" يتيمم بكل تراب " وهو اسم جنس وقيل : جمع واحدته ترابة . ومن فوائد الخلاف ما لو قال لزوجته : أنت طالق بعدد التراب فعلى الأولى يقع طلقة وعلى الثاني يقع ثلاث - كما سيأتي إن شاء الله تعالى في محله - . " .
طاهر " لقوله تعالى : ( فتيمموا صعيدا طيبا ) قال ابن عباس : هو التراب الطاهر . وقال الشافعي : تراب له غبار وقوله حجة في اللغة ويؤيده قوله تعالى : ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ) فإن الإتيان ب " من " الدالة على التبعيض يقتضي أن يمسح بشيء يحصل على الوجه واليدين بعضه . وأجاب بعض الأئمة ممن لا يشترط التراب : بأن " من " لابتداء الغاية . وضعفه الزمخشري بأن أحدا من العرب لا يفهم من قول القائل : مسح برأسه من الدهن ومن الماء ومن التراب إلا معنى التبعيض والإذعان للحق أحق من المراء ا . ه . ويدل له من السنة قوله A : ( جعلت لي الأرض مسجدا وتربتها طهورا ) رواه مسلم وهذه الرواية مبينة للرواية المطلقة التي فيها : ( وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ) .
واسم التراب يدخل فيه الأصفر والأعفر والأحمر والأسود والأبيض . " .
حتى ما " يؤكل سفها وهو الخراساني أو " يداوي به " كالطين الإرمني - بكسر الهمزة وفتح الميم - إذا سحق لوقوع اسم التراب عليه . والبطحاء : وهو تراب بمسيل الماء فيه حصى دقاق . والسبخ بكسر الموحدة : وهو ما لا ينبت إذا لم يعله الملح فإن علاه لم يصح التيمم به . والتراب الذي خرجت به أرضة من مدر لأنه تراب لا من خشب لأنه لا يسماه وإن أشبهه ولا أثر للعابها المختلط بالتراب . ولا أثر لتغير طين أسود ولو شوي وتسود لأن اسم التراب لا يبطل بمجرد الشي إلا ما صار رمادا .
وإن انتفض من نحو كلب تراب ولم يعلم ترطبه عند التصاقه به بماء أو عرق أو غيره أجزأه لأنه طاهر حقيقة وأصالة بخلاف ما إذا علم ذلك . " .
وبرمل " لا يلصق بالعضو ولو كان ناعما " فيه غبار " منه ولو بسحقه لأنه من طبقات الأرض والتراب جنس له فلا يصح برمل ولو ناعما لا غبار فيه أو فيه غبار لكن الرمل يلصق بالعضو لمنعه وصول التراب إلى العضو كما سيأتي في التراب المختلط بغيره .
ويؤخذ من هذا شرط آخر في التراب وهو أن يكون له غبار يعلق بالوجه واليدين فإن كان جرشا أو نديا لا يرتفع له غبار لم يكف . " .
لا بمعدن " - بكسر الدال - كنفط وكبريت ونورة " وسحاقة خزف " وهو ما يتخذ من الطين ويشوى كالكيزان إذ لا يسمى ذلك ترابا ومثله سحاقة نحو آجر .
ولا بتراب متنجس كمقبرة تيقن نبشها لاختلاطها بصديد الموتى . " .
و " لا بتراب " مختلط بدقيق ونحوه " كزعفران وجص لمنعه وصول التراب إلى العضو بخلاف المختلط برمل لا يلصق بالعضو كما مر .
ولو عجن التراب بنحو خل فتغير به ثم جف صح التيمم به .
وقيل : إن قل الخليط جاز " كالماء القليل إذا اختلط بمائع وفرق الأول بأن الموضع الذي علق به نحو الدقيق لا يصل إليه التراب لكثافته بخلاف الماء فإنه لطيف فيجري على المحل الذي جرى عليه الخليط . واختلف في ضبط القليل والكثير على هذا القول فقال الإمام : الكثير : ما يظهر في التراب والقليل : ما لا يظهر . وقال الروياني وجماعة : تعتبر الأوصاف الثلاثة كما في الماء وجرى على هذا المصنف في " الروضة " وغيرها . " .
ولا ب " تراب " مستعمل على الصحيح " وبه قطع الجمهور لأنه أدي به فرض فلم يجز استعماله ثانيا كالماء . والثاني : يجوز لأنه لا يرتفع الحدث فلا يتأثر بالاستعمال بخلاف الماء . ويجري الخلاف في الماء المستعمل في طهارة دائم الحدث فإن حدثه لا يرفع على الصحيح .
وهو .
أي التراب المستعمل " ما بقي بعضوه " حال التيمم " وكذا ما تناثر " - بالمثلثة - بعد مسه العضو حالة التيمم " في الأصح " المقطوع به كالمتقاطر من الماء . والثاني : لا يكون مستعملا لأن التراب كثيف إذا علق منه شيء بالمحل منع غيره أن يلصق به وإذا لم يلصق به فلا يؤثر بخلاف الماء فإنه رقيق يلاقي جميع المحل . وهذا الوجه ضعيف جدا أو غلط فكان التعبير بالصحيح أولى .
أما ما تناثر ولم يمس العضو بل لاقى ما لصق ( 1 / 97 ) بالعضو فليس بمستعمل قطعا كالباقي بالأرض . وقول الرافعي : " إنما يثبت للمتناثر حكم الاستعمال إذا انفصل بالكلية وأعرض المتيمم عنه " مراده - كما قال شيخي - أن ينفصل عن الماسحة والممسوحة لا ما فهمه الإسنوي من أنه لو أخذه من الهواء قبل إعراضه عنه أنه يكفي . وعلم من حصر المستعمل فيما ذكر أنه يجوز أن يتيمم الجماعة أو الواحد مرات كثيرة من تراب يسير في خرقة ونحوها كما يجوز الوضوء مرات من إناء واحد . " .
ويشترط قصده " أي التراب لقوله تعالى : ( فتيمموا صعيدا طيبا ) أي اقصدوا فالآية آمرة بالتيمم وهو القصد والنقل طريقه . " .
فلو سفته ريح عليه " أي عضو من أعضاء التيمم " فردده " عليه " ونوى لم يجزئ " - بضم أوله - وإن قصد بوقوفه في مهب الريح التيمم لانتفاء القصد من جهته بانتفاء النقل المحقق له . والقصد المذكور لا يكفي هنا بخلاف ما لو برز للمطر في الطهر بالماء فانغسلت أعضاؤه لأن المأمور به فيه الغسل واسمه مطلق ولو بغير قصد بخلاف التيمم .
" ولو يمم بإذنه " بأن نقل المأذون التراب إلى العضو وردده عليه " جاز " على النص كالوضوء لا بد من نية الآذن عند النقل وعند مسح الوجه كما لو كان هو المتيمم وإلا لم يصح جزما كما لو يممه بغير إذنه فإنه يكون كتعرضه للريح . " وقيل يشترط " لجواز أن ييممه غيره بإذنه " عذر " لأنه لم يقصد التراب . وأجاب الأول : بإقامة فعل مأذونه مقام فعله لكن يستحب له أن لا يأذن لغيره في ذلك مع القدرة خروجا من الخلاف بل يكره له ذلك - كما صرح به الدميري - ويجب عليه عند العجز ولو بأجرة عند القدرة عليها