حكم ما لو قال الموثق و حكم بموجبه حكما صحيحا مستوفيا شرائطه الشرعية .
تنبيهات : .
الأول : كثر في زماننا وقبله أن الموثقين يكتبون عقب الواقعة عند القاضي من بيع ونكاح وإجارة ووقف وإقرار وحكم بموجبه فهل يمنع النقض لو رفع إلى آخر فأجبت مرارا بأنه إن كان في حادثة خاصة به ودعوى صحيحة من خصم على خصم يمنعه وإلا فلا يكون حكما صحيحا تمسكا بما ذكره العمادي في فصوله وتبعه في جامع الفصولين و الكرسرفي في فتاوى البزازية والعلامة قاسم في فتاواه : من أن شرط نفاذ القضاء في المجتهدات أن يكون في حادثة ودعوى صحيحة فإن فات هذا الشرط كان فتوى لا حكما وزاد العلامة قاسم : أن الإجماع عليه وقال : لو قضى شافعي بموجب بيع العقار لا يكون قضاء بأنه لا شفعة للجار ولو كان القاضي حنفيا لا يكون قضاء بأن الشفعة للجار إلى آخر من ذكره من الفروع ومشى عليه ابن الغرس وأوضحه بأمثلة .
الثاني : لو قال الموثق : وحكم بموجبه حكما صحيحا مستوفيا شرائطه الشرعية فهل يكتفى به فأجبت مرارا بأنه لا يكتفى به ولا بد من بيان تلك الحادثة والدعوى وكيفية الحكم كما في الملتقط من كتاب الشهادات ولو كتب في السجل : ثبت عندي بما تثبت به الحوادث الحكمية أنه كذا لا يصح ما لم يبين الأمر على التفصيل ثم قال : وحكي أنه لما استقضي قاضي عنبسة ببخارى كان يكتب الإمام الحلواني في محاضرهم : لا فأوردوا عليه أجوبته في سجلات كتبت بتلك النسخة بعينها بـ نعم فقال : إنكم لا تفسرون الشهادة وقبلك القاضي علي السغدي وقبله شيخنا أبو علي النسفي وكان لا يخفى عليهما فإما أنت وأمثالك لا تثق بالوقوف على حقيقة ذلك فلا بد من التفسير وعن السيد الإمام أبي شجاع قال : كنا نتساهل في ذلك كمشايخنا حتى طالبتهم بتفسير الشهادة فلم يأتوا بها صحيحة فتحقق عندي أن الصواب هو الاستفسار انتهى .
وفي الخلاصة من كتاب المحاضر والسجلات : الأصل في المحاضر والسجلات أن يبالغ في الذكر والبيان بالصريح ولا يكتفي بالإجمال حتى قيل : لا يكتفى في المحاضر بأن يكتب : حضر فلان و أحضر معه فلانا فادعى هذا الذي حضر عليه ولكن يكتب هذا الذي حضر ادعى على هنا الني أحضره إلى أن قال : وكذا لا يكتفى بذكر قوله : فشهد كل واحد منهم بعد الاستشهاد ما لم يذكر عقيب دعوى المدعي هذا إلى أن قال : ويكتب في السجل حكم القاضي ولفظ الشهادة بتمامها ولا يكتفي بما يكتب ثبت عندي على الوجه الني تثب به الحوادث الحكمية إلى آخره وحكى فيها واقعة الحلواني مع قاضي عنبسة إلى أن قال : والمختار في هذا الباب أن يكتفي به في السجلات دون المحاضر لأن السجل لا يرد من مصر إلى آخر فلا يكون في التدارك حرج انتهى .
الثالث : أنه لا فرق بين الحكم بالصحة والحكم بالموجب باعتبار الاستواء في الشرط السابق فإن وقع التنازع بين خصمين في الصحة : كان الحكم بها صحيحا وإن لم يقع بينهما تنازع فيها فلا وكذا الحكم بالموجب إن وقع التنازع في موجب خاص من مواجب ذلك الشيء الثابت عند القاضي ووقعت الدعوى بشروطها كان حكما بذلك الموجب فقط دون غيره وإلا فلا فإذا أقر بوقف عقاره عند القاضي وشرط فيه شروطا وثبت ملكه لما وقفه وسلمه إلى ناظر ثم تنازعا عند قاض حنفي وحكم بصحة الوقف ولزومه و موجبه لا يكون حكما بالشروط ة فلو وقع التنازع في شيء من الشروط عند مخالف كان له أن يحكم بمقتض مذهبه ولا يمنعه حكم الحاكم الحنفي السابق إذا لم يحكم بمعاني الشروط إنما حكم بأصل الوقف وما تضمنه من صحة الشروط فليس للشافعي الحكم بإبطاله باعتبار اشتراط العلة له أو النظر أو الاستدلال .
الرابع : بينا في الشرح حكم ما إذا حكم بقولي ضعيف في مذهبه أو برواية مرجوع عنها وما إذا خالف مذهبه عامدا أو ناسيا .
الخامس : مما لا ينفذ القضاء به : ما إذا قضى بشيء مخالف للإجماع وهو ظاهر وما خالف الأئمة الأربعة مخالف للإجماع و إن كان فيه خلاف لغيرهم فقد صرح في التحرير أن الإجماع انعقد على عدم العمل بمنصب مخالف للأربعة لانضباط مذاهبهم وانتشارها وكثرة أتباعهم .
السادس : القضاء بخلاف شرط الواقف : كالقضاء بخلاف النص لا ينفذ لقول العلماء : شرط الواقف كنص الشارع صرح به في شرحي المجمع للمصنف وابن الملك .
وصرح السبكي في فتاواه بأن ما خالف شرط الواقف فهو مخالف للنص وهو حكم لا دليل عليه سواء كان نصه في الوقف نصا أو ظاهرا انتهى