- ( المسألة الثالثة ) اختلفوا بعد اتفاقهم على لزوم المشي في حج أو عمرة فيمن نذر أن يمشي إلى مسجد النبي A أو إلى بيت المقدس يريد بذلك الصلاة فيهما فقال مالك والشافعي : يلزمه المشي وقال أبو حنيفة : لا يلزمه شيء وحيث صلى أجزأه وكذلك عنده إن نذر الصلاة في المسجد الحرام وإنما وجب عنده المشي بالنذر إلى المسجد الحرام لمكان الحج والعمرة . وقال أبو يوسف صاحبه : من نذر أن يصلي في بيت المقدس أو في مسجد النبي E لزمه وإن صلى في البيت الحرام أجزأه عن ذلك وأكثر الناس على أن النذر لما سوى هذه المساجد الثلاثة لا يلزم لقوله E " لا تسرج المطي إلا لثلاث فذكر المسجد الحرام ومسجده وبيت المقدس " وذهب بعض الناس إلى أن النذر إلى المساجد التي يرجى فيها فضل زائد واجب واحتج في ذلك بفتوى ابن عباس لولد المرأة التي نذرت أن تمشي إلى مسجد قباء فماتت أن يمشي عنها . وسبب اختلافهم في النذر إلى ما عدا المسجد الحرام اختلافهم في المعنى الذي إليه تسرج المطي إلى هذه الثلاث مساجد هل ذلك لموضع صلاة الفرض فيما عدا البيت الحرام أو لموضع صلاة النفل ؟ فمن قال لموضع صلاة الفرض وكان الفرض عنده لا ينذر إذ كان واجبا بالشرع قال : النذر بالمشي إلى هذين المسجدين غير لازم ومن كان عنده أن النذر قد يكون في الواجب أو أنه أيضا قد يقصد هذان المسجدان لموضع صلاة النفل لقوله E " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " واسم الصلاة يشمل الفرض والنفل قال : هو واجب لكن أبو حنيفة حمل هذا الحديث على الفرض مصيرا إلى الجمع بينه وبين قوله E " صلاة أحدكم في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة " وإلا وقع التضاد بين هذين الحديثين وهذه المسألة هي أن تكون من الباب الثاني أحق من أن تكون من هذا الباب