محنته : .
نزلت بمالك Bه المحنة في العصر العباسي في عهد أبي جعفر المنصور حين اعتدى عليه بالضرب والي المدينة المنورة وكان ابن عم للخليفة المنصور . وكان الوشاة قد وشوا بالإمام مالك سنة 146 ه وقالوا له : إن مالكا يفتي بأنه لا يمين على مستكره وهذا معناه أن ما أبرمتموه من بيعة الناس بالاستكراه ينقضه الإمام مالك بفتواه . فأمر الوالي بإحضاره وضربه سبعين صوتا أرهقته وأضجعته .
ولمكانة الإمام مالك في قلوب المسلمين اهتزت جنبات المدينة المنورة وثار الناس وهاجوا . فخاف الخليفة ثورة أهل الحجاز فأرسل للإمام مالك يستقدمه إلى العراق . فاعتذر الإمام مالك فطلب إليه الخليفة أن يقابله في منى في موسم الحج . فلما دخل الإمام على الخليفة نزل المنصور من مجلسه إلى البساط ورحب بالإمام وقربه وقال يعتذر إليه عن ضربه وإيذائه : " والله الذي لا إله إلا هو يا أبا عبد الله ما أمرت بالذي كان ولا علمته قبل أن يكون ولا رضيته إذ بلغني . يا أبا [ ص 23 ] عبد الله لا يزال أهل الحرمين بخير ما كنت بين أظهرهم وإني أخالك أمانا لهم من عذاب الله وسطوته ولقد رفع الله بك عنهم وقعة عظيمة وقد أمرت أن يؤتى بجعفر - الوالي - عدو الله من المدينة على قتب ( 1 ) وأمرت بضيق محبسه والمبالغة في امتهانه ولا بد أن أنزل به من العقوبة أضعاف ما ناله منك " .
فرد الإمام مالك Bه : " عافى الله أمير المؤمنين وأكرم مثواه قد عفوت عنه لقرابته من رسول الله A وقرابته منك " .
_________ .
( 1 ) القتب : برذعة صغيرة