هو والصوم لغة الإمساك ومنه قوله تعالى حكاية عن مريم " إني نذرت للرحمن صوما " أي إمساكا وسكوتا عن الكلام .
وشرعا إمساك عن المفطر على وجه مخصوص .
والأصل في وجوبه قبل الإجماع مع ما يأتي آية " كتب عليكم الصيام " وخبر بني الإسلام على خمس .
وفرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة .
وأركانه ثلاثة صائم ونية وإمساك عن المفطرات . " .
يجب صوم رمضان " للأدلة السابقة .
وهو معلوم من الدين بالضرورة فمن جحد وجوبه فهو كافر إلا أن يكون قريب العهد بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء .
ومن ترك صومه غير جاحد من غير عذر كمرض وسفر كأن قال الصوم واجب علي ولكن لا أصوم حبس ومنع الطعام والشراب نهارا ليحصل له صورة الصوم بذلك .
سمي رمضان من الرمض وهو شدة الحر لأن العرب لما أرادت أن تضع أسماء الشهور وافق أن الشهر المذكور كان في شدة الحر فسمي بذلك كما سمي الربيعان لموافقتهما زمن الربيع .
وما قيل من أنه سمي بذلك لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها ضعيف لأن التسمية ثابتة قبل الشرع .
قال ابن عبد السلام وهو أفضل الأشهر .
وفي الحديث رمضان سيد الشهور .
ولا يكره قول رمضان بدون الشهر على الأصح في شرحي المهذب ومسلم وما نقله أكثر الأصحاب من كراهته لحديث ورد فيه ضعفه البيهقي وغيره .
وإنما يجب " بإكمال شعبان ثلاثين " يوما " أو رؤية الهلال " ليلة الثلاثين منه لقوله A صومو لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين رواه البخاري .
ويضاف إلى الرؤية وإكمال العدد ظن دخوله بالاجتهاد عند الاشتباه كما سيأتي في كلامه .
والظاهر كما قال الأذرعي أن الأمارة الظاهرة الدالة كرؤية القناديل المعلقة بالمناثر في آخر شعبان في حكم الرؤية .
وأفهم كلامه أنه لا يجب بقول المنجم ولا يجوز والمراد بآية " وبالنجم هم يهتدون " الاهتداء إلى أدلة القبلة في السفر .
ولكن له أن يعمل بحسابه كالصلاة ولظاهر هذه الآية وصححه في المجموع وقال إنه لا يجزئه عن فرضه .
وصحح في الكفاية أنه إذا جاز أجزأه ونقله عن الأصحاب ورجحه الزركشي تبعا للسبكي قال وصرح به في الروضة فيما يأتي في الكلام على أن شرط النية الجزم وهذا هو المعتمد .
والحاسب وهو من يعتمد منازل القمر وتقدير سيره في معنى المنجم وهو من يرى أن أول الشهر طلوع النجم الفلاني .
ولا عبرة أيضا بقول من قال أخبرني النبي A في النوم بأن الليلة أول رمضان فلا يصح الصوم به بالإجماع لفقد ضبط الرائي لا للشك في الرؤية .
وهل تثبت بالشهادة على الشهادة طريقان أصحهما القطع بثبوته كالزكاة وقيل لا كالحدود . " .
وثبوت رؤيته " يحصل " بعدل " سواء كانت السماء مصحية أم لا لأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رآه فأخبر رسول الله A بذلك فصام وأمر الناس بصيامه رواه أبو داود وصححه ابن حبان .
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال جاء أعرابي إلى رسول الله A فقال إني رأيت هلال رمضان فقال أتشهد أن لا إله إلا الله ( 1 / 421 ) قال نعم قال أتشهد أن محمدا رسول الله قال نعم قال يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا صححه ابن حبان والحاكم .
والمعنى في ثبوته بالواحد الاحتياط للصوم . " .
وفي قول " يشترط في ثبوت رؤيته " عدلان " كغيره من الشهور .
قال الإسنوي وهذا هو مذهب الشافعي Bه فإن المجتهد إذا كان له قولان وعلم المتأخر منهما كان مذهبه المتأخر ففي الأم قال الشافعي بعد لا يجوز على هلال رمضان إلا شاهدان .
ونقل البلقيني مع هذا النص نصا آخر صيغته رجع الشافعي بعد فقال لا يصام إلا بشاهدين .
ونقل الزركشي عن الصيمري أنه قال إن صح أن النبي A قبل شهادة الأعرابي وحده أو شهادة ابن عمر قبل الواحد وإلا فلا يقبل أقل من اثنين .
وقد صح كل منهما وعندي أن مذهب الشافعي قبول الواحد وإنما رجع إلى اثنين بالقياس لما لم يثبت عنده في المسألة سنة فإنه تمسك للواحد بأثر عن علي ولهذا قال في المختصر ولو شهد برؤيته عدل واحد رأيت أن أقبله للأثر فيه ا . ه " .
ومنهم من قطع بالأول وهو المعتمد لما ذكر وعليه لو نذر صوم شهر معين فشهد بهلاله واحد ثبتت الرؤية في الأصح في البحر وهو المعتمد كما جزم به ابن المقري في روضه .
ومحل ثبوت رؤيته بعدل في الصوم قال الزركشي وتوابعه كصلاة التراويح والاعتكاف والإحرام بالعمرة المعلقين بدخول رمضان لا في غير ذلك كدين مؤجل ووقوع طلاق وعتق معلقين به .
فإن قيل هلا ثبت ذلك ضمنا كما ثبت شوال بثبوت رمضان بواحد والنسب والإرث بثبوت الولادة بالنساء أجيب بأن الضمني في هذه الأمور لازم للمشهود به بخلاف الطلاق ونحوه وبأن الشيء إنما يثبت ضمنا إذا كان التابع من جنس المتبوع كالصوم والفطر فإنهما من العبادات وكالولادة والنسب والإرث فإنها من المال والآيل إليه بخلاف ما هنا فإن التابع من المال أو الآيل إليه والمتبوع من العبادات هذا كما قال البغوي إن سبق التعليق الشهادة فلو حكم القاضي بدخول رمضان بشهادة عدل ثم قال قائل إن ثبت رمضان فعبدي حر أو زوجتي طالق وقعا ومحله أيضا كما قال الإسنوي إذا لم يتعلق بالشاهد فإن تعلق به ثبت لاعترافه به . "