ويلزمهم امتثال أمره كما أفتى به المصنف وسبقه إلى ذلك ابن عبد السلام لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله " الآية ورواه البيهقي عن أنس وقال دعوتم الصائم ( 1 / 322 ) والوالد والمسافر .
قال الإسنوي والقياس طرده في جميع المأمور به هنا ا . ه " .
ويدل له قولهم في باب الإمامة العظمى تجب طاعة الإمام في أمره ونهيه ما لم يخالف حكم الشرع .
واختار الأذرعي عدم وجوب الصوم كما لوأمرهم بالعتق وصدقة التطوع .
قال الغزي وفي القياس نظر لأن ذلك إخراج مال وقد قالوا إذا أمرهم بالاستسقاء في الجدب وجبت طاعته فيقاس الصوم على الصلاة فيؤخذ من كلامهما أن الأمر بالعتق والصدقة لا يجب امتثاله وهذا هو الظاهر وإن كان كلامهم في الإمامة شاملا لذلك إذ نفس وجوب الصوم منازع فيه فما بالك بإخراج المال الشاق على أكثر الناس وإذا قيل بوجوب الصوم قال الإسنوي يشترط التبييت له حينئذ .
قال الغزي ويحسن تخريج وجوب النية على صوم الصبي رمضان أو على صوم النذر ا . ه ويؤخذ من ذلك وجوب التبييت إذ لا يصح صوم من ذكر بغير تبييت وهذا هو الظاهر وإن اختار الأذرعي عدم الوجوب وقال يبعد عدم صحة صوم من لم ينو ليلا كل البعد .
ويأمرهم أيضا بالصلح بين المتشاحنين " والتوبة " بالإقلاع عن المعاصي والندم عليها والعزم على عدم العود إليها " والتقرب إلى الله تعالى بوجوه البر " من عتق وصدقة وغيرهما لأن ذلك أرجى للإجابة قال تعالى " ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه " يرسل السماء عليكم مدرارا " وقال " إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي " الآية . " .
والخروج من المظالم " المتعلقة بالعبادة في الدم والعرض والمال لأن ذلك أقرب إلى الإجابة .
وقد يكون منع الغيث بترك ذلك فقد روى الحاكم والبيهقي ولا منع قوم الزكاة إلا حبس عنهم المطر وقال عبدالله بن مسعود إذا بخس الناس المكيال منعوا قطر السماء .
وقال مجاهد وعكرمة في قوله تعالى " ويلعنهم اللاعنون " تلعنهم دواب الأرض تقول منع المطر بخطاياهم .
والتوبة من الذنب واجبة على الفور أمر بها الإمام أم لا .
وظاهر أن الخروج من المظالم داخل فيها بل كل منهما داخل في التقرب إلى الله تعالى بوجوه البر لكن لعظم أمرهما وكونهما أرجى للإجابة أفردا بالذكر فهما من عطف خاص على عام . " .
ويخرجون " أي الناس مع الإمام " إلى الصحراء " بلا عذر تأسيا به A ولأن الناس يكثرون فلا يسعهم المسجد غالبا وعبارة الأكثرين تبعا للنص إلى مصلى العيدين وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين مكة وغيرها وإن استثنى بعضهم مكة وبيت المقدس لفضل البقعة وسعتها لأنا مأمورون بإحضار الصبيان ومأمورون بأنا نجنبهم المساجد . " .
في الرابع " من صيامهم " صياما " لحديث ثلاثة لا ترد دعوتهم المتقدم وينبغي للخارج أن يخفف أكله وشربه تلك الليلة ما أمكن .
فإن قيل لم لم يسن فطر يوم الخروج ليقوى على الدعاء كما يسن للحاج فطر يوم عرفة لذلك أجيب بأن الحاج يجتمع عليه مشقة الصوم والسفر وبأن محل الدعاء تم آخر النهار والمشقة المذكورة مضعفة حينئذ بخلافه هنا .
فإن قيل قضيته أنهم لو كانوا هنا مسافرين وصلوا آخر النهار أن لا صوم عليهم .
أجيب بأن الإمام لما أمر به صار واجبا نعم إن تضرروا بذلك لا وجوب عليهم لأن الأمر به حينئذ غير مطلوب لكون الفطر أفضل ويخرجون غير متطيبين ولا متزينين بل " في ثياب بذلة " بكسر الموحدة وسكون المعجمة أي مهنة وهي من إضافة الموصوف إلى صفته أي ما يلبس من الثياب في وقت الشغل ومباشرة الخدمة وتصرف الإنسان في بيته . " .
و " في " تخشع " وهو حضور القلب وسكون الجوارح ويراد به أيضا التذلل .
وقد علم بما قدرته أن تخشع معطوف على ثياب لا على بذلة كما قيل لأنه حينئذ لم يكن فيه تعرض لصفتهم في أنفسهم وهي المقصودة التي ثياب البذلة وصلة لها .
ويسن لهم التواضع في كلامهم ومشيهم وجلوسهم للاتباع رواه الترمذي وقال حسن صحيح .
ويتنظفون بالسواك وقطع الروائح الكريهة وبالغسل .
ويخرجون من طريق ويرجعون في آخر مشاة في ذهابهم إن لم يشق عليهم لا حفاة مكشوفين الرؤوس وقول المتولي لو خرج أي الإمام أو غيره حافيا مكشوف الرأس لم يكره لما فيه من إظهار التواضع بعيد كما قاله الشاشي و الأذرعي . " .
ويخرجون " معهم ندبا " الصبيان والشيوخ " والعجائز ومن لا هيئة لها من النساء والخنثى القبيح المنظر ( 1 / 323 ) كما قاله بعض المتأخرين لأن دعاءهم أقرب إلى الإجابة إذ الكبير أرق قلبا والصغير لا ذنب عليه ولقوله A وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم رواه البخاري وروي بسند ضعيف لولا شباب خشع وبهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا ونظم بعضهم ذلك فقال لولا عباد للإله ركع وصبية من اليتامى رضع ومهملات في الفلاة رتع صب عليكم العذاب الأوجع والمراد بالركع الذين انحنت ظهورهم من الكبر وقيل من العبادة ولو احتيج في حمل الصبيان ونحوهم إلى مؤنة حسبت من مالهم كما يؤخذ من كلام الإسنوي لأن الجدب عمهم .
ويسن إخراج الأرقاء بإذن ساداتهم " وكذا البهائم " يسن إخراجها " في الأصح " لأن الجدب قد أصابها أيضا وفي الحديث أن نبيا من الأنبياء خرج يستسقي فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء فقال ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل شأن النملة رواه الدارقطني والحاكم وقال صحيح الإسناد وفي البيان وغيره أن هذا النبي هو سليمان E وأن النملة وقعت على ظهرها ورفعت يديها وقالت اللهم أنت خلقتنا فإن رزقتنا وإلا فأهلكنا .
قال وروي أنها قالت اللهم إنا خلق من خلقك لا غنى بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بني آدم .
والثاني لا يسن إخراجها ولا يكره لأنه لم ينقل .
والثالث يكره إخراجها ونقله في المجموع عن الجمهور لأن فيه إتعابها واشتغال الناس بها وبأصواتها والثاني عن نص الأم مع تصحيحه ك الرافعي وغيره الأول أي وهو المعتمد .
وتقف معزولة عن الناس ويفرق بين الأمهات والأولاد حتى تكثر الصياح والضجة والرقة فيكون أقرب إلى الإجابة نقله الأذرعي عن جمع المراوزة وأقره . " .
ولا يمنع أهل الذمة الحضور " لأنهم يسترزقون وفضل الله واسع وقد يجيبهم استدراجا وطمعا في الدنيا قال تعالى " سنستدرجهم من حيث لا يعلمون " " .
ولا يختلطون " أهل الذمة ولا غيرهم من سائر الكفار " بنا " في مصلانا ولا عند الخروج أي يكره ذلك بل يتميزون عنا في مكان لأنهم أعداء الله تعالى إذ قد يحل بهم عذاب بكفرهم فيصيبنا قال تعالى " واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " .
ولا يجوز أن يؤمن على دعائهم كما قاله الروياني لأن دعاء الكافر غير مقبول .
ومنهم من قال يستجاب لهم كما استجيب دعاء إبليس بالإنظار .
وقد يقال لم يستجب له لأنه طلب الانظار إلى يوم البعث فلم يجب إلى ذلك وإنما أنظره الله تعالى إلى يوم الوقت المعلوم .
ويكره إخراجهم للاستسقاء لأنهم ربما كانوا سبب القحط وفي الروضة يكره أيضا خروجهم .
قال الشافعي لكن ينبغي للإمام أن يحرص على أن يكون خروجهم في غير يوم خروجنا لئلا تقع المساواة والمضاهاة في ذلك ا . ه " .
فإن قيل قد يخرجون وحدهم فيسقون فيظن ضعفة المسلمين بهم خيرا .
أجيب بأن خروجهم معنا فيه مفسدة محققة فقدمت على المفسدة المتوهمة قال الشافعي رضي الله تعالى عنه في الجامع الكبير ولا أكره من إخراج صبيانهم ما أكره من خروج كبارهم لأن ذنوبهم أقل لكن يكره لكفرهم .
قال المصنف وهذا يقتضي كفر أطفال الكفار .
وقد اختلف العلماء فيهم إذا ماتوا فقال الأكثر إنهم في النار وطائفة لا نعلم حكمهم والمحققون إنهم في الجنة وهو الصحيح المختار لأنهم غير مكلفين وولدوا على الفطرة .
وتحرير هذا كما قال شيخنا وغيره أنهم في أحكام الدنيا كفار أي فلا نصلي عليهم ولا يدفنون في مقابر المسلمين وفي الآخرة مسلمون فيدخلون الجنة .
ويسن لكل واحد ممن يستسقي أن يستشفع بما فعله من خير بأن يذكره في نفسه فيجعله شافعا لأن ذلك لائق بالشدائد كما في خبر الثلاثة الذين أووا في الغار وأن يستشفع بأهل الصلاح لأن دعاءهم أرجى للإجابة لا سيما أقارب النبي A كما استشفع عمر رضي الله تعالى عنه بالعباس رضي الله تعالى عنه عم النبي A فقال اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا إليك بنبينا محمد فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون رواه البخاري . " .
وهي ركعتان " للاتباع رواه الشيخان " كالعيد " أي كصلاته في كيفيتها من التكبير بعد الافتتاح قبل التعوذ والقراءة سبعا في الأولى وخمسا في الثانية يرفع يديه ووقوفه بين كل تكبيرتين كآية معتدلة والقراءة في الأولى جهرا بسورة ق وفي الثانية اقتربت في ( 1 / 324 ) الأصح أو بسبح والغاشية قياسا لا نصا . " .
لكن قيل " هنا أنه " يقرأ في الثانية " بدل اقتربت " إنا أرسلنا نوحا " لاشتمالها على الاستغفار ونزول المطر اللائقين بالحال .
ورده في المجموع باتفاق الأصحاب على أن الأفضل أن يقرأ فيها ما يقرأ في العيد وينادى لها الصلاة جامعة .
وفي اختصاصها بوقت أوجه قيل بوقت العيد وقيل من أول وقت العيد إلى العصر والأصح لا تتأقت فقوله " ولا تختص " صلاة الاستسقاء " بوقت العيد في الأصح " وعبر في الروضة بالصحيح الذي نص عليه الشافعي وقطع به الأكثرون يصدق بالأخيرين فلا يعلم منه الأصح .
ويجوز فعلها متى شاء ولو في وقت الكراهة على الأصح لأنها ذات سبب فدارت مع السبب كصلاة الكسوف . " .
ويخطب كالعيد " في الأركان والشرائط والسنن " لكن يستغفر الله تعالى بدل التكبير " فيقول أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه في الأولى تسعا وفي الثانية سبعا لأن ذلك أليق بالحال لأن الله تعالى وعدنا بإرسال المطر عنده وقيل إنه يكبر كالعيد قال المصنف وهو ظاهر نص الأم وقال الأذرعي إنه قضية كلام أكثر العراقيين ويأتي بما يتعلق بالاستسقاء بدل ما يتعلق بالفطر والأضحية .
ويجوز أن يخطب قبل الصلاة كما سيأتي .
ويسن أن يختم كلامه بالاستغفار وأن يكثر منه في الخطبة ومن قول " استغفروا ربكم " الآية ومن دعاء الكرب وهو لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم ومن يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث ومن رحمتك نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين وأصلح لنا شأننا كله لا إله إلا أنت ويسن في كل موطن " اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " وآية آخر البقرة . " .
ويدعو في الخطبة الأولى " بما رواه الشافعي في الأم والمختصر عن سالم بن عبدالله بن عمر أن رسول الله A كان إذا استسقى قال " اللهم " أي يا الله " أسقنا " بقطع الهمزة من أسقى ووصلها من سقى فقد ورد الماضي ثلاثيا ورباعيا قال تعالى " لأسقيناهم ماء غدقا " وقال " وسقاهم ربهم شرابا طهورا " " .
غيثا " بمثلثة أي مطرا " مغيثا " بضم الميم أي منقذا من الشدة بإروائه " هنيئا " بالمد والهمزة أي طيبا لا ينغصه شيء " مريئا " بوزن هنيئا أي محمود العاقبة " مريعا " بفتح الميم وكسر الراء وبياء مثناة من تحت أي ذاريع أي نماء مأخوذ من المراعة وروي بالموحدة من تحت من قولهم أربع البعير يربع إذا أكل الربيع وروي أيضا بالمثناة من فوق من قولهم رتعت الماشية إذا أكلت ما شاءت والمعنى واحد . " .
غدقا " بغين معجمة ودال مهملة مفتوحة أي كثير الماء والخير وقيل الذي قطره كبار . " .
مجللا " بفتح الجيم وكسر اللام يجلل الأرض أي يعمها كجل الفرس وقيل هو الذي يجلل الأرض بالنبات . " .
سحا " بفتح السين وتشديد الحاء المهملة أي شديد الوقع على الأرض يقال سح الماء يسح إذا سال من فوق إلى أسفل وساح يسيح إذا جرى على وجه الأرض . " .
طبقا " بفتح الطاء والباء الموحدة أي مطبقا على الأرض أي مستوعبا لها فيصير كالطبق عليها يقال هذا مطابق لهذا أي مساو له . " .
دائما " إلى انتهاء الحاجة إليه فإن دوامه عذاب . " .
اللهم أسقنا الغيث " تقدم شرحه " ولا تجعلنا من القانطين " أي الآيسين بتأخير المطر .
اللهم إن بالعباد والبلاد والخلق من اللأواء بالهمز والمد شدة الجوع والجهد بفتح الجيم وهو قلة الخير وسوء الحال والضنك أي الضيق ما لا نشكو بالنون إلا إليك .
اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع وأسقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض اللهم ارفع عنا الجهد والعري والجوع واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك .
وقال مجاهد وعكرمة في قوله تعالى " ويلعنهم اللاعنون " تلعنهم دواب الأرض تقول منع المطر بخطاياهم . " .
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء " أي المطر كما قاله الأزهري وقال الزركشي يجوز أن يكون المراد هنا المطر والسحاب . " .
علينا مدرارا " أي درا كثيرا أي مطرا كثيرا .
وهذه الزيادة التي زيدت على المتن قد ذكر منها في المحرر إلى اللهم ( 1 / 325 ) ارفع وذكر الباقي في التنبيه والجميع حديث واحد فلا معنى لحذف بعضه . " .
ويستقبل القبلة " ندبا " بعد صدر الخطبة الثانية " وهو نحو ثلثها كما قاله في الدقائق وحكاه في شرح مسلم عن الأصحاب .
وإذا فرغ من الدعاء استدبرها وأقبل على الناس يحثهم على طاعة الله تعالى إلى أن يفرغ كما في الشرح والروضة لا كما يشعر به كلامه من بقاء الاستقبال إلى فراغها ولو استقبل في الأولى لم يعده في الثانية كما نقله في البحر عن نص الأم . " .
ويبالغ في الدعاء " حينئذ " سرا " ويسر القوم الدعاء أيضا " وجهرا " ويؤمن القوم على دعائه قال تعالى " ادعوا ربكم تضرعا وخفية " ويرفعون أيديهم في الدعاء جاعلين ظهور أكفهم إلى السماء ثبت ذلك في صحيح مسلم .
قال العلماء وهكذا السنة لكل من دعا لرفع بلاء أن يجعل ظهر كفه إلى السماء وإذا سأل شيئا عكس ذلك .
والحكمة أن القصد رفع البلاء بخلاف القاصد حصول شيء فيجعل بطن كفه إلى السماء .
قال الروياني ويكره رفع اليد النجسة قال ويحتمل أن يقال لا يكره بحائل .
قال الشافعي Bه وينبغي أن يكون من دعائهم في هذه الحالة اللهم أنت أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك وقد دعوناك كما أمرتنا فأجبنا كما وعدتنا اللهم فامنن علينا بمغفرة ما قارفنا وإجابتك في سقيانا وسعة في رزقنا وذكره في المحرر وأسقطه المصنف اختصارا وكان اللائق ذكره . " .
ويحول " الخطيب " رداءه عند استقباله " القبلة للتفاؤل بتحويل الحال من الشدة إلى الرخاء " لحديث " كان رسول الله A يحب الفأل الحسن رواه الشيخان عن أنس بلفظ ويعجبني الفأل الكلمة الحسنة والكلمة الطيبة وفي رواية لمسلم وأحب الفأل الصالح . " .
فيجعل يمينه " أي يمين ردائه " يساره وعكسه " للاتباع كما رواه أبو داود .
قال السهيلي وكان طول ردائه A أربعة أذرع وعرضه ذراعين وشبرا . " .
وينكسه " بفتح أوله مخففا وبضمه مثقلا عند استقباله " على الجديد فيجعل أعلاه أسفله وعكسه " لما في خبر أبي داود وغيره أنه A استسقى وعليه خميصة سوداء فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه وجه الدلالة أنه هم به فمنعه من فعله مانع .
والقديم لا يستحب لأنه لم يفعله .
ومتى جعل الطرف الأسفل الذي على الأيسر على الأيمن والآخر على الأيسر حصل التنكيس والتحويل جميعا .
والخلاف في الرداء المربع أما المدور والمثلث فليس فيه إلا التحويل قطعا قال القمولي لأنه لا يتهيأ فيه التنكيس وكذا الرداء الطويل .
قال شيخنا ومراده كغيره أن ذلك متعسر لا متعذر . " .
ويحول الناس " وينكسون وهم جلوس كما نقله الأذرعي عن بعض الأصحاب " مثله " تبعا له لما روى الإمام أحمد في مسنده أن الناس حولوا مع النبي A .
تنبيه .
عبر في المحرر بقوله ويفعل بدل يحول وهو أعم لما تقرر ويقع في بعض نسخ الكتاب كذلك لكن المذكور عن نسخة المصنف يحول . " .
قلت ويترك " بضم أوله أي رداء الخطيب والناس " محولا حتى ينزع " بفتح أوله " الثياب " كل منهما عند رجوعهما لمنزلهما لأنه لم ينقل أنه A غير رداءه قبل ذلك . " .
لو ترك الإمام الاستسقاء فعله الناس " كسائر السنن لأنهم يحتاجون كما يحتاج الإمام بل أشد لكنهم لا يخرجون إلى الصحراء إذا كان الوالي بالبلد حتى يأذن لهم كما اقتضاه كلام الشافعي لخوف الفتنة نبه عليه الأذرعي وغيره . " .
ولو خطب " له " قبل الصلاة جاز " للحديث الصحيح في سنن أبي داود وغيره أنه A خطب ثم صلى وفي الصحيحين نحوه أيضا لكن في حقنا خلاف الأفضل لأن فعل الخطبتين بعد الصلاة هو الأكثرمن فعله A . " .
ويسن " لكل أحد " أن يبرز " أي يظهر " لأول مطر السنة ويكشف " من جسده " غير عورته ليصيبه " شيء من المطر تبركا وللاتباع روى مسلم ( 1 / 326 ) أنه ص الله عليه وسلم حسر عن ثوبه حتى أصابه المطر وقال إنه حديث عهد بربه أي بخلقه وتنزيله بل يسن عند أول كل مطر كما قال الزركشي لظاهر خبر رواه الحاكم ولكنه في الأول آكد . " .
وأن يغتسل أو يتوضأ في " ماء " السيل " لما روى الشافعي رضي الله تعالى عنه في الأم لكن بإسناد منقطع أنه A كان إذا سال السيل قال اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورا فنتطهر به ونحمد الله عليه والتعبير بأو يفيد استحباب أحدهما بالمنطوق وكليهما بمفهوم الأول فهو أفضل كما جزم به في المجموع فقال يستحب أن يتوضأ منه ويغتسل فإن لم يجمعهما فليتوضأ .
والمتجه كما في المهمات الجمع ثم الاقتصار على الغسل ثم على الوضوء .
والغسل والوضوء لا تشترط فيهما النية وإن قال الإسنوي فيه نظر إلا أن يصادف وقت وضوء أو غسل لأن الحكمة فيه هي الحكمة في كشف البدن لينال أول مطر السنة وبركته . " .
ويسبح عند الرعد والبرق " فيقول سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته كما رواه مالك في الموطأ عن عبدالله بن الزبير .
وقيس بالرعد البرق والمناسب أن يقول عنده سبحان من " يريكم البرق خوفا وطمعا " .
ونقل الشافعي رضي الله تعالى عنه في الأم عن الثقة عن مجاهد أن الرعد ملك والبرق أجنحته يسوق بها السحاب .
وعلى هذا المسموع صوته أو صوت سوقه على اختلاف فيه .
وإطلاق ذلك على الرعد مجاز ولا عبرة بقول الفلسفي الرعد صوت اصطكاك أجرام السحاب والبرق ما ينقدح من اصطكاكها .
وروي أنه A قال بعث الله السحاب فنطقت أحسن النطق وضحكت أحسن الضحك فالرعد نطقها والبرق ضحكها . " .
و " أن " لا يتبع بصره البرق " لأن السلف الصالح كانوا يكرهون الإشارة إلى الرعد والبرق ويقولون عند ذلك لا إله إلا الله وحده لا شريك له سبوح قدوس .
قال الماوردي فيختار الاقتداء بهم في ذلك . " .
و " أن " يقول عند " نزول " المطر " كما في البخاري " اللهم صيبا " بصاد مهملة وتشديد المثناة التحتية أي مطرا شديدا " نافعا " وفي رواية لابن ماجه سيبا بفتح السين وسكون الياء أي عطاء نافعا وفي رواية لأبي داود وابن ماجه صبيا هنيئا فيستحب الجمع بين الروايات الثلاث ويكرر ذلك مرتين أو ثلاثا . " .
و " أن " يدعو بما شاء " لما روى البيهقي أن الدعاء يستجاب في أربعة مواطن عند التقاء الصفوف ونزول الغيث وإقامة الصلاة ورؤية الكعبة . " .
و " أن يقول " بعده " أي بعد المطر أي في أثره كما عبر به في المجموع عن الشافعي والأصحاب وليس المراد بعد انقطاعه كما هو ظاهر كلام المتن . " .
مطرنا بفضل الله " علينا . " .
ورحمته " لنا . " .
ويكره " قول " مطرنا بنوء كذا " بفتح نونه وهمز آخره أي بوقت النجم الفلاني على عادة العرب في إضافة الأمطار إلى الأنواء لإيهامه أن النوء ممطر حقيقة فإن اعتقد أنه الفاعل له حقيقة كفر وعليه يحمل ما في الصحيحين حكاية عن الله تعالى أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذاك مؤمن بي كافر بالكوكب ومن قال مطرنا بنوء كذا فذاك كافر بي مؤمن بالكوكب وأفاد تعليق الحكم بالباء أنه لو قال مطرنا في نوء كذا لم يكره وهو كما قال شيخنا ظاهر .
ويستثنى من إطلاقه ما نقله الشافعي عن بعض أصحابه أنه كان يقول عند المطر مطرنا بنوء الفتح ثم يقرأ " ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها " " .
و " يكره " سب الريح " وتجمع على رياح وأرواح بل يسن الدعاء عندها لخبر الريح من روح الله أي رحمته تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن . " .
ولو تضرروا بكثرة المطر " وهي ضد القلة قال المصنف في التحرير بفتح الكاف وكسرها .
قال في المحكم وبضمها . " .
فالسنة أن يسألوا الله تعالى رفعه " بأن يقولوا كما قال A لما شكى إليه ذلك " اللهم " اجعل المطر " حوالينا " في الأودية والمراعي " ولا " تجعله " علينا " في الأبنية والبيوت اللهم على الآكام والظراب ( 1 / 327 ) وبطون الأودية ومنابت الشجر رواه الشيخان .
والآكام بالمد جمع أكم بضمتين جمع إكام بوزن كتاب جمع أكم بفتحتين جمع أكمة وهو التل المرتفع من الأرض إذا لم يبلغ أن يكون جبلا .
والظراب بكسر الظاء المعجمة جمع ظرب بفتح أوله وكسر ثانيه جبل صغير . " .
ولا يصلي لذلك والله أعلم " لعدم ورود الصلاة له .
خاتمة روى البيهقي في الشعب عن محمد بن حاتم قال قلت لأبي بكر الوراق علمني شيئا يقربني إلى الله تعالى ويقربني من الناس فقال أما الذي يقربك إلى الله تعالى فمسألته وأما الذي يقربك من الناس فترك مسألتهم ثم روى عن أبي هريرة Bه أن النبي A قال من لم يسأل الله يغضب عليه ثم أنشد والله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب