- ( المسألة الرابعة ) اختلف العلماء في الجلسة الوسطى والأخيرة فذهب الأكثر في الوسطى إلى أنها سنة وليست بفرض وشذ قوم وقالوا : إنها فرض وكذلك ذهب الجمهور في الجلسة الأخرى إلى أنها فرض وشذ قوم فقالوا : إنها ليست بفرض . والسبب في اختلافهم هو تعارض مفهوم الأحاديث وقياس إحدى الجلستين على الثانية وذلك أن في حديث أبي هريرة المتقدم " اجلس حتى تطمئن جالسا " فوجب الجلوس على ظاهر هذا الحديث في الصلاة كلها فمن أخذ بهذا قال : إن الجلوس كله فرض ولما جاء في حديث ابن بحينة الثابت " أنه E أسقط الجلسة الوسطى ولم يجبرها وسجد لها " وثبت عنه أنه أسقط ركعتين فجبرهما وكذلك ركعة . فهم الفقهاء من هذا الفرق بين حكم الجلسة الوسطى وحكم الركعة وكانت عندهم الركعة فرضا بإجماع فوجب أن لا تكون الجلسة الوسطى فرضا فهذا هو الذي أوجب أن فرق الفقهاء بين الجلستين ورأوا أن سجود السهو إنما يكون للسنن دون الفروض ومن رأى أنها فرض قال : السجود للجلسة الوسطى شيء يخصها دون سائر الفرائض وليس في ذلك دليل على أنها ليست بفرض وأما من ذهب إلى أنهما كليهما سنة فقاس الجلسة الأخيرة على الوسطى بعد أن اعتقد في الوسطى بالدليل الذي اعتقد به الجمهور أنها سنة فإذا السبب في اختلافهم هو في الحقيقة آيل إلى معارضة الاستدلال لظاهر القول أو ظاهر الفعل فإن من الناس أيضا من اعتقد أن الجلستين كليهما فرض من جهة أن أفعاله عليه الصلاة عنده الأصل فيها أن تكون في الصلاة محمولة على الوجوب حتى يدل الدليل على غير ذلك على ما تقدم فإذا الأصلان جميعا يقتضيان ههنا أن الجلوس الأخير فرض ولذلك عليه أكثر الجمهور من غير أن يكون له معارض إلا القياس وأعني بالأصلين القول والعمل ولذلك أضعف الأقاويل من رأى أن الجلستين سنة والله أعلم . وثبت عنه E " أنه كان يضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى ويشير بإصبعه " واتفق العلماء على أن هذه الهيئة من هيئة الجلوس المستحسنة في الصلاة واختلفوا في تحريك الأصابع لاختلاف الأثر في ذلك والثابت أنه كان يشير فقط