" فإن زال تغيره " الحسي أو التقديري " بنفسه " بأن لم يحدث فيه شيء كأن زال بطول المكث " أو بماء " انضم إليه بفعل أو غيره ولو نجسا ولو أخذ منه كما قاله في المهذب أي نقص والباقي قلتان وصوره في شرحه بأن يكون الإناء مختنقا لا يدخله الريح فإذا نقص دخلته وقصرته . " طهر " بفتح الهاء أفصح من ضمها . الزوال سبب التنجيس ولا يضر عود تغيره إن خلا عن نجس جامد ويعرف زوال تغيره التقديري بأن يمضي عليه زمن لو كان تغيره حسيا لزال تغيره وذلك بأن يكون بجنبه غدير فيه ماء متغير فزال تغيره بنفسه بعد مدة أو بماء صب عليه فيعلم أن هذا أيضا زال تغيره " أو " زال تغيره ظاهرا كأن زال ريحه " بمسك و " لونه بنحو " زعفران " وطعمه بنحو خل " فلا " يطهر لأنا لا ندري أن أوصاف النجاسة زالت أو غلب عليها المطروح فسترها وإذا كان كذلك فالأصل بقاؤها فإن قيل العلة في عدم عود الطهورية احتمال أن التغير استتر ولم يزل فكيف يعطفه المصنف على ما جزم فيه بزوال التغير وذلك تهافت أجيب : بأن المراد زواله طاهرا كما قدرته وإن أمكن استتاره باطنا فلو طرح مسك على متغير الطعم فزال تغيره طهر إذ المسك ليس له طعم وكذا يقال في الباقي . " وكذا " لا يطهر ظاهرا إذا وقع عليه " تراب وجص " أي جبس أو أحدهما أو نحو ذلك كنورة لم تطبخ " في الأظهر " للشك المذكور والثاني يطهر بذلك لأنه لا يغلب فيه شيء من الأوصاف الثلاثة فلا يستر التغيير ودفع بأنه يكدر الماء والكدرة من أسباب الستر فإن صفا الماء ولا تغير فيه طهر هو والتراب معه جزما .
فائدة : .
الجص : ما يبنى به ويطلى وكسر جيمه أفصح من فتحها وهو عجمي معرب وتسميه العامة بالجبس وهو لحن . " .
ودونهما " أي الماء دون القلتين " ينجس " هو ورطب غيره كزيت وإن كثر " بالملاقاة " للنجاسة المؤثرة وإن لم يتغير وإن كانت مجاورة أما الماء : فلمفهوم حديث القلتين السابق المخصص لمنطوق حديث ( الماء لا ينجسه شيء ) السابق ولخبر مسلم : ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده ) نهاه عن الغمس خشية النجاسة . ومعلوم أنها إذا خفيت لا تغير الماء فلولا أنها تنجسه بوصولها لم ينهه نعم إن ورد على النجاسة ففيه تفصيل يأتي في بابها وأما غير الماء فبالأولى .
وفارق كثير الماء كثير غيره بأن كثيره قوي ويشق حفظه من النجس بخلاف غيره وإن كثر كما مر ولو تنجست يده اليسرى مثلا ثم غسل إحدى يديه وشك في المغسول أهو يده اليمنى أم اليسرى ثم أدخل اليسرى في مائع لم ينجس المائع بغمس اليد اليسرى فيه كما أفتى به شيخي قال : لأن الأصل طهارته ( 1 / 23 ) وقد اعتضد باحتمال طهارة اليد اليسرى ويعفى عما تلقيه الفئران من النجاسة في حياض الأخلية وعن زرق الطيور الواقع فيها لمشقة الاحتراز عن ذلك ما لم يغيره ما ذكر .
وخرج بالرطب الجامد الخالي عن رطوبة عند الملاقاة وبالمؤثرة غيرها كما سيأتي وقدرت الماء في عبارة المصنف تبعا للشارح لأجل موافقة سيبويه وجمهور البصريين لأن دون عندهم ظرف لا ينصرف فلا يصح أن يكون مبتدأ ويجوز عند الأخفش والكوفيين ثم اختلفوا فيما أضيف إلى مبني كالواقع في كلام المصنف فقال الأخفش : يجوز بناؤه على الفتح لإضافته إلى مبني وقال غيره : يجب رفعه على الابتداء . " .
فإن بلغهما " أي المتنجس قلتين " بماء " ولو مستعملا ومتنجسا ومتغيرا بنحو زعفران " و " الحال أنه " لا تغير به فطهور " لزوال العلة وهي القلة حتى لو فرق بعد ذلك لم يضر ويكفي الضم وإن لم يمتزج صاف بكدر لحصول القوة بالضم لكن إن انضما بفتح حاجز اعتبر اتساعه ومكثه زمنا يزول فيه التغير لو كان أخذا من قولهم : ولو غمس كوز ماء واسع الرأس في ماء كمله قلتين وساواه بأن كان الإناء ممتلئا أو امتلأ بدخول الماء فيه ومكث قدرا يزول فيه تغير لو كان واحد الماءين نجس أو مستعمل طهر لأن تقوي أحد الماءين بالآخر إنما يحصل بذلك فإن فقد شرط من ذلك بأن كان ضيق الرأس أو واسعه بحيث يتحرك ما فيه بتحرك الآخر تحركا عنيفا لكن لم يكمل الماء قلتين أو كمل لكن لم يمكث زمنا يزول فيه التغير لو كان أو مكث لكن لم يساوه الماء لم يطهر ولا ينجس أسفل ما يفور بتنجس أعلاه كعكسه .
ولو وضع كوز على نجاسة وماؤه خارج من أسفله لم ينجس ما فيه ما دام يخرج فإن تراجع تنجس كما لو سد بنجس . مهمة : .
إذا قل ماء البئر وتنجس لم يطهر بالنزح لأنه وإن نزح فقعر البئر يبقى نجسا وقد تنجس جدران البئر أيضا بالنزح بل بالتكثير كأن يترك أو يصب عليه ماء ليكثر ولو كثر الماء وتفتت فيه شيء نجس كفأرة تمعط شعرها فهو طهور تعسر استعماله باغتراف شيء منه كدلو إذ لا تخلو مما تمعط فينبغي أن ينزح الماء كله ليخرج الشعر معه فإن كانت العين فوارة وتعسر نزح الجميع نزح ما يغلب على الظن أن الشعر كله خرج معه فإن اغترف منه قبل النزح ولم يتيقن فيما اغترفه شعرا لم يضر