" و " الركن الثاني : " نية استباحة الصلاة " ونحوها مما تفتقر استباحته إلى طهارة كطواف وحمل مصحف وسجود تلاوة إذ الكلام الآن في صحة التيمم وأما ما يستباح به فسيأتي .
ولو تيمم بنية الاستباحة ظانا أن حدثه أصغر فبان أكبر أو عكسه صح لأن موجبهما واحد وإن تعمد لم يصح في الأصح لتلاعبه .
فلو أجنب في سفره ونسي وكان يتيمم وقتا ويتوضأ وقتا أعاد صلاة الوضوء فقط لما ذكر ولو نوى الظهر مقصورة عند جوازه فله الإتمام أو عند امتناعه لم يصح تيممه لعصيانه قاله البغوي في " فتاويه " . " لا " نية " رفع حدث " أصغر أو أكبر أو الطهارة عن أحدهما فلا يكفي لأن التيمم لا يرفعه . " فإن قيل : الحدث الذي ينوى رفعه هو المنع من الصلاة نحوها وهذا يرفعه التيمم . أجيب : بأن الحدث منع متعلقه كل صلاة فريضة كانت أو نافلة وكل طواف فرضا كان أو نفلا وغير ذلك وهذا المنع العام لا يرفعه التيمم وإنما يرتفع به منع خاص وهو المنع من فريضة فقط أو ونوافل أو نوافل فقط والخاص غير العام . ويؤخذ ( 1 / 98 ) من هذا أنه لو نوى رفع الحدث الخاص صح وهو كذلك كما قاله شيخي . " .
ولو نوى فرض التيمم " أو فرض الطهارة أو التيمم المفروض أو الطهارة عن الحدث أو الجنابة " لم يكف في الأصح " لأن التيمم ليس مقصودا في نفسه وإنما يؤتى به عن ضرورة فلا يجعل مقصودا بخلاف الوضوء ولهذا يستحب تجديد الوضوء بخلاف التيمم . والثاني : يكفي كالوضوء . وفرق الأول بما تقدم .
ولو نوى التيمم لم يكف جزما وسيأتي أنه لو تيمم عن غسل مسنون كغسل الجمعة أنه يكفيه نية التيمم بدل الغسل . " .
ويجب قرنها " أي النية " بالنقل " الحاصل بالضرب إلى الوجه لأنه أول الأركان " وكذا " يجب " استدامتها إلى مسح شيء من الوجه على الصحيح " فلو عزبت قبل المسح لم يكف لأن النقل وإن كان ركنا فهو غير مقصود في نفسه .
قال الإسنوي : والمتجه الاكتفاء باستحضارها عندهما وإن عزبت بينهما . واستشهد له بكلام لأبي خلف الطبري بل وتعليل الرافعي يفهمه وهذا هو المعتمد . والتعبير بالاستدامة - كما قال شيخي - جرى على الغالب لأن هذا الزمن يسير لا تعزب فيه النية غالبا بل لو لم ينو إلا عند إرادة مسح الوجه أجزأه ذلك أخذا من الفرق المتقدم ولا ينافي ذلك قول الأصحاب يجب قرنها بالنقل لأن المراد النقل المعتد به وهذا لا يعتد به فإن النقل المعتد به الآذن هو النقل من اليدين إلى الوجه وقد اقترنت النية به . والثاني : لا تجب الاستدامة كما لو قارنت نية الوضوء أول غسل الوجه ثم انقطعت . وأجاب الأول بما مر .
ولو نقل التراب قبل الوقت وتيمم بعده لم يجزه ولو يممه غيره بإذنه ونوى الآذن عند ضرب المأذون له وأحدث أحدهما قبل المسح لم يضر - قاله القاضي حسين في " فتاويه " - لأن الآمر ليس بناقل فلا يبطل بحدثه والمأمور ليس بناقل لنفسه حتى يبطل بحدثه وهذا هو المعتمد . وإن قال الرافعي : ينبغي أن يبطل بحدث الآمر كما في تعليق القاضي حسين . ولو تقدمت النية على المفروضات وقارنت شيئا من السنن كالتسمية والسواك فكما سبق في الوضوء . ولو ضرب يده على بشرة تنقض وعليها تراب فإن منع التقاء البشرتين صح تيممه وإلا فلا .
ثم شرع في بيان ما يباح له بنيته فقال : " فإن نوى فرضا ونفلا " أي استباحتهما " أبيحا " له عملا بنيته . وعلم من تنكيره الفرض عدم اشتراط التعيين وهو الأصح .
فإذا أطلق صلى أي فرض شاء وإن عين فرضا جاز أن يصلي غيره فرضا أو نفلا في الوقت أو غيره . وله أن يصلي به الفرض المنوي في غير وقته فإن عين فرضا وأخطأ في التعيين كمن نوى فائتة ولا شيء عليه أو ظهرا وإنما عليه عصر لم يصح تيممه لأن نية الاستباحة واجبة في التيمم وإن لم يجب التعيين . فإذا عين وأخطأ لم يصح كما في تعيين الإمام والميت في الصلاة بخلاف مثله في الوضوء لعدم وجوب نية الاستباحة فيه فلا يضر الخطأ فيها كما لو عين المصلي اليوم وأخطأ ولأنه يرفع الحدث فيستبيح ما شاء والتيمم يبيح ولا يرفع فنيته صادفت استباحة ما لا يستباح . " .
أو " نوى " فرضا فله النفل " معه " على المذهب " لأن النوافل تابعة وإذا صلحت طهارته للأصل فللتابع أولى كما إذا أعتق الأم بعتق الحمل . وعبر بالمذهب لأن النوافل المتقدمة على الفرض فيها قولان والمتأخرة تجوز قطعا . وقيل : على القولين . ويتلخص من ذلك ثلاثة أقوال : .
أحدها : له النفل مطلقا .
والثاني : لا مطلقا لأنه لم ينوها .
والثالث : له ذلك بعد الفرض لا قبله لأن التابع لا يقدم .
قال السبكي : ولو قيل يستبيح النافلة التابعة لتلك الفريضة دون ما عداها لم يبعد ولكن لم أر من قال به .
ومن ظن أو شك هل عليه فائتة فتيمم لها ثم ذكرها لم يصح تيممه لأن وقت الفائتة بالتذكر كما سيأتي . " .
أو " نوى " نفلا " من الصلوات ولم يتعرض للفرض " أو " نوى " الصلاة " وأطلق " تنفل " أي له فعل النفل المنوي وغيره " لا الفرض على المذهب " فيهما " . أما في الأولى فلأن الفرض أصل والنفل تابع فلا يجعل المتبوع تابعا . والثاني : يستبيح الفرض قياسا على الوضوء .
وأما في الثانية فقياسا على ما لو تحرم بالصلاة فإن صلاته تنعقد نفلا . والثاني : يستبيح الفرض أيضا لأن الصلاة اسم جنس يتناول النوعين فيستبيحهما كما لو نواهما . قال ( 1 / 99 ) الإسنوي : وهو المتجه لأن المفرد المحلى بأل للعموم عند الشافعي وفي قول ثالث : له فعل الفرض في الثانية دون الأولى .
والأقوال التي تحصلت من حكاية قولين في المسألتين كما في " المجموع " وطريقة قاطعة في الثانية بالجواز . وقطع بعضهم في الأولى بعدمه فساغ للمصنف أن يعبر بالمذهب . و الرافعي حكى الخلاف في الثانية وجهين وتبعه في " الروضة " .
ولو نوى بتيممه حمل المصحف أو سجود التلاوة أو الشكر أو نوى نحو الجنب الاعتكاف أو قراءة القرآن أو الحائض استباحة الوطء كان ذلك كله كنية النفل في أنه لا يستبيح به الفرض ولا يستبيح به النفل أيضا لأن النافلة آكد من ذلك . وظاهر كلامهم أن ما ذكر في مرتبة واحدة حتى إذا تيمم لواحد منها جاز له فعل البقية وهو كذلك ولو نوى بتيممه صلاة الجنازة فالأصح أنه كالتيمم للنفل . والثاني : أنه كالتيمم للفرض . والثالث : حكاه في " المجموع " التفصيل بين أن يتعين عليه أو لا فعلى الصحيح يستبيح معها النفل لا الفرض ويستبيحها بالتيمم للنفل ولو نوى فريضتين فائتتين أو فائتة ومؤداة أو منذورتين أو منذورة وفريضة أخرى صح تيممه لواحد لأن من نوى استباحة فرضين فقد نوى استباحة فرض