أجيب بأن الغرض الخروج من الخلاف وهو إنما يحصل بما يؤدي المعنى مطابقة لا التزاما وذلك إنما يحصل بجمع النيتين . ويكفيه أيضا نية الوضوء ونحوها مما تقدم كما اعتمده الإسنوي و النسائي وصرح به في الحاوي الصغير وقال الكمال ابن أبي شريف : إنه الحقيق بالاعتماد وإن خالف في ذلك ابن المقري في إرشاده لأن الوضوء لا يستلزم رفع الحدث ويصح مع الحدث في الجملة .
تنبيه : .
حكم نية دائم الحدث فيما يستبيحه من الصلوات حكم نية المتيمم كما ذكره الرافعي هنا وأغفله من " الروضة " فإن نوى الفرض استباحه وإلا فلا على المذهب وسيأتي إن شاء الله تعالى بسط ذلك في التيمم .
لا يشترط في النية الإضافة إلى الله تعالى لكن تستحب كما في الصلاة وغيرها ولو توضأ الشاك بعد وضوئه في حدثه احتياطا فبان محدثا لم يجزئه للتردد في النية بلا ضرورة كما لو قضى فائتة الظهر مثلا شاكا في أنها عليه ثم بان أنها عليه لا يكفي .
أما إذا لم يتبين حدثه فإنه يجزئه للضرورة ولو توضأ الشاك وجوبا بأن شك بعد حدثه في وضوئه فتوضأ أجزأه وإن كان مترددا لأن الأصل بقاء الحدث بل لو نوى في هذه إن كان محدثا فعن حدثه وإلا فتجديد صح أيضا وإن تذكر نقله في " المجموع " عن البغوي وأقره . " .
ومن نوى " بوضوئه " تبردا " أو شيئا يحصل بدون قصد كتنظف ولو في أثناء وضوئه " مع نية معتبرة " أي مستحضرا عند نية التبرد أو نحوه نية الوضوء " جاز " أي أجزأه ذلك " على الصحيح " لحصول ذلك من غير نية كمصل نوى الصلاة ودفع الغريم فإنها تجزئه لأن اشتغاله عن الغريم لا يفتقر إلى نية . والثاني : يضر لما في ذلك من التشريك بين قربة وغيرها . فإن فقد النية المعتبرة كأن نوى التبرد أو نحوه وقد غفل عنها لم يصح غسل ما غسله بنية التبرد ونحوه ويلزمه إعادته دون استئناف الطهارة .
قال الزركشي : وهذا الخلاف في الصحة أما الثواب فالظاهر عدم حصوله .
وقد اختار الغزالي فيما إذا شرك في العبادة غيرها من أمر دنيوي اعتبار الباعث على العمل فإن كان القصد الدنيوي هو الأغلب لم يكن فيه أجر وإن كان القصد الديني أغلب فله بقدره وإن تساويا تساقطا .
واختار ابن عبد السلام أنه لا أجر فيه مطلقا سواء أتساوى القصدان أم اختلفا .
ويبطل بالردة التيمم ونية الوضوء والغسل . ولو نوى قطع الوضوء انقطعت النية فيعيدها للباقي وإذا بطل وضوءه في أثنائه بحدث أو غيره قال في " المجموع " عن الروياني : يحتمل أن يثاب على الماضي كما في الصلاة أو يقال : إن بطل باختياره فلا أو بغير اختياره فنعم ومن أصحابنا من قال : لا ثواب له بحال لأنه يراد لغيره بخلاف الصلاة ا . ه . والأوجه التفصيل في الوضوء والصلاة . " .
أو " نوى بوضوئه " ما يندب له وضوء كقراءة " لقرآن أو حديث وكدخول مسجد " فلا " يجوز له ذلك أي لا يجزئه " في الأصح " لأنه مباح مع الحدث فلا يتضمن قصده قصد رفع الحدث فكان كزيارة الوالدين والصديق وعيادة المريض وكل ذلك لا يصح الوضوء بنيته . والثاني : يصح لأن مقصوده تحصيل المستحب وهو لا يحصل بدون رفع الحدث فكانت نيته متضمنة له . أما ما لا يندب له الوضوء كدخول السوق ولبس الثياب فلا يصح الوضوء بنيته جزما .
فروع : .
الأول : لو نوى أن يصلي بوضوئه ولا يصلي به لم يصح وضوؤه لتلاعبه وتناقضه وكذا لو نوى به الصلاة بمكان نجس .
الثاني : لو انغرس بعض أعضاء من نوى الطهر بسقطة في ماء أو غسلها فضولي ونيته فيهما عازبة لم يجزه لانتفاء فعله مع النية .
فقولهم لا يشترط فعله محله إذا كان متذكرا للنية بخلاف ما لو ألقاه غيره في نهر مكرها فنوى فيه رفع الحدث صح وضوؤه كما صرح به في " الروضة " .
الثالث : لو نسي لمعة في وضوئه أو غسله فانغسلت في الغسلة الثانية أو الثالثة بنية التنفل أو في إعادة وضوء أو غسل لنسيان له أجزأه أما في الأولى فلأن قضية نيته الأولى كمال غسلها قبل غيرها وتوهمه الغسل عن غير ما لا يمنع الوقوع عنها كما لو جلس للتشهد الأخير ظانا أنه الأول فإنه يكفي وإن توهمه الأول وأما في الثانية فلأنه أتى بذلك بنية الوجوب بخلاف ما لو انغسلت في تجديد وضوء فإنه لا يجزئه لأنه طهر مستقل بنية لم تتوجه لرفع الحدث أصلا وبخلاف ما لو توضأ احتياطا فانغسلت فيه فإنه لا يجزئه أيضا لما مر في تعليله . " .
ويجب قرنها " : بسكون الراء ( 1 / 50 ) مصدر قرن بفتحها " بأول " غسل " الوجه " لتقترن بأول الفرض كالصلاة وغيرها من العبادات ما عدا الصوم لما مر فلا يكفي اقترانها بما بعد الوجه قطعا لخلو أول المغسول وجوبا عنها . وأما اقترانها بما قبله من السنن ما عدا الاستنجاء ففيه خلاف ذكره بقوله : " وقيل يكفي " قرنها " بسنة قبله " لأنها من جملة الوضوء والأصح المنع إذ المقصود من العبادة أركانها والسنن توابع أما الاستنجاء فلا يكفي اقترانها به جزما .
ومحل الخلاف إذا عزبت قبل غسل الوجه فإن بقيت إلى غسله كفى بل هو أفضل ليثاب على السنن السابقة لأنها إذا خلت عن النية لم يحصل له ثوابها . فإن قيل : من نوى صوم التنفل في أثناء اليوم فإن النية تنعطف على الماضي ويحصل له ثواب جميع اليوم فلم لا كان هذا كذلك ؟ أجيب : بأنه لا ارتباط لصحة الوضوء بالسنن المذكورة فإنه يصح بدونها بخلاف بقية النهار وأيضا الصوم خصلة واحدة فإذا صح بعضها صح كلها والوضوء أفعال متفاصلة فالانعطاف فيها أبعد .
ولو اقترنت النية بالمضمضة أو الاستنشاق وانغسل معه جزء من الوجه أجزأ وإن عزبت النية بعده سواء أغسله بنية الوجه وهو ظاهر أم لا لوجوب غسل جزء من الوجه مقرونا بالنية لكن يجب إعادة غسل الجزء مع الوجه على الأصح في " الروضة " لوجود الصارف . ولا تجزىء المضمضة ولا الاستنشاق في الشق الأول لعدم تقدمها على غسل الوجه - قاله القاضي مجلي - فالنية لم تقترن بمضمضة ولا استنشاق حقيقة .
ولو وجدت النية في أثناء غسل الوجه دون أوله كفت ووجب إعادة المغسول منه قبلها فوجب قرنها بالأول ليعتد به ويفهم منه أنه لا يجب استصحاب النية إلى آخر الوضوء لكن محله في الاستصحاب الذكري وأما الحكمي وهو أنه لا ينوي قطعها ولا يأتي بمنافيها كالردة فواجب كما علم مما مر . " .
وله تفريقها " أي النية " على أعضائه " أي الوضوء بأن ينوي عند كل عضو رفع الحدث عنه - كما ذكره الرافعي - لأنه يجوز تفريق أفعاله كما سيأتي فكذلك تفريق النية على أفعاله .
وجعل في مشكل الوسيط من صور التفريق أن ينوي رفع الحدث مطلقا عند كل عضو وتوقف في ذلك ابن الصلاح لأن النية الثانية تتضمن قطع الأولى أي كما في نية الصلاة قال ابن شهبة : وقد يقال هي مؤكدة ونية الوضوء ليست كنية الصلاة حتى تقطع الثانية الأولى ا . ه وهذا حسن لكنه ليس من التفريق لأن النية الأولى حصل بها المقصود لجميع الأعضاء .
وهل يقطع النية نوم ممكن ؟ وجهان : أوجههما لا . والحدث الأصغر لا يحل كل البدن بل أعضاء الوضوء خاصة - كما صححه في " التحقيق " و " المجموع " - وإنما لم يجز مس المصحف بغيرها لأن شرط الماس أن يكون متطهرا ويرتفع حدث كل عضو بمجرد غسله كما مرت الإشارة إليه