وهو لغة الزيادة واصطلاحا ما عدا الفرائض سمي بذلك لأنه زائد على ما فرضه الله تعالى .
ويرادف النفل السنة والمندوب والمستحب والمرغب فيه والحسن هذا هو المشهور .
وقال القاضي وغيره غير الفرض ثلاثة تطوع وهو ما لم يرد فيه نقل بخصوصه بل ينشئه الإنسان ابتداء .
وسنة وهي ما واظب عليه A .
ومستحب وهو ما فعله أحيانا أو أمر به ولم يفعله .
ولم يتعرضوا للبقية لعمومها للثلاثة مع أنه لا خلاف في المعنى فإن بعض المسنونات آكد من بعض قطعا وإنما الخلاف في الاسم .
وأفضل عبادات البدن بعد الإسلام الصلاة لخبر الصحيحين أي الأعمال أفضل فقال الصلاة لوقتها .
وقيل الصوم لخبر الصحيحين قال الله كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به .
وقيل إن كان بمكة فالصلاة أو بالمدينة فالصوم .
ورد ذلك بأن الصلاة تجمع ما في سائر العبادات وتزيد عليها بوجوب الاستقبال ومنع الكلام والمشي وغيرهما ولأنها لا تسقط بحال ويقتل تاركها بخلاف غيرها .
وقال القاضي الحج أفضل .
وقال ابن أبي عصرون الجهاد أفضل .
وقال في الإحياء العبادات تختلف أفضليتها باختلاف أحوالها وفاعلها .
قال في المجموع والخلاف في الإكثار من أحدهما مع الاقتصار على الآكد من الآخر وإلا فصوم يوم أفضل من ركعتين بلا شك .
وخرج بإضافة العبادات إلى البدن أمران أحدهما عبادة القلب كالإيمان والمعرفة والصبر والرضا والخوف والرجاء وأفضلها الإيمان وهي أفضل من العبادات البدنية .
والثاني العبادات المالية قال الفارقي إنها أفضل من العبادات البدنية لتعدي النفع بها .
والأولى كما قاله ابن عبد السلام إن كانت مصلحة القاصر أرجح فهو أرجح أو المتعدي فهو أرجح .
وإذا كانت الصلاة أفضل العبادات كما مر ففرضها أفضل الفروض وتطوعها أفضل التطوع ولا يرد حفظه غير الفاتحة من القرآن ولا الاشتغال بالعلم حيث نص الشافعي على أنه أفضل من صلاة التطوع لأنهما فرضا كفاية .
وهو ينقسم إلى قسمين كما قال صلاة النفل قسمان قسم لا يسن جماعة بالنصب على التمييز المحول عن نائب الفاعل أي لا تسن فيه الجماعة لمواظبته A على فعله فرادى لا على الحال وإلا لكان معناه نفي السنة عنه حال كونه في جماعة وليس مرادا وبهذا التقدير يندفع ما قيل إنه لو قال يسن فرادى كان أحسن فإن ( 1 / 220 ) السنة أن لا يكون في جماعة وإن جاز بالجماعة بلا كراهة لاقتداء ابن عباس بالنبي A في بيت خالته ميمونة في التهجد متفق عليه . " .
فمنه الرواتب " وهي على المشهور التي " مع الفرائض " وقيل هي ما له وقت .
والحكمة فيها تكميل ما نقص من الفرائض بنقص نحو خشوع كترك تدبر قراءة . " .
وهي ركعتان قبل الصبح وركعتان قبل الظهر وكذا بعدها وبعد المغرب والعشاء " لخبر الصحيحين عن ابن عمر قال صليت مع النبي A ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين بعد الجمعة .
وفي بعض طرقه عن ابن عمر وحدثتني أختي حفصة أن النبي A كان يصلي ركعتين خفيفتين بعدما يطلع الفجر . " .
وقيل لا راتب للعشاء " لأن الركعتين بعدها يجوز أن يكونا من صلاة الليل . " .
وقيل " من الرواتب " أربع قبل الظهر " للاتباع رواه مسلم . " .
وقيل وأربع بعدها " لحديث من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار رواه الترمذي وصححه . " .
وقيل وأربع قبل العصر " لخبر ابن عمر أنه A قال رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعا رواه ابنا خزيمة وحبان وصححاه . " .
والجميع سنة " راتبا قطعا لورود ذلك في الأحاديث الصحيحة .
ولا فرق في ذلك بين المجمع بالمزدلفة وغيره وما نقل عن النص من أن السنة للجامع بمزدلفة ترك التنفل له بعد المغرب والعشاء محمول كما قالاه على النافلة المطلقة . " .
وإنما الخلاف في الراتب المؤكد " من حيث التأكيد .
فعلى الوجه الأخير الجميع مؤكد وعلى الراجح المؤكد العشر الأول فقط لمواظبته A عليها دون غيرها . " .
و " قيل من الرواتب غير المؤكدة " ركعتان خفيفتان قبل المغرب " لما سيأتي . " .
قلت هما سنة على الصحيح ففي صحيح البخاري الأمر بهما " ولفظه صلوا قبل صلاة المغرب قال في الثالثة لمن شاء كراهة أن يتخذها الناس سنة أي طريقة لازمة .
وليس في روايته التصريح بالأمر بركعتين .
نعم في سنن أبي داود صلوا قبل المغرب ركعتين .
وفي الصحيحين من حديث أنس أن كبار الصحابة كانوا يبتدرون السواري لهما أي للركعتين إذا أذن المغرب وفي رواية مسلم حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب الصلاة قد صليت .
والثاني أنهما ليستا بسنة لقول ابن عمر ما رأيت أحدا على عهد رسول الله A يصليهما .
وأجاب عنه البيهقي وغيره بأنه ناف وغيره مثبت خصوصا من أثبت أكثر عددا ممن نفي .
قال بعضهم وفي الجواب نظر لأنه نفي محصور .
وفي النظر نظر لأنه ادعى عدم الرؤية ولا يلزم من عدم رؤيته أن لا يكون غيره رأى .
والمفهوم من عبارة المصنف أنهما عند من استحبهما ليستا من الرواتب لأنه أخرهما عن تمام الكلام في الرواتب .
قال الولي العراقي وقد يقال عطفهما على أمثلة الرواتب يفهم أنهما منهما .
قال في المجموع واستحبابهما قبل شروع المؤذن في الإقامة فإن شرع فيها كره الشروع في غير المكتوبة .
والمتجه كما قال الإسنوي تقديم الإجابة عليهما ولو أدى الاشتغال بهما إلى عدم إدراك فضيلة التحرم فالقياس كما قال الإسنوي تأخيرهما إلى بعد المغرب .
وفي المجموع استحباب ركعتين قبل العشاء لخبر بين كل أذانين صلاة .
والمراد الأذان والإقامة ونقله الماوردي عن البويطي . " .
وبعد الجمعة أربع " ركعتان مؤكدتان وركعتان غير مؤكدتين كما في الظهر لخبر مسلم إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا . " .
وقبلها ما قبل الظهر " أي ركعتان مؤكدتان وركعتان غير مؤكدتين " والله أعلم " لخبر الترمذي أن ابن مسعود كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا والظاهر أنه ( 1 / 221 ) توقيف .
وما قررت به عبارته وهو ما صرح به في التحقيق وإن كان مقتضى عبارته أن الجمعة مخالفة للظهر فيما بعدها .
ولو قال والجمعة كالظهر في الرواتب قبلها وبعدها لكان أولى . " .
ومنه " أي من القسم الذي لا يسن جماعة " الوتر " بكسر الواو وفتحها وليس بواجب .
أما كونه مطلوبا فبالإجماع ولقوله A يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر رواه أبو داود وصححه الترمذي .
فإن قيل هذا أمر وظاهره الوجوب كما يقول به أبو حنيفة .
أجيب بأنه محمول على التأكيد لحديث الأعرابي هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع ولخبر الصحيحين في حديث معاذ إن الله افترض عليكم خمس صلوات في اليوم والليلة .
وهو قسم من الرواتب كما في الروضة كأصلها وظاهر عبارة المحرر وإن كان ظاهر عبارة المصنف أنه قسيم لها فلو عبر بقوله ومنها ليعود الضمير على الرواتب لكان أولى . " .
وأقله ركعة " لخبر مسلم من حديث ابن عمر و ابن عباس الوتر ركعة من آخر الليل .
وفي الكفاية عن أبي الطيب أنه يكره الإيتار بركعة .
وفيه وقفة إذ لا نهي .
وقد روى أبو داود وغيره من حديث أبي أيوب من أحب أن يوتر بواحدة فليفعل .
وفي صحيح ابن حبان من حديث ابن عباس أنه A أوتر بواحدة .
وأدنى الكمال ثلاث وأكمل منه خمس ثم سبع ثم تسع ثم إحدى عشرة وهي أكثر .
كما قال " وأكثره إحدى عشرة " للأخبار الصحيحة منها خبر عائشة ما كان رسول الله A يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة .
فلا تصح الزيادة عليها كسائر الرواتب فإن أحرم بالجميع دفعة واحدة لم يصح وإن سلم من كل ركعتين صح غير الإحرام السادس فلا يصح وترا .
ثم إن علم المنع وتعمد فالقياس البطلان وإلا وقع نفلا كإحرامه بالصلاة قبل وقتها غالطا . " .
وقيل " أكثره " ثلاث عشرة " ركعة لأخبار صحيحة تأولها الأكثرون بأن من ذلك ركعتين سنة العشاء قال المصنف وهو تأويل ضعيف مباعد للأخبار .
قال السبكي وأنا أقطع بحل الإيتار بذلك وصحته ولكن أحب الاقتصار على إحدى عشرة فأقل لأنه غالب أحواله A .
ويسن لمن أوتر بثلاث أن يقرأ بعد الفاتحة في الأولى الأعلى وفي الثانية الكافرون وفي الثالثة الإخلاص ثم الفلق ثم الناس مرة مرة وينبغي أن الثلاثة الأخيرة فيما إذا زاد على الثلاثة أن يقرأ فيها ذلك . " .
ولمن زاد على ركعة " في الوتر " الفصل " بين الركعات بالسلام فينوي ركعتين مثلا من الوتر لما روى ابن حبان أنه A كان يفصل بين الشفع والوتر . " .
وهو أفضل " من الوصل الآتي لأن أحاديثه أكثر كما قاله في المجموع ولأنه أكثر عملا لزيادته عليه السلام وغيره .
وقيل الوصل أفضل خروجا من خلاف أبي حنيفة فإنه لا يصحح الفصل .
والقائلون بالأول قالوا إنما يراعي الشافعي الخلاف إذا لم يؤد إلى محظور أو مكروه وهذا منه فإن الوصل فيما إذا وتر بثلاث مكروه كما جزم به ابن خيران .
وقال القفال لا يصح وصلها وبه أفتى القاضي حسين لخبر لا توتروا بثلاث ولا تشبهوا الوتر بصلاة المغرب .
وقيل الفصل أفضل للمنفرد دون الإمام إذ قد يقتدي به حنفي .
وعكسه الروياني لئلا يتوهم خلل فيما صار إليه الشافعي مع أنه ثابت .
وهذا كله في الإتيان بثلاث فإن زاد فالفصل أفضل قطعا كما جزم به في التحقيق وثلاث فأكثر موصولة أفضل من ركعة فردة لا شيء قبلها . " .
و " لمن زاد على ركعة " الوصل بتشهد " في الأخيرة " أو تشهدين في الأخيرتين للاتباع رواه مسلم .
وليس له غير ذلك فلا يجوز له أن يتشهد في غيرهما فقط أو معهما أو مع أحدهما لأنه خلاف المنقول من فعله A .
وقد تفهم عبارته استواء التشهد والتشهدين في الفضيلة وهو وجه قال الرافعي إنه مقتضى كلام كثيرين ولكن الأصح كما في التحقيق أن الوصل بتشهد أفضل منه بتشهدين فرقا بينه وبين المغرب وللنهي عن تشبيه الوتر بالمغرب ففي الخبر السابق " ووقته بين صلاة العشاء وطلوع الفجر " الثاني لنقل الخلف على السلف .
وروى أبو داود وغيره خبر إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم وهي الوتر فجعلها لكم من العشاء إلى طلوع الفجر .
وقال المحاملي وقته المختار إلى نصف الليل والباقي وقت جواز وهو محمود كما قاله البلقيني على من لم يرد التهجد كما يعلم مما سيأتي .
وقضية كلام المصنف أنه لو جمع العشاء مع ( 1 / 222 ) المغرب جمع تقديم كان له أن يوتر وإن لم يدخل وقت العشاء وهو كذلك . " .
وقيل شرط الإيتار بركعة سبق نفل بعد العشاء " من سنتها أو غيرها بناء على أن الوتر يوتر النفل قبله والأصح أنه لا يشترط بل يكفي كونه وترا في نفسه أو وترا لما قبله فرضا كان أو سنة . " .
ويسن جعله آخر صلاة الليل " ولو نام قبله لخبر الشيخين اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا .
فإن كان له تهجد أخر الوتر إلى أن يتهجد وإلا أوتر بعد فريضة العشاء وراتبتها هذا ما في الروضة كأصلها وقيده في المجموع بما إذا لم يثق بيقظته آخر الليل وإلا فتأخيره أفضل لخبر مسلم من خاف أن لا يقوم آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل وعليه يحمل خبره أيضا بادروا الصبح بالوتر .
وأما خبر أبي هريرة أوصاني خليلي A بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام .
فمحمول على من لم يثق بيقظته آخر الليل جمعا بين الأخبار .
قال بعضهم ويمكن حمله على النومة الثانية آخر الليل المأخوذة من قوله A أفضل القيام قيام داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه . " .
فإن أوتر ثم تهجد " وكذا إن لم يتهجد " لم يعده " أي الوتر ثانيا أي لا يسن له إعادته لخبر لا وتران في ليلة .
والأصل في الصلاة إذا لم تكن مطلوبة عدم الانعقاد فلو أوتر ثانيا لم يصح وتره . " .
وقيل يشفعه بركعة " أي يصلي ركعة حتى يصير وتره شفعا ثم يتهجد ما شاء . " .
ثم يعيده " كما فعل ذلك ابن عمر وغيره ليقع الوتر آخر صلاته .
ويسمى هذا نقض الوتر وفي الإحياء صحة النهي عن نقض الوتر .
والوتر نفسه تهجد إن فعل بعد نوم وإلا فوتر لا تهجد وعلى هذا يحمل ما وقع للشيخين من تغايرهما .
ولا يكره التهجد بعد الوتر لكن لا يستحب تعمده .
وإذا أوتر ثم بدا له أن يصلي قبل أن ينام فليؤخر قليلا نص عليه في البويطي .
وقال في اللباب يسن أن يصلي ركعتين بعد الوتر قاعدا متربعا يقرأ في الأولى بعد الفاتحة إذا زلزلت وفي الثانية قل يا أيها الكافرون فإذا ركع وضع يديه على الأرض ويثني رجليه .
وجزم بذلك الطبري أيضا وأنكر في المجموع على من اعتقد سنية ذلك وقال إنه من البدع المنكرة .
وقال في العباب ويندب أن لا يتنفل بعد وتره وصلاته A ركعتين بعده جالسا لبيان الجواز ا . ه " " .
ويندب القنوت آخر وتره " بثلاث أو أكثر وكذا لو أوتر بركعة وإن أفهم كلام المصنف خلافه . " .
في النصف الثاني من رمضان " روى أبو داود أن أبي بن كعب قنت فيه لما جمع عمر الناس عليه فصلى بهم أي صلاة التراويح . " .
وقيل " يقنت فيه في " كل السنة " لإطلاق ما مر في قنوت الصبح واختاره المصنف في بعض كتبه .
وعلى الأول لو قنت فيه في غير النصف ولم يطل به الاعتدال كره وسجد للسهو وإن طال به الاعتدال بطلت صلاته إن كان عامدا عالما بالتحريم وإلا لم تبطل ويسجد للسهو . " .
وهو كقنوت الصبح " في لفظه ومحله والجهر به واقتضاء السجود بتركه كما مرت الإشارة إليه وصرح به في المحرر وغير ذلك .
وقيل يقنت في الوتر قبل الركوع ليحصل الفرق بين الفرض والنفل .
ويسن أن يقتصر عليه إمام قوم غير محصورين رضوا بالتطويل . " .
ويقول " غيره " قبله اللهم إنا نستعينك ونستغفرك .
إلى آخره " أي ونستهديك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد بالدال المهملة أي نسرع نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بكسر الجيم أي ألحق بالكفار ملحق بكسر الحاء على المشهور أي لاحق بهم فهو كأنبت الزرع بمعنى نبت .
ويجوز فتحها لأن الله تعالى ألحقه بهم اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون أي يمنعون عن سبيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك أي أنصارك اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأصلح ذات بينهم أي أمورهم ومواصلاتهم وألف اجمع بين قلوبهم واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة وهي كل ما منع القبيح وثبتهم على ملة رسولك ( 1 / 223 ) وأوزعهم أي ألهمهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه وانصرهم على عدوك وعدوهم إله الحق واجعلنا منهم .
قال في الروضة وينبغي أن يقول اللهم عذب الكفرة ليعم كل كافر .
وما قاله ابن القاص واستحسنه الروياني من أنه يزيد في القنوت ربنا لا تؤاخذنا إلى آخر السورة ضعفه في المجموع بأن المشهور كراهة القراءة في غير القيام . " .
قلت الأصح " أن يقول ذلك " بعده " أي بعد قنوت الصبح لأنه ثابت عن النبي A في الوتر فكان تقديمه أولى .
فإن اقتصر على أحدهما فقنوت الصبح أفضل لما ذكر . " .
وأن الجماعة تندب في الوتر " في جميع رمضان سواء أصليت التراويح أم لا صليت فرادى أم لا وسواء أصلاه عقبها أم لا فقوله " عقب التراويح جماعة والله أعلم " ليس بقيد بل هو جرى على الغالب فلا مفهوم له .
ويسن أن يقول بعد الوتر ثلاث مرات سبحان الملك القدوس رواه أبو داود بإسناد صحيح وجاء في رواية أحمد والنسائي أنه كان يرفع صوته بالثالثة .
وأن يقول بعده أيضا اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك . " .
ومنه " أي ومن القسم الذي لا يسن جماعة " الضحى وأقلها ركعتان " لحديث أبي هريرة السابق ولخبر مسلم يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ويجزيء عن ذلك ركعتان يصليهما من الضحى .
وأدنى الكمال أربع وأكمل منه ست .
واختلف في أكثرها فقال المصنف هنا " وأكثرها اثنتا عشرة " ركعة لخبر أبي داود قال النبي A إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين أو أربعا كتبت من المحسنين أو ستا كتبت من القانتين أو ثمانيا كتبت من الفائزين أو عشرا لم يكتب عليك ذلك اليوم ذنب أو ثنتي عشرة بنى الله لك بيتا في الجنة رواه البيهقي وقال في إسناده نظر وضعفه في المجموع .
وقال في الروضة أفضلها ثمان وأكثرها ثنتا عشرة .
ونقل في المجموع عن الأكثرين أن أكثرها ثمان وصححه في التحقيق وهذا هو المعتمد كما جرى عليه ابن المقري .
وقال الإسنوي بعد نقله ما مر فظهر أن ما في الروضة والمنهاج ضعيف مخالف لما عليه الأكثرون ا . ه " .
وقالت أم هانئ صلى النبي A سبحة الضحى ثمان ركعات يسلم من كل ركعتين .
رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري كما قاله في المجموع وفي الصحيحين عنها قريب منه .
والسبحة بضم السين الصلاة .
ويسن أن يسلم من كل ركعتين كما قاله القمولي وينوي ركعتين من الضحى ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال كما جزم به الرافعي في الشرحين والمصنف في التحقيق والمجموع .
ووقع في زيادة الروضة أن الأصحاب قالوا يدخل وقتها بالطلوع وأن التأخير إلى الارتفاع مستحب ونسب إلى أنه سبق قلم والاختيار فعلها عند مضي ربع النهار لخبر مسلم وصلاة الأوابين حين ترمض الفصال بفتح الميم أي تبرك من شدة الحر في خفافها ولئلا يخلو كل ربع من النهار عن عبادة . " .
و " منه " تحية المسجد " لداخله غير المسجد الحرام وهي " ركعتان " قبل الجلوس لكل دخول ولو تقارب ما بين الدخولات أو دخل من مسجد إلى آخر وهما متلاصقان لخبر الصحيحين إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ومن ثم يكره له أن يجلس من غير تحية بلا عذر .
وظاهر كلامه كغيره أنه لا فرق في سنها بين مريد الجلوس وغيره ولا بين المتطهر وغيره إذا تطهر في المسجد لكن قيده شيخ نصر بمريد الجلوس ويؤيده الخبر المذكور .
قال الزركشي لكن الظاهر أن التقييد بذلك خرج مخرج الغالب وهذا هو الظاهر فإن الأمر بذلك معلق على مطلق الدخول تعظيما للبقعة وإقامة للشعار كما يسن لداخل مكة الإحرام سواء أراد الإقامة بها أم لا .
قال في المجموع وتجوز الزيادة على ركعتين إذا أتى بسلام واحد وتكون كلها تحية لاشتمالها على الركعتين .
قال في المهمات فإن فصل فمقتضى كلامه المنع والجواز محتمل ا . ه " .
والمنع أظهر . " .
وتحصل بفرض أو نفل آخر " وإن لم تنو لأن القصد بها أن لا ينتهك المسجد بلا صلاة بخلاف غسل الجمعة أو العيد بنية الجنابة لأنه مقصود .
ويحصل فضلها أيضا وإن لم تنو كما صرح به ابن الوردي في بهجته وإن ( 1 / 224 ) خالف بعضهم في ذلك . " .
لا بركعة " أي لا تحصل بها التحية " على الصحيح " للحديث المار . " .
قلت وكذا الجنازة وسجدة التلاوة و " سجدة " الشكر " فلا تحصل التحية بشيء من ذلك على الصحيح للخبر السابق .
والثاني تحصل بواحدة من هذه الأربع لحصول الإكرام بها المقصود من الخبر . " .
وتتكرر " التحية أي طلبها " بتكرر الدخول على قرب في الأصح والله أعلم " لوجود المقتضى كالبعد .
والثانية لا للمشقة .
وتفوت بجلوسه قبل فعلها وإن قصر الفصل إلا إن جلس سهوا وقصر الفصل كما جزم به في التحقيق .
وتفوت بطول الوقوف كما أفتى به شيخي .
ولو أحرم بها قائما ثم أراد القعود لإتمامها فالقياس عدم المنع وكذا لو دخل زحفا فالقياس أنه مأمور بالتحية .
أما إذا دخل المسجد الحرام فلا تسن له لأنه يبدأ بالطواف وكذا لو دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة أو قرب إقامتها بحيث لو اشتغل بالتحية فاتته تكبيرة الإحرام أو دخل بعد فراغ الخطيب من خطبة الجمعة أو وهو في آخرها قاله الشيخ أبو محمد .
وربما يدعى دخول هاتين الصورتين في قولهم أو قرب إقامتها إلخ .
أو دخل الخطيب المسجد وقد حانت الخطبة على الأصح من زوائد الروضة في باب الجمعة وإن اعترضه في المهمات .
أو دخل والإمام في مكتوبة أو خاف فوت سنة راتبة كما في الرونق .
ويكره أن يدخل المسجد بغير وضوء فإن دخل فليقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنها تعدل ركعتين في الفضل .
وفي أذكار المصنف قال بعض أصحابنا من دخل المسجد فلم يتمكن من صلاة التحية لحدث أو شغل أو نحوه فيستحب له أن يقول أربع مرات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال ولا بأس به زاد ابن الرفعة ولا حول ولا قوة إلا بالله " .
فائدة : .
إنما استحب الإتيان بهذه الكلمات الأربع لأنها صلاة سائر الخليقة من غير الآدمي من الحيوانات والجمادات في قوله تعالى " وإن من شيء إلا يسبح بحمده " أي بهذه الأربع وهي الكلمات الطيبات والباقيات الصالحات والقرض الحسن والذكر الكثير في قوله تعالى " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " وفي قوله تعالى " واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون " "