وأركانه ثلاثة كما مر نية وإمساك عن المفطرات وصائم .
وعبر عنها المصنف بالشروط إلى أولها بقوله " النية شرط للصوم " لقوله A إنما الأعمال بالنيات ومحلها القلب ولا تكفي باللسان قطعا ولا يشترط التلفظ بها قطعا كما قاله في الروضة .
تنبيه .
ظاهر كلام المصنف أنه لو تسحر ليتقوى على الصوم لم يكن ذلك نية وبه صرح في العدة .
والمعتمد أنه لو تسحر ليصوم أو شرب لدفع العطش نهارا أو امتنع من الأكل أو الشرب أو الجماع خوف طلوع الفجر كان ذلك نية إن خطر بباله الصوم بالصفات التي يشترط التعرض لها لتضمن كل منها قصد الصوم . " .
ويشترط لفرضه " أي الصوم من رمضان أوغيره كقضاء أو نذر " التبييت " وهو إيقاع النية ليلا لقوله A من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له رواه الدارقطني وغيره وصححوه وهو محمول على الفرض بقرينة خبر عائشة الآتي .
ولا بد من التبييت لكل يوم لظاهر الخبر ولأن صوم كل يوم عبادة مستقلة لتخلل اليومين مما يناقض الصوم كالصلاة يتخللها السلام .
وكلام المصنف قد يخرج الصبي المميز فإنه لا فرض عليه والمعتمد كما في المجموع تبعا للروياني وغيره أنه كالبالغ في ذلك .
قال الروياني وليس لنا صوم نفل يشترط فيه التبييت إلا هذا .
ويؤخذ من تعبير المصنف بالشرط أنه لو شك هل كانت نيته قبل الفجر أو بعده لم يصح صومه وهو كذلك كما صرح به في المجموع لأن الأصل عدم تقدمها .
ولو نوى ثم شك هل طلع الفجر أو لا صح لأن الأصل بقاء الليل .
ولو شك نهارا هل نوى ليلا ثم تذكر ولو بعد مضي أكثر النهار أجزأه صومه فإن لم يتذكر بالنهار لم يجزه لأن الأصل عدم النية ولم تنجبر بالتذكر نهارا .
ومقتضى هذا أنه لو تذكر بعد الغروب لم يجزه والظاهر الإجزاء كما قاله الأذرعي .
ولو شك بعد الغروب هل نوى أو لا ولم يتذكر لم يؤثر أخذا من قولهم في صوم الكفارة إنه لو شك بعد الغروب هل نوى أو لا أجزأه وهذا هو المعتمد والفرق بينه وبين الصلاة فيما إذا شك في ( 1 / 424 ) النية بعد الفراغ منها ولم يتذكر حيث تلزمه الإعادة التضييق في نية الصلاة بدليل أنه لو نوى الخروج منها بطلت في الحال ولا كذلك الصوم .
ولو نوى قبل الغروب أو مع طلوع الفجر لم يجزه لظاهر الخبر السابق . " .
والصحيح أنه لا يشترط " في التبييت " النصف الآخر من الليل " بل يكفي ولو من أوله لإطلاق التبييت في الحديث من الليل ولما فيه من المشقة .
والثاني يشترط لقربه من العبادة لأن الأصل وجوب اقتران النية بأول العبادة وهو طلوع الفجر فلما سقط ذلك للمشقة أوجبنا النصف الأخير كما في أذان الصبح وغسل العيد والدفع من مزدلفة . " .
و " الصحيح " أنه لايضر الأكل والجماع " وغيرهما من منافي الصوم " بعدها " أي النية وقبل الفجر وهذا هو المنصوص وبه قطع الجمهور .
والثاني أنه يبطل النية فيحتاج إلى تجديدها .
نعم إن رفض النية قبل الفجر ضر لأنه ضدها نقله في المجموع عن المتولي وأقره وكذا لو ارتد بعدما نوى ليلا ثم أسلم قبل الفجر . " .
و " الصحيح " أنه لا يجب التجديد " لها " إذا نام " بعدها " ثم تنبه " ليلا لأن النوم ليس منافيا للصوم .
والثاني يجب تقريبا للنية من العبادة بقدر الوسع .
أما إذا استمر النوم إلى الفجر فإنه لا يضر بلا خلاف . " .
ويصح النفل بنية قبل الزوال " لأنه A قال لعائشة يوما هل عندكم من غداء قالت لا قال فإني إذن أصوم .
قالت وقال لي يوما آخر أعندكم شيء قلت نعم قال إذن أفطر وإن كنت فرضت الصوم رواه الدارقطني وصحح إسناده .
واختص بما قبل الزوال للخبر إذ الغداء بفتح الغين اسم لما يؤكل قبل الزوال والعشاء اسم لما يؤكل بعده ولأنه مضبوط بين ولإدراك معظم النهار به كما في ركعة المسبوق وهذا جرى على الغالب ممن يريد صوم النفل وإلا فلو نوى قبل الزوال وقد مضى معظم النهار صح صومه . " .
وكذا " يصح بنية " بعده في قول " قياسا على ما قبله تسوية بين آخر النهار كما في النية ليلا .
والثاني يلزم في البعيد أيضا . " .
والصحيح " المنصوص " اشتراط حصول شرط الصوم " في النية قبل الزوال أو بعده " من أول النهار " بأن لا يسبقها مناف للصوم ككفر وجماع وأكل وجنون وحيض ونفاس وإلا لم يحصل مقصود الصوم وهو خلو النفس عن الموانع في اليوم بكماله .
والثاني لا يشترط ما ذكر .
ومحل الخلاف إذا قلنا إنه صائم من وقت النية أما إذا قلنا إنه صائم من أول النهار وهو الأصح حتى يثاب على جميعه إذ صوم اليوم لا يتبعض كما في الركعة بإدراك الركوع فلا بد من اجتماع شرائط الصوم من أول النهار جزما .
ولو سبق ماء مضمضة أي أو استنشاق بلا مبالغة إلى جوفه قبل النية لم يؤثر في الأصح سواء أقلنا يفطر بذلك أم لا قاله في زيادة الروضة قال في المجموع وهذه مسألة نفيسة مهمة . " .
ويجب " في النية " التعيين في الفرض " بأن ينوي كل ليلة أنه صائم غدا من رمضان أو عن نذر أو عن كفارة لأنه عبادة مضافة إلى وقت فوجب التعيين في نيتها كالصلوات الخمس .
ولا فرق في الكفارة بين أن يعين سببها أم لا لكن لو عين وأخطأ لم يجزه فإن جهل سبب ما عليه من الصوم من كونه قضاء عن رمضان أو نذرا أو كفارة كفاه نية الصوم الواجب للضرورة كمن نسي صلاة من الخمس لا يعرف عينها فإنه يصلي الخمس ويجزئه عما عليه ويعذر في عدم جزمه بالنية للضرورة ذكره في المجموع .
فإن قيل قياس الصلاة أن يصوم ثلاثة أيام ينوي يوما عن القضاء ويوما عن النذر ويوما عن الكفارة .
أجيب بأن الذمة هنا لم تشتغل بالثلاث .
والأصل بعد الإتيان بصوم يوم بنية الصوم الواجب براءة ذمته مما زاد بخلاف من نسي صلاة من الخمس فإن ذمته اشتغلت بجميعها والأصل بقاء كل منها فإن فرض أن ذمته اشتغلت بصوم الثلاث وأتى باثنين منها ونسي الثالث التزم فيه ذلك .
فإن قيل هلا اكتفوا فيمن نسي صلاة بثلاث صلوات فقط الصبح والمغرب وإحدى رباعية ينوي فيها الصلاة الواجبة كنظيرها هنا أجيب بأنهم توسعوا هنا ما لم يتوسعوا ثم بدليل عدم اشتراط المقارنة في نية الصوم وعدم الخروج منه بنية تركه بخلافهما في الصلاة واحترز بالفرض عن النفل فإنه يصح بنية مطلقة .
فإن قيل قال في المجموع هكذا أطلقه الأصحاب وينبغي اشتراط التعيين في الصوم الراتب كعرفة وعاشوراء وأيام البيض وستة من شوال كرواتب الصلاة ( 1 / 425 ) أجيب بأن الصوم في الأيام المذكورة منصرف إليها بل لو نوى به غيرها حصل أيضا كتحية المسجد لأن المقصود وجود صومها . " .
وكماله " أي التعيين كما قاله في المحرر وعبر في الروضة بكمال النية " في رمضان أن ينوي صوم غد " أي اليوم الذي يلي الليلة التي ينوي فيها " عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالى " بإضافة رمضان وكذلك لتتميز عن أضدادها لكن فرض غير هذه السنة لا يكون إلا قضاء وقد خرج بقيد الأداء إلا أن يقال لفظ الأداء لا يغني عن السنة لأن الأداء يطلق ويراد به الفعل .
ثم التعرض للغد قد يكون بخصوصه كما تقرر وقد يكون بإدخاله في عموم كأن ينوي صوم الشهر فيكفيه لليوم الأول لدخوله في صوم الشهر .
قال في أصل الروضة ولفظ الغد قد اشتهر في كلامهم في تفسير التعيين وهو في الحقيقة ليس من حد التعيين وإنما وقع ذلك من نظرهم إلى التبييت . " .
وفي الأداء والفرضية والإضافة إلى الله تعالى الخلاف المذكور في الصلاة " كذا ذكره الرافعي في كتبه وتبعه المصنف في الروضة .
وظاهره أن يكون الأصح اشتراط الفرضية دون الأداء والإضافة إلى الله تعالى لكن صحح في المجموع تبعا للأكثرين عدم اشتراطها هنا وهو المعتمد بخلافه في الصلاة لأن صوم رمضان من البالغ لا يقع إلا فرضا بخلاف الصلاة فإن المعادة نفل .
فإن قيل الجمعة لا تقع من البالغ إلا فرضا مع أنه يشترط فيها نية الفرضية أجيب بأن ذلك ممنوع فإنه لو صلاها بمكان ثم أدرك جماعة في آخر يصلونها فصلاها معهم فإنها لا تقع منه فرضا . " .
والصحيح " المنصوص وقطع به الجمهور " أنه لا يشترط تعيين السنة " كما لا يشترط الأداء لأن المقصود منهما واحد والثاني يشترط ليمتاز ذلك عما يأتي به في سنة أخرى .
ولو نوى صوم غد وهو يعتقده الاثنين فكان الثلاثاء أو صوم رمضان هذه السنة وهو يعتقدها سنة ثلاث فكانت سنة أربع صح صومه بخلاف ما لو نوى صوم الثلاثاء ليلة الاثنين أو صوم رمضان سنة ثلاث فكانت سنة أربع ولم يخطر بباله في الأولى الغد وفي الثانية السنة الحاضرة لأنه لم يعين الوقت الذي نوى في ليلته وتصوير مثله بعيد .
ولو كان عليه قضاء رمضانين فنوى صوم غد عن قضاء رمضان جاز وإن لم يعين أنه عن قضاء أيهما لأنه كله جنس واحد قاله القفال في فتاويه قال وكذا إذا كان عليه صوم نذر من جهات مختلفة فنوى صوم النذر جاز وإن لم يعين نوعه وكذا الكفارات كما مرت الإشارة إليه .
وجعل الزركشي ذلك مستثنى من وجوب التعيين .
ويشترط أن تكون النية منجزة ويأتي في تعليقها بالمشيئة ما مر في الوضوء وأما التعليق بغيرها فقد أشار إليه بقوله " ولو نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غد عن رمضان إن كان منه " وصامه " فكان منه لم يقع عنه " سواء اقتصر على هذا أم زاد بعده فقال وإلا أنا مفطر أو متطوع للشك في أنه منه حال النية فليست جازمة .
وسكت المصنف عما إذا جزم ولم يأت بلفظ إن الدالة على التردد وهو باطل أيضا على الصحيح لأن الجزم به لا أصل له بل هو حديث نفس . " .
إلا إذا اعتقد " أي ظن " كونه منه بقول من يثق به من عبد أو امرأة " أو فاسق " أو صبيان رشداء " أي مختبرين بالصدق لأن غلبة الظن هنا كاليقين كما في أوقات الصلوات فتصح النية المبيتة عليه حتى لو تبين ليلا كون غد من رمضان لم يحتج إلى تجديد نية أخرى "