وما يذكر معه . " .
يستحب للإمام " الأعظم إن خرج مع الحجيج " أو منصوبه " المؤمر عليهم إن لم يخرج الإمام " أن يخطب بمكة في سابع ذي الحجة " بكسر الحاء أفصح من فتحها المسمى بيوم الزينة لتزيينهم فيه هوادجهم .
وإنما يخطب " بعد صلاة الظهر " أو الجمعة إن كان يومها " خطبة فردة " ولا يكفي عنها خطبة الجمعة لأن السنة فيها التأخير عن الصلاة ولأن القصد بها التعليم لا الوعظ والتخويف فلم تشارك خطبة الجمعة بخلاف خطبة الكسوف . " .
يأمرهم فيها بالغدو " اليوم الثامن المسمى يوم التروية لأنهم يتروون فيه الماء . " .
إلى منى " بكسر الميم تصرف ولا تصرف وتذكر وهو الأغلب وقد تؤنث وتخفيف نونها أشهر من تشديدها .
سميت بذلك لكثرة ما يمنى أي يراق فيها من الدماء .
ويفتتح الخطبة بالتلبية إن كان محرما وإلا فبالتكبير كما نقله في المجموع عن الماوردي وأقره . " .
ويعلمهم " فيها " ما أمامهم من المناسك " قال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان رسول الله A إذا كان قبل يوم التروية بيوم خطب الناس وأخبرهم بمناسكهم رواه البيهقي بإسناد جيد كما في المجموع .
فإن كان الخطيب فقيها قال هل من سائل وتقدم في صلاة العيدين أن خطب الحج أربع هذه وخطبة يوم عرفة ويوم النحر ويوم النفر الأول وكلها فرادى وبعد صلاة الظهر إلا يوم عرفة فثنتان وقبل صلاة الظهر .
وقضية كلام المصنف أنه يخبرهم في كل خطبة بما بين أيديهم من المناسك وهو ما اقتضاه الخبر السابق ونص عليه الشافعي في الإملاء .
ومقتضى كلام أصل الروضة أنه يخبرهم في كل خطبة بما بين أيديهم من المناسك إلى الخطبة الأخرى .
ولا منافاة إذ الإطلاق بيان للأكمل والتقييد بيان للأقل .
ويأمر فيها أيضا المتمتعين قال في المجموع والمكيين بطواف الوداع قبل خروجهم وبعد إحرامهم كما اقتضاه نقل المجموع له عن البويطي والأصحاب بخلاف المفرد والقارن الآفاقيين لا يؤمران بطواف وداع لأنهما لم يتحللا من مناسكهما وليس مكة محل إقامتهما . " .
ويخرج " ندبا " بهم من الغد " بعد صلاة الصبح إن لم يكن يوم جمعة " إلى منى " فيصلون بها الظهر وباقي الخمس للاتباع رواه مسلم .
فإن كان يوم جمعة خرج بهم قبل ( 1 / 496 ) الفجر لأن السفر يومها بعد الفجر وقبل الزوال حرام فمحله فيمن تلزمه الجمعة ولم يمكنه إقامتها بمنى فإن حدث فيها قرية واستوطنها أربعون كاملون صلوا فيها الجمعة لتمكنهم من إقامتها وإن حرم البناء ثم ويجوز خروجهم بعد الفجر .
ولم يصل النبي A الجمعة بعرفة مع أنه قد ثبت في الصحيحين أن يوم عرفة الذي وقف فيه النبي A كان يوم جمعة . " .
ويبيتون " ندبا " بها " فليس بركن ولا واجب بإجماع .
ومن البدع القبيحة ما اعتاده بعض الناس في هذه الليلة من إيقاد الشموع وغيرها وهو مشتمل على منكرات .
قال أبو الحسن الزعفراني يسن المشي من مكة إلى المناسك كلها إلى انقضاء الحج لمن قدر عليه وأن يقصد مسجد الخيف فيصلي فيه ركعتين ويكثر التلبية قبلهما وبعدهما ويصلي مكتوبات يومه وصبح غده في مسجدها . " .
فإذا طلعت الشمس " على ثبير بفتح المثلثة جبل كبير بمزدلفة على يمين الذاهب من منى إلى عرفات . " .
قصدوا عرفات " مارين على طريق ضب وهو الجبل المطل على منى ويعودون على طريق المأزمين وهو بين الجبلين اقتداء به A في ذلك ويسن أن يقول السائر اللهم إليك توجهت وإلى وجهك الكريم أردت فاجعل ذنبي مغفورا وحجي مبرورا وارحمني ولا تخيبني إنك على كل شيء قدير وأن يعود في طريق غير الذي ذهب فيه . " .
قلت " كما قال الرافعي في الشرح " ولا يدخلونها بل يقيمون بنمرة " بفتح النون وكسر الميم ويجوز إسكانها مع فتح النون وكسرها موضع " بقرب عرفات حتى تزول الشمس والله أعلم " للإتباع رواه مسلم .
ويسن أن يغتسل بنمرة للوقوف فإذا زالت الشمس ذهبوا إلى مسجد إبراهيم A وقيل إنه أحد أمراء بني العباس وهو الذي ينسب إليه باب إبراهيم بمكة وصدره من عرنة بضم العين وآخره من عرفة وتميز بينهما صخرات كبار فرشت هناك .
قال البغوي وصدره محل الخطبة والصلاة . " .
ثم يخطب الإمام " أو منصوبه " بعد الزوال " قبل صلاة الظهر " خطبتين " خفيفتين يعلمهم في الأولى المناسك ويحثهم على إكثار الذكر والدعاء بالموقف ويجلس بعد فراغها بقدر سورة الإخلاص وحين يقوم إلى الخطبة الثانية وهي أخف من الأولى يؤذن للظهر فيفرغ الخطبة الثانية مع فراغ المؤذن من الأذان .
فإن قيل الأذان يمنع سماع الخطبة أو أكثرها فيفوت مقصودها .
أجيب بأن المقصود بالخطبة من التعليم إنما هو في الأولى وأما الثانية فهي ذكر ودعاء فشرعت مع الأذان قصدا للمبادرة بالصلاة . " .
ثم " بعد الفراغ من الخطبتين " يصلي الناس الظهر والعصر جمعا " تقديما للاتباع في ذلك رواه مسلم .
ويقصرهما أيضا والقصر والجمع هنا وفيما يأتي بالمزدلفة للسفر لا للنسك فيختصان بسفر القصر كما مر في باب الجمع بين الصلاتين خلافا لما جرى عليه المصنف في مناسكه الكبرى من أن ذلك للنسك فيأمر الإمام المكيين ومن لم يبلغ سفره مسافة القصر بالإتمام وعدم الجمع كأن يقول لهم بعد السلام يا أهل مكة ومن سفره قصير أتموا فإنا قوم سفر .
قال في المجموع نقلا عن الشافعي والأصحاب إن الحجاج إذا دخلوا مكة ونووا أن يقيموا بها أربعا لزمهم الإتمام فإذا خرجوا يوم التروية إلى منى ونووا الذهاب إلى أوطانهم عند فراغ مناسكهم كان لهم القصر من حين خرجوا لأنهم أنشأوا سفرا تقصر فيه الصلاة .
ثم بعد فراغهم من الصلاة يذهبون إلى الموقف ويعجلون السير إليه وأفضله للذكر موقفه A وهو عند الصخرات الكبار المفترشة في أسفل جبل الرحمة وهو الجبل الذي يوسط أرض عرفة ويقال له إلال بكسر الهمزة بوزن هلال وذكر الجوهري أنه بفتح الهمزة والمشهور كما في المجموع الأول فإن تعذر الوصول إليها لزحمة قرب منها بحسب الإمكان وبين موقف النبي A ومسجد إبراهيم نحو ميل .
أما الأنثى فيندب لها الجلوس في حاشية الموقف ومثلها الخنثى . " .
و " يسن أن " يقفوا " أي الإمام أو منصوبه والناس " بعرفة إلى الغروب " للاتباع رواه مسلم .
والأفضل أن يقفوا بعد الغروب حتى نزول الصفرة قليلا .
فإن قيل قول المصنف يقفوا منصوب عطفا على يخطب فيقتضي استحباب الوقوف كما قدرته في كلامه مع أنه واجب .
أجيب بأنه قيد ( 1 / 497 ) الوقوف لاستمرار إلى الغروب وهو مستحب على الصحيح . " .
و " أن " يذكروا الله تعالى ويدعوه " بإكثار " ويكثروا التهليل " لقوله A خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وزاد البيهقي اللهم اجعل في قلبي نورا وفي سمعي نورا وفي بصري نورا اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري .
ويسن الإكثار من الصلاة على النبي A ولا يتكلف السجع في الدعاء ولا بأس بالسجع إذا كان محفوظا أو قاله من غير قصد له .
ويسن قراءة القرآن قال في البحر قال أصحابنا يستحب أن يكثر من قراءة سورة الحشر في عرفة فقد روي عن علي بن أبي طالب ذلك رضي الله تعالى عنه وفي كتاب الدعوات للمستقري من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعا من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة يوم عرفة أعطي ما سأل .
ويسن رفع اليدين في الدعاء وأن يقف مستقبل القبلة متطهرا والأفضل للرجل أن يقف راكبا على الأظهر .
وأما صعود الجبل فلا فضيلة في صعوده كما في المجموع وإن قال ابن جرير و الماوردي و البندنيجي إنه موقف الأنبياء ومن أدعيته المختارة " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة " الآية اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة واكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك ونور قلبي وقبري واهدني وأعذني من الشر كله واجمع لي الخير اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى .
وليحذر من التقصير في هذا اليوم فإنه أعظم الأيام والموقف أعظم المجامع يجتمع فيه الأولياء والخواص ويكثر البكاء مع ذلك فهناك تسكب العبرات وتقال العثرات .
وينبغي أن يستغفر للمؤمنين في دعائه لقوله A اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد .
وروى ابن أبي شيبة عن مجاهد قال قال عمر رضي الله تعالى عنه يغفر الله تعالى للحاج ولمن استغفر له الحاج بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وعشرا من ربيع الأول .
وليحسن الواقف الظن بالله تعالى فقد نظر الفضيل بن عياش إلى بكاء الناس بعرفة فقال أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقا أكان يردهم فقالوا لا فقال والله للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل بدانق .
ورأى سالم مولى ابن عمر سائلا يسأل الناس في عرفة فقال يا عاجز أفي هذا اليوم يسئل غير الله تعالى وقيل إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة غفر الله تعالى لكل أهل الموقف أي بلا واسطة وغير يوم الجمعة بواسطة أي يهب مسيئهم لمحسنهم ويرفع يديه في دعائه لخبر ترفع الأيدي في سبع مواطن عند افتتاح الصلاة واستقبال البيت والصفا والمروة والموقفين والجمرتين .
ولا يجاوز بهما الرأس ولا يفرط في الجهر بالدعاء أو غيره والأفضل للواقف أن لا يستظل بل يبرز للشمس إلا لعذر . "