بيان أن الساقط لا يعود .
فلا يعود الترتيب بعد سقوطه بقلة الفوائت بخلاف ما إذا سقط بالنسيان فإنه يعود بالتذكر لأن النسيان كان مانعا لا مسقطا فهو من باب زوال المانع .
ولا تعود النجاسة بعد الحكم بزوالها فلو دبغ الجلد بالتشميس ونحوه وفرك الثوب من المني وجفت الأرض بالشمس ثم أصابها ماء لا تعود النجاسة في الأصح وكذا البئر إذا غار ماؤها ثم عاد ومنه : عدم صحة الإقالة للإقالة في السلم لأنه دين سقط فلا يعود وأما عود النفقة بعد سقوطها بالنشوز بالرجوع فهو من باب زوال المانع لا من باب عود الساقط .
وعلى هذا اختلف المشايخ في بعض مسائل في الخيارات من البيوع فمنهم من قال : يعود الخيار نظرا إلى أنه مانع زال فعمل المقتضى ومنهم من قال : لا يعود نظرا إلى أنه ساقط لا يعود وقد ذكرناه في الشرح .
والأصل : أن المقتضي للحكم إن كان موجودا والحكم معدوم فهو من باب المانع وإن عدم المقتضى فهو من باب الساقط .
وقد وقعت حادثة الفتوى : أبرأه عاما ثم أقر بعده بالمال المبرأ منه عاما : فهل يعود بعد سقوط كله ؟ فأجبت : بأنه لا يعود لما في جامع الفصولين : برهن أنه أبرأني من هذه الدعوى ثم ادعى المدعي ثانيا أنه أقر لي بالمال بعد إبرائي فلو قال المدعي عليه : أبرأني وقبلت الإبراء أو قال : صدقت لا يصح هذا الدفع يعني دعوى الإقرار ولو لم يقبله يصح الدفع لاحتمال الرد والإبراء يرتد بالردة فبقي المال عليه انتهى .
وفي التاتارخانية من كتاب الإقرار : لو قال : لا حق لي عليك فاشهد لي عليك بألف درهم فقال : نعم لا حق لك علي ثم أشهد أن له عليه ألف درهم والشهود يسمعون ذلك كله فهذا باطل ولا يلزمه شيء ولا يسع الشهود أن يشهدوا عليه انتهى .
وفرعت على قولهم : الساقط لا يعود قولهم : إذا حكم القاضي برد شهادة الشاهد مع وجود الأهلية لفسق أو لتهمة فإنه لا يقبل بعد ذلك في تلك الحادثة