الأول : " النية " لأنها واجبة في بعض الصلاة وهو أولها لا في جميعها فكانت ركنا كالتكبير والركوع .
وقيل : هي شرط لأنها عبارة عن قصد فعل الصلاة فتكون خارج الصلاة ولهذا قال الغزالي : هي بالشرط أشبه .
وتظهر فائدة الخلاف فيما لو افتتح النية مع مقارنة مفسد من نجاسة أو غيرها وتمت بلا مانع .
إن قلنا إنها ركن لم تصح أو شرط صحت وفيها كلام للرافعي ذكرته مع زيادة في " شرح التنبيه " .
والأصل فيها قوله تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) قال الماوردي : والإخلاص في كلامهم النية وقوله A : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى ) وأجمعت الأمة على اعتبار النية في الصلاة وبدأ بها لأن الصلاة لا تنعقد إلا بها . " .
فإن صلى " أي أراد أن يصلي " فرضا " ولو نذرا أو قضاء أو كفاية " وجب قصد فعله " بأن يقصد فعل الصلاة لتتميز عن سائر الأفعال وهي هنا ما عدا النية لأنها لا تنوى للزوم التسلسل في ذلك ولأن ما كان من الأعمال حصول صورته كاف في حصول مصلحته لم يفتقر إلى نية والنية كذلك لأن المقصود منها شيئان : تمييز العبادات عن العادات وتمييز رتب العبادات وذلك حاصل بحصولها من غير توقف على شيء آخر . " .
و " وجب " تعيينه " من ظهر أو غيره ليمتاز عن سائر الصلوات . قال في " العباب " : وفي إجزاء نية صلاة يشرع التثويب في أذانها القنوت فيها أبدا عن نية الصبح تردد ا . ه . وينبغي الاكتفاء وتقدم الكلام على النية في باب الوضوء .
ولو عبر بقوله : " قصد فعلها وتعيينها " لكان أولى واستغنى عما قدرته تبعا للشارح فالمراد قصد فعل الفرض من حيث كونه صلاة ( 1 / 149 ) لا من حيث كونه فرضا وإلا لتضمن قصد الفرضية فإن من قصد فعل الفرض فقد قصد الفرضية لا شك فلا يحسن بعد ذلك قوله : " والأصح وجوب نية الفرضية " لأنه معنى الأول وإنما وجبت نية الفرضية مع ما ذكر الصادق بالصلاة المعادة ليتعين بنية الفرض للصلاة الأصلية وفي المعادة خلاف في نية الفرضية كما سيأتي إن شاء الله تعالى في صلاة الجماعة .
والثاني : لا تجب لأن ما يعينه ينصرف إليها بدون هذه النية بخلاف المعادة فلا ينصرف إليها إلا بقصد الإعادة .
وعلى الأول : تكفي نية النذر في المنذور عن نية الفرضية كما قاله في " الذخائر " ولا تجب في صلاة الصبي كما صححه في " التحقيق " وصوبه في " المجموع " خلافا لما في " الروضة " وأصلها لأن صلاته تقع نفلا فكيف ينوي الفرضية ؟ .
فائدة : .
العبادات المشروط فيها النية في وجوب التعرض للفرض خمسة أقسام : .
الأول : يشترط بلا خلاف كالزكاة هكذا في الدميري وليس كذلك لأن نية الفرضية في المال ليست بشرط لأن الزكاة لا تقع إلا فرضا وبه فارقت ما لو نوى صلاة الظهر .
الثاني : عكسه كالحج والعمرة .
الثالث : يشترط على الأصح كالصلاة .
الرابع : عكسه كصوم رمضان على ما في " المجموع " من عدم الاشتراط .
الخامس : عبادة لا يكفي فيها ذلك بل يضر وهي التيمم فإنه إذا نوى فرضه لم يكف . " .
دون الإضافة إلى الله تعالى " فلا تجب لأن العبادة لا تكون إلا له تعالى . وقيل : تجب ليتحقق معنى الإخلاص . وعلى الأول : تستحب لذلك .
قال الدميري : وفي تصوير عدم الإضافة إلى الله تعالى إشكال فإن فعل الفرض لا يكون إلا لله فلا ينفك قصد الفرضية عن نية الإضافة إلى الله تعالى ا . ه .
ولا تجب نية استقبال القبلة ولا عدد الركعات في الأصح فيهما ولكن تسن خروجا من الخلاف ولو غير العدد كأن نوى الظهر ثلاثا أو خمسا لم ينعقد وفرضه الرافعي في العالم وقضيته أنه لا يضر في الغلط ومقتضى قولهم : " أن ما وجب التعرض له جملة يضر الخطأ فيه " أنه يضر لأن الظهر يشتمل على العدد جملة فيضر الخطأ فيه وهذا هو الظاهر . " .
و " الأصح " أنه يصح الأداء بنية القضاء " عند جهل الوقت بغيم أو نحوه كأن ظن خروج الوقت فصلاها قضاء فبان بقاؤه . " .
وعكسه " كأن ظن بقاء الوقت فصلاها أداء فبان خروجه لاستعمال كل بمعنى الآخر تقول : قضيت الدين وأديته بمعنى واحد قال تعالى : ( فإذا قضيتم مناسككم ) أي أديتم .
والثاني : لا يصح بل يشترطان ليتميز كل منهما عن الآخر كما في الظهر والعصر .
وعلى الأول : يسن لذلك أما إذا فعل ذلك عالما فلا تصح صلاته قطعا لتلاعبه . كما نقله في " المجموع " عن تصريحهم .
نعم إن قصد بذلك المعنى اللغوي لم يضر كما قاله في " الأنوار " . وقيل : يشترط التعرض لنية القضاء دون الأداء لأن الأداء يتميز بالوقت بخلاف القضاء . وقيل : إن كان عليه فائتة مثلها اشترط التعرض لنية الأداء وإلا فلا يشترط التعرض للوقت فلو عين اليوم وأخطأ قال البغوي و المتولي : صح في الأداء لأن معرفته بالوقت المتعين للفعل بالشروع فلغا خطؤه فيه ولا تصح في القضاء لأن وقت الفعل غير متعين له بالشروع ولم ينو قضاء ما عليه .
وقضية كلام " أصل الروضة " في التيمم الصحة مطلقا وهو الظاهر .
ومن عليه فوائت لا يشترط أن ينوي ظهر يوم كذا بل يكفيه نية الظهر أو العصر أو الفائتة إن شرطنا نية القضاء . " .
والنفل ذو الوقت أو " ذو " السبب كالفرض فيما سبق " من اشتراط قصد فعل الصلاة وتعيينها كصلاة الكسوف أو الاستسقاء أو عيد الفطر والأضحى أو راتبة العشاء .
قال في " المجموع " : كسنة الظهر التي قبلها أو التي بعدها . وتبعه السبكي .
ووجهه أن تعيينها إنما يحصل بذلك لاشتراكها في الاسم والوقت وإن لم يؤخر المقدمة كما يجب تعيين الظهر لئلا يلتبس بالعصر وكما يجب تعيين عيد الفطر عن الأضحى لئلا يلتبس به فاندفع ما قيل : إن محل هذا إذا أخر المقدمة عن الفرض .
وقال ابن عبد السلام : ينبغي في صلاة العيد أن لا يجب التعرض لكونه فطرا أو نحرا لاستوائهما في جميع الصفات فيلتحق بالكفارات بخلاف الكسوف والخسوف لاختلافهما بالجهر والإسرار .
والوتر صلاة مستقلة فلا يضاف إلى العشاء فإن أوتر بواحدة أو بأكثر ووصل نوى الوتر وإن فصل نوى بالواحدة الوتر ويتخير في غيرها بين نية صلاة الليل ومقدمة الوتر وسنته وهي أولى أو ركعتين من الوتر على الأصح .
قال الإسنوي : ( 1 / 150 ) ومحل ذلك إذا نوى عددا فإن لم ينو فهل يلغو لإبهامه أو يصح ويحمل على ركعة لأنه المتيقن أو ثلاث لأنها أفضل كنية الصلاة فإنها تنعقد ركعتين مع صحة الركعة أو إحدى عشرة لأن الوتر له غاية فحملنا الإطلاق عليها بخلاف الصلاة ؟ فيه نظر ا . ه .
والظاهر كما قال شيخنا : أنه يصح ويحمل على ما يريده من ركعة إلى إحدى عشرة وترا .
ويستثنى من ذوات السبب تحية المسجد وركعتا الوضوء والإحرام والاستخارة فيكفي فيها نية فعلها كما في " الكفاية " في الأولى و " الإحياء " في الثانية وقياسا عليها في الثالثة والرابعة - كما بحثه بعضهم - وإن قال في " الكفاية " : إن المنقول في الثالثة أنه لا يكفي . " .
وفي " أصل المصنف كذلك لكنه كشط الألف واللام وصحح عليه لأن فيهما إيهام اشتراطها .
وقد صوب في " الروضة " و " المجموع " الجزم بخلافه وقال هنا : " قلت : الصحيح لا تشترط نية النفلية والله أعلم " لأن النفلية ملازمة للنفل بخلاف الظهر ونحوها فإنها قد تكون فرضا وقد لا تكون بدليل المعادة وصلاة الصبي كما سبق .
وفي اشتراط نية الأداء والقضاء والإضافة إلى الله تعالى الخلاف السابق . " .
ويكفي في النفل المطلق " وهو الذي لا يتقيد بوقت ولا سبب " نية فعل الصلاة " لأن النفل أدنى درجات الصلاة فإذا قصدها وجب حصوله .
ولم يذكروا هنا خلافا في اشتراط نية النفلية ويمكن مجيئه - كما قال الرافعي - ومجيء الخلاف في الإضافة إلى الله تعالى . " .
والنية بالقلب " بالإجماع لأنها القصد فلا يكفي النطق مع غفلة القلب بالإجماع .
ونبه بذلك هنا على جميع الأبواب فإنه لم يذكره إلا هنا ولا يضر النطق بخصف ما في القلب كأن قصد الصبح وسبق لسانه إلى الظهر . " .
ويندب النطق " بالمنوي " قبل التكبير " ليساعد اللسان القلب ولأنه أبعد عن الوسواس .
قال الأذرعي : ولا دليل للندب ا . ه .
وهو ممنوع بل قيل : بوجوب التلفظ بالنية في كل عبادة ولو عقب النية بلفظ إن شاء الله أو نواها وقصد بذلك التبرك أو أن الفعل واقع بالمشيئة لم يضر أو التعليق أو أطلق لم يصح للمنافاة .
ولو قلب المصلي صلاته التي هو فيها صلاة أخرى عالما عامدا بطلت صلاته أو أتى بما ينافي الفرض دون النفل كأن أحرم القادر بالفرض قاعدا أو أحرم به الشخص قبل الوقت عامدا عالما بذلك لم تنعقد صلاته لتلاعبه .
فإن كان معذورا كمن ظن دخول الوقت فأحرم بالفرض أو قلبه نفلا مطلقا ليدرك جماعة مشروعة وهو منفرد فسلم من ركعتين ليدركها أو ركع المسبوق قبل تمام التكبير جاهلا انقلبت نفلا للعذر إذ لا يلزم من بطلان الخصوص بطلان العموم .
وخرج بذلك ما لو قلبها نفلا معينا كركعتي الضحى فلا تصح لافتقاره إلى التعيين وما إذا لم تشرع الجماعة كما لو كان يصلي الظهر فوجد من يصلي العصر فلا يجوز القطع - كما ذكره في " المجموع " في بابها - وما لو علم أنه أحرم قبل الوقت في أثناء صلاته فإنه لا يتمها لتبين بطلانها وإنما وقعت له نافلة لقيام العذر كمن صلى بالاجتهاد لغير القبلة ثم تبين له الحال فإن كان ذلك بعد الفراغ منها وقعت له نافلة وإن كان في أثنائها بطلت كما مر ولا يجوز له أن يستمر فيها .
فروع : .
لو قال شخص لآخر صل فرضك ولك علي دينارا فصلى بهذه النية لم يستحق الدينار وأجزأه صلاته .
ولو نوى الصلاة ودفع الغريم صحت صلاته لأن دفعه حاصل وإن لم ينوه بخلاف ما لو نوى بصلاته فرضا ونفلا غير نحو تحية المسجد لتشريكه بين عبادتين لا تندرج إحداهما في الأخرى .
ولو قال أصلي لثواب الله تعالى أو للهرب من عقابه صحت صلاته خلافا للفخر الرازي