- ( وأما شروط القضاء ووقته ) فإن من شروطه الذي اختلفوا فيه الترتيب وذلك أنهم اختلفوا في وجوب الترتيب في قضاء المنسيات : أعني بوجوب ترتيب المنسيات مع الصلاة الحاضرة الوقت وترتيب المنسيات بعضها مع بعض إذا كانت أكثر من صلاة واحدة فذهب مالك إلى أن الترتيب واجب فيها في الخمس صلوات فما دونها وأنه يبدأ بالمنسية وإن فات وقت الحاضرة حتى أنه قال : إن ذكر المنسية وهو في الحاضرة فسدت الحاضرة عليه وبمثل ذلك قال أبو حنيفة والثوري إلا أنهم رأوا الترتيب واجبا مع اتساع وقت الحاضرة واتفق هؤلاء على سقوط وجوب الترتيب مع النسيان . وقال الشافعي لا يجب الترتيب وإن فعل ذلك إذا كان في الوقت متسع فحسن يعني في وقت الحاضرة . والسبب في اختلافهم اختلاف الآثار في هذا الباب واختلافهم في تشبيه القضاء بالأداء . فأما الآثار فإنه ورد في ذلك حديثان متعارضان : أحدهما ما روي عنه E أنه قال " من نسي صلاة وهو مع الإمام في أخرى فليصل مع الإمام فإذا فرغ من صلاته فليعد الصلاة التي نسي ثم ليعد الصلاة التي صلى مع الإمام " وأصحاب الشافعي يضعفون هذا الحديث ويصححون حديث ابن عباس أن النبي E قال " إذا نسي أحدكم صلاة فذكرها وهو في صلاة مكتوبة فليتم التي هو فيها فإذا فرغ منها قضى التي نسي " والحديث الصحيح في هذا الباب هو ما تقدم من قوله E إذا نام أحدكم عن الصلاة أو نسيها " الحديث . وأما اختلافهم في جهة تشبيه القضاء بالأداء فإن من رأى أن الترتيب في الأداء إنما لزم من أجل أن أوقاتها المختصة بصلاة منها هي مرتبة في نفسها إذ كان الزمان لا يعقل إلا مرتبا لم يلحق بها القضاء لأنه ليس للقضاء وقت مخصوص ومن رأى أن الترتيب في الصلوات المؤداة هو في الفعل وإن كان الزمان واحدا مثل الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما شبه القضاء بالأداء : وقد رأت المالكية أن توجب الترتيب للمقضية من جهة الوقت لا من جهة الفعل لقوله E : " فليصلها إذا ذكرها " قالوا : فوقت المنسية وهو وقت الذكر ولذلك وجب أن تفسد عليه الصلاة التي هو فيها في ذلك الوقت وهذا لا معنى له لأنه إن كان وقت الذكر وقتا للمنسية فهو بعينه أيضا وقت للحاضرة أو وقت للمنسيات إذا كانت أكثر من صلاة واحدة وإذا كان الوقت واحدا فلم يبق أن يكون الفساد الواقع فيها إلا من قبل الترتيب بينها كالترتيب الذي يوجد في أجزاء الصلاة الواحدة فإنه ليس إحدى الصلاتين أحق بالوقت من صاحبتها إذ كان وقتا لكليهما إلا أن يقوم دليل الترتيب وليس ههنا عندي شيء يمكن أن يجعل أصلا في هذا الباب لترتيب المنسيات إلا الجمع عند من سلمه فإن الصلوات المؤداة أوقاتها مختلفة والترتيب في القضاء إنما يتصور في الوقت الواحد بعينه للصلاتين معا فافهم هذا فإن فيه غموضا وأظن مالكا C إنما قاس ذلك على الجمع وإنما صار الجميع إلى استحسان الترتيب في المنسيات إذا لم يخف فوات الحاضرة لصلاته E الصلوات الخمس يوم الخندق مرتبة وقد احتج بهذا من أوجب القضاء على العامد ولا معنى لهذا فإن هذا منسوخ وأيضا فإنه كان تركا لعذر وأما التحديد في الخمس فما دونها فليس له وجه إلا أن يقال : إنه إجماع فهذا حكم القضاء الذي يكون في فوات جملة الصلاة وأما القضاء الذي يكون في فوات بعض الصلوات فمنه ما يكون سببه النسيان ومنه ما يكون سببه سبق الإمام للمأموم : أعني أن يفوت المأموم بعض صلاة الإمام فأما إذا فات المأموم بعض الصلاة فإن فيه مسائل ثلاثا قواعد : إحداها متى تفوت الركعة . والثانية هل إتيانه بما فاته بعد صلاة الإمام أداء أو قضاء . والثالثة متى يلزمه حكم صلاة الإمام ومتى لا يلزمه ذلك . أما متى تفوته الركعة فإن في ذلك مسألتين : إحداهما إذا دخل والإمام قد أهوى إلى الركوع والثانية إذا كان مع الإمام في الصلاة فسها أن يتبعه في الركوع أو منعه ذلك ما وقع من زحام أو غيره