ثم شرع في أحكام الحيض فقال : " .
ويحرم به " أي بالحيض " ما حرم بالجنابة " من صلاة وغيرها لأنه أغلظ ويدل على أنه أغلظ منها أنه يحرم به ما يحرم بها . " و " أشياء أخر .
أحدها : " عبور المسجد إن خاف تلويثه " صيانة للمسجد عن النجاسة فإن أمنته جاز لها العبور كالجنب لكن مع الكراهة كما في " المجموع " .
ولا خصوصية للحائض بهذا بل كل من به نجاسة يخاف تلويث المسجد منها مثلها كمن به سلس البول واستحاضة ومن بنعله نجاسة رطبة فإن أراد الدخول به فليدلكه قبل دخوله . " .
و " ثانيها : " الصوم " للإجماع على تحريمه وعدم صحته .
قال الإمام : وكون الصوم لا يصح منها لا يدرك معناه لأن الطهارة ليست مشروطة فيه .
وهل وجب عليها ثم سقط أو لم يجب أصلا وإنما يجب القضاء بأمر جديد ؟ وجهان : أصحهما الثاني قال في " البسيط " : وليس لهذا الخلاف فائدة فقهية .
وقال في " المجموع " : يظهر هذا وشبهه في الأيمان والتعاليق بأن يقول : متى وجب عليك صوم فأنت طالق .
وأظهر غيره فوائد أخر على ضعيف . " .
ويجب قضاؤه بخلاف الصلاة " لقول عائشة رضي الله تعالى عنها : ( كان يصيبنا ذلك - أي الحيض - فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) متفق عليه وانعقد الإجماع على ذلك .
وفيه من المعنى أن الصلاة تكثر فيشق قضاؤها بخلاف الصوم .
وقد أعاد المصنف مسألة الصلاة في أوائل الصلاة وهل يحرم قضاؤها أو يكره ؟ فيه خلاف ذكره في " المهمات " فنقل فيها عن ابن الصلاح والمصنف عن البيضاوي أنه يحرم لأن عائشة رضي الله تعالى عنها ( 1 / 110 ) نهت السائل عن ذلك ولأن القضاء محله فيما أمر بفعله .
وعن ابن الصلاح و الروياني و العجلي : أنه مكروه بخلاف المجنون والمغمى عليه فيسن لهما القضاء ا . ه .
والأوجه كما قاله شيخنا عدم التحريم ولا يؤثر فيه نهي عائشة Bها .
والتعليل المذكور منتقض بقضاء المجنون والمغمى عليه وعلى هذا تنعقد صلاتها أو لا ؟ فيه نظر والأوجه عدم الانعقاد لأن الأصل في الصلاة إذا لم تكن مطلوبة عدم الانعقاد ووجوب القضاء عليها في الصوم بأمر جديد من النبي A فلم يكن واجبا حال الحيض والنفاس كما مر لأنها ممنوعة منه والمنع والوجوب لا يجتمعان .
وثالثها : الطلاق من ممسوسة كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى لقوله D : ( إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ) أي في الوقت الذي يشرعن فيه في العدة والمعنى فيه تضررها بطول المدة فإن زمن الحيض لا يحسب من العدة فإن كانت حاملا لم يحرم طلاقها لأن عدتها إنما تنقضي بوضع الحمل .
ورابعها : الطهارة لرفع الحدث فتحرم عليها إذا قصدت التعبد بها مع علمها بأنها لا تصح لتلاعبها .
أما الطهارة المقصودة للتنظيف كأغسال الحج فإنها تأتي بها كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى . " .
و " خامسها : أنه يحرم الوطء في فرجها ولو بحائل والمباشرة ب " ما بين سرتها وركبتها " ولو بلا شهوة لقوله تعالى : ( فاعتزلوا النساء في المحيض ) ولخبر أبي داود بإسناد جيد أنه A سئل عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض فقال : ( ما فوق الإزار ) وخص بمفهومه عموم خبر مسلم : ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) ولأن الاستمتاع بما تحت الإزار يدعو إلى الجماع فحرم لخبر : ( من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) . " .
وقيل لا يحرم غير الوطء " واختاره في " التحقيق " لخبر مسلم السابق بجعله مخصصا لمفهوم خبر أبي داود .
قال شيخنا : وما قاله الأصحاب أوجه لما فيه من رعاية الأحوط للخبر السابق .
وخرج بما بين السرة والركبة هما وباقي الجسد فلا يحرم الاستمتاع بهما .
وعبرت بالمباشرة تبعا ل " لتحقيق " و " المجموع " ليخرج الاستمتاع بالنظر ولو بشهوة فإنه لا يحرم إذ ليس هو أعظم من تقبيلها في وجهها بشهوة .
وعبر الرافعي في " الشرحين " و " المحرر " وتبعه في " الروضة " بالاستمتاع وهو يشمل النظر واللمس بشهوة قال الإسنوي : فبين التعبير بالاستمتاع والمباشرة عموم وخصوص من وجه أي لأن المباشرة لا تكون إلا باللمس سواء أكان بشهوة أم لا والاستمتاع يكون باللمس والنظر ولا يكون إلا بشهوة .
قال : وسكتوا عن مباشرة المرأة للزوج والقياس أن مسها للذكر ونحوه من الاستمتاعات المتعلقة بما بين السرة والركبة حكمه حكم تمتعاته بها في ذلك المحل ا . ه .
والصواب كما قاله بعض المتأخرين في نظم القياس أن نقول : كل ما منعناه منه نمنعها أن تلمسه به فيجوز له أن يلمس بجميع بدنه سائر بدنها إلا ما بين سرتها وركبتها ويحرم عليه تمكينها من لمسه بما بينهما .
ووطء الحائض في الفرج كبيرة من العامد العالم بالتحريم المختار يكفر مستحله كما في " المجموع " عن الأصحاب وغيرهم بخلاف الجاهل والناسي والمكره لخبر : ( إن الله تعالى تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) وهو حسن رواه البيهقي وغيره .
ويسن للواطئ المتعمد المختار العالم بالتحريم في أول الدم وقوته التصدق بمثقال إسلامي من الذهب الخالص وفي آخر الدم وضعفه بنصف مثقال لخبر : ( إذا واقع الرجل أهله وهي حائض إن كان دما أحمر فليتصدق بدينار وإن كان أصفر فليتصدق بنصف دينار ) رواه أبو داود والحاكم وصححه .
ويقاس النفاس على الحيض .
ولا فرق في الواطئ بين الزوج وغيره فغير الزوج مقيس على الزوج الوارد في الحديث .
والوطء بعد انقطاع الدم إلى الطهر كالوطء في آخر الدم ذكره في " المجموع " ويكفي التصدق ولو على فقير واحد وإنما لم يجب لأنه وطء محرم للأذى إذ لا يجب به كفارة كاللواط ويستثنى من ذلك المتحيرة فلا كفارة بوطئها وإن حرم ولو أخبرته بحيضها ولم يمكن صدقها لم يلتفت إليها وإن أمكن وصدقها حرم وطؤها وإن كذبها فلا لأنها ربما عائدته ولأن الأصل عدم التحريم بخلاف ما لو علق به طلاقها وأخبرته به فإنها تطلق وإن كذبها لتقصيره بتعليقه بما لا يعرف إلا من جهتها .
ولا يكره طبخها ولا استعمال ما مسته من ماء أو عجين أو نحوه . " .
فإذا انقطع " دم الحيض ومثله النفاس لزمن إمكانه ارتفع عنها سقوط الصلاة و " لم يحل " مما حرم به " قبل الغسل " أو التيمم " غير الصوم " لأن تحريمه بالحيض لا بالحدث بدليل صحته من الجنب وقد زال . " .
و " غير " الطلاق " المزيد على " المحرر " لزوال المعنى المقتضي للتحريم وهو تطويل العدة وغير الطهر فإنها مأمورة به وغير الصلاة المكتوبة بماء أو تيمم أما ما عدا الاستمتاع فلأن المنع منه إنما هو لأجل الحدث والحدث باق .
وأما الاستمتاع فلقوله تعالى : ( ولا تقربوهن حتى يطهرن ) وقد قرئ إذا فقدت الطهورين ( 1 / 111 ) وما عدا ذلك من المحرمات فهو باق إلى أن تطهر بالتشديد والتخفيف في السبع .
أما قراءة التشديد فصريحة فيما ذكر وأما التخفيف فإن كان المراد به أيضا الاغتسال - كما قال ابن عباس وجماعة - لقرينة قوله : ( فإذا تطهرن ) فواضح وإن كان المراد به انقطاع الحيض فقد ذكر بعده شرطا آخر وهو قوله تعالى : ( فإذا تطهرن ) فلا بد منهما معا .
فائدة : .
حكى الغزالي أن الوطء قبل الغسل يورث الجذام في الولد