" ويستثنى " من النجس " ميتة لا دم لها " أصالة " سائل " أي لا يسيل دمها عند شق عضو منها في حياتها كزنبور بضم أوله وعقرب ووزغ وذباب وقمل وبرغوث لا نحو حية وضفدع وفأرة " فلا تنجس مائعا " ماء أو غيره بوقوعها فيه بشرط أن لا يطرحها طارح ولم تغيره " على المشهور " لمشقة الاحتراز عنها ولخبر البخاري ( إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء ) أي وهو اليسار كما قيل ( وفي الآخر شفاء ) زاد أبو داود : ( إنه يتقى بجناحه الذي فيه الداء ) وقد يفضي غمسه إلى موته فلو نجس المائع لما أمر به وقد يؤخذ من ذلك أنه لو نزعها بأصبعه أو عود بعد موتها لم يتنجس وهو كذلك كما يؤخذ من كلام الكمال بن أبي شريف وعلى هذا لو رد ما نزع به في المائع ونزع به واحدة بعد واحدة لم ينجس المائع بذلك لأن الباقي على أصبعه أو العود محكوم بطهارته لأنه جزء من ذلك المائع انفصل عنه ثم عاد إليه .
وقيس بالذباب ما في معناه من كل ميتة لا يسيل دمها فلو شككنا في سيل دمها امتحن بجنسها فتجرح للحاجة ( 1 / 24 ) قاله الغزالي في فتاويه ولو كانت مما يسيل دمها لكن لا دم فيها أو فيها دم لا يسيل لصغرها فلها حكم ما يسيل دمها قاله القاضي أبو الطيب والثاني تنجسه قال في التنبيه : وهو القياس كسائر الميتات النجسة ومحل الخلاف إذا لم تنشأ فيه فإن نشأت فيه وماتت كالعلق ودود الخل لم تنجسه جزما فإن غيرته الميتة لكثرتها أو طرحت فيه بعد موتها قصدا تنجس جزما كما جزم به في الشرح والحاوي الصغيرين ومفهوم قولهما : " بعد موتهما قصدا " أنه لو طرحها شخص بلا قصد أو قصد طرحها على مكان آخر فوقعت في المائع أو أخذ الميتة ليخرجها فوقعت فيه بعد رفعها من غير قصد إلى رميها فيه من غير تقصير بل قصد إخراجها فوقعت فيه بغير اختياره أو طرحها من لا يميز أو قصد طرحها فيه فوقعت فيه وهي حية فماتت فيه أنه لا يضر وهو كذلك .
ومن ذلك ما لو وضع خرقة على إناء وصفى بها هذا المائع الذي وقعت فيه هذه الميتة بأن صبه عليها لأنه يضع المائع وفيه الميتة متصلة به ثم يتصفى عنها المائع وتبقى هي منفردة عنه لا أنه طرح الميتة في المائع كما قد يتوهم فلو زال التغير من المائع أو من الماء القليل وهو باق على قلته لم يطهر كما أفاده شيخي فإن بلغ الماء قلتين طهر