فرع لو كان الأفقه أو الأقرأ .
أو الأورع صبيا أو مسافرا قاصرا أو فاسقا أو ولد زنا أو مجهول الأب فضده أولى وقد مرت الإشارة إلى بعض ذلك نعم إن كان المسافر السلطان أو نائبه فهو أحق .
وأطلق جماعة أن إمامة ولد الزنا ومن لا يعرف أبوه مكروهة وصورته أن يكون ذلك في ابتداء الصلاة ولم يساوه المأموم فإن ساواه أو وجده قد أحرم واقتدى به فلا بأس . " .
والجديد تقديم الأسن على النسيب " لخبر الصحيحين عن مالك بن الحويرث ليؤمكم أكبركم ولأن فضيلة الأسن في ذاته والنسيب في آبائه وفضيلة الذات أولى .
والعبرة بالأسن في الإسلام لا للأكبر بالسن فيقدم شاب أسلم أمس على شيخ أسلم اليوم فإن أسلما معا فالشيخ مقدم لعموم خبر مالك .
قال البغوي ويقدم من أسلم بنفسه على من أسلم تبعا لأحد أبويه وإن تأخر إسلامه لأنه اكتسب الفضل بنفسه .
قال ابن الرفعة وهو ظاهر إذا كان إسلامه قبل بلوغ من أسلم تبعا أما بعده فيظهر تقديم التابع ولو قيل بتساويهما حينئذ لم يبعد .
والمراد بالنسيب من ينتسب إلى قريش أو غيرهم ممن يعتبر في الكفاءة كالعلماء والصلحاء فيقدم الهاشمي والمطلبي ثم سائر قريش ثم العربي ثم العجمي ويقدم ابن العالم والصالح على ابن غيره .
تنبيه .
لم يتعرض المصنف للهجرة وهي إلى رسول الله A أو إلى دار الإسلام بعده من دار الحرب والذي في التحقيق واختاره في المجموع أي وهو المعتمد تقديمها على الأسن والنسيب لخبر مسلم عن أبي مسعود البدري يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا .
وفي رواية سلمان ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه .
وتأخيرها عن الأورع كما جرى عليه شيخنا في منهجه .
وفي الروضة وأصلها عن الشيخ أبي حامد وجماعة تأخيرها عن السن والنسب .
وقياس ما مر من تقديم من أسلم بنفسه على من أسلم تبعا تقديم من هاجر بنفسه على من هاجر أحد آبائه وإن تأخرت هجرته .
ويعلم من ذلك أن المنتسب إلى من هاجر مقدم على من انتسب لقريش مثلا . " .
فإن استويا " أي الشخصان في الصفات المعتبرة " فبنظافة الثوب والبدن " من الأوساخ " وحسن الصوت وطيب الصنعة ونحوها " من الفضائل كحسن وجه وسمت وذكر بين الناس لأنها تفضي إلى استمالة القلوب وكثرة الجمع .
تنبيه .
لا يعلم من كلام المصنف ترتيب في ذلك والذي في الروضة كأصلها عن المتولي وجزم به الرافعي في الشرح الصغير أي وهو المعتمد أنه يقدم بالنظافة ثم بحسن الصوت ثم بحسن الصورة وفي التحقيق فإن استويا قدم بحسن الذكر ثم بنظافة الثوب والبدن وطيب الصنعة وحسن الصوت ثم الوجه وفي المجموع تقديم أحسنهم ذكرا ثم صوتا ثم هيئة فإن استويا وتشاحا أقرع بينهما .
والمراد بطيب الصنعة الكسب الفاضل .
ولا يحمل قول ( 1 / 244 ) المصنف فإن استويا على استوائهما فيما ذكره وإن كان ذلك ظاهر لفظ المحرر لئلا يلزم منه التقديم بنظافة الثوب على المهاجر وغيره مما لم يذكره بل يحمل على ما قررته .
قال المصنف في نكته هذا كله إذا كانوا في موات أو مسجد ليس له إمام راتب أو له وأسقط حقه وجعله لأولى الحاضرين أي وإلا فهو المقدم . " .
ومستحق المنفعة بملك " للعين " ونحوه " أي الملك كإجارة ووقف ووصية وإعارة وإذن من سيد العبد " أولى " بالإمامة من الأفقه وغيره من جميع الصفات إذا كان أهلا للإمامة ورضي بإقامة الصلاة في ملكه لخبر أبي مسعود السابق . " .
فإن لم يكن أهلا " لإمامة الحاضرين كامرأة أو خنثى لرجال أو لم يكن أهلا للصلاة ككافر " فله التقديم " استحبابا كما في شرح مسلم لمن يكون أهلا لأنه محل سلطانه .
هذا إن كان صحيح العبارة وإلا بأن كان صبيا أو مجنونا أو نحو ذلك استؤذن وليه فإن أذن لهم جمعوا وإلا صلوا فرادى .
تنبيه .
في عبارة المصنف قصور فإنها لا تشمل المستعير والعبد الذي أسكنه سيده في ملكه فإنهما لا يستحقان المنفعة مع كونهما أولى فلو عبر كالمحرر بساكن الموضع بحق لشملهما . " .
ويقدم " السيد لا غيره " على عبده الساكن " في ملكه بإذنه أو في غير ملكه كما قال الإسنوي إنه المتجه وإن أذن له في التجارة أو ملكه المساكن لرجوع فائدة سكنى العبد إليه .
وقد يفهم من كلام المصنف أن المبعض يقدم على سيده فيما ملكه ببعضه الحر وهو كذلك كما قال الأذرعي إنه الظاهر . " .
لا " على " مكاتبه " كتابة صحيحة " في ملكه " أي المكاتب لأن سيده أجتبى منه .
ويؤخذ من هذا التعليل أن المكاتب لو كان ساكنا بحق في غير ملكه كمستأجر ومستعير كان الحكم كذلك فلو عبر بدل ملكه بمستحق المنفعة كان أولى . " .
والأصح تقديم المكتري على المكري " المالك لأنه مالك للمنفعة .
وفي الثاني يقدم المكري لأنه مالك للرقبة وملك الرقبة أقوى من ملك المنفعة .
ومقتضى التعليل كما قال الإسنوي جريان الخلاف في الموصى له بالمنفعة مع مالك الرقبة وأن المستأجر إذا أجر لغيره لا يقدم بلا خلاف . " .
و " يقدم " المعير " المالك للمنفعة ولو بدون الرقبة " على المستعير " لملكه المنفعة والرجوع فيها في كل وقت والثاني يقدم المستعير للسكن له في الحال واختاره السبكي لحديث أبي داود ولا يؤمن الرجل الرجل في بيته والمراد بيته مسكنه إذ لو حمل على الملك لزم تقديم المؤجر على المستأجر والأصح خلافه .
ولو حضر الشريكان أو أحدهما والمستعير من الآخر فلا يتقدم غيرهما إلا بإذنهما ولا أحدهما إلا بإذن الآخر والحاضر منهما أحق من غيره حيث يجوز انتفاعه بالجميع والمستعيران من الشريكين كالشريكين فإن حضر الأربعة كفى إذن الشريكين . " .
والوالي في محل ولايته أولى " تقديما وتقدما " من الأفقه والمالك " وغيرهما ممن تقدم وإن اختص بفضيلة إذا رضي المالك بإقامة الصلاة في ملكه كما عبر به الإمام وغيره ونقله في المجموع عن الأصحاب وهو أولى ممن عبر بإقامة الجماعة وذلك لخبر لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولعموم سلطنته مع أن تقدم غيره بحضرته بغير إذنه لا يليق ببذل الطاعة وتقدم أن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج .
ويراعى في الولاة تفاوت الدرجة فالإمام الأعظم أولى ثم الأعلى فالأعلى من الولاة والحكام .
قال الشيخان ويقدم الوالي على إمام المسجد وهو أحق من غيره وإن اختص غيره بفضيلة لخبر لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه وإذا تبطأ استحب أن يبعث له ليحضر أو يأذن في الإمامة فإن خيف فوات أول الوقت وأمنت الفتنة بتقديم غيره ندب لغيره أن يؤم بالقوم ليحوز فضيلة أول الوقت فإن خيف الفتنة صلوا فرادى وندب لهم إعادتها معه تحصيلا لفضيلة الجماعة ومحل ذلك في مسجد غير مطروق وإلا فلا بأس أن يصلوا أول الوقت جماعة .
ومحل تقديم الوالي على الإمام الراتب في غيره من مولاه السلطان أو نوابه وإلا فهو أولى من والي البلد وقاضيه .
ويكره أن تقام جماعة في مسجد ( 1 / 245 ) بغير إذن إمامه الراتب قبله أو بعده أو معه خوف الفتنة إلا إن كان المسجد مطروقا فلا يكره إقامتها فيه وكذا لو لم يكن مطروقا وليس له إمام راتب أو له راتب وأذن في إقامتها أو لم يأذن وضاق المسجد عن الجميع ومحل الكراهة إذا لم يخف فوات الوقت كما مر .
تتمة يكره تنزيها أن يؤم الرجل قوما أكثرهم له كارهون لأمر مذموم شرعا كوال ظالم أو متغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها أو لا يحترز من النجاسة أو يمحو هيئات الصلاة أو يتعاطى معيشة مذمومة أو يعاشر الفسقة أو نحوهم وإن نصبه لها الإمام الأعظم لخبر ابن ماجة بإسناد حسن ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا رجل أم قوما وهم له كارهون وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وأخوان متصارمان .
والأكثر في حكم الكل .
ولا يكره اقتداؤهم به كما ذكره في المجموع أما إذا كرهه دون الأكثر أو الأكثر لا لأمر مذموم فلا يكره له الإمامة .
فإن قيل إذا كانت الكراهة لأمر مذموم شرعا فلا فرق بين كراهة الأكثر وغيرهم .
أجيب بأن صورة المسألة أن يختلفوا في أنه بصفة الكراهة أم لا فيعتبر قول الأكثر لأنه من باب الرواية .
قال في المجموع ويكره أن يولي الإمام الأعظم على قوم رجلا يكرهه أكثرهم نص عليه الشافعي وصرح به صاحب الشامل والتتمة .
ولا يكره إن كرهه دون الأكثر بخلاف الإمامة العظمى فإنها تكره إذا كرهها البعض .
ولا يكره أن يؤم من فيهم أبوه أو أخوه الأكبر لأن الزبير كان يصلي خلف ابنه عبد الله و أنس كان يصلي خلف ابنه وأمر النبي A عمرو بن سلمة أن يصلي بقومه وفيهم أبوه . "