" لا يصح اقتداؤه بمن يعلم بطلان صلاته " كمن علم بكفره أو حدثه أو نجاسة ثوبه لأنه ليس في صلاة فكيف يقتدي به " أو يعتقده " أي بطلانها من حيث الاجتهاد في غير اختلاف المذاهب في الفروع أما الاجتهاد في الفروع فسيأتي .
والمراد بالاعتقاد هنا أن يظنه ظنا غالبا كما يفهم من المثال لا المصطلح عليه عند الأصوليين وهو الجزم المطابق لدليل . " .
كمجتهدين اختلفا في القبلة أو " في " إناءين " من الماء طاهر ونجس بأن أدى اجتهاد أحدهما إلى غير ما أدى إليه اجتهاد الآخر في المسألتين وتوضأ كل من إنائه في الثانية فليس لواحد منهما أن يقتدي بالآخر في كل من المسألتين لاعتقاده بطلان صلاته . " .
فإن تعدد الطاهر " من الآتية كأن كانت الأواني ثلاثة والطاهر منها اثنان والمجتهدون ثلاثة وظن كل منهم طهارة إنائه فقط " فالأصح الصحة " أي صحة اقتداء بعضهم ببعض " ما لم يتعين إناء الإمام للنجاسة " فيصح الاقتداء في مثالنا لكل منهم بواحد فقط لتعين الإناء الثالث للنجاسة في حقه .
قال الأذرعي وصرح به بعضهم فقال ليلا أو نهارا ا . ه " " .
فإن ظن " واحد باجتهاده " طهارة إناء غيره اقتدى به " جوازا " قطعا " أو نجاسة لم يقتد به قطعا كما في حق نفسه . " .
فلو اشتبه خمسة " من الآنية " فيها نجس على خمسة " من أناس " فظن كل " منهم " طهارة إناء " منها " فتوضأ به " ولم يظن شيئا في الأواني الأربعة " وأم كل " منهم " في صلاة " من الخمس الباقين مبتدئين بالصبح " ففي " الوجه " الأصح " السابق في المسألة قبلها " يعيدون العشاء " لتعين النجاسة في إناء أمامها بزعمهم " إلا إمامها فيعيد المغرب " لتعين إمامها للنجاسة في حقه .
وضابط ذلك أن كل واحد يعيد ما كان مأموما فيه آخرا .
والوجه الثاني يعيد كل منهم ما صلاه مأموما وهو أربع صلوات لعدم صحة الاقتداء لما تقدم .
ولو كان في الخمسة إناءان نجسان صح اقتداء كل منهم باثنين فقط أو النجس منها ثلاثة فبواحد فقط .
وبذلك علم أن من كان تأخر منهم تعين الاقتداء به للبطلان كما علم من الضابط المتقدم ولو كان النجس أربعة امتنع الاقتداء بينهم ولو سمع صوت حدث بين جماعة وأنكر كل منهم وقوعه منه فعلى ما ذكر في الأواني .
ثم شرع في اختلاف المذاهب في الفروع فقال " ولو اقتدى شافعي بحنفي " فعل مبطلا عندنا دونه كأن " مس فرجه " أو ترك الطمأنينة أو البسملة أو الفاتحة أو بعضها " أو " عنده دوننا كأن " افتصد فالأصح الصحة " أي صحة الاقتداء " في الفصد دون المس " ونحوه مما تقدم " اعتبار بنية " أي اعتقاد " المقتدي " لأنه محدث عنده بالمس دون الفصد والثاني عكس ذلك اعتبارا باعتقاد المقتدى به لأنه يرى أنه متلاعب في الفصد ونحوه فلا يقع منه نية صحيحة وحينئذ فلا يتصور جزم المأموم بالنية .
ولو حافظ المخالف ( 1 / 238 ) في الفروع كحنفي على واجبات الطهارة والصلاة عند الشافعي صح اقتداؤه به وكذا لو شك في إتيانه بها تحسينا للظن به في أنه يراعى الخلاف .
ولا يضر عدم اعتقاده الوجوب وإنما ضر في الإمام الموافق لعلم المأموم ببطلانها عندهما .
وقال الحليمي إن اقتدى بولي الأمر أو نائبه صح مع تركه الواجبات عندنا لما في المفارقة من الفتنة واستحسناه بعد نقلهما عن تصحيح الأكثرين وقطع جماعة بعدم الصحة وهو المعتمد .
وما استحسناه مخالف لنظائره كصحة الجمعة السابقة وإن كان السلطان مع الأخرى .
ولو ترك إمامه الحنفي القنوت في صلاة الصبح لاعتقاده عدم سنيته وأمكنه هو أن يقنت ويدركه في السجدة الأولى ندب له أن يقنت وإلا تابعه وسجد للسهو اعتبارا باعتقاده وله فراقه ليقنت .
وقضية كلام ابن المقري كأصله أنه إذا قنت لا يسجد وهو مبني على أن العبرة باعتقاد الإمام والأصح أن العبرة باعتقاد المأموم فيسجد كما لو كان إمامه شافعيا فتركه .
ولو ترك شافعي القنوت وخلفه حنفي فسجد الشافعي للسهو تابعه الحنفي ولو ترك السجود لم يسجد اعتبارا باعتقاده .
ولو اقتدى شافعي بمن يرى تطويل الاعتدال فطوله لم يوافقه بل يسجد وينتظره ساجدا كما ينتظره قائما إذا سجد في سجدة ص وإن اقتضى كلام القفال أنه ينتظره في الاعتدال وكلام شيخنا جواز كل من الأمرين .
وتقدم الفرق هناك بين مثل ذلك وبين المس وهو أن ما يبطل عمده وسهوه لا ينتظره فيه وما أبطل عمده دون سهوه جاز انتظاره ويأتي مثل هذا في نظيره من الجلوس بين السجدتين .
فإن قيل قصد صرحوا في صلاة باب الجمع بين الصلاتين بأنه لو نوى مسافران شافعي وحنفي إقامة أربعة أيام بموضع انقطع بوصولهما سفر الشافعي دون الحنفي وجاز له يكره أن يقتدي به مع اعتقاده بطلان صلاة القاصر في الإقامة أجيب بأن كلامهم هنا في ترك واجب لا يجوزه الشافعي مطلقا بخلافه ثم فإنه يجوز القصر في الجملة والمعتمد ما قاله الشيخ أبو حامد وغيره أن صورة ذلك إذا لم يعلم أنه نوى القصر فإن علم أنه نواه فمقتضى المذهب أنه لا تصح صلاته خلفه كمجتهدين اختلفا في القبلة فصلى أحدهما خلف الآخر .
تنبيه .
اعتبار نية المقتدي من زيادة المصنف على المحرر ولو قال اعتبارا باعتقاد المقتدي كما قدرته لكان أولى إذ لا معنى للنية هنا قال ابن النقيب إلا أن يراد جزمها وعدمه . " .
ولا تصح قدوة بمقتد " في حال قدوته لأنه تابع لغيره يلحقه سهوه ومن شأن الإمام الاستقلال وأن يتحمل هو سهو غيره فلا يجتمعان وهذا إجماع وما في الصحيحين من أن الناس اقتدوا ب أبي بكر خلف النبي A محمول على أنهم كانوا مقتدين به A وأبو بكر يسمعهم التكبير كما في الصحيحين أيضا .
وقد روى البيهقي وغيره أنه A صلى في مرض وفاته خلف أبي بكر قال في المجموع إن صح هذا كان ذلك مرتين كما أجاب به الشافعي والأصحاب .
أما الاقتداء به بعد انقضاء القدوة فسيأتي حكمه في آخر الباب .
ولا يمكن توهمه أو ظنه مأموما كأن وجد رجلين يصليان جماعة وتردد في أيهما الإمام ومحله كما قال الزركشي ما إذا هجم فإن اجتهد في أيهما الإمام واقتدى بمن غلب على ظنه أنه الإمام فينبغي أن يصح كما يصلي بالاجتهاد في القبلة والثوب والأواني .
وإن اعتقد كل من المصليين أنه إمام صحت صلاتهما إذ لا مقتضى للبطلان أو أنه مأموم بطلت صلاتهما لأن كلا مقتد بمن يقصد الاقتداء به وكذا لو شك فمن شك ولو بعد السلام كما في المجموع أنه إمام أو مأموم بطلت صلاته لشكه في أنه تابع أو متبوع .
فلو شك أحدهما وظن الآخر صحت للظان أنه إمام دون الآخر وهذا من المواضع التي فرقوا فيها بين الظن والشك .
والبطلان بمجرد الشك إنما يأتي كما قال ابن الرفعة على طريق العراقيين أما على طريق المراوزة ففيه التفصيل في الشك في النية وقد مر بيانه في باب صفة الصلاة . " .
ولا " قدوة " بمن تلزمه إعادة كمقيم تيمم " لفقد الماء ولا من على بدنه نجاسة يخاف من غسلها ومحدث صلى على حسب حاله لإكراه أو لفقد الطهورين ولو كان المقتدي مثله لعدم الاعتداد بصلاته كالفاسدة .
فإن قيل لم يأمر A من صلى خلف عمرو بن العاص بالإعادة حيث صلى بالتيمم للبرد .
أجيب بأن عدم الأمر لا يقتضي عدم وجوب القضاء لأنه على التراخي وتأخير البيان لوقت الحاجة جائز ولجواز أنهم كانوا عالمين أو أنهم كانوا قد قضوا . " .
ولا " قدوة " قارىء ( 1 / 239 ) يأتي في الجديد " وإن لم يعلم حاله لأنه بصدد أن يتحمل القراءة عن المأموم المسبوق فإذا لم يحسنها لم يصلح للتحمل والقديم يصح اقتداؤه به في السرية دون الجهرية بناء على أن المأموم لا يقرأ في الجهرية بل يتحمل الإمام عنه فيها وهو القديم .
وذهب المزني إلى صحة الاقتداء به سرية كانت أو جهرية ومحل الخلاف فيمن لو يطاوعه لسانه أو طاوعه ولم يمض زمن يمكن فيه التعلم وإلا فلا يصح الاقتداء به قطعا .
تنبيه .
قوله في الجديد يعود إلى اقتداء القارىء بالأمي لا إلى ما قبله والأمي نسبة إلى الأم كأنه على الحالة التي ولدته أمه عليها .
وأصله لغة لمن لا يكتب استعمله الفقهاء مجازا في قولهم " وهو من يخل بحرف " ظاهر بأن عجز عن إخراجه من مخرجه " أو تشديدة من الفاتحة " لرخاوة لسانه وهذا تفسير الأمي .
ونبه بذلك على أن من لم يحسنها بطريق الأولى .
ولو أحسن أصل التشديد وتعذرت عليه المبالغة صح الاقتداء به مع الكراهة كما في الكفاية عن القاضي ومن يحسن سبع آيات من غير الفاتحة مع من لم يحسن إلا الذكر كالقارىء مع الأمي قاله في المجموع .
وكذا اقتداء حافظ النصف الأول بحافظ النصف الثاني وعكسه لأن كلا منهما يحسن شيئا لا يحسنه الآخر . " .
ومنه " أي الأمي " أرت " وهو بمثناة مشددة من " يدغم " بإبدال كما قاله الإسنوي " في غير موضعه " أي الإدغام كقارىء المستقيم بتاء أو سين مشددة .
أما الإدغام بلا إبدال كتشديد اللام أو الكاف من مالك فإنه لا يضر . " .
و " منه " ألثغ " وهو بمثلثة من " يبدل حرفا بحرف " كأن يأتي بالمثلثة موضع السين أو بالغين موضع الراء فيقول المثتقيم وغيغ المغضوب .
والإدغام في غير موضعه المبطل يستلزم الإبدال كما سبق إلا أنه إبدال خاص فكل أرت ألثغ ولا عكس .
فلو كانت لثغته يسيرة بأن يأتي بالحرف غير صاف لم يؤثر . " .
وتصح " قدوة أمي " بمثله " إن اتفقا عجزا كحافظ النصف الأول من الفاتحة بحافظه وكأرت بأرت وألثغ بألثغ في كلمة لاستوائهما نقصانا كالمرأتين .
ولا يشكل بمنع فاقد الطهورين ونحوه بمثله لوجوب القضاء ثم بخلاف هنا .
والعبرة بالاتفاق والاختلاف بالحرف المعجوز عنه فلو أبدل أحدهما بالسين ثاء والآخر زايا كانا متفقين .
بخلاف ما إذا اختلفا في كلمتين فلا تصح قدوة أحدهما بالآخر ولا أرت بألثغ وعكسه لأن كلا منهما في ذلك يحسن ما لا يحسنه الآخر ولو عجز إمامه في أثناء الصلاة عن القراءة لخرس فارقه بخلاف عجزه عن القيام لصحة اقتداء القائم بالقاعد بخلاف اقتداء القارىء بالأخرس قاله البغوي في فتاويه ولو لم يعلم بحدوث الخرس حتى فرغ من الصلاة أعاد لأن حدوث الخرس نادر بخلاف حدوث الحدث .
وتصح الصلاة خلف المجهول قراءته أو إسلامه لأن الأصل الإسلام والظاهر من حال المسلم المصلي أنه يحسن القراءة فإن أسر هذا في جهرية أعادها المأموم لأن الظاهر أنه لو كان قارئا لجهر ويلزمه البحث عن حاله كما نقله الإمام عن أئمتنا لأن إسرار القراءة في الجهرية يخيل أنه لو كان يحسنها لجهر بها فإن قال بعد سلامه من الجهرية نسيت الجهر أو تعمدت لجوازه أي وجهل المأموم وجوب الإعادة كما قاله السبكي لم تلزمه الإعادة بل تستحب كمن جهل من إمامه الذي له حالتا جنون وإفاقة وإسلام وردة وقت جنونه أوردته فإنه لا تلزمه الإعادة بل تستحب .
أما في السرية فلا إعادة عليه عملا بالظاهر ولا يلزمه البحث عن حاله كما لا يلزمه البحث عن طهارة الإمام نقله ابن الرفعة عن الأصحاب . " .
وتكره " القدوة " بالتمتام " وهو من يكرر التاء وفي الصحاح وغيره أنه الثاثاء وهو القياس . " .
والفأفاء " وهو بهمزتين ومد في آخره من يكرر الفاء قال في البيان وكذا من يكرر الواو قال في المهمات وكذا في تكرير سائر الحروف للتطويل ونفرة الطبع عند سماع ذلك ولهذا قال الشافعي Bه الاختيار في الإمام أن يكون فصيح اللسان حسن البيان مرتلا للقرآن ولا فرق بين أن يكون ذلك في الفاتحة أو غيرها إذ لا فاء فيها وجاز الاقتداء بهم مع زيادتهم لعذرهم فيها . " .
و " كذا " اللاحن " بما لا يغير المعنى كضم هاء لله تكره القدوة به لأن مدلول اللفظ باق وإن كان تعاطيه مع التعمد حراما وضم صاد الصراط وهمزة اهدنا ونحوه كاللحن الذي لا يغير المعنى وإن لم تسمه النحاة لحنا . " .
فإن " لحن لحنا " غير معنى كأنعمت بضم أو كسر " أو ( 1 / 240 ) أبطل المعنى كالمستق كما في المحرر وحذفه المصنف لأنه يؤخذ من التغيير بطريق الأولى ولأنه يدخل في الألثغ " أبطل صلاة من أمكنه التعلم " ولم يتعلم وبقي من الوقت ما يسع التعليم ولأنه ليس بقرآن .
أما إذا ضاق الوقت عنه فإنه يصلي ويقضي ولا يجوز الاقتداء به قاله في المحرر وأهمله المصنف .
وظاهر كلام الشيخين يقتضي أنه لا فرق في البطلان بين أن يكون ذلك في الفاتحة أو في غيرها وهو كذلك في القادر العامد العالم بالتحريم أما مع النسيان أو الجهل فإن كان في الفاتحة لا يضر لأنها ركن نعم أن تفطن للصواب قبل السلام فإنه يعيد ولا تبطل صلاته .
وأما مع العجز فهو ما ذكره بقوله " فإن عجز لسانه أو لم يمض زمن إمكان تعلمه " من إسلام الكافر كما قاله البغوي وغيره وكذا من تمييز المسلم كما بحثه الإسنوي لكون الأركان والشروط لا فرق فيها بين البالغ والصبي المميز " فإن كان في الفاتحة فكأمي " وقد مر حكمه وإن كان في غير الفاتحة فهو ما ذكره بقوله " وإلا " بأن كان في غير الفاتحة كما إذا قرأ بجر اللام في قوله " إن الله بريء من المشركين ورسوله " فتصح صلاته والقدوة به " إذا كان عاجزا أو جاهلا لم يمض زمن إمكان تعلمه أو ناسيا لأن الكلام اليسير بهذه الشروط لا يقدح في الصلاة .
قال الإمام ولو قيل ليس لهذا اللاحن قراءة غير الفاتحة مما يلحن فيه لم يكن بعيدا لأنه يتكلم بما ليس بقرآن بلا ضرورة واختاره السبكي وقال إن مقتضاه البطلان في القادر والعاجز . " .
ولا تصح قدوة " ذكر " رجل " أو صبي مميز " ولا خنثى بأ " نثى ا " مرأة " أو صبية مميزة " ولا خنثى " مشكل لأن الأنثى ناقصة عن الرجل والخنثى المأموم يجوز أن يكون رجلا ذكرا والإمام أنثى وقد قال A لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة رواه البخاري وروى ابن ماجة لا تؤمن امرأة رجلا .
ويصح اقتداء خنثى بانت أنوثته امرأة ورجل ورجل بخنثى بانت ذكورته مع الكراهة قاله الماوردي قال الأذرعي ومحلها إذا كان الظهور بأمارة غير قطعية .
وتصح قدوة المرأة بالمرأة وبالخنثى كما تصح قدوة الرجل وغيره بالرجل .
فيتخلص من ذلك تسع صور خمسة صحيحة وهي قدوة رجل برجل خنثى برجل امرأة برجل امرأة بخنثى امرأة بامرأة وأربع باطلة وهي قدوة رجل بخنثى رجل بامرأة خنثى بخنثى خنثى بامرأة . " .
وتصح " القدوة " للمتوضىء بالمتيمم " الذي لا إعادة عليه لأنه قد أتى عن طهارته ببدل مغن عن الإعادة . " .
وبماسح الخف " لأن صلاته مغنية عن الإعادة . " .
وللقائم بالقاعد والمضطجع " لما روى البخاري عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنه A صلى في مرض موته قاعدا وأبو بكر والناس قياما قال البيهقي وكان ذلك يوم السبت أو الأحد وتوفي A ضحى يوم الاثنين فكان ناسخا لما رواه الشيخان عن أبي هريرة و عائشة إنما جعل الإمام ليؤتم به إلى أن قال وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين .
ويقاس المضطجع ولو كان موميا كما صرح به المتولي على القاعد فقدوة القاعد والمضطجع به أولى والمستلقي كالمضطجع فيما ذكر . " .
و " تصح القدوة " للكامل " وهو البالغ الحر " للصبي " المميز للاعتداد بصلاته ولأن عمرو بن سلمة بكسر اللام كان يؤم قومه على عهد رسول الله A وهو ابن ست أو سبع رواه البخاري ولكن البالغ أولى من الصبي وإن كان الصبي أقرأ أو أفقه للإجماع على صحة الاقتداء به بخلاف الصبي .
وقد نص في البويطي على كراهة الاقتداء بالصبي . " .
والعبد " أي يصح اقتداء الكامل به لأنه من أهل الفرض ولأن ذكوان مولى عائشة كان يؤمها رواه البخاري .
لكن الحر وإن كان أعمى كما قاله الماوردي أولى منه لأن ابن خيران قال بكراهة الاقتداء به .
والعبد البالغ أولى من الحر الصبي وفي العبد الفقيه والحر غير الفقيه ثلاثة أوجه أصحها أنهما سواء وإن كانوا صححوا في الصلاة على الجنازة تقديم الحر لأن القصد منها الشفاعة والدعاء والحر بهما أليق والظاهر أن المبعض أولى من كامل الرق وأن من زادت حريته من المبعضين أولى ممن نقصت منه .
تنبيه .
لو حذف المصنف الواو من قوله والعبد لكان أولى ليستفاد منه صحة قدوة الكامل بالصبي العبد بالمنطوق ( 1 / 241 ) وبالصبي الحر وبالعبد الكامل بطريق الأولى . " .
والأعمى والبصير " في الإمامة " سواء على النص " في الأم لتعارض فضيلتيهما لأن الأعمى لا ينظر ما يشغله فهو أخشع والبصير ينظر الخبث فهو أحفظ لتجنبه .
قال الأذرعي هذا إذا كان الأعمى لا يبتذل أما إذا ابتذل أي ترك الصيانة عن المستقذرات كأن لبس ثياب البذلة كان البصير أولى منه وتبعه ابن المقري على ذلك .
قال شيخنا وهذا لا حاجة إليه بل ذكره يوهم خلاف المراد لأنه معلوم مما يأتي في نظافة الثوب والبدن .
ولا يختص ذلك بالأعمى بل لو ابتذل البصير كان الأعمى أولى منه وقيل الأعمى أولى مراعاة للمعنى الأول وقيل البصير أولى للمعنى الثاني .
قال الماوردي وإمامة الحر الأعمى أفضل من إمامة العبد البصير والأصم كالأعمى فيما ذكر كما قاله ابن يونس .
وتكره إمامة الأقلف بعد بلوغه لا قبله كما قاله ابن الصباغ . " .
والأصح صحة قدوة السليم بالسلس " بكسر اللام أي سلس البول " والطاهر بالمستحاضة غير المتحيرة " والمستنجي بالمستجمر والمستور بالعاري ونحو ذلك كمن به جرح سائل أو على ثوبه نجاسة معفو عنها لصحة صلاتهم من غير إعادة والثاني لا تصح لوجود النجاسة .
وإنما صححنا صلاتهم للضرورة ولا ضرورة للاقتداء بهم .
أما المتحيرة فلا تصح قدوة غيرها بها ولو متحيرة لوجوب الإعادة عليها على ما مر في الحيض من الخلاف في وجوب القضاء عليها . " .
ولو بان " للمأموم " إمامه " على خلاف ما ظنه كأن علمه بعد فراغ القدوة " امرأة " أو خنثى أو مجنونا " أو كافرا معلنا " بكفره كذمي " قيل أو مخفيا " كفره كزنديق " وجبت الإعادة " لأن على الأنوثة والكافر المعلن وما ذكر معهما أمارة ظاهرة إذ تمتاز المرأة بالصوت والهيئة وغيرهما ومثلها الخنثى لأن أمره منتشر وكذا المجنون .
ويعرف معلن الكفر بالغيار وغيره فالمقتدي بهم مقصر بترك البحث عنهم بخلاف مخفي الكفر فإنه لا اطلاع عليه فلا تجب الإعادة فيه في الأصح وسيأتي تصحيح مقابله .
ولو بان إمامه قادرا على القيام فالمنقول عن الصيمري وغيره الصحة وهو قضية قول الروض كأصله في خطبة الجمعة لو خطب جالسا وبان قادرا فكمن بان جنبا لكنه صرح هنا بأنه كالأمي فيتبين عدم الصحة وهذا هو المعتمد كما قاله شيخي وفرق بين الخطبة وبين ما هنا بأنه يغتفر في الشرط ما لا يغتفر في المشروط . " .
لا " إن بان إمامه " جنبا " أو محدثا كما فهم بالأولى وذكره في المحرر . " .
وذا نجاسة خفية " في ثوبه أو بدنه فلا تجب إعادة المؤتم به لانتفاء التقصير اللهم إلا أن يكون ذلك في الجمعة ففيه تفصيل يأتي في موضعه بخلاف الظاهرة فتجب فيها الإعادة لتقصير المقتدي في هذه الحالة وهذا ما جرى عليه الروياني وغيره وحمل في المجموع وفي تصحيحه كلام التنبيه عليه وهو المعتمد وإن صحح في التحقيق التسوية بين الخفية والظاهرة في عدم وجوب الإعادة وقال الإسنوي إنه الصحيح المشهور .
والأحسن في ضبط الخفية والظاهرة ما ذكره صاحب الأنوار وهو أن الظاهرة ما تكون بحيث لو تأملها المأموم لرآها والخفية بخلافها وقضية ذلك كما قال الأذرعي الفرق بين المقتدي الأعمى والبصير حتى لا يجب القضاء على الأعمى مطلقا وهو كذلك .
ولو علم أن إمامه محدث أو ذو نجاسة خفية ثم اقتدى به ناسيا ولم يحتمل أنه تطهر وجبت الإعادة . " .
قلت الأصح المنصوص هو قول الجمهور إن مخفي الكفر هنا كمعلنه " وإن قال في الروضة إن الأقوى دليلا أن القضاء لا يجب " والله أعلم " بناء على أن العلة الصحيحة هي عدم أهليته للإمامة فتجب إعادة المؤتم به لنقصه بالكفر بخلاف المحدث ونحوه لا نقص فيه بالحدث .
ولو اقتدى بشخص فبان مرتدا أو أنه ترك تكبيرة الإحرام لا النية وإن سها بترك تكبيرة الإحرام وجبت عليه الإعادة لأن ذلك لا يخفى فينسب إلى تقصير بخلاف النية لخفائها .
ولو اقتدى بمن أسلم ثم قال بعد فراغه لم أكن أسلمت حقيقة أو أسلمت ثم ارتددت فلا يلزمه القضاء لأن إمامه كافر بذلك فلا يقبل خبره بخلاف ما لو اقتدى بمن جهل إسلامه أو شك فيه ثم أخبر ( 1 / 242 ) بكفره . " .
والأمي كالمرأة في الأصح " فيعيد القارىء المؤتم به بناء على الجديد مع منع قدوة القارىء به والجامع بينهما النقص والثاني أنه كالجنب بجامع الخفاء فلا يعيد المؤتم به .
وفرق الرافعي بأن فقدان القراءة نقص بخلاف الجنابة وبأن الوقوف على كونه قارئا أسهل من الوقوف على كونه متطهرا لأنه وإن شاهد طهارته فعروض الحدث بعدها قريب بخلاف صيرورته أميا بعدما سمع قراءته .
ثم لا فرق في تبين ما سبق مما يوجب القضاء ومما لا يوجبه بين أن يتبين في أثناء الصلاة أو بعدها إلا أنه إذا تبين الحدث أو نحوه في الأثناء وجبت المفارقة حال علمه بذلك قال في المجموع ولا يغني عنها ترك المتابعة قطعا . " .
ولو اقتدى " رجل أو خنثى " بخنثى " في ظنه أو خنثى بامرأة " فبان " الإمام " رجلا " في الأولى والمأموم في الثانية والثالثة امرأة أو بانا في الثانية رجلين أو امرأتين " لم يسقط القضاء في الأظهر " لعدم صحة القدوة في الظاهر لتردد المأموم في صحة صلاته عندها فلا تكون النية جازمة والثاني يسقط اعتبارا بما في نفس الأمر .
وصور الماوردي وغيره مسألة الكتاب فيمن لم يعلم بحاله ثم علم بعد الصلاة خنوثته ثم بان رجلا .
قال الأذرعي وهذا الطريق أصح والوجه الجزم بالقضاء على العالم بخنوثته إذ صلاة الرجل لا تنعقد خلفه ولا يتصور جزم النية ا . ه " .
وفيه نظر بل الوجه الجزم بعدم القضاء إذا بان رجلا في تصوير الماوردي لا سيما إذا لم يمض قبل تبين الرجولية زمن طويل .
ومقتضى التعليل بالتردد أن القضاء لا يجب عند فقده بأن ظن في ابتداء صلاته أن إمامه رجل ثم ظهر أنه كان خنثى ثم اتضح بعد ذلك كونه رجلا .
قال الإسنوي وهو ظاهر لا سيما إذا لم يمض قبل تبين الرجولية ركن ا . ه " .
وفيه نظر لأن التردد في النية لا فرق فيه بين أن يكون في الابتداء أو الدوام لكن في الابتداء يضر مطلقا وفي الأثناء إن طال الزمان أو مضى ركن على ذلك ضر وإلا فلا .
ونقل الروياني عن والده وجهين في نظير المسألة وهو ما إذا اقتدى خنثى بامرأة معتقدا أنها رجل ثم بان أن الخنثى أنثى .
ورجح في البحر وجوب الإعادة والذي يظهر فيها عدمها إذ لا تردد حينئذ . " .
والعدل أولى " بالإمامة " من الفاسق " وإن اختص الفاسق بصفات مرجحة ككونه أفقه أو أقرأ لأنه لا يوثق به بل تكره الصلاة خلفه وإنما صحت لما رواه الشيخان أن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج قال الإمام الشافعي وكفى به فاسقا .
والمبتدع الذي لا يكفر ببدعته كالفاسق بل أولى لأن اعتقاد المبتدع لا يفارقه بخلاف الفاسق .
والأفقه في باب الصلاة الأقرأ أي الأكثر قرآنا أولى من غيره بزيادة الفقه والقراءة . " .
والأصح أن الأفقه " في باب الصلاة وإن لم يحفظ قرآنا غير الفاتحة " أولى من الأقرأ " وإن حفظ جميع القرآن لأن الحاجة إلى الفقه أهم لكون الواجب من القرآن في الصلاة محصورا والحوادث فيها لا تنحصر ولتقديمه A أبا بكر في الصلاة على غيره مع وجود من هو أحفظ منه للقرآن لأنه لم يجمع القرآن في حياة النبي A غير أربعة كلهم من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد كما رواه البخاري .
والثاني هما سواء لتقابل الفضيلتين .
وتصح قدوة المرأة بالمرأة وبالخنثى كما تصح قدوة الرجل وغيره بالرجل .
والثالث أن الأقرأ أولى ونقله في المجموع عن ابن المنذر لخبر مسلم إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم .
وأجاب عنه الشافعي بأن الصدر الأول كانوا يتفقهون مع القراءة فلا يوجد قارىء إلا وهو فقيه .
قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ما كنا نجاوز عشر آيات حتى نعرف أمرها ونهيها وأحكامها .
فإن قيل في الحديث فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ففيه دليل كما قال المصنف على تقديم الأقرأ مطلقا .
أجيب بأنه قد علم أن المراد بالأقرأ في الخبر الأفقه في القرآن فإذا استووا في القرآن فقد استووا في فقهه فإذا زاد أحدهم بفقه السنة فهو أحق فلا دلالة في الخبر على تقديم الأقرأ مطلقا بل على تقديم الأقرأ الأفقه في القرآن على دونه .
ولا نزاع فيه كما مر . " .
و " الأصح أن الأفقه أولى من " الأورع " أي الأكثر ورعا للتعليل السابق .
والورع فسره في التحقيق والمجموع بأنه اجتناب الشبهات خوفا من الله تعالى وفي أصل الروضة بأنه زيادة على العدالة من حسن السيرة والعفة .
ويدل للأول ما رواه الطبراني في معجمه الكبير ( 1 / 243 ) عن واثلة بن الأسقع أنه سأل النبي A عن الورع قال الذي يقف عند الشبهات .
والثاني يقدم الأورع على الأفقه إذ مقصود الصلاة الخشوع ورجاء إجابة الدعاء والأورع أقرب قال تعالى " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " وفي الحديث ملاك الدين الورع .
وأما ما يخاف من حدوثه في الصلاة فأمر نادر فلا يفوت المحقق للمتوهم .
وأما الزهد فهو ترك ما زاد على الحاجة وهو أعلى من الورع إذ هو في الحلال والورع في الشبهة .
قال في المهمات ولم يذكروه في المرجحات واعتباره ظاهر حتى إذا اشتركا في الورع وامتاز أحدهما بالزهد قدمناه ا . ه " .
تنبيه .
لا يؤخذ من كلام المصنف معرفة المقدم من الأقرأ والأورع وحكمه تقديم الأقرأ كما قاله في الروضة عن الجمهور . " .
ويقدم الأفقه والأقرأ على الأسن النسيب " فعلى أحدهما من باب أولى لأن الفقه والقراءة مختصان بالصلاة لأن القراءة من شروطها والفقه لمعرفة أحكامها وباقي الصفات لا يختص بالصلاة ويقدم الأورع أيضا عليهما لأنه أكرم عند الله . "