كتاب الجنايات وموجباتها من قصاص ودية وما يتصل بذلك من أحكامها .
القصاص واجب في القتل وما دونه من الجراح في الجملة ولوجوبه في القتل ثلاثة شروط : .
أحدها : أن يكون دم المقتول غير ناقص عن دم القاتل بأن يكون مكافئا له أو زائدا عليه .
والثاني : أن يكون القتل عمدا محضا لا شبهة فيه .
والثالث : أن يكون القتل طارئا على من حياته معلومة متيقنة وتكافؤ الدماء يعتبر بأمرين : .
أحدهما : مساوات المقتول للقاتل في الحرمة أو زيادته عليه ونريد بالحرمة ما يرجع إلى الحرية والرق وأحكامهما .
والآخر : مساواته له في الدين أو زيادته عليه ولا يراعى في القاتل أن يكون دمه مكافأ لدم المقتول أو ناقصا عنه وإنما يراعى ألا يزيد عليه .
وتفصيل هذه الجملة أن الحر لا يقتل بعبد ولا بمن بعضه رق ولا بمن فيه عقد من عقود العتق من مكاتب أو مدبر أو أم ولد أو معتق بعضه إلى أجل ويقتل كل هؤلاء بالحر .
ولا يقتل مسلم بكافر قصاصا ذميا كان أو معاهدا أو مستأمنا كتابيا أو غير كتابي ويقتل كل هؤلاء بالمسلم .
وكل ما لا يقتص لهم من الحر لنقصان حرمتهم بالرق فدماؤهم متكافئة يقتص بعضهم من بعض وإن رجح أحدهم علي الآخر بعقد من عقود العتق أو بحصول بعض الحرية ما لم يكن حرا كامل الحرية فيخرج حينئذ أن يكون دمه مكافئا لدم من قصر عنه .
وكل من لا يقتص له من مسلم لنقصان عنه في الدين فيقتص بعضهم من بعض وإن اختلف مللهم وأحكامهم .
وإذا صادف القتل تكافؤ الدماء بين القاتل والمقتول لم يسقط القصاص بزواله من بعد كنصرانيين قتل أحدهما الآخر فأسلم القاتل قبل القصاص وكذلك العبدان .
وليس من شرط تكافؤ الدماء انتفاء القرابة ولا العصبية ولا تساوي القاتل والمقتول في أعداد النفوس ولا في الخلقة أو نوعها أو صحتها أو السن .
وبيان ذلك أن القصاص واجب بين الأقارب كوجوبه بين الأجانب يقتص للأعلى من الأدنى والأدني من الأعلى وللمتساويين فيها فيقتل الأخ بأخيه والعم بابن أخيه وابن الأخ بعمه والأب بابنه والجد بابن ابنه وابن الابن بجده والخال بابن أخته وابن الأخت بخاله وأحد الزوجين بالآخر إلا أنه يراعى في قتل الأب بابنه أن يكون القتل عمدا محضا لا شبهة فيه ولا احتمال كاضجاعه وذبحه وما أشبه ذلك .
فأما المحتمل لمحض العمد بأن يكون أراد أدبه أو ما أشبه ذلك مما لا يكون عذرا في الأجنبي فإنه يكون عذرا في حق الأب فيسقط به عنه القود وتجب الدية مغلظة في ماله والأم في ذلك كالأب وقيل : يراعى في الجد مثل ذلك .
وأما الأعداد فإن الجماعة تقتل بالواحد ويقتل الواحد بها إلا أن يكون القتل ثبت بقسامة فلا يقتل بها إلا واحد على ما نذكره .
وأما صفة الخلقة وغيرها فكالذكر والأنثى والأسود والأبيض والكبير والصغير والأعمى والبصير والأقطع والصحيح والمريض الذي لم يبلغ السياق كل هؤلاء يقتل بعضهم ببعض .
وأما تساوي الديات وتفاضلها فلا عبرة به كالرجل والمرأة والكتابي والمجوسي فهذا جملة ما في تكوفؤ الدماء