هذا إن أمنوا فوات وقت اختيار العشاء كما قاله القاضي أبو الطيب و ابن الصباغ وغيرهما وإلا جمعوا في الطريق قال في المجموع ولعل إطلاق الأكثرين محمول عليه . " .
وواجب الوقوف " بعرفة " حضوره " أي المحرم أدنى لحظة بعد زوال يوم عرفة " بجزء من أرض عرفات " لقوله A وقفت ههنا وعرفة كلها موقف رواه مسلم .
وحد عرفة ما جاوز وادي عرنة إلى الجبال المقابلة مما يلي بساتين ابن عامر وليس منها وادي عرنة ولا نمرة كما علم مما مر .
وأما الدليل على وجوب الوقوف فخبر الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة كما في المجموع .
وليلة جمع هي ليلة مزدلفة كما مر ولا يشترط المكث بها كما قال . " .
وإن كان مارا في طلب آبق ونحوه " كدابة شاردة ولا أن لا يصرفه إلى جهة أخرى ولا أن يكون عالما بالبقعة أو اليوم ولكن " يشترط كونه " محرما " أهلا للعبادة " إذا أحرم بنفسه " لا مغمى عليه " جميع وقت الوقوف فلا يجزىء وقوفه لعدم أهليته للعبادة ولهذا لا يجزئه الصوم إذا أغمي عليه جميع النهار فإن أفاق لحظة كفى كما في الصوم .
والسكران كالمغمى عليه ولو غير متعد بسكره والمجنون أولى من المغمى عليه بعدم الإجزاء والمراد بعدم الإجزاء لهم أنه لا يقع فرضا ولكن يصح حجهم نفلا كما صرح به الشيخان في المجنون وفي حج الصبي غير المميز ولا ينافيه قول الشافعي في المغمى عليه فاته الحج لصحة حمله على فوات الحج الواجب .
أما من أحرم به وليه فلا يشترط فيه ما ذكر .
وغير المحرم لا يكتفي بوقوفه فلا بد من ذكر ما زدته . " .
ولا بأس بالنوم " ولو مستغرقا جميع الوقت كما في الصوم . " .
ووقت الوقوف من " حين " الزوال " للشمس " يوم عرفة " لأنه A وقف كذلك وقال خذوا عني مناسككم وتابعه أهل الأمصار على ذلك إلى يومنا هذا .
وفي وجه أنه يشترط كونه بعد مضي إمكان صلاة الظهر والعصر جمعا وإمكان خطبتين كما قالوا بمثله في دخول وقت الأضحية ولأنه A لم يقف إلا بعد الصلاة وقال خذوا عني مناسككم .
ورد هذا بنقل ابن المنذر وابن عبد البر وغيرهما الإجماع على اعتبار الزوال لا غير وإنما قدم A الصلاة على الوقوف مراعاة لفضيلة أول الوقت لئلا يشتغل عنها بالوقوف . " .
والصحيح بقاؤه إلى الفجر يوم النحر " لما روى أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة الحج عرفة من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج وفي رواية من جاء عرفة ليلة جمع أي ليلة مزدلفة قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج وقال A حين خرج للصلاة بمزدلفة من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه والتفث ما يفعله المحرم عند تحلله من إزالة شعث ووسخ وحلق شعر وقلم ظفر . " .
ولو وقف نهارا " بعد الزوال " ثم فارق عرفة قبل الغروب ولم يعد " إليها أجزأه ذلك " أراق دما استحبابا " خروجا من خلاف من أوجبه . " .
وفي قول يجب " لتركه نسكا فعله النبي A وهو الجمع بين الليل والنهار والأصل في ترك النسك إيجاب الدم إلا ما خرج بدليل . " .
وإن عاد " لعرفة " فكان بها عند الغروب فلا دم " عليه جزما لأنه جمع بين الليل والنهار . " .
وكذا إن عاد " إليها " ليلا " فلا دم عليه " في الأصح " لما مر وصحح في المجموع القطع به .
والثاني يجب الدم لأن النسك الوارد الجمع بين آخر النهار وأول الليل وقد فوته . " .
ولو وقفوا اليوم العاشر غلطا " لظن أنه التاسع كأن غم عليهم هلال ذي الحجة فأكملوا عدة ذي القعدة ثلاثين ثم تبين أن الهلال أهل ليلة الثلاثين ولو كان وقوفهم بعد تبين أنه العاشر كما إذا ثبت أنه العاشر ليلا ولم يتمكنوا من الوقوف " أجزأهم " الوقوف للإجماع ( 1 / 499 ) لخبر أبي داود مرسلا يوم عرفة الذي يعرف الناس فيه ولأنهم لو كلفوا بالقضاء لم يأمنوا وقوع مثله فيه ولأن فيه مشقة عامة . " .
إلا أن يقلوا على خلاف العادة فيقضون في الأصح " لعدم المشقة العامة والثاني لا قضاء لأنهم لا يأمنون مثله في القضاء .
وليس من الغلط المراد لهم ما إذا وقع ذلك بسبب الحساب كما ذكره الرافعي .
قال الدارمي وإذا وقفوا العاشر غلطا حسب أيام التشريق على الحقيقة لا على حساب وقوفهم فلا يقيمون بمنى إلا ثلاثة أيام خاصة .
تنبيه .
لا فرق في ذلك بين أن يتبين لهم الحال بعد العاشر أو فيه في أثناء الوقوف فأما إذا تبين لهم فيه قبل الزوال فوقفوا عالمين فقال البغوي فينبغي أن يجعل قوله غلطا مفعولا لأجله ليشمل المسائل الثلاث وأما إذا جعل مصدرا في موضع الحال بمعنى غالطين فلا تدخل فيه المسألة الثالثة لأن وقوفهم فيها لم يقارنه غلط .
ومقتضى كلام المصنف أنهم لو وقفوا ليلة الحادي عشر لا يجزىء وهو كذلك كما صححه القاضي حسين وإن بحث السبكي الإجزاء كالعاشر لأنه من تتمته .
ومن رأى الهلال وحده أو مع غيره وردت شهادته لا معهم ووقف قبلهم أجزأه إذ العبرة في دخول وقت عرفة وخروجه باعتقاده وهذا كمن شهد برؤية هلال رمضان فردت شهادته يلزمه الصوم . " .
وإن وقفوا في " اليوم " الثامن " غلطا بأن شهد شاهدان برؤية هلال ذي الحجة ليلة الثلاثين من ذي القعدة ثم بانا كافرين أو فاسقين " وعلموا قبل " فوت " الوقوف وجب الوقوف في الوقت " تداركا له " وإن علموا بعده " أي بعد فوات وقت الوقوف " وجب القضاء " لهذه الحجة في عام آخر " في الأصح " لندرة الغلط في التقدم ولأن تأخير العبادة عن وقتها أقرب إلى الاحتساب من تقديمها عليه ولأن الغلط بالتقديم يمكن الاحتراز عنه فإنه إنما يقع للغلط في الحساب وللخلل في الشهود الذين شهدوا بتقديم الهلال .
والغلط بالتأخير قد يكون بالغيم المانع من الرؤية ومثل ذلك لا يمكن الاحتراز عنه .
والثاني لا يجب عليهم القضاء قياسا على ما إذا غلطوا بالتأخير .
قال في البيان وعليه الأكثرون وفرق الأول بما مر .
ولو غلطوا بيومين فأكثر أو في المكان لم يصح جزما لندرة ذلك . "