أجيب بأنه لما كان يجب الاكتساب لنفسه لإحيائها فكذلك يجب لإحياء الوالد والولد .
أجيب بأنه لما كان يجب الاكتساب لنفسه لإحيائها فكذلك يجب لإحياء الوالد والولد .
وأبطل الإسنوي الفرق بالولد الصغير فإنه يقدم هنا على الأبوين وهما أشرف منه فدل على اعتبار الحاجة في البابين .
وأجاب شيخي عن ذلك بأنهم إنما قدموا الولد الصغير لأنه كجزء المخرج مع كونه أعجز من غيره ثم الرقيق .
قال شيخنا وينبغي أن تقدم منه أم الولد ثم المدبر ثم المعلق عتقه بصفة فإن استوى اثنان في درجة كزوجين وابنين تخير لاستوائهما في الوجوب وإنما لم يوزع بينهما لنقص المخرج عن الواجب في حق كل منهما بلاضرورة بخلاف من لم يجد إلا بعض الواجب . " .
وهي " أي فطرة الواحد " صاع " لحديث ابن عمر السابق أول الباب " وهو ستمائة درهم وثلاثة وتسعون درهما وثلث " درهم لأنه أربعة أمداد والمد رطل وثلث بالبغدادي والرطل مائة درهم وثلاثون درهما . " .
قلت الأصح ستمائة وخمسة وثمانون درهما وخمسة أسباع درهم لما سبق في زكاة النبات " من كون الرطل مائة وثمانية وعشرين درهما وأربعة أسباع درهم " والله أعلم " وقد سبق في زكاة النبات إيضاحه .
والأصل فيه الكيل وإنما قيل بالوزن استظهارا والعبرة بالصاع النبوي إن وجد أو معياره فإن فقد أخرج قدرا يتيقن أنه لا ينقص عن الصاع .
قال في الروضة قال جماعة الصاع أربع حفان بكفي رجل معتدلهما ا . ه " .
والصاع بالكيل المصري قدحان وينبغي أن يزيد شيئا يسيرا لاحتمال اشتمالهما على طين أو تبن أو نحو ذلك .
قال ابن الرفعة كان قاضي القضاة عماد الدين السكري C تعالى يقول حين يخطب بمصر خطبة عيد الفطر والصاع قد حان بكيل بلدكم هذه سالم من الطين والعيب والغلت ولا يجزيء في بلدكم هذه إلا القمح ا . ه " .
وتقدم في الصاع كلام في زكاة النبات فراجعه " .
فائدة : .
ذكر القفال الشاشي في محاسن الشريعة معنى لطيفا في إيجاب الصاع وهو أن الناس تمتنع غالبا من الكسب في العيد وثلاثة أيام بعده ولا تجد الفقير من يستعمله فيها لأنها أيام سرور وراحة عقب الصوم والذي يتحصل من الصاع عند جعله خبزا ثمانية أرطال من الخبز فإن الصاع خمسة أرطال وثلث كما مر ويضاف إليه من الماء نحو الثلث فيأتي منه ذلك وهو كفاية الفقير في أربعة أيام لكل يوم رطلان . " .
وجنسه " أي الصاع الواجب " القوت المعشر " أي الذي يجب فيه العشر أو نصفه لأن النص قد ورد في بعض المعشرات كالبر والشعير والتمر والزبيب ( 1 / 406 ) وقيس الباقي عليه بجامع الأقتيات .
وفي القديم لا يجزىء العدس والحمص لأنهما أدمان . " .
وكذا الأقط في الأظهر " لثبوته في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه ولهذا قطع به بعضهم .
وهو بضم الهمزة وكسر القاف وبإسكانها مع تثليث الهمزة لبن يابس غير منزوع الزبد والثاني لا يجزىء لأنه لا عشر فيه فأشبه التين ونحوه .
وفي معنى الأقط لبن وجبن لم ينزع زبدهما فيجزئان وإجزاء كل من الثلاثة لمن هو قوته سواء أكان من أهل البادية أم الحاضرة وقيل يجزىء أهل البادية دون الحاضرة حكاه في المجموع وضعفه .
أما منزوع الزبد من ذلك فلا يجزىء وكذا لا يجزىء الكشك وهو بفتح الكاف معروف ولا يجزىء المختص ولا المصل ولا السمن ولا اللحم ولا مملح من الأقط أفسد كثير الملح جوهره بخلاف ظاهر الملح فيجزىء لكن لا يحسب الملح فيخرج قدرا يكون محض الأقط منه صاعا . " .
ويجب " الصاع " من " غالب " قوت بلده " إن كان بلديا وفي غيره من غالب قوت محله لأن ذلك يختلف باختلاف النواحي . " .
وقيل " من غالب " قوته " على الخصوص . " .
وقيل يتخير بين " جميع " الأقوات " ف أو في الخبرين السابقين على الأولين للتنويع وعلى الثالث للتخيير .
والمعتبر في غالب القوت غالب قوت السنة كما في المجموع لا غالب قوت وقت الوجوب خلافا للغزالي في وسيطه .
تنبيه .
لو قال من غالب قوت بلده كما قدرت غالب في عبارته لكان أولى فإنه لو كان للبلد أقوات وغلب بعضها وجب من الغالب وليحسن قوله بعد ذلك ولو كان في البلد أقوات لا غالب فيها تخير . " .
ويجزىء " على الأولين القوت " الأعلى عن " القوت " الأدنى " لأنه زاد خيرا فأشبه ما لو دفع بنت لبون عن بنت مخاض وقيل لا يجزىء كالحنطة عن الشعير والذهب عن الفضة وفرق الأول بأن الزكوات المالية تتعلق بالمال فأمر أن يواسي المستحقين بما أعطاه الله تعالى والفطرة زكاة البدن فوقع النظر فيها إلى ما هو غذاء البدن وبه قوامه والأعلى يحصل به هذا الغرض وزيادة . " .
ولا عكس " لنقصه عن الحق ففيه ضرر على المستحقين . " .
والاعتبار " في الأعلى والأدنى " بالقيمة في وجه " رفقا بالمساكين " وبزيادة الاقتيات في الأصح " لأنه المقصود .
ثم فرع عليه فقال " فالبر " لكونه أنفع اقتياتا " خير من التمر والأرز " ومن الزبيب والشعير .
قال الماوردي ولو قيل أفضلها يختلف باختلاف البلاد لكان متجها .
ورد بأن النظر للغالب لا للبلد نفسه . " .
والأصح أن الشعير خير من التمر " لأنه أبلغ في الإقتيات " وأن التمر خير من الزبيب " لما مر فالشعير خير منه بالأولى والثاني أن التمر خير من الشعير وأن الزبيب خير من التمر نظرا إلى القيمة .
وعلى الأول ينبغي أن يكون الشعير خيرا من الأرز وأن الأرز خير من التمر . " .
وله أن يخرج عن نفسه من قوته " الواجب " وعن قريبه " أو من تلزمه فطرته كزوجته وعبده أو من تبرع عنه بإذنه . " .
أعلى منه " لأنه زاد خيرا وكما يجوز أن يخرج لأحد جبرانين شاتين وللآخر عشرين درهما .
تنبيه .
لو قال وعن غيره أعلى منه لشمل ما ذكرناه . " .
ولا يبعض الصاع " المخرج عن الشخص الواحد من جنسين وإن كان أحد الجنسين أعلى من الواجب كما لا يجزىء في كفارة اليمين أن يكسو خمسة ويطعم خمسة .
وخرج بقولنا المخرج عن الشخص الواحد ما لو أخرج عن اثنين كأن ملك واحد نصفي عبدين أو مبعضين ببلدين مختلفي القوت فإنه يجوز تبعيض الصاع وبقولنا من جنسين ما لو أخرج صاعا من نوعين فإنه جائز إذا كانا من الغالب . " .
ولو كان في بلد أقوات لا غالب فيها " إذا لم نعتبر قوت نفسه وهو المعتمد كما تقدم " تخير " إذ ليس تعيين البعض بأولى من تعيين الآخر ( 1 / 407 ) وإنما لم يجب الأصلح كاجتماع الحقاق وبنات اللبون لتعلقه بالعين . " .
والأفضل أشرفها " أي أعلاها في الأقتيات لقوله تعالى " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " ولو كانوا يقتاتون القمح المخلوط بالشعير تخير إن كان الخليطان على السواء وإن كان أحدهما أكثر وجب منه فإن لم يجد إلا نصفا من ذا ونصفا من ذا فوجهان أوجههما أنه يخرج النصف الواجب عليه ولا يجزىء الآخر لما مر أنه لا يجوز أن يبعض الصاع من جنسين .
ولو كان في بلد لا قوت لهم فيها يجزىء بأن كانوا يقتاتون الأشياء النادرة أخرج من غالب قوت أقرب البلاد إليه فإن استوى إليه بلدان في القرب واختلف الغالب من أقواتهما تخير والأفضل الأعلى . " .
ولو كان عبده ببلد آخر فالأصح أن الاعتبار بقوت بلد العبد " بناء على أنها وجبت على المتحمل عنه ابتداء وهو الأصح والثاني أن العبرة ببلد السيد بناء على أنها تجب ابتداء على المتحمل وهو مرجوح . " .
قلت الواجب الحب " حيث تعين فلا تجزىء القيمة اتفاقا ولا الخبز ولا الدقيق ولا السويق ونحو ذلك لأن الحب يصلح لما لا تصلح له هذه الثلاثة . " .
السليم " فلا يجزىء المسوس وإن كان يقتاته والمعيب قال تعالى " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " " .
ولو أخرج من ماله فطرة ولده الصغير الغني جاز " لأنه يستقل بتمليكه وله ولاية عليه فكأنه ملكه ذلك ثم أخرجه عنه .
والجد من قبل الأب وإن علا كالأب والمجنون كالصغير وكذا السفيه على ما أفهمه كلامهم .
وقضية التوجيه أن هذا في أب أو جد يلي المال .
فإن لم يل لعدم الأهلية فيكون كالأجنبي أما الوصي والقيم فلا يجوز لهما ذلك إلا بإذن القاضي كما جزم به في المجموع لأن اتحاد الموجب والقابل يختص بالأب والجد . " .
كأجنبي أذن " فيجوز إخراجها عنه كما في غيرها من الديون فإن لم يأذن لم يجزه قطعا لأنها عبادة مفتقرة إلى نية فلا تسقط عن المكلف بغير إذن . " .
بخلاف " ولده " الكبير " الرشيد كما قيده في المجموع فلا يجوز بغير إذنه لأن الأب لا يستقل بتمليكه فصار كالأجنبي بخلاف الصغير ونحوه . " .
ولو اشترك موسر ومعسر " مناصفة مثلا " في عبد " أي رقيق والمعسر محتاج إلى خدمته " لزم الموسر نصف صاع " لأنه الواجب عليه .
هذا إذا لم يكن بينهما مهايأة فإن كان وصادف زمن الوجوب نوبة الموسر لزمه الصاع كما مرت الإشارة إليه أو المعسر فلا شيء عليه كالمبعض المعسر .
تنبيه .
لو عبر بالرقيق عوضا عن العبد وبالحصة أو القسط عوضا عن النصف لاستغنى عما قدرته . " .
ولو أيسرا " أي الشريكان في الرقيق " واختلف واجبهما " لاختلاف قوت بلدهما بأن كانا ببلدين مختلفي القوت أو لاختلاف قوتهما على مقالة . " .
أخرج كل واحد نصف صاع من واجبه " أي من قوت بلده أو من قوته . " .
في الأصح " كما ذكره الرافعي في الشرح " والله أعلم " بناء على أنها تجب على السيد ابتداء .
والثاني وهو الأصح أنه يخرجه من قوت محل الرقيق كما علم مما مر .
وقد ذكره الرافعي بعد تصحيحه السابق ولم يذكره في الروضة ولكن صرح به في المجموع بناء على ما مر من أن الأصح أنها تجب ابتداء على المؤدى عنه ثم يتحملها عنه المؤدي .
فإن قيل كيف يستقيم ما ذكره مع قوله أولا إن الاعتبار بقوت بلد العبد أجيب بأنه يمكن حمله على صورة وهي ما إذا أهل هلال شوال على العبد وهو في برية نسبتها في القرب إلى بلدتي السيدين على السواء ففي هذه الصورة يعتبر قوت بلدتي السيدين قطعا لأنه لا بلد للعبد وكذا لو كان العبد في بلد لا قوت فيها وإنما يحمل إليها من بلدتي السيدين من الأقوات ما لا يجزىء في الفطرة كالدقيق والخبز وحيث أمكن تنزيل كلام المصنفين على تصوير صحيح لا يعدل إلى تغليطهم .
وإذ قد عرفت ذلك فلا منافاة بين ما صححه هنا وبين ما صححه أولا من كون الأصح اعتبار قوت بلد العبد ولا يحتاج إلى البناء المذكور وإن كنت قررته أولا تبعا للشارح ولغالب شراح الكتاب ( 1 / 408 ) فرعان أحدهما يجب صرف زكاة الفطر إلى الأصناف الذين ذكرهم الله تعالى وسيأتي بيان ذلك في كتاب الصدقات إن شاء الله تعالى .
وقيل يكفي الدفع إلى ثلاثة من الفقراء أو المساكين لأنها قليلة في الغالب وبهذا قال الإصطخري .
وقيل يجوز صرفها لواحد وهو مذهب الأئمة الثلاثة وابن المنذر .
ثانيهما لو دفع فطرته إلى فقير ممن تلزمه الفطرة فدفعها الفقير إليه عن فطرته جاز للدافع الأول أخذها فإن قيل وجوب الفطرة ينافي أخذ الصدقة أجيب بأن أخذها لا يقتضي غاية الفقر والمسكنة وقد تجب زكاة المال على من تحل له الصدقة فإنها تحل من غير الفقر والمسكنة .
خاتمة لو اشترى عبدا فغربت الشمس ليلة الفطر وهما في خير مجلس أو شرط ففطرته على من له الملك بأن يكون الخيار لأحدهما وإن لم يتم له الملك فإن كان الخيار لهما ففطرته على من يؤول له الملك .
ومن مات قبل الغروب عن رقيق ففطرة رقيقه على ورثته كل بقسطه لأنه ملكهم وقت الوجوب .
وإن مات بعد الغروب عن أرقاء فالفطرة عنه وعنهم في التركة مقدمة على الوصية والميراث والدين .
وإن مات بعد وجوب فطرة عبد أوصى به لغيره قبل وجوبها وجبت في تركته لبقائه وقت الوجوب على ملكه وإن مات قبل وجوبها وقبل الموصى له الوصية ولو بعد وجوبها فالفطرة على الموصى له لأنه بالقبول يتبين أنه ملكه من حين موت الموصي .
وإن رد الوصية فعلى الوارث فطرته لبقائه وقت الوجوب على ملكه فلو مات الموصى له قبل القبول وبعد وجوب الفطرة فوارثه قائم مقامه في الرد والقبول فإن قبل وقع الملك للميت وفطرة الرقيق في التركة إن كان للميت تركة وإلا بيع منه جزء فيها .
وإن مات قبل وجوبها أو معه فالفطرة على ورثته عن الرقيق إن قبلوا الوصية لأنه وقت الوجوب كان في ملكهم .
وهل تجب الفطرة على الصوفية المقيمين في الرباط قال الفارقي إن كان الوقف على معين وجبت لأنهم ملكوا الغلة وكذا إذا وقف على المقيمين بالرباط إذا حدثت غلة ملكوها ولا يشاركهم من حدث بعد ذلك وإن كان وقفه على الصوفية مطلقا فمن دخل الرباط قبل الغروب على عزم المقام لزمه الفطرة في المعلوم الحاصل للرباط وإن شرط لكل واحد قوته كل يوم فلا زكاة عليهم .
قال وهكذا حكم المتفقهة في المدارس فإن جرايتهم مقدرة بالشهر فإذا أهل شوال وللوقف غلة لزمهم الفطرة وإن لم يكونوا قبضوا لأنه ثبت ملكهم على قدر المشاهرة من جملة الغلة . "