" " .
يجوز الجمع بين الظهر والعصر تقديما " في وقت الأولى " وتأخيرا " في وقت الثانية .
والجمعة كالظهر في جمع التقديم كما نقله الزركشي واعتمده كجمعهما بالمطر بل أولى ويمتنع تأخيرا لأن الجمعة ( 1 / 272 ) لا يتأتى تأخيرها عن وقتها . " .
و " بين " المغرب والعشاء كذلك " أي تقديما في وقت الأولى وتأخيرا في وقت الثانية . " .
في السفر الطويل " المباح للاتباع .
أما جمع التأخير فثابت في الصحيحين من حديث أنس و ابن عمر رضي الله تعالى عنهم وأما جمع التقديم فصححه ابن حبان و البيهقي من حديث معاذ وحسنه الترمذي .
نعم المتحيرة لا تجمع تقديما كما قاله في زيادة الروضة والمجموع .
قال في المهمات ووجه امتناعه أن الجمع في وقت الأولى شرطه تقدم الأولى صحيحة يقينا أو ظنا وهو منتف هاهنا بخلاف الجمع في وقت الثانية .
قال الزركشي ومثلها في جمع التقديم فاقد الطهورين وكل من لم تسقط صلاته بالتيمم قال شيخنا ولو حذف بالتيمم كان أولى أي ليشمل غير المتيمم . " .
وكذا " يجوز له الجمع في السفر " القصير في قول " قديم كالتنفل على الراحلة ووجه مقابلة القياس على القصر والمجموعة في وقت الأخرى أداء كالأخرى لأن وقتيهما صارا واحدا .
وخرج بما ذكر الصبح من غيرها والعصر مع المغرب فلا جمع فيهما لأنه لم يرد .
ولا في الحضر ولا في سفر قصر ولو لمكي ولا في سفر معصية .
وأشار بقوله يجوز إلى أن الأفضل ترك الجمع خروجا من خلاف أبي حنيفة وصرح بذلك في الروضة من غير استثناء لكن يستثنى في الحج الجمع بعرفة كما قاله الإمام وبمزدلفة كما بحثه الإسنوي فإن الجمع فيهما أفضل قطعا فإنه مستحب للاتباع وسببه السفر في الأظهر لا النسك كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الحج وإن صحح المصنف في منسكه الكبير أن سببه النسك لأنه خلاف ما صححه في سائر كتبه .
ويستثنى أيضا الشاك والراغب عن الرخصة كما اقتضاه كلام البغوي في التعليق وغيره ومن إذا جمع صلى جماعة أو خلا عن حدثه الدائم أو كشف عورته فالجمع أفضل كما قاله الأذرعي وكذا من خاف فوت عرفة أو عدم إدراك العدو لاستنقاذ أسير ونحو ذلك . " .
فإن كان سائرا وقت الأولى " نازلا في وقت الثانية كسائر يبيت بمزدلفة " فتأخيرها أفضل وإلا " بأن لم يكن سائرا وقت الأولى بأن كان نازلا فيه سائرا في وقت الثانية " فعكسه " للاتباع رواه الشيخان في الظهر والعصر وأبو داود وغيره في المغرب والعشاء ولأنه أوفق للمسافر .
وما قررت به كلام المتن هو ظاهر كلامهم وبقي ما لو كان سائرا في وقتيهما أو نازلا فيه فالذي يظهر أن التأخير أفضل لأن وقت الثانية وقت للأولى حقيقة بخلاف العكس . " .
وشروط التقديم ثلاثة " بل أربعة أحدها " البداءة بالأولى " لأن الوقت لها والثانية تبع لها فلو صلى العصر قبل الظهر لم تصح ويعيدها بعد الظهر إن أراد الجمع وكذا لو صلى العشاء قبل المغرب لأن التابع لا يتقدم على متبوعه . " .
فلو صلاهما " مبتدئا بالأولى " فبان فسادها " بفوات شرط أو ركن " فسدت الثانية " أيضا لانتفاء شرطها من البداءة بالأولى والمراد بفسادها بطلان كونها عصرا أو عشاء لا أصل الصلاة بل تنعقد نافلة على الصحيح كما نقله في الكفاية عن البحر وأقره كما لو أحرم بالفرض قبل وقته جاهلا بالحال . " .
و " ثانيها " نية الجمع " ليتميز التقديم المشروع عن التقديم سهوا . " .
ومحلها " الفاضل " أول الأولى " كسائر المنويات فلا يكفي تقديمها بالاتفاق " وتجوز في أثنائها في الأظهر " لحصول الغرض بذلك والثاني لا يجوز قياسا على نية القصر بجامع أنهما رخصتا سفر .
وأجاب الأول بأن الجمع هو ضم الثانية إلى الأولى فحيث وجدت نيته وجد بخلاف نية القصر فإنها لو تأخرت لتأدي بعض الصلاة على التمام وحينئذ يمتنع القصر كما مر .
وعلى الأول تجوز مع التحلل منها أيضا في الأصح وإن أوهم تعبيره بالأثناء عدم الصحة وقدرت الفاضل تبعا للشارح لأجل الخلاف بعدم الصحة فيما إذا نوى في أثنائها فإنه لا فضل فيه .
ولو نوى الجمع أول الأولى ثم نوى تركه ثم قصد فعله ففيه القولان في نية الجمع في أثنائها كما نقله في الروضة عن الدارمي .
ولو شرع في الظهر أو المغرب بالبلد في سفينة فسارت فنوى الجمع فإن لم تشترط النية مع التحرم صح لوجود السفر وقتها وإلا فلا .
قال بعض المتأخرين ويفرق بينها وبين حدوث المطر في أثناء الأولى حيث لا يجمع به كما سيأتي بأن السفر باختياره فنزل اختياره له في ذلك منزلته بخلاف المطر حتى لو لم يكن ( 1 / 273 ) باختياره فالوجه امتناع الجمع هنا .
والمعتمد الفرق بين المسألتين وهو أنه لا يشترط نية الجمع في أول الأولى بخلاف عذر المطر فإذن لا فرق في المسافر بين أن يكون السفر باختياره أو لا كما قاله شيخي . " .
و " ثالثها " الموالاة بأن لا يطول بينهما فصل " لأن الجمع يجعلهما كصلاة فوجب الولاء كركعات الصلاة ولأنها تابعة والتابع لا يفصل عن متبوعه ولهذا تركت الرواتب بينهما ولأنه المأثور . " .
فإن طال ولو بعذر " كسهو وإغماء " وجب تأخير الثانية إلى وقتها " لفوات شرط الجمع " ولا يضر فصل يسير " لما في الصحيحين عن أسامة أن النبي A لما جمع بنمرة أقام الصلاة بينهما . " .
ويعرف طوله " وقصره " بالعرف " لأنه لا ضابط له في الشرع ولا في اللغة وما كان كذلك يرجع فيه إلى العرف كالحرز والقبض .
وقيل إن اليسير يقدر بالإقامة كما في الحديث . " .
وللمتيمم الجمع على الصحيح " كالمتوضىء وقال أبو إسحاق لا يجوز لأنه يحتاج إلى الطلب .
وأشار المصنف إلى رد ذلك بقوله " ولا يضر تخلل طلب خفيف " لأن ذلك من مصلحة الصلاة فأشبه الإقامة بل أولى لأنه شرط دونها بل ولو لم يكن الفصل اليسير لمصلحة الصلاة لم يضر والثاني يضر لطول الفصل به بينهما ولا يضر الفصل بالوضوء قطعا .
ولو صلى بينهما ركعتين بنية راتبة بطل الجمع قاله في المجموع وغير الراتبة كالراتبة " ولو جمع " بين صلاتين " ثم علم " بعد الفراغ منهما أو في أثناء الثانية وطال الفصل بين سلام الأولى وعلمه " ترك ركن من الأولى بطلتا " الأولى لترك الركن وتعذر التدارك بطول الفصل والثانية لفقد الترتيب .
وأعيدت هذه المسألة توطئة لما بعدها . " .
ويعيدهما جامعا " إن شاء عند اتساع الوقت لأنه لم يصل .
أما إذا علم ذلك في أثناء الثانية ولم يطل الفصل فإن إحرامه بالثانية لم يصح ويبني على الأولى .
وقوله ثم علم يفهم أن الشك لا يؤثر وهو كذلك إذ لا أثر له بعد الفراغ من الصلاة . " .
أو " علم تركه " من الثانية فإن لم يطل " أي الفصل " تدارك " ومضت الصلاتان على الصحة " وإلا " أي وإن طال " فباطلة " أي الثانية لتركه الموالاة بتخلل الباطلة فيلزمه إعادتها في وقتها . " .
ولو جهل " بأن لم يدر كون المتروك من الأولى أو من الثانية " أعادهما لوقتيهما " لاحتمال أنه من الأولى وامتنع الجمع تقديما لاحتمال أنه من الثانية فيطول الفصل بها وبالأولى المعادة بعدها أما جمعهما تأخيرا فجائز إذ لا مانع منه .
ولو شك بين الصلاتين في نية الجمع ثم تذكر أنه نواه فإن كان عن قرب جاز له الجمع وإلا امتنع كما قاله الزركشي . " .
وإذا أخر " الصلاة " الأولى " إلى وقت الثانية " لم يجب الترتيب " بينهما " و " لا " الموالاة و " لا " نية الجمع " في الأولى " على الصحيح " في المسائل الثلاث .
أما عدم الترتيب فلأن الوقت للثانية فلا تجعل تابعة .
وأما عدم الموالاة فلأن الأولى بخروج وقتها الأصلي قد أشبهت الفائتة بدليل عدم الأذان لها وإن لم تكن فائتة وينبني على عدم وجوب الموالاة عدم وجوب نية الجمع والثاني يجب ذلك كما في جمع التقديم .
وفرق الأول بما تقدم من التعليل وعلى الأول يستحب ذلك كما صرح به في المجموع .
ووقع في المحرر الجزم بوجوب نية الجمع وتبعه في الحاوي الصغير قال في الدقائق ولم يقل به أحد بل قال في المسألة وجهان الصحيح أن الثلاث سنة والثاني أنها كلها واجبة . " .
و " إنما " يجب " للتأخير أمران فقط أحدهما " كون التأخير " إلى وقت الثانية " بنية الجمع " قبل خروج وقت الأولى بزمن لو ابتدئت فيه كانت أداء نقله في الروضة كأصلها عن الأصحاب .
وفي المجموع وغيره عنهم وتشترط هذه النية في وقت الأولى بحيث يبقى من وقتها ما يسعها أو أكثر فإن ضاق وقتها بحيث لا يسعها عصى وصارت قضاء وهو مبين كما قال الشارح ( 1 / 274 ) إن المراد بالأداء في الروضة الأداء الحقيقي بأن يؤتى بجميع الصلاة قبل خروج وقتها بخلاف الإتيان بركعة منها في الوقت والباقي بعده .
فتسميته أداء بتبعية ما بعد الوقت لما فيه كما تقدم في كتاب الصلاة ولا ينافي ذلك قول المجموع صارت قضاء خلافا لبعض المتأخرين كما قاله شيخي لأنه لم يوقع ركعة في الوقت لأن هذا مجرد نية فلا يؤثر . " .
وإلا " أي وإن أخر من غير نية الجمع أو بنيته في زمن لا يسعها " فيعصي وتكون قضاء " لخلو الوقت عن الفعل أو العزم .
وقول الغزالي لو نسي النية حتى خرج الوقت لم يعص .
وكان جامعا لأنه معذور ظاهر في قوله لم يعص وليس بظاهر في قوله وكان جامعا لفقد النية .
الشرط الرابع من شروط التقديم دوام سفره إلى عقد الثانية كما يؤخذ من قوله " ولو جمع تقديما " بأن صلى الأولى في وقتها ناويا الجمع " فصار بين الصلاتين " أو في الأولى كما فهم بالأولى وصرح به في المحرر " مقيما " بنية الإقامة أو بانتهاء السفينة إلى المقصد " بطل الجمع " لزوال سببه فيتعين تأخير الثانية إلى وقتها أما الأولى فلا تتأثر بذلك .
تنبيه .
تعبيره بقوله جمع فيه تساهل وعبر في المحرر بقوله ولو كان يجمع ولو شك في صيرورته مقيما فحكمه حكم تيقن الإقامة فلو عبر بقوله فزال السبب لدخلت هذه الصورة . " .
وفي الثانية وبعدها " لو صار مقيما " لا يبطل في الأصح " لانعقادها أو تمامها قبل زوال العذر والثاني يبطل قياسا في الأولى على القصر .
وفرق الأول بأن القصر ينافي الإقامة بخلاف الجمع وفي الثانية على تعجيل الزكاة إذا خرج الآخذ قبل الحول عن الشرط المعتبر وفرق الأول بأن الرخصة هنا قد تمت فأشبه ما لو قصر ثم طرأت الإقامة لا يلزمه الإتمام بخلاف الزكاة فإن آخذها قد تبين أنه غير مستحق لها .
الأمر الثاني من أمري التأخير دوام سفره إلى تمامهما كما يؤخذ من قوله " أو " جمع " تأخيرا فأقام بعد فراغهما لم يؤثر " ذلك بالاتفاق لتمام الرخصة في وقت الثانية " وقبله " أي فراغهما " يجعل الأولى قضاء " لأنها تابعة للثانية في الأداء للعذر وقد زال قبل تمامها