أي شرط صحته من حيث الفعل " الإمساك عن الجماع " بالإجماع ولو بغير إنزال ولقوله تعالى " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " والرفث الجماع .
نعم في إتيان البهيمة أو الدبر إذا لم ينزل خلاف فقيل لا يفطر بناء على أن فيه التعزير فقط . " .
والاستقاءة " لخبر ابن حبان وغيره من ذرعه القيء أي غلب عليه وهو صائم فليس عليه قضاء ومن استقاء فليقض .
هذا إذا كان عالما بالتحريم عامدا مختارا لذلك فإن كان جاهلا لقرب عهده بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء أو ناسيا أو مكرها فإنه لا يفطر .
ومال في البحر إلى أن الجاهل يعذر مطلقا والمعتمد خلافه كما قيده القاضي حسين بما ذكر . " .
والصحيح أنه لو تيقن أنه لم يرجع شيء إلى جوفه " بالاستقاءة كأن تقايأ منكسا " بطل " صومه بناء على أن المفطر عينها كالإنزال لظاهر الخبر ووجه مقابله البناء على أن المفطر رجوع شيء مما خرج وإن قل . " .
وإن غلبه القيء فلا بأس " أي لم يضر للخبر المار " وكذا لو اقتلع نخامة " من الباطن وهي الفضلة الغليظة التي يلفظها الشخص من فيه ويقال لها أيضا النخاعة بالعين . " .
ولفظها " أي رماها فلا بأس بذلك " في الأصح " سواء أقلعها من دماغه أم من باطنه لأن الحاجة إليه تتكرر فرخص فيه والثاني يفطر به كالاستقاءة .
ورجح في الروضة والمجموع القطع بالأول واحترز بقوله اقتلع عما لو لفظها مع نزولها بنفسها أو بغلبة سعال فلا بأس به جزما وب لفظها عما إذا بقيت في محلها فإنه لا يفطر جزما وعما إذا ابتلعها بعد أن خرجت إلى الظاهر فإنه يفطر جزما . " .
فلو نزلت من دماغه وحصلت في حد الظاهر من الفم " بأن انصبت من الدماغ في الثقبة النافذة منه إلى أقصى الفم فوق الحلقوم " فليقطعها من مجراها وليمجها " إن أمكن حتى لا يصل شيء إلى الباطن . " .
فإن تركها مع القدرة " على ذلك " فوصلت الجوف أفطر في الأصح " لتقصيره والثاني لا يفطر لأنه لم يفعل شيئا وإنما أمسك عن الفعل فلو لم تصل إلى حد الظاهر من الفم وهو مخرج بالخاء المعجمة وكذا الحاء المهملة كما قاله المصنف خلافا للرافعي بأن كانت في حد الباطن وهو مخرج الهاء والهمزة أو حصلت في حد الظاهر ولم يقدر على قطعها ومجها لم يضر . " .
و " الإمساك " عن وصول العين " وإن قلت كسمسمة أو لم تؤكل كحصاة " إلى ما يسمى جوفا " لأن الصوم هو الإمساك عن كل ما يصل إلى الجوف ( 1 / 428 ) وخرج بالعين الأثر كالريح بالشم وحرارة الماء وبرودته بالذوق وبالجوف عما لو داوى جرحه الذي على لحم الساق أو الفخذ فوصل الدواء إلى داخل المخ أو اللحم أو غرز فيه حديدة فإنه لا يفطر لأنه ليس بجوف .
فإن قيل يرد على المصنف ما لو دميت لثته فبصق حتى صار ريقه صافيا ثم ابتلعه فإنه يفطر في الأصح مع أنه لم يصل إلى جوفه غير ريقه .
أجيب بأن الريق لما تنجس حرم ابتلاعه وصار بمنزلة العين الأجنبية . " .
وقيل يشترط مع هذا أن يكون فيه " أي الجوف " قوة تحيل الغذاء " وهو بكسر الغين والذال المعجمتين يطلق على المأكول والمشروط " أو الدواء " بالمد وأحد الأدوية لأن ما لا تحيله لا تتغذى به النفس ولا ينتفع به البدن فأشبه الواصل إلى غير الجوف . " .
فعلى الوجهين باطن الدماغ والبطن والأمعاء " أي المصارين جمع معى بوزن رضا " والمثانة " بالمثلثة وهي مجمع البول " مفطر بالاستعاط " راجع للدماغ " أو الأكل " راجع للبطن " أو الحقنة " راجع للأمعاء والمثانة أيضا فإن البول يعالج بها كما يعالج بها الغائط ففي كلامه لف ونشر مرتب كما تقرر .
وقوله " أو الوصول من جائفة " يرجع للبطن " أو مأمومة " يرجع للرأس " ونحوهما " لأنه جوف محيل .
تنبيه .
كان الأولى التعبير بالاحتقان لأن الحقنة هي الأدوية التي يحتقن بها المريض والفعل هو الاحتقان كما قاله الجوهري .
وقضية قوله كالمحرر والروضة باطن الدماغ أن وصول عين إلى خريطة الدماغ المسماة أم الرأس دون باطنها المسمى باطن الدماغ أنه لا يفطر وليس مرادا بل الصحيح أنه يفطر حتى لو كان برأسه مأمومة فوضع عليها دواء فوصل خريطة الدماغ أفطر وإن لم يصل باطن الخريطة كما حكاه الرافعي عن الإمام وأقره وكذلك الأمعاء لا يشترط باطنها بل لو كان على بطنه جائفة فوضع عليها دواء فوصل جوفه أفطر وإن لم يصل باطن الأمعاء كما جزم به في الروضة . " .
والتقطير في باطن الأذن " وإن لم يصل إلى الدماغ " و " باطن " الإحليل " وهو مخرج البول من الذكر واللبن من الثدي وإن لم يصل إلى المثانة ولم يجاوز الحشفة أو الحلمة . " .
مفطر في الأصح " بناء على الوجه الأول وهو اعتبار كل ما يسمى جوفا والثاني لا بناء على مقابله إذ ليس فيه قوة الإحالة .
وألحق بالجوف على الأول الحلق .
قال الإمام ومجاوزة الحلقوم وينبغي الاحتراز حالة الاستنجاء فإنه لو أدخل طرف أصبعه دبره بطل صومه وكذا حكم فرج المرأة ولو طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه فوصل السكين جوفه أو أدخل في إحليله أو أذنه عودا أو نحوه فوصل إلى الباطن بطل صومه . "