باب الصيد .
كل حيوان مأكول اللحم طبعه التوحش والامتناع لا يقدر عليه إلا بالاصطياد فتذكيته بالعقر في أي موضع كان منه من مقتل أو غيره من جارح أو محدد سلاح إذا تلف عنده في حال امتناعه وانتفاء القدرة على تذكيته بالذبح من غير تفريط كأن فوت نفسه مشاهدا لصائده أو غائبا عنه ما لم يفرط في طلبه إلا أن يبيت عنه ففيه تفصيل نذكره إن شاء الله .
والآلة المصيد بها نوعان : جوارح وسلاح فأما الجوارح فلجواز أكل ما صيد به شرطان : أحمدهما : أن يكون معلما والآخر : أن يكون بإرسال من صاحبه من أي أصناف الجوارع كان من كلب أو باز أو صقر أو شاهين أو غيره من سباع الوحش والطير التي تفقه التعليم .
وتعليمه أن يفقه عن مرسله فيأتمر إذا أمره وينزجر إذا زجره وليس من شرطه ترك الأكل من كلب أو غيره .
وأما الإرسال فأن يبتديء صاجه بعثه من يده ناويا إرساله للاصطياد والتذكية مسميا لله تعالى عند ذلك .
ثم قتله الصيد بنوعين بعقر وبغير عقر فأما العقر فبجرح من تنبيب أو تخليب فذكاة له وغير العقر ضربان أحدهما فعل فيه كالصدم والنطح وما أشبه ذلك مما لا يبلغ فيه الجرح وهذا فيه خلاف والآخر أن يتلف عند مشاهدة الجارح طالبا له فزعا أو دهشا فلا يجوز أكله .
وأما السلاح فكل ما جرى فالاصطياد به جائز من سيف ورمح وسكين وسهم ومعراض أصاب بحده دون عرضه فإن بات الصيد عنه بعد إرسال الجارح أو السهم فوجده من الغد مقتولا لم يؤكل من الجارح وفي السهم خلاف .
وشركة الجارح غير المعلم أو مرسل المجوسي مانعة من أكل من شركا فيه جارح المسلم أو سهمه وإذا بان من الصيد عضو أو بضعة يعيش مع مفارقتها لم يؤكل البائن وأكل سائره وإن ساوى البائن ما بقى أكل جميعه .
ولا يؤكل ما قتلته الحبالة لأنه مقدور عليه ولا ما قتله السهم المسموم لشركة السم في قتله ولا صيد المجوس لأنه كذبه ويكره صيد الكتابي من غير تحريم ولا يؤكل ما أدركه والجوارح تنهشه فلم يخلصه وهو قادر على ذلك أو طالبا يذبحه به للتفريط بذلك كله