فرع لو ابتلع بالليل طرف خيط .
فأصبح صائما فإن ابتلع باقيه أو نزعه أفطر وإن تركه بطلت صلاته .
وطريقه في صحة صومه وصلاته أن ينزع منه وهو غافل فإن لم يكن غافلا وتمكن من دفع النازع أفطر لأن النزع موافق لغرض النفس فهو منسوب إليه عند تمكنه من الدفع وبهذا فارق من طعنه بغير إذنه وتمكن من دفعه .
قال الزركشي وقد لا يطلع عليه عارف بهذا الطريق ويريد هو الخلاص فطريقه أن يجبره الحاكم على نزعه ولا يفطر لأنه كالمكره بل لو قيل إنه لا يفطر بالنزع باختياره لم يبعد تنزيلا لإيجاب الشرع منزلة الإكراه كما إذا حلف ليطؤها في هذه الليلة فوجدها حائضا لا يحنث بترك الوطء ا . ه " .
هذا القياس ممنوع لأن الحيض لا مندوحة له إلى الخلاص منه بخلاف ما ذكر . " .
وشرط الواصل كونه من منفذ " بفتح الفاء كما ضبطه المصنف كالمدخل والمخرج . " .
مفتوح فلا يضر وصول الدهن " إلى الجوف " بتسرب المسام " وهي ثقب البدن كما قاله الجوهري وهي جمع سم بتثليث السين والفتح أفصح كما لو طلى رأسه أو بطنه به .
كما لا يضر اغتساله بالماء البارد وإن وجد له أثر بباطنه بجامع أن الواصل إليه ليس من منفذ . " .
ولا " يضر " الاكتحال وإن وجد طعمه " أي الكحل " بحلقه " لأن الواصل إليه من المسام ( 1 / 429 ) وقد روى البيهقي أنه A كان يكتحل بالإثمد وهو صائم فلا يكره الاكتحال للصائم . " .
وكونه " أي الواصل " بقصد فلو وصل جوفه ذباب أو بعوضة أو غبار الطريق أو غربلة الدقيق لم يفطر " وإن أمكنه اجتناب ذلك بإطباق الفم أو غيره لما فيه من المشقة الشديدة .
ولو فتح فاه عمدا حتى دخل التراب جوفه لم يفطر أيضا لأنه معفو عن جنسه .
قال في المجموع وشبهوه بالخلاف في العفو عن دم البراغيث المقتولة عمدا وقضيته أن محل عدم الإفطار به إذا كان قليلا ولكن ظاهر كلام الأصحاب الإطلاق وهو الظاهر وقد يفهم أنه لو خرجت مقعدة المبسور فردها قصدا أنه يفطر والأصح كما في التهذيب والكافي أنه لا يفطر لاضطراره إليه كما لا يبطل طهر المستحاضة بخروج الدم " .
فائدة : .
جمع المصنف الذباب وأفرد البعوضة مراعاة للفظ القرآن قال تعالى " لن يخلقوا ذبابا " وقال تعالى " بعوضة فما فوقها " .
فائدة : .
أخرى الغربلة إدارة الحب في الغربال لينتفي خبيثه ويبقى طيبه وفي كلام العرب من غربل الناس نخلوه أي من فتش عن أمورهم وأصولهم جعلوه نخالة .
وفي الحديث كيف بكم وبزمان تغربل الناس فيه غربلة أي يذهب خيارهم ويبقى أراذلهم . " .
ولا يفطر ببلع ريقه من معدته " بالإجماع لعسر التحرز عنه ومعدنه هو الذي فيه قراره ومنه ينبع وهو الحنك الأسفل تحت اللسان . " .
فلو خرج عن الفم " ولو إلى ظاهر الشفة " ثم رده " إليه بلسانه أو غيره " وابتلعه أو بل خيطا بريقه ورده إلى فمه " كما يعتاد عند الفتل " وعليه رطوبة تنفصل " وابتلعها " أو ابتلع ريقه مخلوطا بغيره " الطاهر كأن فتل خيطا مصبوغا تغير به ريقه " أو " ابتلعه " متنجسا " كمن أكل شيئا نجسا ولم يغسل فمه قبل الفجر أو دميت لثته ولم يغسل فمه وإن ابيض ريقه ثم ابتلعه صافيا " أفطر " في المسائل الثلاث .
أما الأولى فلأنه خرج عن معدنه وصار كالأعيان الخارجة نعم لو أخرج لسانه وعليه الريق ثم رده وابتلع ما عليه فإنه لا يفطر على الأصح في الروضة وأصلها وصحح في المجموع القطع به لأنه لم ينفصل عن الفم فإن اللسان كداخل الفم خلافا لما صححه الرافعي في الشرح الصغير من الفطر .
قال في الأنوار ولو غسل السواك واستاك به أي مع بقاء الرطوبة فكالخيط .
وأما في الثانية فلأنه لا ضرورة إليه وقد ابتلعه بعد مفارقته المعدن .
وأما في الثالثة فلأنه أجنبي غير الريق .
قال الأذرعي ولا يبعد أن يقال من عمت بلواه بدم لثته بحيث يجري دائما أو غالبا أنه يسامح بما يشق الاحتراز منه ويكفي بصقه الدم ويعفى عن أثره ا . ه " .
وهذا لا بأس به . " .
ولو جمع ريقه " ولو بنحو مصطكى " فابتلعه لم يفطر في الأصح " لأنه لم يخرج عن معدنه فهو كابتلاعه متفرقا من معدنه والثاني يفطر لأن الاحتراز عنه هين .
واحترز بقوله جمعه عما لو اجتمع بلا قصد كالمجتمع بكثرة الكلام فإنه لا يضر جزما . " .
ولو سبق ماء المضمضة أو الاستنشاق " المشروع " إلى جوفه " من باطن أو دماغ " فالمذهب أنه إن بالغ " في ذلك " أفطر " لأن الصائم منهي عن المبالغة كما سبق في الوضوء . " .
وإلا " أي وإن لم يبالغ " فلا " يفطر لأنه تولد من مأمور به بغير اختياره .
وقيل يفطر مطلقا لأنه وصل بفعله .
وقيل لا يفطر مطلقا لعدم الاختيار .
أما سبق ماء غير المشروع كأن جعل الماء في فمه أو أنفه لا لغرض أو سبق ماء غسل التبرد أو المرة الرابعة من المضمضة أو الاستنشاق فإنه يفطر لأنه غيرمأمور بذلك بل منهي عنه في الرابعة ولا يفطره ولا يمنعه من إنشاء صوم نفل سبق ماء تطهير الفم من نجاسة وإن بالغ فيه .
ولو بقي طعام بين أسنانه فجرى به ريقه .
من غير قصد " لم يفطر إن عجز عن تمييزه ( 1 / 430 ) ومجه " لأنه معذور فيه غير مقصر فإن لم يعجز أفطر لتقصيره وقيل لا يفطر مطلقا وقيل إن نقى أسنانه بالخلال على العادة لم يفطر وإلا أفطر .
أما إذا ابتلعه قصدا فإنه يفطر جزما " .
فائدة : .
ما خرج من الأسنان إن أخرجه بالخلال كره أكله أو بالأصابع فلا كما نقل عن الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه . " .
ولو أوجر " كأن صب ماء في حلقه " مكرها " أي مغمى عليه أو نائما " لم يفطر " لانتفاء الفعل والقصد منه . " .
وإن أكره حتى أكل " أو شرب " أفطر في الأظهر " لأنه حصل من فعله لدفع الضرر عن نفسه فأفطر به كما لو أكل لدفع الضرر والجوع . " .
قلت الأظهر لا يفطر والله أعلم " لأن حكم اختياره ساقط بخلاف من أكل خوفا على نفسه فأشبه الناسي بل هو أولى منه لأنه مخاطب بالأكل لدفع ضرر الإكراه عن نفسه والناسي ليس مخاطبا بأمر ولا نهي .
ويجري القولان فيما لو أكرهت أو أكره على الوطء وقلنا يتصور إكراهه وهو الراجح .
وإذا قلنا بالفطر على المرجوح لا كفارة للشبهة وإن قلنا لا يتصور الإكراه أفطر ولزمته الكفارة . " .
وإن أكل ناسيا لم يفطر " لخبر الصحيحين من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه .
وفي صحيح ابن حبان وغيره ولا قضاء عليه ولا كفارة . " .
إلا أن يكثر " فيفطر به " في الأصح " لأن النسيان مع الكثرة نادر ولهذا بطلت الصلاة بكثير الكلام ناسيا دون قليله .
والكثير كما في الأنوار ثلاث لقم . " .
قلت الأصح " المنصوص وقطع به الجمهور " لا يفطر والله أعلم " لعموم الخبر المار .
والفرق بينه وبين الصلاة أن لها حالا تذكر المصلي أنه فيها فيندر ذلك فيه بخلاف الصوم .
ولم يتعرض المصنف للجاهل بتحريم الأكل هل يفطر أو لا وحكمه كالناسي كما في المجموع والروضة إذا كان قريب العهد بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء .
فإن قيل إذا اعتقد جواز الأكل فما الصوم الذي نواه والجاهل بحقيقة الصوم لا يتصور أن ينويه أجيب بأن ذلك في مفطر خاص من الأشياء النادرة كالتراب فإنه قد يخفى ويكون الصوم الإمساك عن المعتاد وما عداه شرط في صحته . " .
والجماع " ناسيا " كالأكل " ناسيا فلا يفطر به " على المذهب " كغيره من المفطرات .
والطريق الثاني أنه على القولين في جماع المحرم ناسيا .
وفرق الأول بأن المحرم له هيئة يتذكر بها الإحرام فإذا نسي كان مقصرا بخلاف الصائم .
تنبيه .
قضية تشبيه الجماع بالأكل أن يأتي فيه التفصيل بين أن يطول زمنه أو لا وهو كما قال الإسنوي متجه بل مجيئه في الجماع أولى لأنه دائر بين اثنين إن نسي أحدهما ذكره الآخر بخلاف الأكل وإن كانت عبارة الشرحين والروضة يقتضي خلافه . " .
و " الإمساك " عن الاستمناء " وهو إخراج المني بغير جماع محرما كأن أخرجه بيده أو غير محرم كإخراجه بيد زوجته أو أمته . " .
مفتوح فلا يضر وصول الدهن " إلى الجوف " بتسرب المسام " وهي ثقب البدن كما قاله الجوهري وهي جمع سم بتثليث السين والفتح أفصح كما لو طلى رأسه أو بطنه به . " .
فيفطر به " لأن الإيلاج من غير إنزال مفطر فالإنزال بنوع شهوة أولى . " .
وكذا خروج المني " يفطر به إذا كان " بلمس وقبلة ومضاجعة " بلا حائل لأنه إنزال بمباشرة " لا فكر " وهو إعمال الخاطر في الشيء " ونظر بشهوة " إذا أمنى بهما أو بضم امرأة بحائل بشهوة وإن تكررت الثلاثة بها إذ لا مباشرة فأشبه الاحتلام مع أنه يحرم تكريرها وإن لم ينزل .
وقيل إن اعتاد الإنزال بالنظر أفطر وقيل إن كرر النظر فأنزل أفطر .
ولو لمس شعر امرأة فأنزل ففي فطره عن المتولي وجهان بناهما على انتقاض الوضوء بلمسه ومقتضاه أنه لا يفطر وهو كذلك .
ولو قبلها وفارقها ساعة ثم أنزل فالأصح إن كانت الشهوة مستصحبة والذكر قائما حتى أنزل أفطر وإلا فلا قاله في البحر قال ولو أنزل بلمس عضوها المبان لم يفطر .
قال شيخنا والظاهر أن الحكم كذلك وإن اتصل بها عضوها المبان لحرارة الدم وقياس ما تقدم من البناء في لمس الشعر أنه لو لمس الفرج ( 1 / 431 ) بعد انفصاله وأنزل أنه إن بقي اسمه أفطر وإلا فلا وبذلك أفتى شيخي .
قال في المجموع ولو حك ذكره لعارض سوداء أو حكة فأنزل لم يفطر في الأصح لأنه متولد من مباشرة مباحة .
وهذا كله في الواضح أما المشكل فلا يضر وطؤه وإمناؤه بأحد فرجيه لاحتمال زيادته وهذا لا ينافي ما تقدم من أن خروج المني من غير طريقه المعتاد كخروجه من طريقه المعتاد لأن ذلك محله إذا انسد الأصلي . " .
وتكره القبلة " في الفم أو غيره " إن حركت شهوته " رجلا كان أو امرأة كما هو المتجه في المهمات بحيث يخاف معه الجماع أو الإنزال .
والمعانقة واللمس ونحوهما بلا حائل كالقبلة فيما ذكر . " .
والأولى لغيره " أي لمن تحرك شهوته ولو شابا " تركها " حسما للباب إذ قد يظنها غير محركة وهي محركة ولأن الصائم يسن له ترك الشهوات مطلقا . " .
قلت هي كراهة تحريم في الأصح " المنصوص " والله أعلم " لأن فيه تعريضا لإفساد العبادة ولخبر الصحيحين من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنه A رخص في القبلة للشيخ وهو صائم ونهى عنها الشاب وقال الشيخ يملك إربه والشاب يفسد صومه ففهم الأصحاب من التعليل أن الأمر دائر مع تحريك الشهوة بالمعنى المذكور .
قال الشارح وعدل هنا وفي الروضة عن قول أصليهما تحرك إلى حركت لما لا يخفى يعني أنا إذا قلنا تكره القبلة لمن تحرك شهوته يكون ذلك شاملا لمن حركت القبلة شهوته ولمن لم تحرك شهوته والثاني ليس مرادا وإذا قلنا لمن حركت شهوته لم تشمل العبارة الثاني كما هو ظاهر .
والحاصل أن تحريك القبلة الشهوة أخص من تحريك الشهوة المطلق .
قال بعض المتأخرين والظاهر أن مراد من عبر بتحريك الشهوة أي بسبب القبلة فهو بمعنى التحريك " .
فائدة : .
سأل رجل إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه بقوله سل العالم المكي هل في تزاور وضمة مشتاق الفؤاد جناح فأجابه بقوله فقلت معاذ الله أن يذهب التقى تلاصق أكباد بهن جراح قال الربيع فسألت الشافعي كيف أفتى بها فقال هذا رجل قد أعرس في هذا الشهر شهر رمضان وهو حدث السن فسأل هل عليه جناح أن يقبل أو يضم من غير وطء فأفتيته بهذه الفتيا ا . ه " .
ولعل الشافعي غلب على ظنه أن ذلك لا يحرك شهوته . " .
ولا يفطر بالفصد والحجامة " أما الفصد فلا خلاف فيه وأما الحجامة فلأنه A احتجم وهو صائم واحتجم وهو محرم .
رواه البخاري وروى النسائي احتجم وهو صائم محرم وهو ناسخ لحديث أفطر الحاجم والمحجوم لأنه كما قال الإمام الشافعي متأخر عنه بسنتين وزيادة وعن أنس قال مر النبي A على جعفر بن أبي طلحة وهو يحتجم وهو صائم فقال أفطر هذان ثم رخص النبي A بعد في الحجامة للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم .
قال الدارقطني رواته كلهم ثقات نعم الأولى تركهما لأنهما يضعفانه " .
فائدة : .
ورد في الحديث الحجامة على الريق فيها شفاء وبركة وتزيد في العقل وفي الحفظ . " .
والاحتياط أن لا يأكل آخر النهار إلا بيقين " كأن يعاين الغروب ليأمن الغلط " ويحل " الأكل آخره " بالاجتهاد " بورد أو غيره " في الأصح " كوقت الصلاة والثاني لا لإمكان الصبر إلى اليقين .
أما بغير اجتهاد فلا يجوز ولو بظن لأن الأصل بقاء النهار وقياس اعتماد الاجتهاد جواز اعتماد خبر العدل بالغروب عن مشاهدة وإن قال في البحر إنه لا يجوز ( 1 / 432 ) الفطر به كالشهادة على هلال شوال فهو قياس ما قالوه في القبلة والوقت والأذان . " .
ويجوز إذا ظن بقاء الليل " بالاجتهاد لأن الأصل بقاؤه . " .
قلت وكذا لو شك " فيه " والله أعلم " لما ذكر .
ولو أخبره عدل بطلوع الفجر لزمه الإمساك . " .
ولو أكل باجتهاد أولا " أي أول النهار . " .
أو آخرا " أي آخر النهار " وبان الغلط بطل صومه " لتحققه خلاف ما ظنه إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه . " .
أو بلا ظن " كأن هجم وهو جائز في آخر الليل حراما في آخر النهار . " .
ولم يبن الحال صح إن وقع " الأكل " في أوله " لأن الأصل بقاء الليل " وبطل " إن وقع الأكل " في آخره " لأن الأصل بقاء النهار .
قال الشارح ولا مبالاة بالتسمح في هذا الكلام لظهور المعنى المراد أي وهو أنه أدى اجتهاده إلى عدم طلوع الفجر فأكل أو إلى غروب الشمس فأكل . " .
ولو طلع الفجر " الصادق " وفي فمه طعام فلفظه " أي رماه " صح صومه " وإن سبق إلى جوفه منه شيء لأنه لو وضعه في فمه نهارا لم يفطر فبالأولى إذا جعله فيه ليلا .
ومثل اللفظ ما لو أمسكه ولم يبلغ منه شيئا واحترز به عما لو ابتلع منه شيئا باختياره فإنه يفطر . " .
وكذا " يصح صومه " لو كان " عند طلوع الفجر " مجامعا فنزع في الحال " لأن النزع ترك الجماع فأشبه ما لو حلف لا يلبس ثوبا وهو لا يلبسه فنزعه وسواء أنزل حال النزع أم لا لتولده من مباشرة مباحة .
تنبيه .
إتيان المصنف بفاء التعقيب بعد طلوع الفجر يعلم منه أن صورة المسألة أن يعلم بالفجر أول طلوعه فينزع على الفور .
ويؤخذ منه بطريق الأولى ما لو أحس وهو مجامع بتباشير الصبح فنزع بحيث وافق آخرالنزع ابتداء الطلوع ويخرج به ما لو مضى زمن بعد طلوع ثم علم به فإنه يبطل صومه .
ويشترط أن يقصد بالنزع الترك فإن لم يقصده بطل صومه كما قال الشيخ أبو حامد وأبو محمد والإمام وغيرهم .
فإن قيل كيف يعلم بأول طلوع الفجر لأن طلوعه الحقيقي متقدم على علمنا به أجيب بأنا إنما تعبدنا بما نطلع عليه ولا معنى للصبح إلا طلوع الضوء للناظر وما قابله لا حكم له فإذا كان الشخص عارفا بالأوقات ومنازل الفجر ورصد بحيث لا حائل فهو أول الصبح المعتبر . " .
فإن مكث بطل " صومه أي لم ينعقد لوجود المنافي ولو لم يبق من الليل إلا ما يسع الإيلاج لا النزع فعن ابن خيران منع الإيلاج أي وهو الظاهر وعن غيره جوازه .
ثم شرع في .
الركن الثالث وهو الصيام .
منبها على شروطه فقال " فصل شرط الصوم " أي شرط صحته من حيث الفاعل " الإسلام " فلا يصح صوم الكافر بحال أصليا كان أم غيره . " .
والعقل " أي التمييز فلا يصح صوم المجنون والطفل غير المميز لفقدان النية ويصح عن صبي مميز . " .
والنقاء عن الحيض والنفاس " فلا يصح صومهما بالإجماع كما في المجموع .
ويشترط ما ذكر " جميع النهار " فلو طرأ في أثناء النهار ردة أو جنون أو حيض أو نفاس بطل صومه وقد يفهم أنها لو ولدت ولم تر دما أنه لا يبطل الصوم وليس مرادا بل الأصح كما في المجموع والتحقيق بطلانه لأنه لا يخلو عن بلل وإن قل ولكن قال في المجموع عدم البطلان أقوى فإن المعتمد في الغسل كونه منيا منعقدا وخروجه بلا مباشرة لا يبطل الصوم ا . ه " .
ومال إلى هذا ابن الرفعة .
وقد جمعت بين الكلامين في باب الحيض فراجعه .
ويحرم على الحائض والنفساء الإمساك كما في الأنوار . " .
ولا يضر النوم المستغرق " لجميع النهار " على الصحيح " لبقاء أهلية الخطاب والثاني يضر كالإغماء .
وفرق الأول بأن الإغماء يخرج على أهلية الخطاب بدليل سقوط ولايته على ماله وعدم وجوب قضاء الصلاة عليه بخلاف النائم فيهما فإن ( 1 / 433 ) أفاق لحظة من النهار صح صومه جزما . " .
والأظهر " وفي الروضة المذهب " أن الإغماء لا يضر إذا أفاق لحظة من نهاره " أي لحظة كانت اتباعا لزمن الإغماء من الإفاقة فإن لم يفق ضر .
والثاني وقطع به بعضهم يضر مطلقا كالحيض .
والثالث عكسه كالنوم .
والرابع إن أفاق في أوله صح وإلا فلا ومال إليه ابن الصلاح وصححه الغزالي و الفارقي .
وإنما اشترط الأول إفاقة لحظة لأن الإغماء في الاستيلاء على العقل فوق النوم ودون الجنون فلو قلنا إن المستغرق منه لا يضر كالنوم لألحقنا الأقوى بالأضعف ولو قلنا إن اللحظة منه تضر كالجنون لألحقنا الأضعف بالأقوى فتوسطنا وقلنا إن الإفاقة في لحظة كافية .
ولو شرب مسكرا ليلا فإن أفاق في بعض نهاره فهو كالإغماء في بعض النهار وإلا لزمه القضاء كذا نقلاه وأقراه .
قال الإسنوي ويعلم منه الصحة في شرب الدواء أي إذا أفاق في بعض النهار بطريق الأولى .
ولو مات في أثناء النهار بطل صومه كما لو مات في أثناء صلاته وقيل لا يبطل كما لو مات في أثناء نسكه .
ويشترط لصحة الصوم قابلية الوقت فيصح الصوم في أيام السنة كلها إلا ما ذكره في قوله " ولا يصح صوم العيد " أي الفطر والأضحى ولو عن واجب للنهي عنه في خبر الصحيحين وللإجماع .
ولو نذر صومه لم ينعقد نذره " وكذا التشريق " أي أيامه وهي ثلاثة بعد الأضحى لا يصح صومها " في الجديد " ولو لمتمتع للنهي عن صيامها كما رواه أبو داود بإسناد صحيح وفي صحيح مسلم عن النبي A أيام منى أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى وفي القديم يجوز صومها للمتمتع إذا عدم الهدى عن الأيام الثلاثة الواجبة في الحج واختاره المصنف لما رواه البخاري عن ابن عمر و عائشة رضي الله تعالى عنهما أنهما قالا لم يرخص في أيام التشريق أن يضمن إلا لمن يجد الهدي .
وسميت هذه الأيام بذلك لأن الناس يشرقون فيها لحوم الأضاحي والهدايا أي ينشرونها وهي الأيام المعدودة التي أمر الله فيها بذكره . " .
ولا يحل " أي يحرم ولا يصح " التطوع " بالصوم " يوم الشك " لقول عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم A رواه أصحاب السنن الأربعة وصححه الترمذي وغيره والمعنى فيه القوة على صوم رمضان .
وضعفه السبكي بعدم كراهة صوم شعبان وهو ممنوع لأن النفس إذا ألفت شيئا هان عليها ولهذا كان صوم يوم وفطر يوم أفضل من استمرار الصوم كما سيأتي .
وقال الإسنوي المعروف المنصوص الذي عليه الأكثرون الكراهة لا التحريم والمعتمد ما في المتن .
هذا إذا صامه " بلا سبب " يقتضي صومه " فلو صامه " تطوعا بلا سبب " لم يصح " صومه " في الأصح " كيوم العيد يجامع التحريم .
والثاني يصح لأنه قابل للصوم في الجملة كما قال . " .
وله صومه عن القضاء والنذر " والكفارة من غير كراهة على الأصح مسارعة لبراءة الذمة ولأن له سببا فجاز كنظيره من الصلاة في الأوقات المكروهة .
وإطلاقه يتناول قضاء المستحب وهو نظير ما قالوه في الأوقات المكروهة أن قضاء الفائتة فيها جائز وإن كانت نافلة وصورة قضاء المستحب هنا أن يشرع في صوم نفل ثم يفسده فإنه يسن قضاؤه كما قاله في الروضة . " .
وكذا لو وافق عادة تطوعه " قال في المجموع سواء أكان يسرد الصوم أم يصوم يوما معينا كالاثنين والخميس أو يصوم يوما ويفطر يوما فوافق صومه يوم الشك فله صيامه وذلك لخبر الصحيحين لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه وقيس بالورد الباقي بجامع السبب .
ولا يشكل هذا الخبر بخبر إذا انتصف شعبان فلا تصوموا لتقدم النص على الظاهر .
قال الإسنوي ولو أخر صوما ليوقعه يوم الشك فقياس كلامهم في الأوقات المنهي عن تحريمه وسكت المصنف عن صومه عن رمضان احتياطا وهو ممتنع قطعا .
فإن قيل هلا استحب صومه إن أطبق الغيم خروجا من خلاف الإمام أحمد حيث قال بوجوب صومه حينئذ أجيب بأنا لا نراعي الخلاف إذا خالف سنة صريحة وهي هنا خبر فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين . " .
وهو " أي يوم الشك " يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث الناس برؤيته " أي بأن الهلال رؤي الليلة ولم يعلم من رآه ولم يشهد بها أحد . " .
أو شهد بها صبيان ( 1 / 434 ) أو عبيد أو فسقة " أو نساء وظن صدقهم كما قاله الرافع أو عدل ولم يكتف به .
وعبارة المحرر كالشرح أو قال عدد من النسوة أو الصبيان أو الفساق قد رأيناه وهذه العبارة أولى من عبارة المصنف لشمولها الاثنين ممن ذكر .
وإنما لم يصح صومه عن رمضان لأنه لم يثبت كونه منه نعم من اعتقد صدق من قال إنه رآه ممن ذكر يجب عليه الصوم كما تقدم عن البغوي في طائفة أول الباب .
وتقدم في أثنائه صحة نية المعتقد لذلك وقوع الصوم عن رمضان إذا تبين كونه منه .
قال الشارح فلا تنافي بين ما ذكر في المواضع الثلاثة ا . ه أي لأن يوم الشك الذي يحرم صومه هو على من لم يظن الصدق هذا موضع وأما من ظنه أو اعتقده صحت النية منه ووجب عليه الصوم وهذان موضعان .
وفي هذا رد على قول الإسنوي إن كلام الشيخين في الروضة وشرح المهذب متناقض من ثلاثة أوجه في موضع يجب وفي موضع يجوز وفي موضع يمتنع .
تنبيه .
ظاهر كلام المصنف أن يوم الشك يحصل بما ذكر سواء أطبق الغيم أم لا وهو كذلك وإن قيده صاحب البهجة بعدم إطباقه .
أما إذا لم يتحدث أحد بالرؤية فليس اليوم يوم شك بل هو يوم من شعبان وإن أطبق الغيم لخبر فإن غم عليكم . " .
وليس إطباق الغيم " ليلة الثلاثين " بشك " بل هو من شعبان لخبر فإن غم عليكم .
فرعان أحدهما إذا انتصف شعبان حرم الصوم بلا سبب إن لم يصله بما قبله على الصحيح في المجموع وغيره لخبر إذا انتصف شعبان فلا تصوموا رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح لكن ظاهره أنه يحرم وإن وصله بما قبله وليس مرادا حفظا لأصل مطلوبية الصوم .
الثاني الفطر بين الصومين واجب إذ الوصال في الصوم فرضا كان أو نفلا حرام للنهي عنه في الصحيحين وهو أن يصوم يومين فأكثر ولا يتناول بالليل مطعوما عمدا بلا عذر ذكره في المجموع .
وقضيته أن الجماع ونحوه لا يمنع الوصال لكن في البحر أن يستديم جميع أوصاف الصائمين وذكر الجرجاني و ابن الصلاح نحوه وهذا هو الظاهر .
قال الإسنوي وتعبير الرافعي أي وغيره بأن يصوم يومين يقتضي أن المأمور بالإمساك كتارك النية لا يكون امتناعه ليلا من تعاطي الفطر وصالا لأنه ليس بين صومين إلا أن الظاهر أنه جرى على الغالب ا . ه " .
وهذا ظاهر أيضا لأن تحريم الوصال للضعف عن الصيام والصلاة وسائر الطاعات وهو حاصل في هذه الحالة . " .
ويسن تعجيل الفطر " إذا تحقق غروب الشمس لخبر الصحيحين لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر زاد الإمام أحمد وأخروا السحور ولما في ذلك من مخالفة اليهود والنصارى ويكره أن يؤخره إن قصد ذلك ورأى أن فيه فضيلة وإلا فلا بأس به نقله في المجموع عن نص الأم وفيه عن صاحب البيان أنه يكره أن يتمضمض بماء ويمجه وأن يشربه ويتقايأه إلا لضرورة قال وكأنه شبيه بالسواك للصائم بعد الزوال لكونه يزيل الخلوف ا . ه " .
وهذا كما قال الزركشي إنما يأتي على القول بأن كراهة السواك لا تزول بالغروب والأكثرون على خلافه .
وخرج بتحقق الغروب ظنه باجتهاد فلا يسن تعجيل الفطر به وظنه بلا اجتهاد وشكه فيحرم بهما كما مر ذلك .
ويسن كونه " على " رطب فإن لم يجده فعلى " تمر وإلا " أي وإن لم يجده " فماء " لخبر كان النبي A يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم يكن فعلى تمرات فإن لم يكن حسا حسوات من ماء فإنه طهور رواه الترمذي وحسنه .
وقضيته تقديم الرطب على التمر كما قدرته وهو كذلك وتثليث ما يفطر عليه وهو قضية نص الأم في حرملة وجماعة من الأصحاب .
ويجمع بينه وبين تعبير جماعة بتمرة يحمل ذلك كما قال شيخنا على أصل السنة وهذا على كمالها .
ونقل في أصل الروضة عن الروياني أنه إذا لم يجد التمر فعلى حلو ونقل عن القاضي أن الأولى في زماننا أن يفطر على ماء يأخذه بكفه من النهر ليكون أبعد عن الشبهة .
قال في المجموع وهذان شاذان .
وقال المحب الطبري من بمكة يستحب له الفطر على ماء زمزم ولو جمع بينه وبين التمر فحسن ا . ه " .
ورد بأنه مخالف للأخبار وللمعنى الذي شرع الفطر على التمر لأجله وهو حفظ البصر فإن الصوم يضعفه والتمر يرده أو أن التمر إذا نزل إلى معدة فإن وجدها خالية حصل الغذاء وإلا أخرج ما هناك من بقايا الطعام وهذا لا يوجد في ماء زمزم وفي الجمع بينهما زيادة على السنة الواردة وهي قوله A إذا كان ( 1 / 435 ) أحدكم صائما فليفطر على التمر فإن لم يجد التمر فعلى الماء فإنه طهور رواه الترمذي وغيره وصححوه .
والاستدراك على النصوص بغير دليل ممنوع والخير كله فيما شرعه لنا رسول الله A .
فإن قيل قد صرح الأطباء بأن أكل التمر يضعف البصر فكيف يعلل بأنه يرده أجيب بأن كثيره يضعفه وقليله يقويه والشيء قد ينفع قليله ويضر كثيره .
ويسن السحور لخبر الصحيحين تسحروا فإن في السحور بركة ولخبر الحاكم في صحيحه استعينوا بطعام السحر على صيام النهار وبقيلولة النهار على قيام الليل . " .
و " يسن " تأخير السحور ما لم يقع في شك " في طلوع الفجر لخبر لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور رواه الإمام أحمد ولأنه أقرب إلى التقوي على العبادة فإن شك في ذلك كأن تردد في بقاء الليل لم يسن التأخير بل الأفضل تركه للخبر الصحيح دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .
تنبيه .
السحور بفتح السين المأكول في السحر وبضمها الأكل حينئذ وأكثر ما يروى بالفتح .
وقيل إن الصواب الضم لأن الأجر والبركة في الفعل على أن الآخر لا يمتنع على سبيل المجاز .
وهل الحكمة في السحور التقوي على الصوم أو مخالفة أهل الكتاب وجهان وقد يقال إنها لهما .
ولو صرح المصنف بسنه كما قدرته وصرح به في المحرر لكان أولى فإن استحبابه مجمع عليه وذكر في المجموع أنه يحصل بكثير المأكول وقليله وبالماء ففي صحيح ابن حبان تسحروا ولو بجرعة ماء .
ويدخل وقته بنصف الليل كما ذكره الرافعي في الإيمان وذكره في المجموع هنا .
وقيل بدخول السدس الأخير . " .
وليصن " أي الصائم ندبا " لسانه عن " الفحش من " الكذب والغيبة " والنميمة والشتم ونحوها لخبر البخاري من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ولخبر الحاكم في صحيحه ليس الصيام من الأكل والشرب فقط الصيام من اللغو والرفث ولأنه يحبط الثواب .
فإن قيل صون اللسان عن ذلك واجب .
أجيب بأن المعنى أنه يسن للصائم من حيث الصوم فلا يبطل صومه بارتكاب ذلك بخلاف ارتكاب ما يجب اجتنابه من حيث الصوم كالاستقاءة .
قال السبكي وحديث خمس يفطرن الصائم الغيبة والنميمة . " .
إلى آخره ضعيف وإن صح .
قال الماوردي فالمراد بطلان الثواب لا الصوم .
قال ومن هنا حسن عدم الاحتراز عنه من آداب الصوم وإن كان واجبا مطلقا فإن شتمه أحد فليقل إني صائم لخبر الصحيحين الصيام جنة فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين يقول بقلبه لنفسه لتصبر ولا تشاتم فتذهب بركة صومها كما نقله الرافعي عن الأئمة أو بلسانه بنية وعظ الشاتم ودفعه بالتي هي أحسن كما نقله المصنف عن جمع وصححه ثم قال فإن جمعهما فحسن .
وقال إنه يسن تكراره مرتين أو أكثر لأنه أقرب إلى إمساك صاحبه عنه وقول الزركشي ولا أظن أحدا يقوله مردود بالخبر السابق .
فائدة : .
سئل أكثم بن صيفي كم وجدت في ابن آدم من عيب قال هي أكثر من أن تحصى والذي أحصيته منها ثمانية آلاف عيب ويستر جميع ذلك حفظ اللسان . " .
و " ليصن " نفسه " ندبا " عن الشهوات " التي لا تبطل الصوم من المشمومات والمبصرات والملموسات والمسموعات كشم الرياحين والنظر إليها ولمسها وسماع الغناء لما في ذلك من الترفه الذي لا يناسب حكمة الصوم وهي لتنكسر النفس عن الهوى وتقوى على التقوى بل يكره له ذلك .
ويستحب أن يغتسل عن الجنابة .
والحيض والنفاس " قبل الفجر " ليكون على طهر من أول الصوم وليخرج من خلاف أبي هريرة حيث قال لا يصح صومه وخشية من وصول الماء إلى باطن أذن أو دبر أو نحوه .
قال بعض المتأخرين وينبغي أن يغسل هذه المواضع إن لم يتهيأ له الغسل الكامل .
قال الإسنوي وقياس المعنى الأول المبادرة إلى الاغتسال عقب الاحتلام نهارا فلو وصل شيء من الماء إلى ما ذكر من غسله ففيه التفصيل المذكور في المضمضة والاستنشاق .
وقال المحاملي و الجرجاني يكره للصائم دخول الحمام يعني من غير حاجة لجواز أن يضره فيفطر ( 1 / 436 ) وقول الأذرعي هذا لمن يتأذى به دون من اعتاده ممنوع لأنه من الترفه الذي لا يناسب حكمة الصوم كما مر .
ولو طهرت الحائض أو النفساء ليلا ونوت الصوم وصامت أو صام الجنب بلا غسل صح الصوم لقوله تعالى " فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم " الآية ولخبر الصحيحين كان النبي A يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يغتسل ويصوم وقيس بالجنب الحائض والنفساء .
وأما خبر البخاري من أصبح جنبا فلا صوم له فحملوه على من أصبح مجامعا واستدام الجماع وحمله بعضهم على النسخ واستحسنه ابن المنذر . " .
و " يستحب " أن يحترز عن الحجامة " والفصد ونحوهما لأن ذلك يضعفه فهو خلاف الأولى كما في المجموع وإن جزم في أصل الروضة بكراهته .
وقال المحاملي يكره أن يحجم غيره أيضا . " .
و " عن " القبلة " هذه المسألة مكررة وقد تقدم كراهتها بل تحريمها . " .
و " عن " ذوق الطعام " خوفا من وصوله إلى جوفه أو تعاطيه لغلبة شهوته . " .
و " عن " العلك " بفتح العين مصدر معناه المضغ وبكسرها المعلوك لأنه يجمع الريق فإن ابتلعه أفطر في وجه وإن ألقاه عطشه وهو مكروه كما في المجموع . " .
و " يستحب " أن يقول عند فطره " أي عقبه كما يؤخذ من قوله " اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت " وذلك للاتباع رواه أبو داود مرسلا .
وروى أيضا أنه A كان يقول حينئذ اللهم ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى ويستحب له أن يفطر الصائمين بأن يعشيهم لخبر من فطر صائما فله أجر صائم ولا ينقص من أجر الصائم شيء رواه الترمذي وصححه .
فإن عجز عن عشائهم فطرهم على شربة أو تمرة أو نحوهما لما روي أن بعض الصحابة قال يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم فقال يعطي الله تعالى هذا الثواب من فطر صائما على ثمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن " وأن يكثر الصدقة " في رمضان لحديث أنس رضي الله تعالى عنه قيل يا رسول الله أي الصدقة أفضل قال صدقة في رمضان رواه الترمذي وقال حسن غريب ولأن الحسنات مضاعفة فيه ولما فيه من تفطير الصائم فإنه يستعين بذلك على فطره . " .
و " أن يكثر " تلاوة القرآن " ومدارسته بأن يقرأ على غيره ويقرأ عليه غيره " في رمضان " لما في الصحيحين أن جبريل E كان يلقى النبي A في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ فيعرض عليه النبي A القرآن . " .
وأن يعتكف " فيه لأنه أقرب إلى صيانة النفس عن المنهيات وإتيانها بالمأمورات " لا سيما في العشر الأواخر منه " للاتباع في ذلك رواه الشيخان ولرجاء أن يصادف ليلة القدر إذ هي منحصرة فيه عندنا .
وروى مسلم أنه A كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره .
تنبيه .
لو قال المصنف وأن يكثر الصدقة وتلاوة القرآن والاعتكاف كان أولى لأن الاعتكاف مستحب مطلقا لكنه يتأكد في رمضان فصار كالصدقة وتلاوة القرآن .
ولفظة سيما كلمة منبهة على أن ما بعدها أولى بالحكم مما قبلها والأشهر فيها تشديد الياء ويجوز في الاسم بعدها الجر والرفع والنصب والجر أرجح . "