" و " الماء " الجاري " وهو ما اندفع في مستو أو منخفض " كراكد " فيما مر من التفرقة بين القليل والكثير وفيما يستثنى لمفهوم حديث القلتين فإنه لم يفصل بين الجاري والراكد لكن العبرة في الجاري بالجرية نفسها لا مجموع الماء وهي كما في المجموع : الدفعة بين حافتي النهر عرضا والمراد بها ما يرتفع من الماء عند تموجه أي تحقيقا أو تقديرا فإن كبرت الجرية لم تنجس إلا بالتغير وهي في نفسها منفصلة عما أمامها وما خلفها من الجريات حكما ( 1 / 25 ) وإن اتصلت بهما حسا إذ كل جرية طالبة لما أمامها هاربة عما خلفها .
قال بعضهم : ولأنها لو كانت متصلة بها حكما لتنجس الماء في الكوز إذا انصب على الأرض وورد عليه نجس فلو وقع فيها نجس فكما لو وقع في راكد حتى لو كانت قليلة تنجست بوصوله إليها وإن بلغت مع ما أمامها وما خلفها قلتين لتفاصل أجزاء الجاري فلا يتقوى بعضه ببعض بخلاف الراكد والجرية إذا بلغ كل منهما قلتين ولو وقع فيها وهي قليلة نجس جامد فإن كان موافقا لجريانها تنجست دون ما أمامها وما خلفها أو واقفا أو جريها أسرع فمحله وما أمامه مما مر عليه نجس وإن طال امتداده إلا أن يتراد أو يجتمع في نحو حفرة وعليه يقال لنا ماء هو ألف قلة ينجس بلا تغير والجرية التي تعقب جرية النجس الجاري تغسل المحل فلها حكم الغسالة حتى لو كان من كلب فلا بد من سبع جريات مع كدورة الماء بالتراب الطهور في إحداهن ويعرف كون الجرية قلتين بأن تمسحا ويجعل الحاصل ميزانا ثم يؤخذ قدر عمق الجرية ويضرب في قدر طولها ثم الحاصل في قدر عرضها بعد بسط الأقدار من مخرج الربع لوجوده في مقدار القلتين في المربع فمسح القلتين بأن تضرب ذراعا وربعا طولا في مثلهما عرضا في مثلهما عمقا يحصل مائة وخمسة وعشرون وهي الميزان أما إذا كان أمام الجاري ارتفاع يرده فله حكم الراكد .
وفي القديم لا ينجس .
القليل منه " بلا تغير " لقوة الجاري ولأن الأولين كانوا يستنجون على شطوط الأنهار الصغيرة ثم يتوضؤون منها ولا ينفك عن رشاش النجاسة غالبا وعلله الرافعي : بأن الجاري وارد على النجاسة فلا ينجس إلا بالتغير كالماء الذي تزال به النجاسة وقضية هذا التعليل أن يكون طاهرا غير طهور والظاهر أنه ليس مرادا