كتاب الطلاق وأقسامه وما يتصل به .
الطلاق ضربان : كامل وناقص فالكامل طلاق الحر وهو ثلاث والناقص طلاق العبد وهو طلقتان .
والطلاق معتبر بالرجال دون النساء فإن أعتق العبد قبل إيقاع شئ منه كمل له وإن أعتق وقد أوقع بعضه لم يكمل له وبقى له بحساب طلاق العبد ثم كل واحد من كلا الطلاقين نوعان : رجعي وبائن فالرجعي ما دون الثلاث للحر والواحدة للعبد .
والبائن ضربان : بائن مطلق وبائن في مقابلة الرجعي .
فالبائن المطلق غير المدخول بها وطلاق العنين والخلع والفسوخ كلها بائنة كالفسخ بالردة والملك والرضاع وغير ذلك .
والبائن في مقابلة الرجعي هو طلاق المدخول بها من غير عوض وهي ثلاثة للحر واثنتان للعبد مجتمعا كان أو مفترقا والرجعة ثابتة في الرجعي وفي الثلاثة يحرم العقد فلا تحل بنكاح ولا بملك إلا بثلاثة شروط : أحدها أن تنكح زوجا غيره نكاحا جائزا والثاني أن يطأها وطئا مباحا في غير حيض ولا إحرام ولا صوم ولا غير ذلك ونكاح المحلل باطل وهو الذي يتزوجها لا لغرض إلا قصده إحلالها لمطلقها ولا اعتبار بقصدها والثالث أن تبين منه بطلاق أو فسخ أو موت .
وينقسم الطلاق من وجه آخر إلى ضربين : طلاق سنة وطلاق بدعة ويتفرعان إلى قسم ثالث وهو أن يعري بوصفه عن واحد منهما .
فطلاق السنة هو الواقع على الوجه الذي أباح الشرع إيقاعه عليه والسنة والبدعة يرجعان إلى أمرين : إلى الوقت والعدد .
ولطلاق السنة ستة شروط : .
أحدها : أن تكون المطلقة ممن تحيض مثلها .
والثاني : أن تكون طاهرا غير حائض ولا نفساء .
والثالث : أن تكون في طهر لم تمس فيه .
والرابع : أن يكون الطهر تاليا لحيض لم تطلق فيه .
والخامس : أن يطلق واحدة .
والسادس : أن تترك ولا يتبعها طلاقا ومتى انحزم بعض هذه الأوصاف خرج الطلاق عن السنة ثم قد يكون للبدعة وهو أن يكون في حيض أو طهر مس فيه ثم طلق أو اثنتين أو ثلاثا أو واحدة مبتدأة ثم يتبع بتمام الثلاث فكل ذلك البدعة .
وأما من يتساوى أوقاتها في جواز طلاقها فثلاث الصغيرة واليائسة والحامل البين حملها فطلاق هؤلاء لا يوصف بأنه للسنة ولا للبدعة من حيث الوقت ويوصف بذلك من حيث العدد .
وطلاق الحائض والنفساء محرم ويلزم إن وقع ويجبر المطلق على الرجعة فيما كان منه رجعيا ثم ليس له أن يطلق إلا أن تطهر من الحيضة الثانية التالية للحيضة التي طلق فيها فإن طلق في الطهر الذي يلي الحيضة التي طلق فيها كره له ذلك ولم يجبر على الارتجاع إن غفل عنه فإن اطلع عليه أجبر ما بقي شئ من العدة وقيل إلى الطهر الثاني وفي طلاق غير المدخول بها حائضا خلاف .
والمستحاضة كالطاهر ولا يلزم طلاق غير مكلف من صبي أو مجنون أو نائم أو مبرسم أو هاد في غمرة المرض أو مكره يخاف شدة الضرب وسواء أكره على إيقاعه أو على الإقرار به والسكران خارج من هؤلاء فيلزم طلاقه .
وعقد الطلاق والعتق بشرط التزويج والملك يلزم على وجه ولا يلزم على آخر والوجه الذي يلزم عليه أن يبقي لنفسه معه بعض الجنس وذلك بثلاثة أوجه : .
أحدها : أن يعين صفة من الجنس من نسب أو خلقة أو ما أشبه ذلك .
والثاني : أن يعين بلدا بعينه .
والثالث : أن يضرب أجلا يبلغه عمره .
والوجه الذي لا يلزم عليه أن نعم الجنس كله فلا يبقى لنفسه شيئا منه والطلاق على ضربين : معجل ومؤجل .
فالمعجل هو المطلق الذي لا يناط به شرط أو صفة يقف وقوعه على حصولهما والآخر ما يتعلق على ذلك ثم ما يتعلق به خمسة أضرب : .
الأول : صفة أو شرط يتوصل إلى حصولهما .
والثاني : أجل لا أن يأتي أو صفة لا بد أن تأتي .
والرابع : صفة يجوز مجيئها وامتناعها فيعلق الطلاق على أحد الجائزين فيها على وجه الحلف مع كونها غائبا .
والخامس : صفة لا يقصدها العقلاء كالهزل .
فأما الأول فمثل أن يقول : إن دخلت الدار أو كلمت زيدا أو قدم غائبي أو ما أشبه ذلك فهذا تعليق الطلاق بوصف صحيح يمكن أن يكون ويمكن أن لا يكون فيقف الطلاق عليه .
والثاني : هو ما لا بد أن يأتي فينجز الطلاق معه في الحال كمجيء الشهر أو موت زيد غير أن هذا النوع على ضربين منها ما يمكن بقاء الحالف إلى مجيئه فيلزم كالشهر والسنة ومنه ما يعلم أنه لا يبلغه كقوله خمسائة سنة وما أشبه ذلك ففيه خلاف فقيل : لا يلزم وقيل : يلزم في الحال .
وأما إن صرح بتعليق الطلاق بعد موته كقوله : أنت طالق إن مت أو إذا مت فلا يلزمه ويتخرج فيها وجه آخر أنه يلزمه من طريق الهزل .
وأما الثالث : فهو ما يغلب مجيئه كقوله : إذا حضت أو طهرت أو وضعت حملك ففيه روايتان إحداهما التنجيز في الحال والآخر الوقوف على مجييء الصفة .
وأما الرابع فهو قوله : أنت طالق إن لم تكوني حاملا أو إن لم تمطر السماء غدا أو إن لم تكن في هذه اللوزة توأم فالظاهر أن الطلاق يقع وإن وجد ما حلف عليه .
وأما الخامسة : فهو صفات الهزل كقوله : إن لم يكن هذا الإنسان إنسانا وإن لم تكن الساعة نهارا أو ما أشبه ذلك فيقع الطلاق لأنه هزل .
وأما تعليق الطلاق بالمشيئة فإنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام هي داخلة فيما قدمناه : .
أحدها : الاستثناء بمشيئة الله تعالى واشتراطها .
والآخر : اشتراط مشيئة زيد أو غيره .
والثالث : تعليقه بمشيئة من لا تصح مشيئته كالحجر والحمار والمجنون والطفل فأما مشيئة الله تعالى فإن الطلاق لا يقف عليها ويقع الطلاق في الحال سواء أطلق أو كان في يمين وهذا إذا أعاد الاستثناء إلى الطلاق فإن عاد إلى الفعل المحلوف عليه فيه خلاف وأما مشيئة زيد فإن الطلاق يقف عليها ولا يقع دون حصولها وأما مشيئة من لا تصح مشيئته كالشاة والبقر والحمار والحجر فعند ابن القاسم لا يلزمه الطلاق ويلزمه عند سحنون وغيره .
ويجوز استثناء العدد من الطلاق من غير اعتبار لكون الاستثناء أكثر من المبقى أو أقل ويلزمه المبقى وإن لم يبق شيئا كان رجوعا ولزم طلاقه وفي وقوع الطلاق بمجرد عقد القلب خلاف