- ( وأما المسألة الأولى ) فإن فيها ثلاثة أقوال : أحدها وهو الذي عليه الجمهور أنه إذا أدرك الإمام قبل أن يرفع رأسه من الركوع وركع معه فهو مدرك للركعة وليس عليه قضاؤها وهؤلاء اختلفوا : هل من شرط هذا الداخل أن يكبر تكبيرتين تكبيرة للإحرام وتكبيرة للركوع أو يجزيه تكبيرة الركوع ؟ . وإن كانت تجزيه فهل من شرطها أن ينوي بها تكبيرة الإحرام أم ليس ذلك من شرطها ؟ فقال بعضهم : بل تكبيرة واحدة تجزيه إذا نوى بها تكبيرة الافتتاح وهو مذهب مالك والشافعي والاختيار عندهم تكبيرتان وقال قوم : لا بد من تكبيرتين وقال قوم : تجزى واحدة وإن لم ينو بها تكبيرة الافتتاح . والقول الثاني أنه إذا ركع الإمام فقد فاتته الركعة وأنه لا يدركها ما لم يدركه قائما وهو منسوب إلى أبي هريرة . والقول الثالث أنه إذا انتهى إلى الصف الآخر وقد رفع الإمام رأسه ولم يرفع بعضهم فأدرك ذلك أنه يجزيه لأن بعضهم أئمة لبعض وبه قال الشعبي . وسبب هذا الاختلاف تردد اسم الركعة بين أن يدل على الفعل نفسه الذي هو الانحناء فقط أو على الانحناء والوقوف معا وذلك أنه قال E : " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة " قال ابن المنذر : ثبت ذلك عن رسول الله A فمن كان اسم الركعة ينطلق عنده على القيام والانحناء معا قال : إذا فاته قيام الإمام فقد فاتته الركعة ومن كان اسم الركعة ينطلق عنده على الانحناء نفسه جعل إدراك الانحناء إدراكا للركعة والاشتراك الذي عرض لهذا الاسم إنما هو من قبل تردده بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي وذلك أن اسم الركعة ينطلق لغة على الانحناء وينطلق شرعا على القيام والركوع والسجود فمن رأى أن اسم الركعة ينطلق في قوله E " من أدرك ركعة " على الركعة الشرعية ولم يذهب مذهب الآخذ ببعض ما تدل عليه الأسماء قال : لابد أن يدرك مع الإمام الثلاثة الأحوال أعني : القيام والانحناء والسجود ويحتمل أن يكون من ذهب إلى اعتبار الانحناء فقط أن يكون اعتبر أكثر ما يدل عليه الاسم ههنا لأن من أدرك الانحناء فقد أدرك منها جزأين ومن فاته الانحناء إنما هو أدرك منها جزءا واحدا فقط فعلى هذا يكون الخلاف آيلا إلى اختلافهم في الأخذ ببعض دلالة الأسماء أو بكلها فالخلاف يتصور فيها من الوجهين جميعا . وأما من اعتبر الركوع من في الصف من المأمومين فلأن الركعة من الصلاة قد تضاف إلى الإمام فقط وقد تضاف إلى الإمام والمأمومين . فسبب الاختلاف هو الاحتمال في هذه الإضافة : أعني قوله E " من أدرك ركعة من الصلاة " وما عليه الجمهور أظهر . وأما اختلافهم في : هل تجزيه تكبيرة واحدة أو تكبيرتان ؟ أعني المأموم إذا دخل في الصلاة والإمام راكع . فسببه هل من شرط تكبيرة الإحرام أن يأتي بها واقفا أم لا ؟ فمن رأى أن من شرطها الموضع الذي تفعل فيه تعلقا بالفعل أعني فعله E وكان يرى أن التكبير كله فرض قال : لابد من تكبيرتين . ومن رأى أنه ليس من شرطها الموضع تعلقا بعموم قوله E " وتحريمها التكبير " وكان عنده أن تكبيرة الإحرام هي فقط الفرض قال : يجزيه أن يأتي بها وحدها . وأما من أجاز أن يأتي بتكبيرة واحدة ولم ينوبها تكبيرة الإحرام فقيل يبني على مذهب من يرى أن تكبيرة الإحرام ليست بفرض وقيل إنما يبني على مذهب من يجوز تأخير نية الصلاة عن تكبيرة الإحرام لأنه ليس معنى أن ينوي تكبيرة الإحرام إلا مقارنة النية للدخول في الصلاة لأن تكبيرة الإحرام لها وصفان : النية المقارنة والأولية : أعني وقوعها في أول الصلاة فمن اشترط الوصفين قال : لابد من النية المقارنة ومن اكتفى بالصفة الواحدة اكتفى بتكبيرة واحدة وإن لم تقارنها النية