تعيين المنوي وعدمه .
الثالث : بيان تعيين المنوي وعدم تعيينه : .
الأصل عندنا أن المنوي ؟ إما أن يكون من العبادات أو لا فإن كان عبادة فإن كان وقتها ظرفا للمؤدى بمعنى أنه يسعه وغيره فلا بد من التعيين كالصلاة كأن ينوي الظهر فإن قرنه باليوم كظهر اليوم صح وإن خرج الوقت أو بالوقت ولم يكن خرج الوقت فإن خرج ونسيه لا يجزئه في الصحيح .
وفرض الوقت كظهر الوقت إلا في الجمع فإنها بدل لا أصل إلا أن يكون اعتقاده أنها فرض الوقت فإن نوى الظهر لا غير اختلفوا فيه والأصح الجواز قالوا : وعلامة التعيين للصلاة بحيث يكون لو سئل : أي صلاة يصلي ؟ يمكنه أن يجيب بلا تأمل .
وإن كان وقتها معيارا لها بمعنى أنه لا يسع غيرها كالصوم في يوم رمضان كان معيارا فإن التعيين ليس بشرط إن كان الصائم صحيحا مقيما فيصح بمطلق النية وبنية النفل و واجب آخر لأن التعيين في المتعين لغو لران كان مريضا ففيه روايتان والصحيح وقوعه عن رمضان سواء نوى واجبا آخر أو نفلا وأما المسافر فإن نوى عن واجب آخر وقع عما نواه لا عن رمضان وفي النفل روايتان والصحيح وقوعه عن رمضان .
وإن كان وقتها مشكلا كوقت الحج يشبه المعيار باعتبار أنه لا يصح في السنة إلا حجة واحدة .
والظرف باعتبار أن أفعاله لا تستغرق وقته فيصاب بمطلق النية نظرا إلى المعيارية .
و إن نوى نفلا وقع عما نوى نظرا إلى الظرفية ولا يسقط التعيين في الصلاة بضيق الوقت لأن السعة باقية : بمعنى أنه لو شرع متنفلا صح وإن كان حراما .
ولا يتعين جزء من أجزاء الوقت بتعيين العبد محولا وإنما يتعين بفعله كالحانث في اليمين لا يتعين واحد من خصال الكفارة إلا في ضمن فعله هذا في الأداء وأما في القضاء فلا بد من التعيين صلاة أو صوما أو حجا .
وأما إذا كثرت الفوائت : اختلفوا في اشتراط التعيين لتمييز الفروض المتحدة من جنس واحد والأصح أنه إن كان عليه قضاء من رمضان واحد فصام يوما ناويا عنه ولكن لم يعين أنه صائم عن يوم كذا فإنه يجوز ولا يجوز في رمضانين ما لم يعين أنه صائم عن رمضان سنة كذا وأما قضاء الصلاة فلا يجوز ما لم يعين الصلاة ويومها بأن يعيق ظهر يوم كذا أو لو نوى أول ظهر عليه أو آخر ظهر عليه جاز وهذا هو المخلص لمن لم يعرف الأوقات الفائتة أو اشتبهت عليه أو أراد التسهيل على نفسه .
و ذكر في المحيط أن نية التعيين في الصلاة لم تشترط باعتبار أن الواجب مختلف متعدد بل باعتبار أن مراعاة الترتيب واجب عليه ولا يمكنه مراعاة الترتيب إلا بنية التعيين حتى لو سقط الترتيب بكثرة الفوائت يكفيه نية الظهر لا غير وهذا مشكل وما ذكره أصحابنا كقاضي خان وغيره خلافه وهو المعتمد كذا في التبيين .
وقالوا في التيمم : لا يجب التمييز بين الحدث والجنابة حتى لو تيمم الجنب يريد به الوضوء جاز خلافا للجصاص لكونه يقع لهما على صفة واحدة فيمتز بالنية كالصلوات المفروضة قالوا : وليس بصحيح لأن الحاجة إليها ليقع طهارة وإذا وقع طهارة جاز أن يؤدي به ما شاء لأن الشروط يراعى وجودها لا غير ألا ترى أنه لو تيمم للعصر جاز له أن يصلي به غيره .
ضابط في هذا المبحث : .
التعيين لتمييز الأجناس : فنية التعيين في الجنس الواحد لغو لعدم الفائدة والتصرف إذا لم يصادف محله كان لغوا ويعرف اختلاف الجنس باختلاف السبب والصلاة كلها من قبيل المختلف ؟ حتى الظهرين من يومين أو العصرين من يومين بخلاف أيام رمضان فإنه يجمعها شهود الشهر .
ويفرع على ذلك : أنه لو كان عليه قضاء يوم بعينه فصامه بغية يوم آخر أو كان عليه قضاء صوم يومين أو أكثر فصام يوما عن قضاء يومين جاز بخلاف ما إذا نوى عن رمضانين حيث لا يجوز لاختلاف السبب كما إذا نوى ظهرين أو ظهرا عن عصر أو نوى ظهر يوم السبت وعليه ظهر يوم الخميس وعلى هذا أداء الكفارات لا يحتاج فيه إلى التعيين في جنس واحد ولو عين لغى وفي الأجناس لا بد منه كما حققناه في الظهار من شرح الكنز ا وأما في الزكاة فقالوا : لو عجل خمسة سودا عن مائتي درهم سود فهلكت السود قبل الحول وعنده نصاب آخر كان المعجل عن الباقي .
وفي فتح القدير من الصوم : ولو وجب عليه قضاء يومين من رمضان واحد ؟ .
فالأولى أن ينوي أول يوم وجب عليه قضاؤه من هذا الرمضان وان لم يعين جاز وكذا لو كانا من رمضانين على المختار حتى لو نوى القضاء لا غير جاز ولو وجبت عليه كفارة وقضاء فطر فصام واحدا وستين يوما عن القضاء والكفارة ولم يعين يوم القضاء جاز .
وفي الخانية : لو عجل الزكاة عن أحد المالين فاستحق ما عجل عنه قبل الحول لم يكن المعجل عن الباقي وكذا لو استحق بعد الحول لأن في الاستحقاق عجل عما لم يكن في ملكه فيبطل التعجيل انتهى .
وفيها أيضا : لو كان له خمس من الإبل الحوامل يعني الحبالى فعجل شاتين عنها وعما في بطونها ثم نتجت خمسا قبل الحول أجزأه عما عجل وإن عجل عما تحمل في السنة الثانية لا يجوز .
هذا كله في الفرائض والواجبات كالمنذور والوتر على قول الإمام والعيد على الصحيح وركعتي الطواف على المختار وينوي الوتر لا الوتر الواجب للاختلاف فيه .
وفي صلاة الجنازة ينوي الصلاة لله تعالى والدعاء للميت ولا يلزمه التعيين في سجود التلاوة لأي تلاوة سجد لها كما في القنية وأما النوافل فاتفق أصحابنا أنها تصح بمطلق النية وأما السنن الرواتب فاختلفوا في اشتراط تعيينها والصحيح المعتمد : عدم الاشتراط وأنها تصح بنية النفل وبمطلق النية .
وتفزع عليه : لو صلى ركعتين على ظن أنها تهجد لظن بقاء الليل فتبين أنها بعد طلوع الفجر كانت عن السنة على الصحيح فلا يصليها بعده للكراهة وأما من قال إذا صلى ركعة قبل الطلوع وأخرى بعده كانتا عن السنة فيعيد لأن السنة لا بد من الشروع فيها في الوقت ولم يوجد .
وقالوا : لو قام إلى الخامسة في الظهر ساهيا بعد ما قعد الأخيرة فإنه يتم سادسة وتكون الركعتان نفلا ولا تكونان عن سنة الظهر على الصحيح .
وهذا لا يدل على اشتراط التعيين لأن عدم الإجزاء لكون السنة لم تشرع إلا بتحريمة مبتدأة ولم توجد .
واختلف التصحيح في التراويح هل تقع تراويح بمطلق النية ؟ أو لا بد من التعيين ؟ فصحح قاضي خان الاشتراط والمعتمد خلافه كالسنن الرواتب .
وتفزع أيضا على اشتراط التعيين للسنن الرواتب وعدمه مسألة أخرى هي : لو صلى بعد الجمعة أربعا في موضع يشك في صحة الجمعة ناويا آخر ظهر عليه أو أوله أدرك وقته ولم يؤده ثم تبتين صحة الجمعة فعلى الصحيح المعتمد : تنوب عن سنة الجمعة حيث لم يكن عليه ظهر فائت وعلى القول الآخر : لا كما في فتح القدير وهو أيضا يتفرع على أن الصلاة إذا بطل وصفها لا يبطل أصلها على قول أبي حنيفة و أبى يوسف خلافا لمحمد وينبغي أن يقال فيها إنها تكون عن السنة إلا على قول محمد وينبغي أن تلحق الصيامات المسنونة بم الصلوات المسنونة ولا يشترط لها التعيين ولم أر من نبه عليه