فصل .
والبينات تختلف باختلاف الحقوق المشهود بها من التوسعة والتضييق والضعف والتأكيد وما تدعو إليه الضرورة فيجوز فيه ما لا يجوز في غيره .
وجملته ثلاثة أنواع : شهادة ويمين وكتاب قاض إلى قاض وتزيد على ذلك رابعا وهو معنى يقتضيه شاهد الحال ثم بعد ذلك على ثلاثة أضرب : منها منفرد بنفسه ومنها ما لا ينفرد بنفسه ومنها ما تختلف أحكامه فينفرد بعضه ولا ينفرد سائره وجملة أعدادها قد أتينا على ذكره وهو في التفصيل ستة عشر : .
منها : أربعة شهود من الرجال البالغين .
والثاني : رجلان عدلان .
والثالث : رجل وامرأتان .
والرابع : شاهد ويمين .
والخامس : امرأتان ويمين .
والسادس : شاهد ونكول المدعى عليه .
والسابع : امرأتان ونكول المدعى عليه .
والثامن : يمين المدعي ونكول المدعى عليه .
والتاسع : امرأتان مع ظهور المشهود به واستفاضته .
والعاشر : امرأتان بانفرادهما .
والحادي عشر : شهادة الصبيان في الجراح .
والثاني عشر : كتاب قاض إلى قاض .
والثالث عشر : اللوث مع أيمان الأولياء في القسامة .
والرابع عشر : معرفة العفاص والوكاء في اللقطة .
والخامس عشر : اليمين مع قوة السبب .
والسادس عشر : شهادة السماع .
والحقوق المشهود فيها ستة وهي : .
أحدها : حقوق أبدان وأحكام تثبت فيما يطلع عليها الرجال في غالب الحال وذلك كالنكاح والطلاق والعتاق والرجعة ورؤي الأهلة والقتل والجراح .
والثاني : حقوق أبدان مستتريها جملة عن الرجل والنساء كالزنا واللوط .
والثالث : حقوق أبدان لا يطلع عليها الرجال في غالب الحال ويطلع عليها النساء كعيوب النساء والولادة والاستهلال والرضاع .
والرابع : أموال كالقرض والوديعة والعارية والرهن والغصب وغير ذلك .
والخامس : حقوق أبدان متعلقة بأموال هي المقصودة بها كالوكالة في الأموال وحقوقها .
والسادس : حق يندر من ذلك ويقل وقوعه وقد يكون في البدن وقد يكون في المال كاللقطة والسرقة وجراح الصبيان وما تدعو إليه الضرورة ثم نحن نفصل ذلك على ترتيب الكتاب .
فأما الأربعة الشهود فللزنا واللواط والشهادة على الشهادة فيهما وكتاب القاضي بهما وأما الرجلان فلحقوق الأبدان التي يطلع عليها الرجال غالبا وأما الرجل والمرأتان فللأموال وحقوقها وفي حقوقها المتعلقة بالأبدان خلاف .
وأما الشاهد واليمين والمرأتان واليمين والشاهد والنكول فللأموال وما يقصد به المال فقط دون حقوق الأبدان المتعلقة بالأموال وقد بينا الخلاف في الشاهد والنكول وحكم المرأتين والنكول وحكم الشاهد واليمين وكذلك يمين المدعي مع النكول .
وأما المرأتان بانفرادهما ففي عيوب النساء والولادة والاستهلال وأما المرأتان مع الظهور والاشتهار ففي شهادتين بالرضاع وقيل : تكفي شهادتهما فقط .
وأما شهادة الصبيان في الجراح والقتل على شروط تسعة : .
وهي أن يكونوا ممن يعقل الشهادة وأن يكونوا أحرارا ذكورا محكوما لهم بالإسلام وأن يكون المشهود به جرحا أو قتلا وأن يكون ذلك بينهم خاصة لا لكبير على صغير ولا لصغير على كبير وأن يكونوا اثنين فأكثر وأن يكون ذلك قبل تفرقهم وتحبيهم وأن تكون شهادتهم متفقة غير مختلفة .
وإذا شهدوا بما حصل عليهم ثم رجعوا عنه بعد تفرقهم إلى غيره أخذوا بأول شهادتهم ولم يلتفت إلى آخر قولهم .
وأما كتاب قاض إلى قاض فيعم كل مشهود به من الحقوق والحدود .
وأما اللوث في القسامة ومعرفة العفاص والوكاء في اللقطة واليمية مع قوة السبب فقد تقدم كل نوع من ذلك في موضعه .
وأما شهادة السماع ففيما لا يتغير وذلك في أربعة أشياء : .
في النسب والموت والولاء والحبس والوقف وقيل : في النكاح وتقادم الملك وشهادة الأعمى جائزة وكذلك الأخرس إذا فهم عنه .
ومن شهد بشهادة ثم رجع عنها فلا يخلو أن يرجع بإكذاب نفسه أو بادعاء غلط في الشهادة فإن كان بإكذاب نفسه نظر فإن كان قبل الحكم لم يحكم بشهادته الأولى ولا غيرها وإن كان بعد الاستيفاء فلا يخلو المشهود به أن يكون قتلا أو حدا أو طلاقا أو مالا ففي القتل والحد خلاف قيل يقتص منهما في العمد وقيل : يغرمان الدية وفي ادعائهما الغلط يغرمان الدية ولا يمنع ذلك قبول شهادتهما في المستأنف .
وفي المال يغرمان ما تلف بشهادتهما وفي الطلاق إن كانوا شهدوا به والزوج مقر بالطلاق ومنكر للدخول غرموا نصف الصداق وكذلك لو كان قبل الدخول والزوج منكر للنكاح وفي العتق يغرمان قيمة العبد ولذلك فروع لا يحتمله الكتاب .
ولو ثبت فسق الشهود بعد الحكم والاستيفاء بشهادتهم لم يلزم الحاكم شئ مما أتلف بشهادتهم ولو ثبت رقهم أو كفرهم ضمن